طلعت حرب
طلعت حرب


في ذكرى ميلاد طلعت حرب.. ما لا تعرفه عن «أبو الاقتصاد المصري»

شيماء مصطفى

الأحد، 25 نوفمبر 2018 - 04:00 م

محمد طلعت حرب باشا مؤسس بنك مصر، ارتبط اسمه في الأذهان دائمًا ببنك مصر، فهما معًا في تلازم مستمر.

 

ويعد طلعت حرب، أحد أهم عمالقة الاقتصاد في تاريخ مصر، حيث عمل على تحرير الاقتصاد المصري من التبعية الأجنبية، لذلك أسس بنك مصر والعديد من الشركات العملاقة التي تحمل اسم مصر مثل شركة مصر للغزل والنسيج، ومصر للطيران، ومصر للتأمين، ومصر للمناجم والمحاجر، ومصر لصناعة وتكرير البترول، ومصر للسياحة، واستوديو مصر.

 

في السطور التالية ترصد «بوابة أخبار اليوم» أبرز المعلومات عن طلعت حرب.

 

ميلاد طلعت حرب



ولد طلعت حرب في 25 نوفمبر 1867 بمنطقة قصر الشوق في حي الجمالية، وكان والده موظفاً بمصلحة السكك الحديدية الحكومية، وينتمي إلى عائلة حرب بناحية ميت أبو علي من قرى منيا القمح بمحافظة الشرقية.

تخرج في مدرسة الحقوق عام 1889، والتحق للعمل كمترجم بالقسم القضائي "بالدائرة السنية"، ثم أصبح رئيسًا لإدارة المحاسبات ثم مديراً لمكتب المنازعات حتى أصبح مديراً لقلم القضايا.

وفي عام 1905 انتقل ليعمل مديراً لشركة كوم إمبو بمركزها الرئيسي بالقاهرة، واستقال منها عام 1909.

وأسندت له إدارة الشركة العقارية المصرية التي عمل على تمصيرها حتى أصبحت غالبية أسهمها في يد المصريين، وفي عام 1905 حصل طلعت حرب على لقب البكوية.


بنك للمصريين

كانت فكرة إنشاء بنك مصري وطني، حلماً راود الكثيرين منذ أيام محمد علي باشا، فبالرغم من أن محمد علي قبل وفاته أمر بإنشاء بنك برأسمال قدره 700 ألف ريال، لكن مشروع البنك انهار كسائر مشروعات والي مصر، لما أصابه المرض بعد أن ضاعت ثمرة حروبه عليه نتيجة التواطؤ الدولي على حصار قوته.


وأصدر طلعت حرب كتابه "علاج مصر الاقتصادي"، الذي طرح من خلاله فكرته في ضرورة إنشاء بنك للمصريين لخدمه المشاريع الاقتصادية في مصر والنظر في المشكلات الاجتماعية، وتحمس الكثيرون لفكرته بالرغم من معارضة السلطات الإنجليزية، وقرر المجتمعون بالفعل تنفيذ فكرة حرب في إنشاء بنك مصر، لكن هذه الجهود تعطلت بسبب الحرب العالمية الأولى.

وعادت فكرة "بنك مصر" إلى الظهور عندما بدأ "عمر لطفي بك"، عضو الحزب الوطني ووكيل كلية الحقوق، في إلقاء محاضرات في نادي المدارس العليا ابتداءً من اليوم الأول في نوفمبر 1908، عن نظام التعاون والتسليف في ألمانيا وإيطاليا؛ لكن الفكرة عانت من الخلاف بين التيارات التقدمية والرجعية.

ولم تنجح الفكرة مجدداً إلا مع جهود طلعت حرب، الذي بدأ بطرح الفكرة في بعض خطبه، وعقب انعقاد المؤتمر المصري الأول في 29 أبريل عام 1911 انتهز محمد طلعت حرب باشا اجتماع أعيان البلاد، وعرضت لجنة المؤتمر فكرة إنشاء بنك مصري.


وقرر المؤتمر بالإجماع وجوب إنشاء بنك مصري برؤوس أموال مصرية، كما قرر اختيار محمد طلعت حرب باشا للسفر إلى أوروبا لدراسة فكرة إنشاء البنك بعد عمل دراسة كافية عن المصارف الوطنية وأسلوب عملها في الدول الأوربية، فلما صدر كتاب محمد طلعت حرب باشا بعد ذلك، آمن كل مصري بالفكرة التي يدعو إليها وإلى تنفيذها، لكن الحرب العالمية الأولى التي أعلنت في 4 أغسطس سنة 1914 أدت إلى تأجيل فكرة البنك لأكثر من 8 سنوات، وعادت من جديد الدعوة لإنشاء البنك بعد قيام ثورة 1919.

إجراءات تأسيس بنك مصر
 

أقنع طلعت حرب، 126 من المصريين بالاكتتاب لإنشاء بنك مصر، وبلغ ما اكتتبوا به 800 ألف جنيه، تمثل 20 ألف سهم، أي أنهم جعلوا ثمن السهم 4 جنيهات فقط، وكان أكبر مساهم هو عبد العظيم المصري بك من أعيان مغاغة الذي اشترى ألف سهم.

ونشرت الوقائع الرسمية، في الثلاثاء 13 ابريل عام 1920 مرسوم تأسيس شركة مساهمة مصرية تسمى "بنك مصر".

ولم تحاول سلطات الاحتلال البريطاني منع قيام هذا البنك المصري، أو وضع العقبات في طريق إنشائه، على الرغم من أنه قام لينافس البنك الأهلي الذي كان يمثل سلطة الاحتلال الاقتصادي الإنجليزي لمصر؛ لأن الإنجليز رأوا أن بنك مصر برأس ماله الصغير وقلة خبرة المصريين في أعمال البنوك لن يستطيع الصمود في المنافسة، ولن يلبث أن يقع ويغلق أبوابه، فلا داعي لدخول معركة ضد الرأي العام لا حاجة لهم بها.


وافتتح بنك مصر رسميًا في 10 مايو 1920، وألقى طلعت حرب خطبة في دار الأوبرا المصرية بمناسبة بدء أعمال بنك مصر، وكان أول مقر له في شارع الشيخ أبو السباع.

تحرير الاقتصاد 

بدأت رحلة بنك مصر في تمصير الاقتصاد والقيام بدور كبير في الاقتصاد الوطني، حيث ساهم في تأسيس مجموعة من الشركات المستقلة التي تدور في فلكه فترفعه والقطاعات الاقتصادية الأخرى تدريجياً نتيجة التفاعل الطبيعي بينها جميعاً، وأدت سياسته إلى الكثير من التطورات التي شوهدت في الاقتصاد الوطني، والتي كانت مرتبطة إلى حد كبير بنشاط بنك مصر وشركاته أو كانت تمثل نتيجة من نتائجه.

شركات أنشأها طلعت حرب

بعد عامين فقط من إنشاء بنك مصر، أنشأ طلعت حرب عام 1922 أول مطبعة مصرية برأس مال قدره 5 آلاف جنيه، وذلك لدعم الفكر والأدب وتقوية المقاومة الوطنية، ووصل رأس مال المطبعة بعد فترة لأكثر من 50 ألف جنيه.

وبعد إنشاء المطبعة، توالت الشركات المصرية التي ينشئها البنك مثل شركة مصر للنقل البري التي قامت بشراء أول حافلات لنقل الركاب، كما قامت الشركة بشراء الشاحنات الكبيرة لنقل البضائع من الموانئ؛ كما أنشأ البنك شركة مصر للنقل النهري ثم شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، واستقدم طلعت حرب خبراء هذه الصناعة من بلجيكا، وأرسل بعثات العمال والفنيين للتدريب في الخارج.
 

وأقام مصنعًا لحلج القطن في بني سويف، وأنشأ البنك مخازن (شون) لجمع القطن في كل محافظات مصر.

وساهم كذلك في إنشاء شركة مصر للتمثيل والسينما، وفي عام 1927 أنشأ شركات مصر للنقل والملاحة البحرية، ومصر لأعمال الأسمنت المسلح، ومصر للصباغة، ومصر للمناجم والمحاجر، ومصر لتجارة وتصنيع الزيوت، ومصر للمستحضرات الطبية، ومصر للألبان والتغذية، ومصر للكيمياويات، ومصر للفنادق، ومصر للتأمين، كما أنشأ طلعت حرب شركة بيع المصنوعات المصرية لتنافس الشركات الأجنبية "بنزايون - صيدناوي".

وسعى طلعت حرب لإنشاء شركة مصرية للطيران، إلى أن صدر مرسومًا ملكيًا بإنشاء شركة مصر للطيران كأول شركة طيران في الشرق الأوسط برأس مال 20 ألف جنيه.

وساهمت هذه المشاريع الوطنية في إذكاء الروح الوطنية في هذه الفترة، حيث شجعت هذه المشاريع الكثيرين على فكرة الادخار لدى البنك، وزادت ودائع البنك مقارنة بكل البنوك الأجنبية العاملة في مصر، مما أنهى مقولة الاستعمار والتي كانت تردد في ذلك الوقت "المصري لا يعرف إلا الاستدانة"، حيث استطاع بنك مصر تحفيز الادخار لدى كل المصريين حتى الأطفال بعد أن وزع البنك حصالات على تلاميذ المدارس الابتدائية ثم يأخذ ما فيها ويفتح للأطفال دفاتر توفير بالبنك.

وشجعت المشاريع المواطنين للإقبال على شراء منتجات هذه الشركات كبديل عن البضائع الأجنبية، كما أسس بعض المفكرين جماعة "المصري للمصري" وعملت على تشجيع المواطنين والتجار والمصانع للتعامل مع الشركات المصرية، وساهم النقراشي باشا رئيس الوزراء في إنشاء معرض صغير للمنتجات في النادي السعدي، وكان هذا السبب في إنشاء شركة المصنوعات المصرية في عام 1932، وتم افتتاح العديد من الفروع لها في أنحاء البلاد.

مؤلفات طلعت حرب

كان لدى طلعت حرب العديد من المساهمات الأدبية والثقافية، ولعل أبرزها معارضته الشهيرة لكتابات وأفكار قاسم أمين والتي جعلته يصدر كتابيه: "تربية المرأة والحجاب"، و"فصل الخطاب في المرأة والحجاب"، كذلك لديه بعض المؤلفات الأخرى مثل: "مصر وقناة السويس"، و"تاريخ دول العرب والإسلام"، كما كان من أعضاء الجمعية الجغرافية.

استقالة طلعت حرب

واجه بنك مصر في عام 1940 أزمة مالية كبيرة، نتيجة ضغط كل من الحكومة المصرية وسلطات الاحتلال الإنجليزي، ورفض البنك الأهلي منحه قروضًا بضمان محفظة الأوراق المالية، وعندما لجأ إلى وزير المالية اشترط وقتها أن يترك منصبه لعلاج الأزمة، مما أجبره على الاستقالة من البنك عام 1939.

وفاة طلعت حرب

توفي طلعت حرب في 13 أغسطس عام 1941، في قرية تابعة لفارسكور بدمياط.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة