الكاتب الصحفي خالد ميري - رئيس تحرير جريدة «الأخبار»
الكاتب الصحفي خالد ميري - رئيس تحرير جريدة «الأخبار»


نبض السطور..

خالد ميري يكتب.. ألمانيا تفتح أبوابها لمصر

خالد ميري

الأحد، 28 أكتوبر 2018 - 10:13 م

القمة السابعة للسيسى وميركل خلال ٤ سنوات.. انطلاقة جديدة للمستقبل


حفاوة خاصة من الحكومة الألمانية والبوندستاج بزعيم مصر.. العالم يحترم النجاح


القاهرة نجحت فى وقف الهجرة غير الشرعية ودحر الإرهاب.. وعلى أوروبا فتح أبواب الاستثمار والتنمية


برلين وضعت الإخوان فى قائمة الجماعات المتطرفة وتراقب تعاونهم المشبوه مع الأتراك والسلفيين


مصر تقود أفريقيا للتعاون مع مجموعة العشرين.. وبداية جديدة للشراكة من قاعة «أكسيكا»

 

فارق كبير بين القمة الأولى التى جمعت زعيم مصر الرئيس عبدالفتاح السيسى والمستشارة الألمانية إنجيلا ميركل على هامش المنتدى الاقتصادى دافوس فى يناير ٢٠١٥، وبين القمة التى ستجمعهما غدًا فى برلين.. وهى القمة السابعة خلال ٤ سنوات.

 

فى القمة الأولى كان اللقاء نقطة انطلاق على المسار الصحيح بعد الأزمة الطارئة فى علاقات البلدين بعد ثورة ٣٠ يونيو العظيمة، وقتها وقعت السياسة الألمانية فى خطأ الاستجابة للدعاية الإخوانية المكثفة دون فهم حقيقى لإرادة ملايين الشعب الهادرة التى خرجت للتخلص من حكم المرشد والجماعة الإرهابية، ولكن خلال شهور قليلة تمكنت مصر من إيصال حقيقة ما حدث إلى الحكومة والشعب الألمانى.

 

وجاءت القمة الأولى لتعيد علاقات البلدين والشعبين إلى المسار الصحيح، بعدها زار الزعيم المصرى برلين فى ٢ يونيو ٢٠١٥ لتنطلق علاقات التعاون إلى الأمام بكل قوة، وتأتى قمة الغد والعلاقات تسير بخطوات منتظمة إلى الأمام، علاقات أساسها الاحترام والمصالح المشتركة.. والسنوات القليلة الماضية أكدت للجانبين أن كليهما يحقق الاستفادة القصوى من هذه العلاقة وأنه لا غنى عنها لمستقبل مشرق تريده الحكومتان ويبحث عنه الشعبان.

الزيارة التى بدأت بالأمس تستمر أربعة أيام هدفها الرئيسى المشاركة فى القمة الثانية المصغرة لقادة أفريقيا مع ألمانيا فى إطار مجموعة العشرين، مبادرة أطلقتها ألمانيا العام الماضى وهى ترأس مجموعة العشرين وحرصت على استمرارها هذا العام رغم تسليمها رئاسة المجموعة إلى الأرجنتين، والهدف منح دفعة قوية لعلاقات ألمانيا مع القارة السمراء.

 

قمة انضمت إليها ١١ دولة أفريقية هى مصر والمغرب وتونس وإثيوبيا ورواندا وبنين وكوت ديفوار وغانا وغينيا والسنغال وتوجو إضافة إلى جنوب أفريقيا؛ الدولة الأفريقية الوحيدة العضو فى مجموعة العشرين، قمة ستبدأ بلقاء القادة الأفارقة اليوم مع رؤساء ٤٠٠ شركة ألمانية لاستعراض آفاق التعاون والاستثمار فى أفريقيا فى إطار نماذج ناجحة أبرزها مشروعات سيمنس الألمانية لإقامة محطات الكهرباء العملاقة بمصر والتى أضافت للشبكة الكهربية ٤٥٪ من قدرتها فى وقت قياسى، ويشارك فى القمة صندوق النقد الدولى والبنك الدولى وبنك التنمية الأفريقى، وبعدها يشارك قادة الدول فى قمة بقاعة المؤتمرات الكبرى «أكسيكا».

 

القمة الثانية مهمتها فتح مجالات الاستثمار بدول القارة السمراء أمام شركات مجموعة دول العشرين الأقوى اقتصاديا فى العالم، وتقديم المساعدات الفنية للدول الأفريقية ومنح الشركات ضمانات وحوافز للاستثمار فى أفريقيا.. تعرف ألمانيا ويعرف العالم الآن خطورة ظواهر الهجرة غير الشرعية والإرهاب وأن مساعدة أفريقيا على التنمية المستدامة وخلق فرص عمل بدول القارة هما الطريق الأقصر والأنجح للانتصار على هذه الجرائم والقضاء عليها.. ومصر تقود قارتها السمراء على طريق التعاون وجذب الاستثمارات بخطوات واثقة وفاعلة.

 

وعلى هامش القمة الأفريقية الألمانية.. تحتفل ألمانيا بزيارة زعيم مصر كما لم تفعل مع أى زعيم أفريقى آخر، نعم الرئيس عبد الفتاح السيسى هو الزعيم الوحيد الذى سيعقد قمة ثنائية مع المستشارة الألمانية ميركل، كما سيلتقى برئيس ألمانيا ورئيس البرلمان- البوندستاج- وكبار الوزراء فى الحكومة الألمانية وكبار رجال الأعمال ورؤساء الشركات.. ألمانيا تعرف حاجتها لمصر وتعرف جدوى تقوية العلاقات معها ودفع الاستثمارات على أرضها، ومصر تعرف حاجتها لألمانيا وجدوى العلاقات الاقتصادية والسياسية التى تربطها بها.

 

ورئيس البوندستاج حرص على فتح أبواب البرلمان الألمانى لاستقبال زعيم مصر رغم عدم وجود دور انعقاد، بما يعكس الخطوات الكبيرة التى قطعتها علاقات البلدين على طريق التعاون والمستقبل، فكلنا نتذكر موقف البرلمان الألمانى السلبى من زيارة زعيم مصر لبرلين عام  2015، والآن بعد ٣ سنوات فقط تكشفت الحقائق وأصبح البرلمان جاهزًا ومرحبًا باستقبال زعيم مصر والاحتفاء به وبما حققه من إنجازات كبرى فى بلده، كما أن وزير الاقتصاد والتعاون الإنمائى الألمانى جيرد مولر حرص على تأجيل زيارته المقررة سلفا إلى الصين حتى يلتقى بزعيم مصر، والذى سيلتقى أيضا بوزراء الداخلية والتعليم والطاقة والاقتصاد، وهو ما يؤكد أن ألمانيا تفتح جميع أبواب التعاون أمام مصر وزعيمها.

 

والقمة السابعة التى ستجمع الرئيس السيسى غدًا بالمستشارة الألمانية ستناقش جدول أعمال مشحونًا ومليئًا بالملفات المهمة للتعاون فى كل المجالات، فملفات الزيارة متعددة بداية من الاستثمار وتشجيع الشركات الألمانية على ضخ استثمارات جديدة بمصر، خاصة أن الحكومة الألمانية تمنح الشركات الضمانات الكاملة ضد أى مخاطر، وثبت من تجارب شركة سيمنس والشركات الألمانية الأخرى أن مصر سوق آمن مستقر كبير، يوفر ضمانات كاملة للاستثمار ويحقق عوائد هى الأعلى فى العالم.

 

والمؤكد أن الانطلاقة المصرية القوية بعد الإصلاح الاقتصادى الناجح والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس واستعادة الأمن والقضاء على الإرهاب، والمشروعات القومية العملاقة ووصول عدد السكان إلى ١٠٠ مليون نسمة وخلق بيئة قانونية جاذبة وضامنة للاستثمار، كلها عوامل تشجع الشركات الألمانية على ضخ مزيد من الاستثمارات بمصر وكانت السبب وراء حرص رؤساء كبرى الشركات الألمانية على لقاء زعيم مصر، والملف الثانى هو التجارة حيث وصل التبادل التجارى العام الماضى إلى ٦ مليارات دولار لتصبح مصر ثالث شريك لألمانيا بالشرق الأوسط.

 

وهذا العام زادت صادرات ألمانيا بنسبة ٥٠٪ كما زادت صادرات مصر بنسبة ٣٢٪، بما يؤكد المستقبل الواعد للتبادل التجارى خاصة أن مصر لا تستورد من ألمانيا سلعًا للرفاهية ولكن آلات وماكينات تفتح مصانع وتوفر فرص العمل للآلاف.

 

والملف الثالث على طاولة المباحثات الثنائية هو السياحة، مع الإقبال الكبير للشعب الألمانى على زيارة مصر الأمن والأمان والحضارة والتاريخ والواقع المشرق، والتزايد المستمر لأعداد السياح الألمان يؤكد عشق هذا الشعب لمصر وترحيب شعب مصر بهم فى كل محافظة ومكان يزورونه بأرض الكنانة، والملف الرابع هو التعليم حيث سيوقع د. خالد عبد الغفّار وزير التعليم العالى اليوم اتفاقية مهمة مع تحالف ألمانى كبير يضم ١٠ جامعات ألمانية لإنشاء جامعة ألمانية كبرى بالعاصمة الإدارية الجديدة، وهى جامعة تطبيقية تمنح درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه كما سيوقع د.طارق شوقى وزير التربية والتعليم اتفاقيات مهمة لدعم المبادرة الجديدة لدعم التعليم الفنى والنهوض به فى مصر.

 

والملف الخامس هو ملف الدعم التكنولوجى والفنى الألمانى لمصر والتعاون فى مشروع الفضاء المصرى.

 

ورغم أهمية هذه الملفات الاقتصادية والتقدم الكبير الذى تحققه مصر كل يوم فإن ملف التعاون السياسى والأمنى لا يقل أهمية، فمصر التى نجحت طوال عام فى منع سفر أى مركب للهجرة غير الشرعية من أراضيها أصبحت النموذج الذى تبحث عنه ألمانيا وأوروبا، وهو قصة نجاح تحتاج دعمًا لتستمر وتنتقل للدول الأخرى.

 

كما أن ألمانيا أصبحت تعرف الآن سلامة وصحة وجهة النظر المصرية فى الحرب على الاٍرهاب، وضرورة تعاون المجتمع الدولى لمنع تمويل الاٍرهاب وإمداده بالسلاح والمعلومات ووقف الترويج لأفكاره، كما أن الموقف المصرى الواضح من قضايا الشرق الأوسط الملتهبة من ليبيا إلى سوريا واليمن بضرورة الحفاظ على الدول الوطنية ودعم الجيوش الوطنية، يثبت صحته فى كل يوم، وهى ملفات مهمة على أجندة القمة المصرية الألمانية، إضافة إلى القضية الفلسطينية وأهمية دفع عملية السلام إلى الأمام.

 

ومع رئاسة مصر الاتحاد الأفريقى العام القادم، وحصول ألمانيا فى نفس العام على عضوية مجلس الأمن يصبح التعاون فى كل الملفات أمرًا حيويًّا، وعلى رأسها ضرورة إصلاح الأمم المتحدة وتوسيع عضوية مجلس الأمن.

 

بعد ثورة ٣٠ يونيو كان الألمان يشكُّون فى نوايا شعب مصر، ويستمعون للدعاية الإخوانية، الآن تأكد الألمان من خطورة جماعة الإخوان الإرهابية، وتم تسجيلها كمنظمة متطرفة ويتم مراقبة التنسيق فيما بينها وبين الأتراك والسلفيين حيث يتحركون كوحدة واحدة للدفاع عن مصالح واحدة، الآن يعرفون جيدًا خطورة هذه الجماعة الإرهابية والتى تتحرك من ميونيخ لشراء أراضٍ وعقارات فى ولاية سكسونيا شرق ألمانيا.

 

المعلومات المصرية ثبتت صحتها والتنسيق الأمنى بين البلدين أصبح أقوى وأكثر فاعلية فى مواجهة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، مصر لا تقول إلا الصدق ولا تبلغ الأصدقاء إلا بمعلومات حقيقية لحماية الشعب المصرى والشعوب الصديقة والعالم من عصابات إجرامية إرهابية لا دين لها ولا وطن.

 

الإعداد الجيد والقوى لملفات الزيارة المهمة يؤكد التنسيق الناجح بين كل أجهزة ومؤسسات الدولة، وأن فريق العمل الذى يعمل مع الرئيس عبد الفتاح السيسى يواصل العمل والإعداد ليل نهار لضمان إعداد جدول قوى مكثف خلال الأيام الأربعة، وزعيم مصر عوَّدنا جميعًا أنه لا يتوقف عن العمل للحظة واحدة من أجل صالح مصر وشعبها.

 

والمؤكد أن وزير الخارجية سامح شكرى وكل رجال الوزارة وفى القلب السفير الناجح الذى لا يهدأ بدر عبدالعاطى سفير مصر بألمانيا يواصلون العمل ليل نهار بالتنسيق مع أجهزة ومؤسسات الدولة لضمان النجاح الكبير والمتوقع للزيارة.

 

قبل شهر كان زعيم مصر فى زيارة للصين يلتقى بزعيمها بينج ومنها إلى نيويورك ولقاء الرئيس الأمريكى ترامب، وبعدها موسكو وسوتشى ولقاء الزعيم الروسى بوتين، واليوم فى ألمانيا الدولة الأهم فى أوروبا للقاء مستشارتها ميركل غدًا.. مع زعيم مصر عبدالفتاح السيسى استعادت مصر شمسها الذهب، والمستقبل الواعد يفتح أبوابه لمصر وشعبها بجهد وعزم وعمل لا يتوقف للزعيم والشعب.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة