«البرازيل»..تاريخ مضطرب بين الديمقراطية والديكتاتورية
«البرازيل»..تاريخ مضطرب بين الديمقراطية والديكتاتورية


«البرازيل»..تاريخ مضطرب بين الديمقراطية والديكتاتورية

ناريمان فوزي

الإثنين، 29 أكتوبر 2018 - 02:01 ص

أجرت البرازيل ،اليوم الأحد، الانتخابات الرئاسية والتي تعتبر أكبر دول أميركا اللاتينية، حيث يختار الناخبون بين اليميني المتطرف يائير بولسونارو، وبين عمدة ساو باولو السابق فرناندو حداد.

وأظهرت استطلاعات الرأي قبل تصويت يوم الأحد تقدم بولسونارو بـ10%، رغم ذلك تبدو المنافسة متقاربة، إذ أظهرت استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات بأسابيع فحسب تقدم بولسونارو بثماني عشرة نقطة.

بحسب تقرير نشرته صحيفة لوفيجارو الفرنسية، فإن البرازيل كانت تعد أكبر بلد من حيث إتباع نظاما ديمقراطيا بأمريكا الجنوبية وذلك عام 1945، قبل أن تصبح ديكتاتورية عسكرية في الفترة من 1964 وحتى 1985 بدعم من واشنطن في منتصف الحرب الباردة.

«كان خطأ الدكتاتورية هو التعذيب دون قتل»، بتلك الكلمات استهل القائد السابق بالجيش البرازيلي والمرشح الأوفر حظا بالانتخابات يائير بولسونارو خطابه أمام أنصاره، مما أعطى انطباع للجميع بالحنين للماضي حيث الاعتقاد السائد بالبرازيل بأن فترة الديكتاتورية العسكرية كانت البلاد بها أقل عنفا من غيرها في قارة أمريكا الجنوبية.

● 1930-1945: من نهاية الجمهورية إلى الديكتاتورية

في أوائل القرن التاسع عشر، حصلت البرازيل على حريتها وفي عام 1889 صارت جمهورية اتحادية، استنادا إلى كبار ملاك الأراضي.

وبحسب فريدريك لولت،أستاذ العلوم السياسية بجامعة بروكسل، أطلق على النظام آنذاك «جمهورية القهوة بالحليب»، في إشارة إلى المنطقتين الرئيسيتين اللتين تشتركان في السلطة: بساو باولو ، المعروفة بإنتاجها من القهوة، وميناس جيريس، المعروفة بصناعة الألبان.

في عام 1930 ، أطاح انقلاب بـ «الجمهورية القديمة»، وأصبح جيتوليو فارجاس رئيسا في عام 1934 ، ولكن تحولت البرازيل إلى ديكتاتورية من عام 1937 إلى عام 1945، ولكن بدعم من البرجوازية ، أطلق على فارجاس لقب «أبو الفقراء»، وهي الصورة التي رسمها له العديد من المؤرخون الذين وصفوه بكونه شخصية «شعبوية».

● 1945-1964: عشرون سنة من الديمقراطية الهشة

في عام 1942، انضمت البرازيل إلى معسكر الحلفاء، وقال لولت: «مع نهاية الحرب، أطاح الجيش بفارجاس وأقام ديمقراطية متعددة الأحزاب ، لكنه عاد إلى السلطة عن طريق الاقتراع عام 1951".

استمرت مسيرة فارجاس الطويلة حتى عام 1954، وبعد الهجوم على منافسه اليميني  كارلوس لاسيندا، من قبل أعضاء من الحرس الرئاسي، تعرض فارجاس لهجوم شديد من قبل الصحافة المعارضة مما دفعه إلى الإقدام على الانتحار.

تسبب موته في إثارة حالة من التعاطف والحزن، وخرج الملايين من البرازيليين إلى الشوارع ليودعوا «أبو الفقراء». حتى عام 1964 ، كان ورثة فارجاس - جوسيلينو كوبيتشيك وجاوا جولارت - هما اللذان كانا يحكمان وفقا لعقيدة "تطورية" جعلت البرازيل تتقدم بمقدار 50 عاما في 5 سنوات فقط."

لكن البرازيل عانت من الانقسام فيما بعد حيث كانت على شفا الحرب الأهلية، فاليمين يضغط على الشيوعيين ويتحول تدريجيا نحو التطرف "، بينما من جهة أخرى سعت البرجوازية والجيش إلى إسقاط السلطة السياسية بدعم من واشنطن، بزعم كون الجيش هو الوحيد المخول بالقضاء على أي بؤرة للاحتجاج. في ريو دي جانيرو، إضافة إلى قدرته على التعامل مع الأمور المدنية مثل الاقتصاد ، وإعداد الضباط للحكم.

1964 - 1985: عصر الديكتاتورية العسكرية

في عام 1964، حدث انقلاب بمساعدة وكالة المخابرات المركزية، فقد تورط الجيش بالفعل في الانقلابات في الماضي، ولكن للمرة الأولى فإنه لا يعيد السلطة.

أشار لولت بأنه هناك طرفان داخل الجيش، الأول يريد عودة السلطة تدريجياً إلى المدنيين، والثاني وهو الأصعب، يتمنى إقامة ديكتاتورية دائمة.

من عام 1964 وحتى عام 1968، لم تكن الديكتاتورية رسمية، فالكونجرس البرازيلي لا يزال موجودًا، لكن مع وجود حزبين فقط هما الأغلبية والمعارضة.

برزت الديكتاتورية في عام 1968 حيث تم حل الكونجرس، والدستور، فضلا عن فرض قيود على معظم الحريات الفردية.

في عام 1973 ، ومع أزمة النفط ، اندلعت الإضرابات على خلفية الأزمات الاقتصادية. فالمعتدلون داخل الجيش مرروا ميثاق الديمقراطية بين البرجوازية والجيش، مع إرساء مبدأ العودة التدريجية إلى السلطة المدنية.

● 1985 حتى اليوم: الديمقراطية «المنسية»

في عام 1979، صدر قانون العفو والذي لا يزال ساري المفعول.

انتهت الديكتاتورية العسكرية رسميا في عام 1985. ومنذ ذلك الحين، لم تنجح أي مناقشة عامة حول هذه الفترة، على الرغم من بعض المحاولات غير أن فكرة أنها أقل عنفا من غيرها في بلدان أمريكا الجنوبية منتشرة على نطاق واسع.

يقول فريدريك لولت: «صحيح أن عدد الوفيات كان أقل من مثيله في تشيلي وأوروجواي والأرجنتين، ولكن قبل كل شيء كانت هناك عدة مراحل، أكثر صعوبة»، كان هناك مجموعة مكونة من 400 شخص قتلوا إضافة إلى عشرات الآلاف من السجناء الذين تعرضوا للتعذيب، من ضمنهم الرئيسة السابقة ديلما روسيف، والتي كانت عضوة سابقة في حركة التحرير الوطني.

قد يكون خطاب بولسونارو مصالحة تجاه سنوات الديكتاتورية مع تشويه سمعة الطبقة السياسية كما يوحي بعدم قدرته على وضع خطة واضحة لمحاربة انعدام الأمن والفساد، وأن المؤسسة العسكرية لا تزال واحدة من ضمن المؤسسات القليلة التي يفضلها البرازيليون.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة