المكفوفون.. إرادة من «نور» تقهر «الظلام»
المكفوفون.. إرادة من «نور» تقهر «الظلام»


في عام متحدى الإعاقة..

المكفوفون .. إرادة من «نور» تقهر «الظلام»

محمد قنديل- أميرة شعبان- سحر شيبة

الثلاثاء، 30 أكتوبر 2018 - 01:44 ص

 

عاشوا لسنوات أسرى الظلام ، لحظات مليئة بالألم والمعاناة ، لكن إرادتهم كانت أقوى دائما ، فحولوا بقدراتهم الخاصة الظلام إلى نور ، والهزيمة إلى انتصار على الحياة ومصاعبها.. إنهم المكفوفون.. متحدو الإعاقة الذين عانوا من الإهمال والتهميش ، والذين بدأوا خلال السنوات القليلة الماضية يرون العديد من المبادرات والمشروعات التى كرس أصحابها مجهوداتهم لمحاولة تخفيف معاناتهم ، مؤمنين بأن ميلاد الشخص وهو كفيف ليس عيباً فيه أو أمراً ينتقص من قدره أومن حقوقه وواجباته ، بل على المجتمع مساعدته لتسير حياته مثل ملايين من الأسوياء.

ولذا فقد أهدى الرئيس عبد الفتاح السيسى ، هدية غالية لمتحدى الإعاقة ، حينما قرر تخصيص عام 2018 لهم ، من هنا بدأ الاهتمام بتلك الفئة المجتمعية وإصدار القوانين المتعلقة بهم ، وحل مشكلاتهم ، وبجانب عمل الجهات الرسمية للدولة ، كان للمجتمع للمصرى أفراد أو مؤسسات دور كبير فى تذليل العقبات التى لطالما منعتهم من ممارسة حياة سهلة وبسيطة وفى هذا الملف تحاول « الأخبار» إلقاء الضوء على المحاولات التى أصبحت طاقة من الأمل لكل مكفوف.

السباحة على طريقة «الخفاش».. حلم جديد ينتظر التطبيق

الإعاقة البصرية لن تمنعهم من الاستمتاع برياضة السباحة.. شعار رفعه المخترع الشاب عمرو الشريف بعد ابتكاره جهازاً يسمى «السباح الخفاش» لمساعدة المكفوفين على ممارسة رياضة السباحة بشكل حضارى بدلا من الطرق المهينة والمزعجة التى يعانون منها فى الوقت الراهن.

طالب الفرقة الرابعة قسم إدارة ، كلية التربية الرياضية بجامعة بنى سويف ، استطاع تحويل حلم راود الكثير من ذوى الإعاقة البصرية عن طريق جهاز «السباح الخفاش» الذى يحاكى طريقة رؤية الخفاش باستخدام الموجات فوق الصوتية فى تحديد المسافات وقراءة الموقع المحيط وتحويلها لإشارات صوتية فى أذن السباح.. ليتمكن الكفيف من ممارسة هذه الرياضة بسهولة ويسر.

ثلاثة أجزاء

الجهاز يضم ثلاثة مكونات أولها جزء أساسى يقوم بوظيفة «المنيتور» ، والذى يوضع على حمام السباحة خارج المياه فى مواجهة الحارات ، لقراءة موقع السباح فى الحمام وتحويل الموجات إلى إشارات فوق صوتية وإرسالها لأذن السباح بسرعة تصل لأكثر من 400 أمر فى الثانية ، ومن خلال الجزء الثانى من مكونات الابتكار وهو جهاز استقبال صغير مثبت فى النظارة التى يرتديها السباح.. ويكون الجزء الثالث فى الجهاز المبتكر عبارة عن جهاز إرسال رقمى لاسلكى يحمله المدرب ويمنحه فرصة التدخل وتوجيه اللاعب واعطائه التعليمات والتحذيرات ، ويستخدم المدرب شاشة العرض الموجودة فى الجهاز لمتابعة اقتراب وابتعاد اللاعب داخل الحارة الخاصة به. مما يعطى فرصة كبيرة لمساعدة نجومنا فى رياضة السباحة من تحقيق انجازات كبيرة فى المحافل والبطولات الكبرى خاصة فى بارالمبيات طوكيو 2020.

ويقول الشريف إن رؤية النموذج الحالى وما به من إهانة لذوى الإعاقة البصرية دفعه للبحث عن طريقة واختراع اكثر آدمية ومواكبة للتطور التكنولوجى حتى يستفيد منه هذه الفئة ، فالنموذج الحالى الذى يستخدمه المكفوفون يتمثل فى مدربين اثنين لكل لاعب يحملان عصياً فى قطبها كور بلاستيكية لضربها على رأس السباحين ليدركوا أنهم قد اقتربوا من الحافة ونهاية المسبح ويقومون بالدوران.. كما أنه يُربط السباح ذو الإعاقة البصرية مع المدرب بواسطة جهاز إضافى وهو جهاز الإرسال اللاسلكى الرقمى وبه شاشة عرض تحدد مسافات اقتراب وابتعاد السباح عن الحواجز وكذلك الانحرافات يمينا ويسارا.

تكلفة بسيطة

وعن تكلفة الجهاز يضيف الشريف انها تبلغ حوالى 30 دولاراً ، وهى تكلفة بسيطة بالنسبة لأهمية الجهاز الكبيرة من حيث مرونته فى آليات العمل وقابليته للتطوير واستخدامه فى أغراض تدريبية وتنافسية وتحكيمية بالاضافة إلى التحليلات الحركية للباحثين والمدربين فى مجال سباحة المكفوفين.

ويتابع قائلا إن الجهاز يمكن بسهولة تطبيقه فى كل دول العالم مع تأكيدات منظمة الصحة العالمية بوصول عدد المكفوفين حول العالم إلى 75 مليون نسمة بحلول عام 2020 ، كما سيتم تطبيق الاختراع فى البداية على عدد محدود من الرياضيين قبل تعميمه.

ويؤكد الشريف أنه حتى آلان جار تطوير الجهاز بشكل أكبر لإظهار نماذج أحدث ، كما بدأنا خطوات فعلية لسرعة تطبيقه على أرض الواقع من خلال التواصل والتنسيق مع الاتحاد المصرى للسباحة ، خلال الفترة القليلة القادمة لبحث سبل التعاون والتطوير وإمكانية تعميمه وتطبيقه على ابطال السباحة البارلمبية.. ويشدد الشريف أن هناك مشكلة كبيرة تواجه الاختراع تتمثل فى الاستثمار والتمويل ، فحتى الآن كل التمويل بشكل ذاتي ، ويشدد على أن تطبيقه على السباحين المصريين فى البطولات الكبرى وتحقيق الانجازات ، سيساعد على تسويق الفكرة ونشرها بالدول الخارجية.

ويقول الشريف : «شعرت بالفخر والمسؤولية حينما تم اختيارى للمشاركة فى مؤتمر الشباب السابق ، وتكريم الرئيس السيسى فى مؤتمر الشباب السادس الذى أقيم بجامعة القاهرة ، دفعة قوية لتحقيق المزيد من التقدم والابتكارات والوصول لما هو اعظم ، والتكريم تم بسبب ما قدمته خلال فترة الدراسة الجامعية ، فقد تقدمت بـ7 براءات اختراع فى مجالات مختلفة ، وحققت بها أكثر من 15 مركز أول فى مسابقات مختلفة ، كما شاركت فى أكثر من 35 مؤتمراً وندوة ومعرضاً علمياً ، بالاضافة لحصولى على جائزة التميز والابتكار كأفضل مخترع ، بالإضافة إلى المشاركات الدولية ، فقد حصلت على الميدالية البرونزية فى جائزة جينيف للابتكار الرياضى بمشاركة 40 دولة والتى تعد أكبر معرض فدرالى على مستوى العالم فى مجال الابتكار والاختراع ، وذهبية من الاتحاد الفدرالى الفرنسى للمخترعين ، وميدالية ذهبية من الجمعية المصرية السويسرية».

المس العالم بإيديك

خريجة فنون جميلة تبتكر لوحات مقروءة للمكفوفين     

يقولون إنك تستطيع السفر لكل أرجاء العالم من خلال كتاب واحد ، فصفحاته التى تحوى الكلمات والرسوم الخلابة تجمع لك كافة عجائب الكون مرئية ، إلا أن هذا الأمر يعد مستحيلاً لكل مكفوف ، فكيف له أن يعرف ما تعجز عيناه عن رؤيته ، فالعالم من حوله عبارة عن كلمات صماء إما يقرؤها بطريقة برايل ، أو يسمع عنها من ذويه ، أو عليه تحسسها على الواقع.

لكن هذا الأمر لم يكن مستحيلاً بالنبة لـ «مى عماد» خريجة الفنون الجميلة ، وصاحبة أول لوحات فنية للمكفوفين عن طريق الرسم بالبارز ، ليتمكن كل مكفوف من التعرف على العالم من حوله بلمسة واحدة للوحاتها الفنية.

فعن كرة الرسومات البارزة تقول مى «جاءتنى الفكرة بمحض الصدفة أثناء دراستى بكلية الفنون الجميلة ، ففى إحدى الورش التى اعتدت العمل بها مع الجمعيات الخيرية المختلفة لتعليم الأطفال من ذوى الإعاقة فنون الرسم ، كان من ضمن المشاركين طفل مصاب بإعاقة ذهنية وبصرية وسمعية ، يبلغ من العمر 13 عاما بينما كان عمره العقلى 5 سنوات فقط ، بالرغم من ذلك كان من أكثر المبدعين فى هذه الورشة ، وعكست كافة رسوماته واستخدامه للألوان لحالته ، ومن هنا بدأت أتأمل كيفية تعامل الأطفال مع اللوحات واستخدامهم للألوان ، واعتمادهم على الرسم لمعاونتهم فى الخروج من الحالة النفسية التى يعيشون بها ، ومن هنا أثناء عملى على رسالة الماجستير الخاصة بى قررت ألا يكون مجرد مشروع بل خدمة تفيد تلك الفئة الهامة من المجتمع المصري»..وتضيف مى إنها بحثت كثيراً فى أمور فئة ذوى الإعاقة ، وكان أكثر ما لفت انتباهها هو أن من يتعلم من تلك الفئة تصل نسبتهم إلى 2% ، لذا فإن البقية تعتمد وبشكل كبير على الآخرين فى تعلم كافة خبرات الحياة ، وهو أمر يحتاج إلى وقفة من الجميع سواء جهات معنية فى الدولة أو الأفراد ممكن يستطيعون خدمة تلك الفئة بمجهوداتهم.

ركزت مى خلال فترة عملها على تطوير أداة تساعد المكفوفين فى التعلم لسد حاجته للمعرفة ، لذا قررت أن تكون دراستها عن «الرسوم البارزة المصاحبة لكتب المكفوفين» ، فتوضح أن الطفل منذ مرحلة الروضة وحتى انهاء مسيرة التعليم ، تشكل الصور جانباً رئيسياً من عملية التعلم ، إلا أن كتب المكفوفين حتى اليوم لا تحوى أياً من تلك الرسوم ، وتضيف قائلة» يتعرف الطفل المكفوف على الشجرة أو السماء والسحاب والأسماك لكنه لا يعرف شكلها أو تكوينها ، لذا فإن حاسة اللمس لها دور كبير فى تكوين فكرته عن العالم المحيط حتى لا ينعزل عنا».

وكانت أول تجربة فعلية لمى هى كتاب «هاند ميد» أو «صناعة يدوية» لمرحلة ما قبل الدراسة ، يحوى على رسوم مصاحبة للمادة العلمية مما يمكنهم من دخول الاختبارات أسوة ببقية الأطفال ، وبالفعل طبعت مى نسخة واحدة على حسابها الخاص عام 2015 ، وعرضته على أكثر من جهة وبالرغم من اقتناع الكثيرين إلا أن الأمر فى كل مرة كاد أن يتوقف عند مرحلة ما بشكل غير مفهوم.

لم يمنعها عدم تسويق الكتاب عن التمسك فى حلمها بمساعدة كل كفيف على رؤية العالم من حوله من خلال لمس بعض الصفحات ، لذا بدأت فى ابتكار طريقة جديدة للوحات الكبيرة تتكون من عدة طبقات لتجعل اللوحة بارزة ومناسبة ليتحسسها كل كفيف ، فيشعر بها كما يراها المبصر.

وعن بداية ذلك المشوار تقول مى «لما قررت أشتغل بالرسم البارز كنت ساعتها بدى ورش للأطفال وبدأت استخدم التكنيك دا مع الأطفال ، لكن بعد انتهاء الورشة طبعا محدش كان بيكمل معاهم ، وعشان كدا قررت أعمل مشروع لنفسى وأزود من اللوحات وأعمل بيها معارض مفتوحة لكل المكفوفين فى مصر ، والحمد لله الموضوع وصل معاية للدول الأوروبية كمان».

وتوضح مى أنها لرسم تلك اللوحات كان عليها أن تعيش التجربة وتعتمد بنفسها على حاسة اللمس ، فبعد كل مرحلة من اللوحة تعصب عينيها وتحاول تحسس ما رسمته لتتأكد من صحة الرسم وإيصاله للفكرة المطلوبة ، وتضيف أنها ركزت فى تلك اللوحات على العلاقات الانسانية وطبيعة الحياة من حولنا.

«بكائى فى أول يوم للمعرض من فرحة المكفوفين وأهاليهم إحساس عمرى ما هنساه» هكذا وصفت مى رد فعلها بعد فتح اول معرض لها للمكفوفين ، والذى ضم لوحات بارزة بمواد مخصصة تتيح لكل مكفوف لمسها ، فتشير قائلة « مكنش متخيلة أبداً أن المكفوفين هيقدروا يدركوا اللوحة ويستوعبوها بسرعة كدا ، لأن قراية اللوحات عادة بيتطلب تدريبا ، لكن والحمد لله لقيت تفاعل كبير جدا مع اللوحات وفرحة غير طبيعية من الأهالى بعد ما أولادهم عاشوا تجربة جديدة عليهم واللى كانت زى قراية كتاب مفتوح بيعرف كل واحد على العالم من حواليه «.

ومن أكتر التعليقات التى رسخت فى ذهن مى هو تأكيد المدرسين أن هذه الطريقة هى مستقبل التعليم للمكفوفين ، موضحين أن إيصال المعلومة للطفل كانت تتطلب التدريب العملي ، فعندما يتعرف على الشجرة كان على المدرس وضع يد الطفل على شجرة حقيقية فى فناء المدرسة ، وهو امر صعب بالنسبة لبقية المواد.

وعن توسع عملها تشير مى إلى أنها تمكنت من عمل معارض دولية بكل من الدنمارك والمانيا ولبنان والسعودية ، وتتأهب الآن لمعارض بالمغرب وتونس ، موضحة أن المحافظات المصرية كان على رأس اهتماماتها ففتحت معارض ببنى سويف وفيصل والهرم ، وحالياً تستعد لأسيوط.

أوركسترا الكفيفات.. العزف على ألحان الأمل

أناملهن تسعد عشاق الموسيقى..واحتفلن بـ«برايل» على طريقتهن

بدون الاعتماد على عصا المايسترو الذى يوجه ويقود الفرقة ، وفى غياب النوتة الموسيقية ، تقف كل فتاة مع آلتها تنتظر سماع طرقتين بالعصا هى إشارة البدء ، لينساب بعدها العزف فى أرجاء الفرقة بمختلف المقطوعات الموسيقية الغربية ، ويدخل الجمهور فى حالة من الاستمتاع بأداء تلك الفتيات الكفيفات اللاتى شكلن أول أوركسترا فريد من نوعه فى العالم تحت مسمى «النور والأمل» ، أشاد بها أشهر موسيقى العالم فقال المدير الثقافى لمدينة أثيرا الإسبانية « إنها معجزة ربانية ، لم أشاهد فى حياتى الثقافية والفنية مثل هذا التجمع الموسيقى الرائع الذى لم أنساه ولن تنساه مدينة أثيرا أبدا».

البداية

بدأت الأوركسترا أولى خطواتها بمعهد الموسيقى التابع لجمعية «النور والأمل» الذى يتولى الفتيات منذ المرحلة الابتدائية حيث يتم تدريبهن على الموسيقى النظرية وكيفية قراءة النوتة بطريقة برايل ليختار المايسترو الآلة الموسيقية لكل بنت وفق ما تحتاجه الآلة من مواصفات جسمانية ، ويضم الأوركسترا مختلف الآلات الوترية والنفخ الخشبية والنحاسية والإيقاع.

وتقول آمال فكري ، المشرفة على المعهد الموسيقى إن الأوركسترا زارت ما يزيد على الثلاثين دولة فى انحاء العالم من بينها فرنسا عام 2008 ، حين عزفت الفرقة فى مقر اليونيسكو فى باريس بمناسبة الذكرى الستين للإعلان العالمى لحقوق الإنسان ، وتكررت تلك الزيارة فى بلدة « كوفرى « شرق باريس وهى مسقط رأس لويس برايل مخترع كتابة برايل للمكفوفين ، فعزفت الفرقة أشهر المقطوعات وذلك أثناء الاحتفال بمرور مائتى عام على ولادة برايل.

نموذج مشرف

حالة من الانسجام تبدو واضحة بين شاهيناز صلاح إحدى عازفات الفرقة وآلة «الكونترباص» التى تتقن العزف عليها رغم ضخامة تلك الآلة ، لكن قامتها الطويلة والمسافات الواسعة بين أصابع يديها مكنتها من العزف ببراعة خلال رحلتها مع الفرقة التى بدأت منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما ، وتقول «الآلة دى أكثر صديق ليا.. بحبها جدًا ولو نطقت هتقول إنها بتحبني» ، كما أنها تخرج طاقتها السلبية من خلال العزف ، وفاجأ شاهيناز ما لاقته الفرقة من انبهار وتقدير أثناء تقديمهن عرضا موسيقيا باليونان حتى تم دعوتهن للمجئ والعزف مرات أخرى ، وتعمل شاهيناز بإحدى شركات الاستثمار العقارى بجانب استكمال دراستها بمعهد الموسيقى الذى أكدت تمكنها من آلة الكونترباص بداخله وتقوم حاليا بتدريب البنات الأصغر فى الفرقة وتحلم أن يكبر المعهد ويتطور أكثر.

وتتميز الأوركسترا بعزف المقطوعات الموسيقية الغربية لتخرج للجمهور فى تناغم وانسجام واضحين يسبق ذلك مراحل صعبة بدءا من النوتة الموسيقية التى تُكتب بطريقة «برايل» ثم يتم عمل نسخة لكل آلة ثم نسخ بعدد عازفات تلك الآلة ، ويتدرب كل شخص داخل الفرقة ويحفظ مقطوعته بمفرده ثم يقوم المايسترو أثناء البروفات الأسبوعية بتداخل هذه المقطوعات مع بعضها ، كما يقوم المايسترو أيضا باعطاء نبذة عن القطعة الموسيقية ومؤلفها ورسالته ومن أى عصر حتى يتثنى لهن معرفة طبيعة المقطوعة ومن ثم إيصالها للجمهور.

وكمثيلاتها من عازفات الأوركسترا بدأت شيماء زكريا صاحبة الـ34 عاما رحلتها بالمعهد وهى طفلة صغيرة ، ورافقتها آلة «الكامنجا» خلال تلك الرحلة التى جعلت الموسيقى تسرى فى عروقها كما وصفتها ، وتقول بحماس شديد «وأنا بعزف كامنجا بحس إنى مش على الأرض بتخلقلى عالم تانى وبعيش فيه» مضيفة ان البروفات ليست فقط أداء وتدريبات بل انهن يستمتعن كثيرا كما يشجعهن المايسترو للاستماع لمختلف المقطوعات لتنمية الذوق الموسيقى لديهن ، تخرجت شيماء من الجمعية والتحقت بكلية الألسن قسم اللغة الإنجليزية ، وتعمل الآن مدرسة لغة انجليزية للأطفال بالجمعية إلى جانب المشاركة فى الأوركسترا ، وأضافت أن أكثر اللحظات المبهجة فى حياتها حين أشاد المايسترو الفرنساوى بالفرقة قائلا «احنا اتعلمنا منكوا» وقتها شعرت أنها وزميلاتها وصلن لدرجة من الاحترافية لم تستطع أوركسترا مثلهن فى أى دولة عربية أو أجنبية الوصول إليها.

تحلم شيماء بأن تزور الأوركسترا كل بلاد العالم ، كما تتمنى أن تشارك فى خدمة الدولة كقوة ناعمة فى مجال تدعيم السياحة كأن يتم إقامة حفلات للأوركسترا بمدينة الغردقة وشرم الشيخ ومنطقة الأهرامات بالإضافة إلى قصور الثقافة والمزارات السياحية الثقافية كالحسين وغيرها.

 

الخبراء: عددهم أكثر من مليونى شخص.. وهناك اهتمام واضح من الدولة

كيف نضمن للمكفوفين حياة كريمة كأقرانهم من المبصرين؟ فإذا وضعنا فى الاعتبار المعاناة الحقيقية للشخص ذى الإعاقة البصرية فى كافة نواحى الحياة ، بداية من حياته اليومية والتعليم والصحة وغيرها من الأمور الحياتية التى من المفترض أن يتساوى فيها الكفيف ، سنجد ضرورة تغيير الوضع للأفضل.. وما مدى اهتمام الدولة بهذه الفئة وتوفير الامكانيات اللازمة لهم؟..

يجيب نجيب جبرائيل ، رئيس المركز المصرى لحقوق الإنسان ، أن الجهات المعنية بدأت بالاهتمام بفئة المكفوفين الذين يمثلون نسبة كبيرة فى المجتمع المصرى ولم يلتفت إليهم أحد فى الماضي ، ولكن عندما قابل الرئيس السيسى عددا منهم وقام بتكريمهم بدأ ان يكون هناك نوع من الاهتمام بهم.

ويضيف أنه على المسئولين زيادة توفير فرص العمل لهم ، خاصة أن نسبة البطالة بينهم كبيرة جدًا وذلك فى سائر البلدان ، إلا أنه على الصعيد العربى والمصرى تحديدًا نجد أن هناك رقابة تُمارس فى الفترة الاخيرة على الشركات والجهات الحكومية وغير الحكومية لتوظيف نسبة 5% من العمالة من ذوى الإعاقات بشكل عام.

ويشير جبرائيل إلى أنه فى يوم 14 أكتوبر 2018 ، المجلس القومى لرعاية أسر الشهداء والمصابين ، التابع لرئاسة مجلس الوزراء ، طالب باستبدال مصطلح المكفوفين إلى «أصحاب العصا البيضاء» ، وتُعتبر العصا التى يمسك بها الشخص فاقد البصر ، رمزا على قدرته على تحقيق حياة كاملة مستقلة ، ولا توجد إحصائية رسمية مُعلنة حتى الآن بعدد المكفوفين فى مصر ، إلا أن عددا من الجمعيات الاهلية العاملة فى مجال تقديم الخدمات للأشخاص فاقدى البصر ، تُقدر تعدادهم بأكثر من مليونى شخص.

وتابع قائلاً أن اكثر الاشخاص الذين يحصلون على ميداليات ذهبية من ذوى الاعاقة ، لذلك يجب على الدولة توفير أماكن رياضية ، لانهم أكثر قدرة وتميزا من الاسوياء ، ويجب إنشاء مجلس قومى اعلى للمكفوفين يرعى هذه الفئة.

ويؤكد حافظ أبو سعدة ، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان ، أنه يوجد اهتمام كبير من جانب الدولة بالمكفوفين بجميع المحافظات ، لتأهليهم فى المجتمع ولكن لابد أن يكون هناك المزيد من التعامل على أنهم مكتملو الاهلية وليس من ذوى الاعاقة حتى لايشعروا بنقص وإهانة من الاخرين ، فعلى سبيل المثال ضرورة وجود توعية شديدة على المرور ووسائل المواصلات أثناء تواجد شخص من ذوى الاعاقة عن كيفية التعامل معه بشكل آدمى وحضاري.

ويضيف أبو سعدة ، أن الرئيس السيسى وجه اهتمامه بشكل كبير بهذه الفئة التى تمثل نسبة كبيرة فى المجتمع ، وعلى اثر ذلك أصبحوا من أكثر الاشخاص الذين يحصلون على ميداليات ذهبية فى المحافل الرياضية مثل الاوليمبياد ، لذلك لابد من إيجاد الاولوية للاهتمام بالرياضة للمواطنين المكفوفين ، فالدولة تقوم بتقديم الدعم والمساندة لهم لكى يقوموا بالتقديم فى كافة الاندية المتاحة.

من جانبه يوضح النائب خالد حنفي ، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب ، أنه على مدى الفترات الطويلة الماضية لم يكن هناك أى اهتمام لذوى الاعاقة بشكل عام والمكفوفين بصفة خاصة.

ويضيف خالد حنفي ، أن هناك اهتماما فقط من جانب القيادة السياسية المتمثلة فى الرئيس السيسى بذوى الاعاقة بشكل عام وعلى رأسهم المكفوفون وتجاهل كبير من بقية المسئولين لذلك يجب على الجميع التكاتف من بعضهم البعض حتى يتم النهوض بالبلاد واستغلال القدرات التى توجد عند هذه الفئة الكبيرة التى تنتشر بجميع المحافظات لذلك يتوجه اصحاب الإعاقة البصرية بالشكر للرئيس السيسى على هذا الاهتمام مطالبين بالمزيد.

ويتابع قائلاً: «أن الرئيس عبد الفتاح السيسى يثبت كل يوم أنه يهتم بكل فئات المجتمع بداية من الإعلان عن عام الشباب والمرأة حتى عام ذوى الإعاقة ، مشيراً إلى أن فكرة تخصيص أعوام متتالية لفئات الشعب فكرة إيجابية ، وتؤكد أن مصر دولة رائدة ودائما ما يكون لها السبق».

 

رئيس الاتحاد المصري لرياضات المكفوفين: أبطال التحدي نماذج شرفونا في مختلف المجالات

فكرة وجود اتحاد لرياضات المكفوفين فى مصر ، تعكس مدى الاهتمام بمجال الرياضة الخاص بفئة ذوى الإعاقة البصرية ، فدائما ما يقدم الرياضيون من ذوى الإعاقة مستويات مميزة فى المحافل الرياضية الكبرى ، وحصد الكثير من الميداليات خاصة فى دورة الألعاب البارالمبية التى تعد الحدث الرياضى الأكبر لهذه الفئات ، وفى هذا الحوار نناقش مع د. أحمد عوين ، رئيس الاتحاد المصرى والإفريقى للمكفوفين ، وضع رياضات متحدى الإعاقة البصرية ، وما هى الصعوبات والمشاكل التى تواجههم؟

 كم يصل عدد المكفوفين فى مصر ؟

- لا توجد احصائية دقيقة لكن لا يقل عن ٢ مليون شخص.

 كيف ترى ابرز الخدمات الناجحة المقدمة إليهم.. والانجازات التى حققوها من خلال هذه الامكانيات؟

- هناك العديد من الخدمات الناجحة التى تم توفيرها للمكفوفين ، مثل طباعة الكتب فى المراحل الاولى للتعليم بطريقة برايل ، وبعض المكتبات الجامعية التى تقوم بتسجيل المقررات صوتيا.. وهناك كثير من المكفوفين يحملون درجتى ماجيستير ودكتوراه فى تخصصات مختلفة ، وبعضهم يتولى مناصب مهمة فى الجامعات وبعض المصالح الأخرى ، والبعض الآخر يدير مؤسسات من المجتمع المدنى التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى بنجاح شديد ، بالاضافة إلى تفوق كثير منهم رياضيا على مستوى بطولات العالم والدورات البارالمبية.

 حدثنا عن طبيعة عمل الاتحاد والأنشطة والمسابقات التى ينظمها ؟

- بداية نحن لسنا جمعية كما يعتقد البعض ، بل اتحاد رياضى (الاتحاد المصرى لرياضات المكفوفين) يتبع اللجنة الباراليمبية وهى تعادل اللجنة الأوليمبية لألعاب الاتحادات المعاصرة ، ويشرف الاتحاد على بطولات المكفوفين المحلية والعالمية والبارالمبية فى عدد من الألعاب وهى كرة الهدف - كرة القدم - الجودو - رفع الاثقال - السباحة - العاب القوى - تنس الطاولة للمكفوفين (شو داون) ، وجميع هذه الألعاب بارالمبية ما عدا رفع الأثقال ، التى تعد لعبة عالمية تنظم فيها بطولة عالم كل عام ، كما تعد لعبة تنس الطاولة للمكفوفين مازالت تحت التجريب ويتم تنظيم بطولات ودية فيها حتى يتم الاعتراف بها كلعبة باراليمبية.

 كم يبلغ عدد الأندية تحت رعاية الاتحاد المصرى لرياضات المكفوفين؟

- تبلغ ثلاثة وعشرين ناديا ، أشهرها بطل الدورى نادى غار حراء بالشرقية ، وهو ثانى كأس مصر ، ونادى مبارك بنى سويف ، وهو وصيف الدورى وبطل الكأس وهناك أندية شهيرة ، أيضا مثل الشمس بمصر الجديدة ونادى الجياد بالإسكندرية ، ونادى 6 أكتوبر والحرية ببورسعيد بالإضافة إلى أندية المؤسسات العسكرية.

ماذا قدم الاتحاد لرياضات المكفوفين فى مصر ؟

- الاتحاد حقق العديد من الانجازات ، منها تأسيس رياضة الجودو للمكفوفين للمرة الاولى فى مصر ، وكذلك رياضة رفع الاثقال للمكفوفين ، والحصول على المركز الثانى فى بطولة افريقيا لكرة الهدف اخر بطولتين ٢٠١٥- ٢٠١٧ ، بالاضافة للحصول على المركز الثالث والميدالية البرونزية ببطولة افريقيا لكرة القدم للمكفوفين ، والمشاركة فى بطولة كأس العالم لكرة الهدف بالسويد يونيو ٢٠١٨ ، وتنظيم بطولة افريقيا لكرة الهدف بمدينة شرم الشيخ اكتوبر ٢٠١٧ ، والحصول على حق تنظيم بطولة العالم لرفع الاثقال بمدينة الاقصر نوفمبر ٢٠١٨ ، والمشاركة فى بطولة العالم للجودو بالبرتغال نوڤمبر ٢٠١٨ ، وحصول منتخب مصر للجودو على المراكز ٥ ، ١٦ ، ٨ ببطولة ماس العالم للجودو بتركيا فى شهر أبريل الماضي ، كما ساهمنا فى تأسيس الاتحاد الافريقى لرياضات المكفوفين ومقره القاهرة ، ورئيسه وامين الصندوق من مصر فى سبتمبر الماضي.

 ما هى أبرز المعوقات والمشاكل التى تواجهكم ؟

- قلة الدعم المالي ، وعدم وجود التغطية الإعلامية اللائقة ، بالاضافة إلى غياب رعاة رسميين للاتحاد ، كلها أمور تشكل عائقا أمام عمل الاتحاد نحو تنمية وتطوير رياضات المكفوفين بمصر.

 ماذا عن البطولات الدولية التى ستشارك بها مصر بالفترة المقبلة ؟

- نرتبط خلال شهر نوفمبر ببطولة العالم فى الجودو بالبرتغال فى الفترة من 13 إلى 19 نوفمبر ، ونشارك بها بخمسة لاعبين ولاعبات ، وفى هذه البطولة نتوقع أن يتأهل ثلاثة لاعبين لطوكيو 2020 ، أما الحدث الثانى والأهم بطولة رفع الأثقال ، التى سينظمها الاتحاد المصرى للمكفوفين بمدينة الأقصر فى الفترة من 10 إلى 18 نوفمبر ، ويشارك فيها 10 دول وهم ( اليابان  - أوكرانيا  - روسيا  - ايران  - تركيا  - التشيك  - كندا  - نيجيريا  - ليبيا ) بالاضافة لمنتخب مصر ، ومن المتوقع أن نحصل من 8 إلى 10 ميداليات مابين ذهبية وفضية وبرونزية.. ويتكون الفريق المصرى لرفع الأثقال من ١٣ لاعب ولاعبة ، يقيمون حاليا فى معسكر مغلق بالمركز الأوليمبى لاعداد الفرق القومية بالمعادي ، ومعهم جهاز فنى وادارى يتكون من ٥ أفراد.

 ماهى الرسائل توجهها للمكفوفين المبتعدين عن ممارسة الرياضة خوفا من إعاقتهم ، والمسئولين فى مصر ؟

- ندعو المكفوفين إلى ممارسة الرياضة بدون تردد ، ونهيب بالمسؤولين العناية بهذه الفئة بصورة أفضل من الوضع الحالى خلال الفترة المقبلة ، واعطائهم كافة حقوقهم كما وردت بالاتفاقية الدولية للاشخاص ذوى الإعاقة والتى صدقت عليها مصر عام ٢٠٠٨.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة