ضربن أروع أمثلة في التضحية «أمهات ذوي القدرات الخاصة» .. يبوحن بأسرار تنفطر فيها القلوب
ضربن أروع أمثلة في التضحية «أمهات ذوي القدرات الخاصة» .. يبوحن بأسرار تنفطر فيها القلوب


ضربن أروع الأمثلة في التضحية.. «أمهات ذوي الاحتياجات» يبحن بأسرار تنفطر لها القلوب

منةالله يوسف

الثلاثاء، 27 نوفمبر 2018 - 01:56 ص

كريمة: قبلت بالأمر الواقع وبذلت أقصي ما في جهدي

سهام: رفض زوجي حملي فعاقبه الله بطفل مريض

دكتورة فؤادة هدية: أم الطفل من ذوي الاحتياجات محظوظة

أمهات تحملن اختبار القدر لهن، واجهن الصدمات بقوة وتحدي وإرادة وضربن أروع الأمثلة في المثابرة والعطاء.. حقًا الجنة تحت أقدام الأمهات.

وفي حياة السيدات اللاتي يعتنين بأولادهن من ذوي الاحتياجات الخاصة، قصص وعبر هي وقودهن في الحياة، وحاولت "بوابة أخبار اليوم"، أن تقتحم عالمهن وتدخل في أدق التفاصيل نظرًا لصعوبة الظروف واختلاف القصص.

الطامة الكبرى

بدأت «كريمة محمود» 65 سنة -ربة منزل- حديثها بابتسامتها المعهودة وبرضاء قد لا تجده في إنسان يتمتع بكامل عافيته وصحته، قائلة «تزوجت وأنا في الخامسة عشرة من عمري وتوفي زوجي فور إنجابي لابنتي، تحملت مسؤوليتها بمساعدة أهلي، لأن أهل زوجي رفضوا مساعدتي، وبحكم إقامتي في مجتمع ريفي فرض عليّ أهلي الزواج من رجل يعيش في القاهرة، وسريعًا ما تمت مراسم الزواج».

وتابعت: «كانت الطامة الكبرى وهي أن زوجي يعاني من مرض نفسي وعمره العقلي أقل من عمره الزمني ويعاني من مرض الوسواس القهري ويتخيل أشياء كثيرة بخلاف الواقع، ويتصرف على أساسها».

وتضيف كريمة: «ذقت معه الأمرين ولكنني رفضت الانفصال عنه واعتبرت زواجي منه نوع من اختبار القدر لي، حتى رزقت بولد وبنت منه وورثا عن والدهم نفس أمراضه فعمرهما العقلي أقل من الزمني، ورغم محاولاتي المتكررة في علاجهما إلا أنها باءت بالفشل وظللت على هذا الحال إلى أن جاء وقت التحاقهما بالمدرسة وبدأت المعاناة الحقيقية».

وأشارت إلى أنها تستدعى من المدرسة بصفة دورية، مضيفة: "بالطبع أذهب وأتحمل ما لا يمكن أن يتحمله بشر، ثم يطلبون مني أن أنقل أولادي إلى مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة لأنهم لا يستطيعون التأقلم مع أقرانهم في المدرسة".

واستطردت: "انهمرت الدموع تنهمر من عيني وحاولت بقدر الإمكان إقناعهم بالسماح لهم أن يتركوهما في وسط زملائهم حتى لا يشعرا بالوحدة وبأنهم مختلفين عن أقرانهم ولكن للأسف رفضت المدرسة وخرجت منها وأنا أجر أذيال الخيبة وقبلت بالأمر الواقع ووجدت أطفالي يجلسون معي في المنزل».

لحظات فارقة

 ظلت «كريمة» على هذا الحال حتى بلغ ابنها سن الشباب وطلب منها أن تبحث له عن عروسة مناسبة، قائلة: «قررت أن أزوجه ورزقه الله  بفاطمة، ورغم أنني كنت أتابع مع الأطباء في مجال الوراثة إلا إن إرادة ربنا كانت فوق كل شيء».

رفض غير مبرر

أما «سهام عيد»  - ربة منزل - بدأت قصتها، قائلة: «تزوجت فور تخرجي من الجامعة برجل يكبرني بحوالي 18 عاما، ورزقت منه ببنتين وكنت أنوي الاكتفاء بهما رغبة في إرضاء زوجي الذي رفض حملي مرة أخري ولكن إرادة ربنا شأت أن يرزقني بأحمد وكان زوجي معترضا على الحمل في هذه المرة الثالثة ورفض الذهاب معي أثناء الولادة ليعلن رفضه لهذا المولود للجميع».

هدوء ما قبل العاصفة

ونوهت بأنها منذ ولادته وهي تتابع مع طبيب أطفال، مؤكدة: "لكنني كنت ألاحظ عدم استجابته للمؤثرات الخارجية".
علمت «سهام» بعد ذلك إن ابنها يعاني من الشلل الدماغي مما يجعله يصاب بالتشنجات المستمرة ولا يستطيع أن يتحرك أو يجلس أو يسير ويجد صعوبة بالغة في بلع الطعام وهذا كان يتطلب منها مجهودًا كبيرًا، خصوصا أنها كنت دائما ما تحافظ على تفوق ابنتيها.

8 سنوات من العذاب

كانت «سهام» تجلس لتذاكر لأولادها وهي تحمل أحمد على صدرها فهو لا يفارقها، وتقول: «إذا فارقني تنتابه نبرة من البكاء الشديد ولذلك كنت أجمع متطلبات المنزل وأنا أحمله حتى يشعر بالأمان».

وكشفت عن إصابة نجلها الصغير بنوبات مما يضطر الأطباء بحجزها داخل المستشفى، موضحة: «تحملت هذا الوضع 8 سنوات متواصلة بنفس راضية دون تعب أو كلل أو مساعدة أقرب الناس لي وهو وزوجي الذي رفض أن يتحمل مسؤوليته».

وتتابع: «زوجي كان دائما يلقي اللوم على ويقول أنا مش عايز أطفال، وشعرت أن الله سبحان وتعالي قد ابتلى زوجي به لرفضه قضاء ربنا وقدره حتى توفي ابني وهو في الثامنة من عمره».

صدمة الولادة

تركت الأمهات وتوجهت إلى الدكتورة فؤادة هدية أستاذ علم نفس الطفل بجامعة عين شمس، فبدأت حديثها قائلة: «تصاب الأم بصدمة فور سماعها بمرض طفلها النفسي أو العضوي لأنها تدرك أن طفلها سيدرج ويصنف ضمن ذوي الاحتياجات الخاصة».

وأكدت: «نجد الأم ترفض الاعتراف بمرض طفلها ثم سرعان ما تتحول وتقبل بالأمر الواقع، وغالبًا ما تلجأ إلى استشارة الأطباء، ويقع على عاتق الأم عبئا كبيرا في التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم في المجتمع".

وشددت على الاهتمام بالطفل حتى يثق بنفسه ولا تتدهور حالته صحياً وعقلياً ونفسياً، قائلة: "بالطبع لا بد من مساعدة الأب للأم فلا يتركها تواجه المشكلة بمفردها ولكن يجب عليه أن يتحمل معها مسؤولية الطفل ويشاركها في تربيته والاهتمام به».

أمهات في زمن التضحية

ونصحت هدية، الأمهات بضرورة المتابعة الدقيقة مع الأطباء في مرحلة الحمل، مؤكدة أنه من الأفضل البعد عن نظرات وأحاديث الأهل والجيران المملوءة بالشفقة حتى لا ينعكس بطاقة سلبية على الطفل.

وأشارت إلى أن أم الطفل من ذوي الاحتياجات يجب أن تعتبر نفسها من الأمهات المحظوظات، لأن الله منحها هدية بناء على قدرة تحملها، ليضاعف أجرها في الدنيا.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة