الرئيس السيسى فى لقاء سابق مع كريستين لاجارد مدير صندوق النقد الدولى
الرئيس السيسى فى لقاء سابق مع كريستين لاجارد مدير صندوق النقد الدولى


الإشادات تتوالى على برنامج الإصلاح الاقتصادي

أحمد زكريا

الإثنين، 12 نوفمبر 2018 - 12:26 ص

مؤسسات التصنيف الائتمانى رفعت تصنيفها لمصر وحسنت نظرتها المستقبلية


برامج الحماية خففت العبء عن المواطنين وساهمت فى نجاح الإصلاح

 

منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مقاليد الحكم فى عام 2014 حمل على عاتقه إصلاح الاوضاع الاقتصادية المتردية، فقد كانت جميع المؤشرات اتخذت منحنى هبوطيا فى اعقاب ثورتين واضطرابات أمنية وحوادث إرهابية قادتها الجماعة المحظورة لإفشال الدولة.

 

تحديات جسام واجهتها الدولة وظهرت آثارها على الاقتصاد فى تراجع الايرادات وانخفاض الاحتياطى الاجنبى لمستويات خطيرة وزيادة معدلات العجز وتدنى الخدمات، فلم يكن امام الدولة سوى العمل على ترشيد الانفاق ومعالجة التشوهات التى عانى منها الاقتصاد المصرى لعقود.

 

الرئيس السيسى من جانبه لم يتوان فى اتخاذ الاجراءات الاصلاحية رغم صعوبتها سواء عليه كمتخذ للقرار او على الشعب بصفته المتحمل لآثارها، بدأت الاجراءات بتحريك أسعار الوقود أكثر من مرة أملا فى تخفيض فاتورة دعم المحروقات إلا أن حركة أسعار البترول عالميا كانت دائما تأتى بما لا تشتهى الدولة.

 

وبالتزامن مع هذه التحديات كان الفارق يتسع بين السعر الرسمى للدولار وبين سعره فى السوق السوداء وكان لزاما على الدولة انهاء هذه الازمة التى كانت حجر عثرة امام جذب الاستثمار فبدأت تنفيذ برنامج متكامل لاصلاح الاوضاع الاقتصادية بتمويل من صندوق النقد الدولي.

 

أكثر المتفائلين لم يكن يتوقع نجاح إجراء او اثنين من اجراءات الاصلاح إلا أن تفهم الشعب وقوة الارادة السياسية كانت كفيلة بنجاح البرنامج حتى الآن.. مؤسسات التصنيف الائتمانى التى خفضت تصنيفها لمصر منذ يناير 2011 وحتى 2013 بدأت تنظر بعين الجدية لما يتم تنفيذه من إصلاحات.

 

واحدة تلو الاخرى بدأت هذه المؤسسات فى تحسين تصنيفها لمصر وتعديل نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصرى وخلال تلك الفترة توالت الإشادات على برنامج الاصلاح وتغيرت دفة الاقتصاد لتعود مؤشراته إلى اتجاه الصعود رغم التوقف شبه الكامل لحركة السياحة التى بدأت تتجاوز كبوتها وامتناع الدول المانحة عن تقديم ما كانت تقدمه لمصر من معونات.. الدولة المصرية بعد ان كانت تمد يدها استجداء للمعونات وطلباً للودائع بدأت ترد ما لديها من ودائع لأصحابها فنجحنا فى رد الوديعة القطرية ولم نتخلف عن سداد أى من أقساط القروض الاجنبية أو المحلية.

 

إشادات دولية


ومع اقتراب برنامج الاصلاح الاقتصادى من بلوغ نهايته المقدرة بثلاث سنوات توالت إشادات عديدة من جهات دولية شهدت جميعها بنجاح الحكومة فى تطبيق بنوده، وهو ما أكدته بعثة المراجعة الاخيرة لصندوق النقد الدولى والتى اشارت إلى ارتفاع معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى من 4.2% فى العام المالى 2016 - 2017، إلى 5.3% فى العام المالى الماضى 2017 - 2018، وتراجع معدل البطالة إلى نحو 10% وكذلك انخفاض عجز الميزان التجارى إلى 2.4% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى الماضى، مقارنة بـ5.6% فى العام المالى الأسبق.

 

كما أشارت إلى تراجع معدل التضخم من 33% فى يوليو 2017، إلى 11.4% فى مايو 2018، وكذلك انخفاض الدين العام من 103% من إجمالى الناتج المحلى فى 2016-2017 إلى نحو 93% من إجمالى الناتج المحلى فى العام المالى الماضي، وزيادة أعداد المستفيدين من برنامج تكافل وكرامة الذى بات يغطى نحو 10 ملايين مواطن، وفضلا عن ذلك أشادت كريستين لاجارد المدير التنفيذى للصندوق بالاصلاح الاقتصادى فى أكثر من مناسبة كما أشاد البنك الدولى بالتحسن فى الأداء الاقتصادى المصري.

 

لم يكن صندوق النقد والبنك الدولى هما الجهتين الوحيدتين اللتين أشادتا بالاقتصاد المصرى منذ تطبيق إجراءات الاصلاح فقد توالت الإشادات من مؤسسات التصنيف الائتمانى ولعل آخرها كان تقرير مؤسسة ستاندرد آند بورز التى أعلنت تثبيت تصنيفها الائتمانى لمصر عند مستوى «B» مع الحفاظ على النظرة المستقبلية المستقرة وتوقعت ارتفاع النمو إلى 5.4% فى المتوسط لـ 4 سنوات، يأتى ذلك بعد ان قامت المؤسسة برفع التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصرى فى مايو الماضي.

 

وفى أغسطس الماضى أعلنت مؤسسة «فيتش» للتصنيف الائتمانى التأكيد على «النظرة المستقبلية الإيجابية» للاقتصاد المصرى والتصنيف عند B، وأشاد تقرير «فيتش» بتسارع معدلات النمو الاقتصادى فى ضوء تحسن أداء قطاعات التشييد والبناء واستخراجات الغاز الطبيعى مما ساهم فى تحقيق الاقتصاد المصرى لمعدل نمو قدره 5.2% فى 2017-2018.

 

بالإضافة إلى توقع المؤسسة وصول معدلات النمو إلى 5.5% فى عام 2018-2019، وقد أرجع التقرير تلك التطورات الإيجابية إلى تحسن تنافسية الاقتصاد المصرى منذ اتخاذ البنك المركزى المصرى قرارًا بتحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016، مما أدى إلى ارتفاع الصادرات غير البترولية لتحقق أعلى مستوى لها منذ 7 سنوات خلال الربع الأول من عام 2018، وكذلك ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وهى تطورات إيجابية تزامنت مع زيادة الإنتاج المحلى من الغاز الطبيعى من حقل «ظهر» وهو ما سيساهم فى خفض فاتورة الواردات المصرية من السلع البترولية.

 

وفى نفس الشهر أعلنت مؤسسة موديز للتصنيف الائتمانى رفعها للنظرة المستقبلية للاقتصاد المصرى من مستقر إلى إيجابى مع الابقاء على التصنيف الائتمانى لمصر بكل من العملتين الأجنبية والمحلية عند درجة 3B، وذلك على الرغم من تبنى المؤسسة موقفا محافظا تجاه الاقتصادات الناشئة فى ضوء اضطراب الظروف الاقتصادية العالمية وما قد يتبعها من مخاطر فى أسواق المال العالمية، حيث قامت موديز بإجراء مراجعات سلبية للجدارة الائتمانية لما يقرب من 11 دولة من أصل 13 دولة ناشئة منها تركيا وتشيلى.

 

ويوضح موقف المؤسسة على المستوى الدولى رؤيتها لمصر كإحدى الدول القليلة القادرة على التصدى للاضطرابات الاقتصادية العالمية فى الوقت الحالى، بسبب قوة ومرونة القطاع المصرفى المحلى وكذلك تنوع مصادر الاقتصاد المصرى، كما أعلنت مؤسسة فيتش رفع النظرة المستقبلية للاقتصاد المصرى إلى إيجابى وأكدت اتخاذ الحكومة المصرية الطريق الصحيح نحو الاصلاح الحقيقى والمستدام.

 

الحماية الاجتماعية


ولعل إجراءات الحماية الاجتماعية التى صاحبت تطبيق برنامج الاصلاح كان لها الفضل فى تحمل طبقات الشعب الاكثر فقرا للإجراءات التى وصفها الخبراء والمسئولون بالدواء المر الذى لا مفر منه، ففى ملف الدعم النقدى بدأت الدولة فى منح الاسر الاكثر احتياجا معاش تكافل وكرامة واخذت قاعدته فى الاتساع كما تم زيادة المعاشات والاجور من خلال العلاوات وخفض نسبة ضريبة الدخل على الموظفين فيما عرف بالخصم الضريبي، وعلى صعيد الدعم العينى او السلعى تم زيادة مخصصات الفرد فى بطاقة التموين وتم ترشيد الدعم الموجه للمحروقات وتوجيه الفارق لتحسين قطاعى الصحة والتعليم.

 

وفى أعقاب تنفيذ قرار تحرير سعر الصرف وما نجم عنه من ارتفاع غير مسبوق لمعدل التضخم وكذلك الزيادة التى نجمت عن تطبيق ضريبة القيمة المضافة أعلن الرئيس السيسى عن حزمة من الاجراءات لتخفيف العبء عن المواطنين والتى لاقت ترحيبا كبيرا من جموع الشعب.

 

وتضمنت هذه الاجراءات زيادة فى الاجور والمعاشات والدعم السلعى والضرائب بتكلفة إجمالية بلغت نحو 75 مليار جنيه، هذه الاجراءات شملت زيادة المعاشات بنسبة 15% واستفاد من ذلك نحو 10 ملايين مواطن وعلاوة غلاء استثنائية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة 7% من الأجر الوظيفى بخلاف العلاوة المقررة بالقانون.

 

كما شملت علاوتين للموظفين غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية كل منهما نسبتها 10% من الأجر الأساسي، كما تم زيادة معاشات تكافل وكرامة بنسبة 25 إلى 30%، كما تم رفع مخصصات الفرد فى بطاقات التموين من 21 جنيها إلى 50 جنيها ما تسبب فى زيادة مخصصات دعم التموين من 45 مليار جنيه فى موازنة 2016-2017 إلى نحو 85 مليار جنيه فى موازنة 2017-2018.

 

وعلى مستوى الاجراءات الضريبية وهى تعتبر زيادة غير مباشرة فى دخول المواطنين قرر الرئيس السيسى رفع حد الإعفاء الضريبى ومنح خصم ضريبى للأقل دخلاً واستفاد منها نحو 21 مليون ممول منهم 15 مليون موظف وصاحب نشاط تجارى وتبلغ تكلفتها نحو 8 مليارات جنيه، حيث تقرر رفع حد الاعفاء الضريبى للموظفين واصحاب الانشطة التجارية من 6500 جنيه إلى 7200 جنيه فضلا عن تطبيق منظومة الخصم الضريبى التى استفاد منها بشكل أكبر أصحاب الدخول المنخفضة، كما شملت الاجراءات الضريبية وقف تحصيل ضريبة الاطيان الزراعية لمدة 3 سنوات ليستفيد منها نحو 6 ملايين فلاح وتبلغ حصيلتها سنويا نحو 250 مليون جنيه.

 

زيادة مخصصات الحماية


لم يكد ينتهى العام المالى 2017-2018 حتى بدأت الحكومة فى دراسة تطبيق حزمة جديدة للحماية الاجتماعية لتقديم مزيد من الدعم للمواطنين حتى يشعروا بثمار ما تم تطبيقه من إجراءات للإصلاح الاقتصادى، وبعد موافقة البرلمان أعلنت الحكومة تطبيق حزمة حماية جديدة بتكلفة إجمالية تصل إلى نحو 75 مليار جنيه .

 

تضمنت زيادة فى الاجور بتكلفة إجمالية بلغت نحو 27 مليار جنيه، وزيادة فى المعاشات بنحو 28 مليار جنيه، ورفع حد الإعفاء الضريبى مجددا وزيادة نسبة الخصم الضريبى بتكلفة وصلت نحو 9 مليارات جنيه.

 

وشملت هذه الاجراءات منح علاوة دورية للموظفين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة 7% بحد ادنى 65 جنيها، وعلاوة خاصة للموظفين غير المخاطبين بالقانون بنسبة 10% بحد ادنى 65 جنيها بالإضافة إلى علاوة استثنائة لكلا الفئتين بواقع 160 جنيها شهريا للدرجات المالية الرابعة فما دونها و150 جنيها شهريا للدرجات المالية الاولى والثانية والثالثة و140 جنيها للدرجات المالية مدير عام فما فوقها، وبهذ الزيادة حصل الموظفون المستفيدون بالعلاوتين المقررتين وهما الاستثنائية لجميع موظفى الدولة والدورية للخاضعين للخدمة المدنية أو الخاصة لغير الخاضعين كحد ادنى على 225 جنيها شهريا من العلاوات.

 

كما شملت الإجراءات زيادة المعاشات بنسبة 15% لترتفع مخصصات المعاشات إلى نحو 210 مليارات، وكذلك رفع حد الإعفاء الضريبى من 7200 جنيه إلى 8 آلاف جنيه وزيادة نسبة الخصم فى منظومة الائتمان الضريبى المطبقة منذ بداية العام المالى 2017-2018 حيث ارتفعت فى الشريحة الأولى من 80% إلى 85% والشريحة الثانية من 40% إلى 45% والشريحة الثالثة من 5% إلى 7،5%.

 

حيث نصت الاجراءات على منح خصم ضريبى بواقع 85% من الضريبة الواجبة السداد للواقعين فى الشريحة من 8000 جنيه حتى 30 ألف جنيه سنوياً وهى الشريحة التى تخضع لضريبة نسبتها 10%.

 

أما الشريحة الثانية والتى تبدأ من 30 ألف جنيه حتى 45 ألف جنيه سنوياً فسيحصل أصحابها على خصم ضريبى بقيمة 45% من أصل ضريبة تبلغ نسبتها 15%، بينما يحصل أصحاب الشريحة التى تبدأ من 45 ألف جنيه إلى 200 ألف جنيه سنوياً على خصم بواقع 7.5% من ضريبة تبلغ نسبتها 20%، أما من يفوق دخله السنوى 200 ألف جنيه فيخضع لضريبة دخل نسبتها 22.5% ولا يستفيد من الخصم.

 

ويستفيد من تطبيق الخصم الضريبى جميع الأشخاص الطبيعيين الذين يقعون فى الشرائح الضريبية التى يقل دخلها عن 200 ألف جنيه سنويا، وهم أصحاب الدخول من المرتبات، أو من يتربحون من نشاط تجارى أو صناعى أو من إيرادات ثروة عقارية سواء إيجارا أو تصرفات عقارية بالبيع وغيرها أو يتربح إيراداته من نشاط مهنى مثل الطبيب والمهندس والفنان وغيرهم، أما الشركات فليس لها علاقة بهذا النظام حيث تخضع لضريبة بسعر موحد مهما كان حجم أعمالها بنسبة 22.5%.

 

وإذا كان برنامج الإصلاح أوشك على الانتهاء فإن مسيرة الاصلاح الاقتصادى لم تنته بعد فقد بدأت الحكومة فى إعداد برنامج جديد لتحسين معيشة المواطنين والحفاظ على ما تحقق من نتائج لبرنامج الإصلاح الحالي، لتظل قافلة الدولة تسير-مهما علا نباح أعداء الوطن- تحت ظل قيادة واعية جريئة آمن بها الشعب وتحمل معها الصعاب أملا فى غد أفضل ورجاء فى مستقبل يستحقه ويليق بتاريخه.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة