الاهالي ينتظرون الوصول للبر
الاهالي ينتظرون الوصول للبر


بالفيديو| معديات القاهرة الكبرى.. «انطق الشهادة قبل أن تركب»

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 26 نوفمبر 2018 - 10:19 م

هبة زكريا - سناء صبري

«انطق الشهادة قبل أن تركب» .. نصيحة يوجهها ركاب معديات القاهرة والجيزة لبعضهم البعض عند استقلال المعديات.. فلا أمن أو أمان داخل هذه المعديات خاصة أن معظمها أصبح متهالكًا ولا يحمل ترخيصا كما أن البعض يحمل حمولة زائدة بسبب الطمع مما يهدد حياة الركاب.. تجولنا بين عدد من المعديات بالعاصمة والجيزة فرأينا العجب العجاب!.


فى بداية الجولة توجهنا إلى معدية «جزيرة الوراق» المشهورة بكثرة ضحاياها، والتى تعتبر الوسيلة الوحيدة لخروج الأهالى من الجزيرة والدخول إليها، فتقوم بنقلهم من أماكن سكنهم داخل الجزيرة إلى الضفة الأخرى للنيل والعكس.


قبل الذهاب واستقلال المعدية ترى منحدرا ترابيا طويلا يتمدد آخره إلى ضفة نهر النيل، وعلى الضفة المقابلة جزيرة الوراق، على المرسى الموازى للنيل والمصنوع من لوح خشبى سميك يقف عدد كبير من الأهالى منتظرين قدوم المعدية الضخمة من الضفة الأخرى، التى بدت فى أسوأ صورها بمجرد اقترابها من المرسى بسبب سوء حالتها وتفشى الصدأ بهيكلها المعدنى الخارجى، بينما يلهو الأطفال على حافة جسر النيل فى فرحة عارمة غير مدركين بما سيحدث لهم فى حال انزلاق قدم أحدهم والوقوع فى مياه النيل ومواجهة الغرق.

أمر مألوف
 


اقتربنا من الأهالى المكتظين على جانب النيل، فوجدنا تفاعلاً معنا وتفاجأنا من تأكيدهم على أن الحديث عن كوارث المعديات أصبح شيئا مألوفا لدى الجميع، فيقول أحمد جمال، أحد سكان جزيرة الوراق «طبعا مفيش فيها أمان لكن هى الوسيلة الوحيدة اللى بنخرج بيها لباقى المناطق عشان نقضى مصالحنا، إحنا اتعودنا كل كام يوم نسمع أمهات بتصرخ لما أحد أبنائهم أو أهاليهم يغرق»، ويتابع أن الجميع يناشد المسئولين وكافة الجهات المعنية بسرعة تشييد الكوبرى رفقا بأرواح تذهب سدى فى حضن النيل نتيجة لتهالك المعديات.


ويلتقط طرف الحديث الحاج مصطفى قائلا: «المعدية دى أهالى مش حكومة والحمولة الزيادة هى السبب الأساسى فى الكوارث، المعدية بتشيل أضعاف حمولتها الأساسية عشان الأجرة، وسائق المعدية مبيهموش مصلحة الناس كل اللى يهمه يكسب فلوس كتير، إحنا كل اللى بنطالبه بس أن المعدية يتعملها صيانة علشان محدش يروح مننا تانى».


ومن سيء لأسوأ ذلك ما اكتشفنا عند توجهنا إلى معدية «المنيب»، والتى تظهر على شاكلة ما قبلها ولكن بصورة أشد قتامة وخطورة، فهى عبارة عن قارب صغير بدائى الصنع يبحر فى المياه التى تربط قرية «القصبجى» بالحياة الخارجية، والتى تعتمد على بكرة معلق بها «جنزير حديدى» يقوم بسحبه «فارس» شاب لا يتجاوز العشرين من عمره، لينقل الأفراد من القرية إلى الخارج والعكس.. القارب متهالك يمكن أن يتهاوى فى أعماق مياه النيل بأى لحظة، حجمه لا يمكن أن يستوعب هذه الأعداد التى تستقله.
 




استقلينا القارب لنعيش مع الأهالى مشاهد الخطر التى يعيشونها يومياً، واثناء خوض هذه المغامرة، تأرجح القارب مما سبب فزع الجميع لينادى «فارس» على جميع الركاب بالابتعاد عن حواف القارب حتى لا ينزلق أحد.


«حسبى الله ونعم الوكيل ابنى مات غريق بسبب المعدية دى» بهذه الكلمات بدأت «منى» إحدى أهالى قرية القصبجى، موضحة أن القرية لا يوجد بها مخرج لها لقضاء حاجتهم سوى هذه المعدية، حيث إنه لا يوجد بالقرية أى مظهر من مظاهر الحياة فلا توجد مدارس أو مستشفيات أو أسواق داخل القرية مما يضطرهم لاستقلال المعدية ومغامرة ما بها من أخطار حتى يقضوا حاجتهم.


بينما يقول شعبان «اتعودنا عليها وولادنا اتعودوا، بتحصل بسببها حوادث بس مفيش قدامنا غيرها، أنا كل اللى بطالب بيه من المحافظ أن يجددها أو يعمل كوبرى يبقى فيه أمان أكتر ويهتموا شوية بقريتنا، كل يوم بنستخدم المعدية ونخاف أننا نموت إحنا بننطق الشهادة قبل ما نركب المعدية».
بعدها تحدثنا مع «فارس» قائد القارب والذى أوضح أن هذا القارب ملك أحد الأهالى وغير مملوك للدولة، فهى هبة لأهالى القرية مراعاة لظروفهم وما يعاننه من تأخر فى كافة مظاهر الحياة، مضيفًا أن المعدية تعمل طول اليوم، أى 24 ساعة لخدمة أهالى القرية، ويقول : «أنا بقف عليها الصبح واخويا بليل، المعدية ديه شافت حوادث كثيرة بسبب أنها متهالكة بس الناس غلابة يدوبك معاهم اللى يكفى يومهم علشان كده مش بنعمل صيانة للمعدية لو معانا فلوس والله هنعملها صيانة طالما الدولة مش بصلنا».


سيارات نقل


وبعد الانتهاء من معدية قرية القصبجى بالمنيب بدأت جولتنا الجديدة فى معدية «حلوان» والتى تقطع النيل عرضا لتربط بين حلوان والبدرشين، وكانت المفاجأة أننا وجدنا أن هذه العبارة لا تحمل أفرادا فقط بل كان عليها سيارات نقل محملة بالطوب والأسمنت وسيارات ملاكى يستقلها أصحابها، بالإضافة إلى عربات «كارو» تجرها الأحصنة، كما أننا وجدنا المواطنين متواجدين على الحواف المتهالكة للمعدية، والتى بمجرد أن يسند عليها أى شخص يمكنها أن تقع هى والشخص معًا.. ضخامة المعدية لا تعنى تحملها لهذه الأحجام الضخمة التى على متنها من سيارات وبضائع وغيرها، فهى عباراة عن كتلة حديدية متهالكة يمكن أن تخترقها المياه فى أى لحظة.


فتقول إحدى سكان منطقة حلوان، تدعى شيماء: «أنا بدفع 10 جنيه فى اليوم علشان اتنقل من ضفة للتانية وبدل ما المعدية بتشيل أشخاص بس، لا دى بتحمل عربيات نقل وميكروباصات وعربيات كارو وتكاتك أكتر من المواطنين أنفسهم كل ده علشان الفلوس وبيعملوا كل ده علشان مفيش رقابة خالص على تلك المعديات، كل يوم بنشوف اشخاص بتقع من على المعدية بسبب تكدس العربات وغيرها».. وتتابع بأنه اثناء استقلال المعدية قامت إحدى السيدات بالولادة نظرا لتأخر حالتها الصحية، وكادت أن تفقد حياتها بسبب البطء والوقت الطويل التى تستغرقه المعدية.


وأكد جميع المتواجدين بالمعدية على ضرورة عمل كبارى بدلاً من تلك المعدية المتهالكة التى يروح بسببها آلاف الضحايا.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة