عمرو الخياط
عمرو الخياط


عمرو الخياط يكتب: الدخول من البوابة الألمانية

عمرو الخياط

الجمعة، 02 نوفمبر 2018 - 10:46 م

 

حول أوروبا راحت أفواج اللاجئين تتدفق عبر دروب وسواحل الهجرة غير الشرعية، بعدما أضنتها تداعيات انهيار وتفكك الأوطان ووقوعها رهينة في أيدي جماعات الإرهاب والقتل الجماعي التي تمددت علي إطلال الدول لتحول ما تم وصفه بثورات الربيع العربي إلي »جريمة ضد الإنسانية»‬ تصدر إلي أوروبا مجموعات الإرهاب والطائفية لتعيد إلي الذاكرة الألمانية المشاهد البغيضة للعنصرية الأثمة التي عانت من جرائمها، لكن السيسي كان مصرا علي أن ثورة ٣٠يونيو هي حركة من أجل »‬إنقاذ الإنسانية».

في الزيارة الأولي للرئيس عبدالفتاح السيسي إلي ألمانيا وقف متحدثا إلي العالم أجمع وإلي أوروبا علي وجه الخصوص شارحا حقيقة ثورة ٣٠ يونيو، وبكامل كبرياء مصر قال بنبرة قوية: »‬ لم يكن بوسعنا أن ننتظركم حتى تلقوا علينا المساعدات من الطائرات».. لن يحدث هذا في مصر أبدا.

الكلمات انسابت علي الحاضرين لتملأ أسماعهم ولتنصت إليها المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل التي كانت بلادها قد أصبحت تعاني فعلا من دفعات اللاجئين الفارين دون سابقة إنذار في اختبار حقيقي وتاريخي لإنسانية الاتحاد الأوروبي الذي تقوده ألمانيا، فإذا كانت أوهام الربيع العربي قد صدرت إلي أوروبا أفواج الهاربين من الجوع والخوف فان مصر جاءت الآن لتقدم إستراتيجية الأمن والسلام والعدل والعيش المشترك.

بمرور الوقت كانت كل كلمات السيسي قد تحولت إلي واقع انتقلت آثاره لتهدد الأمن القومي والسلام الاجتماعي الأوروبي، ثم بدأت المرحلة الثانية بضربات الإرهاب المتتالية في ألمانيا وفرنسا نفذتها عناصر منتمية لتنظيمات الإرهاب التي سيطرت علي مساحات بعدما هجرها أهلها وتحولوا إلي لاجئين، فأصبحت أوروبا تعاني أزمة مزدوجة بينما مصر وحدها تواجه الإرهاب وتتصدي لمحاولات الهجرة غير الشرعية ثم تحتضن الفارين من أوطانهم ليعيشوا على أرضها كمواطنين وليسوا لاجئين فيجدون آمنا لخوفهم ومصدرا لرزقهم، كل ذلك بينما أوروبا تعقد اللقاءات والاجتماعات من أجل مواجهة خطر الهجرة التي كانت مصر قد حولتها إلي إضافة لبنيانها الاجتماعي.

بمرور  الوقت نجحت الحركة الدبلوماسية للسيسي والمستندة إلي قوة وثراء التجربة المصرية في تحويل ألمانيا إلي سفير لمصر لدي الاتحاد الأوروبي وبوابة من أجل المرور إلي الوعي الأوروبي العام الذي لا يستوعب إلا النتائج المستندة لتجارب عملية ولا يتعامل إلا مع لغة المستقبل.

لم يكتف السيسي بذلك بل وجه الدعوة إلي ألمانيا لتكون شريكا وشاهدا علي مصداقية وواقعية التجربة المصرية، السيسي الذي راح يمارس التواصل الخارجي المكثف لبناء دبلوماسية ٣٠ يونيو لم ينشغل عن بناء الدولة فراح يبرم التعاقدات مع شركة »‬ سيمنز» الألمانية العالمية لتبني محطات الكهرباء التي وضعت حدا ونهاية لمعاناة المصريين مع أزمة انقطاع الكهرباء، لم تكن فقط محطات لتوليد الكهرباء بل محطات دبلوماسية متتالية تتطور من خلالها النظرة الأوروبية لحقيقة ما جرى علي الأرض في مصر .

تطوير المعرفة الأوروبية وتنامي مصداقية مصر لديها أدي إلي تطور الفعل المادي وصولا إلي منح مصر احتياجاتها من السلاح لمواجهة الإرهاب ولتأمين السواحل والمياه الإقليمية، وقتها وقف نائب المستشارة الألمانية زيجمار جابريل متحدثا إلي العالم في مؤتمر صحفي قائلا: »‬ليس لدينا أي قيود علي إمداد مصر بالأسلحة» لتتسارع عقود التسليح التي أبرمت بتوقيعات الاعتراف بثورة مصر وصدق نواياها وقيمتها وأهميتها لتحقيق السلام والأمن الدوليين.

في بداية الولاية الثانية للرئيس عبدالفتاح السيسي تأتي اليوم زيارته إلي ألمانيا والتي استغرقت أربعة أيام، عبرت عن انتقال مصر إلي مرحلة الاستقرار والشريك الفاعل والمهم وصاحب حقوق الحماية والتأمين الحصرية لدي عموم الوعي الأوروبي.

الزيارة شملت لقاء مع رئيس البرلمان الألماني »‬البوندستاج» فولفغانغ شويبلة الذي كسر البروتوكول من أعلي كرسيه المتحرك تقديرا للرئيس المصري عندما استقبله علي باب مكتبه.

وخلال اللقاء سيطر خطر الهجرة غير الشرعية علي المحادثات ودون مواربة عرض السيسي تجربة مصر في احتضان اللاجئين وسط مواطنيها دون عزلهم في معسكرات للإيواء، ثم شدد علي ضرورة معالجة جذور المشكلة بإعادة الأمن والاستقرار إلي أوطانهم التي هجروها قسرا.

واصل السيسي تنفيذ أجندة الزيارة ليلتقي بالمستشارة الألمانية التي أعلنت علي مرآي ومسمع من الحاضرين أن مصر باتت نموذجا للاستقرار والأمن والتنمية في المنطقة.

الكلمات خرجت في حضور السيسي الذي عاد بذاكرته إلي اللقاء الأول عندما كانت تلوح في الأفق أشباح الطائرات بعدما أوشكت متلازمة »‬ الجوع والخوف» من حصار مصر، واليوم مصر تدعي إلي المحافل الأوروبية لتقدم نموذجا يحتذي لثنائية »‬الأمن والاستقرار».

لم تنته الزيارة إلا وكان السيسي قد أتم لقاءه بوزير الداخلية الألماني بصحبته وفد أمني رفيع ليستمع الجميع إلي تفاصيل تجربة مصرية دفعت ثمنا باهظا من اجل محاربة الإرهاب باسم الإنسانية، السيسي راح يتحدث عن تفاصيل تجربة تعرضت للتشكيك والتجريح بينما أصر المصريون علي توثيق حقائقها بدماء شهدائهم التي وصلت رائحتها الزكية إلي كل محفل أوروبي بعدما اختلطت بدماء من سقطوا في أوروبا علي أيدي الإرهاب ليدرك العالم أن لغة الإنسانية تعاد صياغتها بدماء مصرية.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة