د. خالد السيد غانم مدير الإعلام بوزارة الأوقاف
د. خالد السيد غانم مدير الإعلام بوزارة الأوقاف


رعاية المدمن

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 15 نوفمبر 2018 - 07:47 م

بقلم: د. خالد السيد غانم 

لا يستطيع الإنسان أن يعيش معزولا عن الآخر، ولا يمكن أن ينأى بنفسه عن الناس؛ إذ إن الإنسان ــ كما يقال ــ مدني بطبعه ، يؤثر ويتأثر، وتعتريه عوارضه تنقله من فاضل  إلى أفضل، وقد يمشي في سبل أخرى تجره من سيء إلى أسوأ، بيد أن التماس المعاذير والتنقيب عن جوانب الخير لدى الإنسان هو باب لحسن الظن الذي يقوي الطاقة الإيجابية داخل الفرد ولدى المجتمع.


إن الإسلام لم يترك أي إنسان دون أن يرسم له ــ ولمن حوله ــ الطريق الموصل إلى سبيله ورحابه، وتشريعات الدين منيرة لطريق الطالبين، حيث إنها نظرت للضعفاء والمرضى وذوي الأعذار نظرة رعاية وعناية ورحمة ومعونة، حتى في جانب العبادة نرى بابًا موسَّعًا ـــ في كتب الفقه ـــ لذوي الأعذار والمرضى وتيسير الشريعة الإسلامية بالنسبة لهم.


والقول اللين والمعاملة الحسنة سلوكيات في الدين ينبغي أن تأخذ حقها مُفَّعلة في دنيا الناس ، دون فرق بين دين أو جنس أو لون قال تعالى: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِيناً ﴾   [الإسراء ( 53)


ولهذا لا بد أن نتعامل مع المدمن من حيث إنه مريض يحتاج إلى رعاية وعناية، مع معاملةٍ حسنة تخرجه من براثن الإدمان، وبخاصة من جاء إلى ربه مُقِرًا بخطئه وثائبًا، ولعون الله طالبًا، فينبغي أن يفتح المجتمع له باب المعروف والخير، ويأخذ بيده إلى الصواب؛ لعله يتخلص من هذه السموم، ويتوب إلى ربه ويثوب، قال الإمام مالك - رحمه الله -: "لا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد، فإنما الناس مبتلى ومعافى، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية".


فالمدمن إنسان ضعيف سقط في مرتع المخدرات، وفي الوقت نفسه يحتاج إلى من يستنفر الطاقة الإيجابية بداخله وينميها، وإذا كان القرآن قد سلك طريق التدرج في التشريع تحريمًا للخمر والمسكرات ـــ في أربع آيات في القرآن الكريم ـــ حتى نزل البيان الشافي بالتحريم؛ فحري بنا أن نهدف في تعاملنا مع المدمن سلوكيًا وعلاجيًا بالتدريج، حتى ننأى به بعيدًا عن مواطن الختَل، ومساعدته في التخلص النهائي من هذه السموم ، كما أنه لا يتوقف الدواء عند حد التعافي؛ بل يسري لما بعد نقاء الجسم من هذه السموم، وذلك بخلْق بيئة نظيفة للمدمن، وكفالته ماديًا ـــ إذا كان صاحب فاقة ــــ بتوفير فرصة عمل مناسبة له، مع ضرورة المتابعة المستمرة، فهو أشبه باليتم الذي يُكفَل، حتى يكون عضوًا نافعًا في المجتمع، ريثما نصل إلى وطن بلا إدمان ولا مخدرات، ومن المأمول أن تكون هذه حقيقة ملموسة في الواقع حينما نحقق الجانب الأوفي في رعاية المدمن. 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة