هل يقضي القانون الموحد على العنف ضد المرأة
هل يقضي القانون الموحد على العنف ضد المرأة


بـ«القانون الموحد».. حرب مصرية على «موساد» التحرش والعنف

حسن سليم

الإثنين، 19 نوفمبر 2018 - 06:14 م

•    د.سعيد صادق: العنف والتحرش أمراض مستوطنة بالمجتمع.. و5 مؤسسات لبناء السلوك
•    د.صفوت العالم: الشعور بالعجز وتراكم المسؤوليات السبب
•    أستاذ علم نفس: تسويق الحكومة والبرلمان ضعيف ونحتاج ثروة ثقافية


لا يتوانى العنف بالشوارع والبيوت المصرية عن توجيه ضربات مبرحة تفسد قلب المجتمع مباشرة بخروقات توصله في النهاية لحافة الانهيار.. حالة من الجمود الثقافي والقصور الفكري يعكسها ذلك العنف تجاه الفئات الأقل قوةٍ والأكثر نعومة، وهو ما دفع النائبة نادية هنري عضو مجلس النواب، تبنيها لمشروع القانون الموحد لمكافحة العنف ضد المرأة، الذي يقدم آليات فعّالة لمكافحة التمييز العنصري ضد النساء.

 

وقالت «هنري» إن القوانين الحالية تشكل تمييزًا عنصريًا ضد النساء، مشيرة إلى أنها أبوية وتخضع لموروثات ثقافية تنتهك المرأة، ما أدى إلى تشابك العلاقات بين الرجل والمرأة.

 

وأضافت أن إستراتيجية الدولة الحالية تعمل على استعادة الشخصية المصرية ودورها وموقعها، لذلك علينا أن نواجه كل الموروثات الثقافية التي أدت إلى استبعاد المرأة عن دورها الحقيقي.

 

«مواجهة العنف»

 

وقالت إن مشروع القانون يعمل على إزاحة المعوقات أمام المرأة المصرية التي لها طابع التحيز وعدم المساواة في المجتمع، وأهم بنود القانون هو مواجهة العنف النفسي والجنسي والبدني، إضافة إلى مواجهة التحقير من المرأة، ورغم صعوبة تحديد الإيذاء النفسي إلا أن مشروع القانون يعمل على تحديد بعض الآليات التي تحد من ممارسة العنف النفسي.

 

وتابعت أن المشروع يواجه العنصرية والتقليل من شأن النساء والتعرض للعنف النفسي مثل اتهامها بعدم قدرتها على تربية الأبناء أو اتهامها بالفجور أو غيره من وسائل انتهاك النساء نفسيًا، وذلك بعد إثباته من خلال شهادة الشهود أو الطبيب النفسي أو غيره كما ذكر المشروع، أنه بجانب العمل على توفير أماكن خاصة في المراكز الصحية لاستقبال ضحايا العنف وتقديم الخدمات الصحية والنفسية لهن.

 

وأشارت إلى أن القانون يهدف إلى التغيير الجذري خلال إعادة تأهيل مؤسسات الدولة لمكافحة العنف، فعلى سبيل المثال التقاعس عن تحرير محضر شرطي ضد منتهكي حقوق النساء، فستقع عليه عقوبة قانونية.

 

وتنص إحصائية الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أن 90% من النساء تقريبا في فئة العمر من 18- 64 عام تم ختانهن، وأن نسبة 42.5% من النساء يتعرضن للعنف من أزوجهن نفسيا وجسديا، في الفئة العمرية من 20  إلى 50 عامًا.


وتشير دراسة لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية أن 10% من النساء في مصر يتعرضن لـ«الاغتصاب الزوجي».

 

«الغل تجاه الأضعف»

 

ويقول د. سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، إن التطرف والتحرش والعنف أمراض متوطنة بالمجتمع المصري، وأنها لا تستوقف الأغلبية العامة من الشعب ويتعاملون معها كأنها الأمر الطبيعي، مشيرًا إلى أن المقصود بالعنف ليس «الضرب المبرح» فقط مثلما يعتقد البعض أنما ينطوي على العنف المعنوي والإيذاء اللفظي، وأنه أصبحت سمات عامة للكثيرين ليغلب على المجتمع سمة القسوة.


ويدلل على حالات القسوة بظهور نمط جديد من الجريمة مثل القتل والتمثيل بالجثث وقتل الأهالي لأولادهم أو العكس، متابعًا: «هناك حالة من الغل تجاه الأضعف»، وأن المجتمعات بقاس رقيها من خلال معاملتها للفئات الأكثر ضعفًا التي تتضمن ذوي القدرات الخاصة، والأقليات، وكذلك المرآة، والتعامل مع المخلوقات الأخرى.


ويشير إلى أن التعامل السائد مع كل ما هو ضعيف ينذر بالخطر إذ ينطوي على كافة أنواع الغلظة والشراسة التي لم تكن موجودة من قبل، وأن تنامي ظاهرة العنف يوضح وجود قصور ثقافي وفكري واهتزاز نفسي خاصة عند الشباب يؤدي بهم إلى تلك الوحشية لإثبات ذكورتهم سواء من خلال إيذاء الغير أو التحرش بالفتيات معتقدين أنه ما يحدث أمر عادي، موضحًا أن الأمر لا يقتصر على حالات تحدث بالشارع دون وجود رقيب ولكنها تمتد إلى البيوت من خلال العنف ضد المرآة بالضرب والاغتصاب الزوجي، أو العنف ضد الأطفال.

 

«حالة اهتزاز»

 

ويرى أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، أن هناك 5 مؤسسات منوطة ببناء سلوك الفرد، هى: «الأسرة والمدرسة والإعلام والمؤسسات الدينية ثم القضاء والأمن»، وأن أغلب هذه المؤسسات تعاني من حالة اهتزاز واضح، فضلا عن حالة البطالة العالية والتدين الشكلي اللذان يزيدان من الأمر، مستشهدًا باستضافة الإعلام لأصحاب الآراء الغريبة والفتاوى غير المستندة على أي براهين.

 

ويضيف أنه على مؤسسات بناء السلوك الخمس، الاعتراف بالمشكلة والتخلص من حالة الإنكار، وإقامة مؤتمر قومي لتحديد طرق الإصلاح الممكنة القصيرة وطويلة المدى، مختتمًا أنه الإصلاح الكامل يستغرق ما بين 10 لـ 15 عاما، أن منظومة التعليم الجديد والإجراءات الاقتصادية إحدى الخطوات طويلة الأمد للتخلص من الأزمة الموجودة، وأنه يجب إيجاد حلول قصيرة المدى خلال الفترة المقبلة.

 


«شعور بالعجز»

 

فيما علق د.صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن حالة العنف الموجودة والمنتشرة داخل المجتمع ناتجة من شعور الفرد بالعجز وتراكم المسئوليات عليه وابتعاده عن من يعبر عنه.

 


«غياب التسويق»

 

ويرى د. جمال فرويز استشاري الطب النفسي، إن تسويق القوانين المقترحة داخل مجلس النواب أو الإنجازات  الحكومية ضعيف جدا وأنه يبعد المسافة بين الشعب ومتخذي القرار خاصة في ظل حالة الانهيار الثقافي التي تعيشه مصر، وتعمَد البعض الاصطياد بالماء العكر والعمل على السخرية من أي أعمال للحكومة لخلق حالة من الكراهية والشحن ضدها.

 

«ثورة ثقافية»

 

ويؤكد  استشاري الطب النفسي، إن الحل ليس في سن قوانين جديدة وإنما في القيام بثورة ثقافية حقيقية تحارب الانهيار القيمي، مشيرًا إلى أن العدوان الداخلي أسوأ على مصر من «الموساد» في الفترة الحالية، وأن عمل الوزارات لمواجهة تلك الحرب أشبه بالجزر المنعزلة التي تعمل منفردة فلا يشعر المواطن بأي أُثر.

 

ويختتم أن الحكومة تحتاج لخطتين إحداهما قصيرة المدى تجني ثمارها خلال ثلاث أشهر والأخرى طويلة الأمد تنهي هذه الحالة خلال 8 سنوات، وأن الحرب الحالية ليست بالسلاح فقط وإنما حرب الكلمة الثقافية.


 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة