المؤتمر العالمي للوحدة الإسلامية
المؤتمر العالمي للوحدة الإسلامية


بحضور 1200 شخصية إسلامية فى مكة المكرمة

المؤتمر العالمي للوحدة الإسلامية يطالب بالتصدي لممارسات التطرف والإرهاب

محمد هنداوي

السبت، 15 ديسمبر 2018 - 01:40 م

اختتمت أعمال المؤتمر الإسلامي العالمي للوحدة الإسلامية «مخاطر التصنيف والإقصاء» (في أُفُقِ تَعْزيز مَفَاهيم الدَّولة الوطنية وقيمها المشتركة) الذي عقدته رابطـة العالـم الإسلامي في مكة المكرمة.

جاء ذلك بمشاركة نخبة متميزة من العلماء وقادة الرأي والفكر في العالم الإسلامي والمرجعيات العلمية والفكرية للجاليات الإسلامية، ، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبحضور 1200 شخصية من مفتي العالم الإسلامي وعلمائه ودعاته ومفكريه من 127 دولة وثمان وعشرين مذهباً وطائفة يمثلون المكون الإسلامي العام.


ونوه المؤتمر في ختام أعماله، بأهمية مضامين الكلمة الضافية التي تفضل بها راعي المؤتمر للحضور، مؤكداً أنها تُمثل وثيقة مهمة بالنسبة لجمعهم التاريخي الاستثنائي في أطهر بقاع الأرض حيث متعلقهم الروحي وقبلتهم الجامعة، وأن الكلمة الكريمة جاءت مفعمة بتحفيز همم العلماء والدعاة والمفكرين نحو أهداف المؤتمر.


وثمن المشاركون في المؤتمر، جهود المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز و ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز في خدمة الإسلام والمسلمين والإنسانية جمعاء، ولاسيما جهودهما في محاربة التطرف والإرهاب حيث تُعد المملكة الدولة الأهم والأبرز في مكافحة الأفكار المتطرفة والإرهابية والأكثر فعالية في مواجهة الجرائم الإرهابية حيث أنشأت وقادت أهم تحالف في هذا الشأن وهو التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، كما أسهمت بفاعلية في التحالف الدولي لمحاربة داعش وأنشأت أقوى المنصات العالمية لمواجهة أفكار التطرف والإرهاب.


ودعا المؤتمر ، إلى إنشاءُ لجنة جامعة تمثل المكونات الإسلامية المختلفة لصياغة ميثاق إسلامي شامل يتضمن قواعد الخلاف التي تحكم علاقة المسلمين، ويُبين الأصول والثوابت المُحْكَمَة الجامعة لهم، ويُحَرِّرُ مواضع النزاع المهمة، ويحيلها لأهل الاختصاص للدراسة والنظر ، وتقريب وجهات النظر فيها ما أمكن، وأن تتولى رابطة العالم الإسلامي تبني ذلك من خلال وثيقة إسلامية جامعة تحت عنوان: "وثيقة مكة المكرمة" يتم عقد ميثاقها بجوار البيت العتيق.


وحذر المؤتمر من تصدير الفتاوى خارج نطاقها المكاني وذلك أن لكل جهة أحوالها وأعرافها الخاصة بها التي تختلف بها الفتاوى والأحكام، حاضاً على قصر العمل الموضوعي المتعلق بالشؤون الدينية الرسمية لكل دولة على جغرافيتها المكانية دون التدخل في شؤون غيرها، والتأكيد على أهمية إيجاد مرجعية علمية موحدة لكل دولة في كيان فتوى عامة أو هيئة علمية مختصة تُعنى بالتصدي للقضايا الشرعية العامة، ومؤكداً أن مثل هذه التدابير من شأنها أن تحفظ السكينة الدينية لكل دولة بما في ذلك ما يسمى بالأقليات الدينية حيث يجب احترام مرجعيتها العلمية الخاصة بها، وأن يكون التعاون البيني في هذا مقتصراً على مواجهة أفكار التطرف والإرهاب وعلى الدراسات والأبحاث وتنظيم الملتقيات العلمية والفكرية لرفع مستوى الوعي والتصدي للمستجدات ذات الشأن العام، ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان بطلب رسمي من الدولة المضيفة، أو داخلاً في اختصاص المجامع العلمية ذات الطابع الدولي.


ودعا المؤتمر ، "الأقليات" في الدول غير الإسلامية إلى الاندماج الوطني الإيجابي من خلال مفهوم الدولة الوطنية الشاملة، وأن تكون مطالباتهم بخصوصياتهم الدينية وفق أنظمة الدولة الوطنية دون ممارسة أي أسلوب من أساليب العنف أو الاستعداء.  


كما دعا المشاركون المسلمين بتنوعهم وتعددهم إلى الاجتماع حول ثوابت الدين ومحكماته الجامعة، والعمل على تجاوز الخلافات السلبية وحل مشكلاتها بروح الأخوة الإسلامية، والنأي عن سلبيات التنابز بالتكفير والتبديع والتضليل، والاستمساك بأدب الإسلام في الخلاف، ومنهجه في حل النزاعات، مشددين على أن وحدة المسلمين وتآلفهم مقصد شرعي لا يجوز التمادي في نسيانه، ولا التأخر في إنجازه، وأن الشروع في تحصيل متطلباته هو واجب الجميع، وأن بديله هو فساد ذات البين.


وشدد المؤتمر في توصياته على ضرورة ألا يُفهم من الوحدة الإسلامية، التحزب لمعاداة ومناجزة الآخر، بل تحث على التواصل والتعاون والتعايش معه وصولاً للهدف المشترك بين الجميع وهو إحلال السلام والوئام حول العالم، إذ أن جمع الكلمة الإسلامية يوحد قرارها نحو تحقيق تلك الأهداف النبيلة بقواسمها المشتركة مع غير المسلمين، ويُعزز من وعي المجتمع المسلم، ويُحَصِّنُهُ من أفكار التشدد والتطرف والإرهاب مع فتح آفاق الحوار مع الجميع بالمنطق الحضاري المستنير.


وطالبوا الدول والمنظمات بتحمل مسؤولياتها في التصدي لممارسات التطرف والإرهاب، والسعي في إيقاف الحروب والنزاعات، ووضع حد للأوضاع غير الإنسانية التي يعيشها ضحايا هذه الحروب، والتي أنتجت الملايين من القتلى والمعاقين والجرحى والمشردين، وقادت العالم إلى مزيد من الكراهية والعداوة في طليعتها ممارسات التطهير العرقي ومحاولات طمس الهوية الدينية بالكامل التي تتعرض لها بعض الأقليات بأساليب إرهابية لا تقل بشاعة وهمجية عن إرهاب داعش والقاعدة، مع دعوة المجتمع الدولي ليكون أكثر حياداً وجدية وحزماً حيال هذه الجرائم الإرهابية لتستمر منظومته ببارقة أملها قبل أن تفقد مصداقيتها .


وأوصى المؤتمر، بأهمية توعية الشباب المسلم بخطورة الحماسة والعاطفة الدينية المجردة عن الوعي بما في ذلك عدم الدراية بالحكم الشرعي في كل واقعة عن طريق الراسخين في العلم الذين يُحسنون النظر في الوقائع (جمعاً وتفريقاً)، ومن ثم إنزالها على نصوص الشريعة ودلالاتها ومقاصدها وقواعد الترجيح بين المصالح والمفاسد، مع النظر الصحيح في فقه المآلات، وسد الذرائع، والمصالح بأحكامها الثلاثة (إرسالاً واعتباراً وإلغاءً)، مع ضوابط تغيُّر الفتوى والحكم، وكذا مراعاة حُسن النظر في قواعد الإطلاق والتقييد، والإجمال والبيان، والعموم والخصوص، والمفاهيم بأنواعها وما يحكمها من قواعد، كل هذه وغيرها من قواعد الفقه والأصول تُمثل بُعداً غائباً وحلقةً مفقودةً لدى كل متجاسر على أحكام الشريعة وهو خالي الوفاض منها علماً وفقهاً في غمرة الانخداع بحَفَظَةِ النصوص دون فقه، فضلاً عن مجتزئيها، ودعوة كل من تصدر للفتوى العامة من مرجعيات علمية فردية، أو مَجْمَعِيّة إلى الاستطلاع اللازم والكافي عن كل واقعة تتصدى لها، وألا يَصْدر عنها بيان شرعي قبل الحصول على التفاصيل كافة من مصادرها المعتبرة مع الاستعانة بالمختصين من ذوي الصلة في كل فن للإيضاح وطلب الرأي، مع استرعاء علم الجميع بأن التساهل في هذا أوصل لفتاوى وقرارات وبيانات تحمل أخطاء جسيمة حتى اضطُر بعضها لاحقاً إلى الاعتذار  والتراجع، ومنها ما تم التعقُّب عليه من قبل مرجعيات أخرى أوضحت بالحقائق ودلائل الشريعة ما صدر عن أخواتها مِنْ وهم كبير تطلبت براءة الذمة إيضاحه، فيما بقي غيرها على خطئه الفادح باسم فتوى وعلم الشريعة، وهو ما منح المغرض فرصة للنيل منها والتقليل من شأنها، وصولاً لفقد الثقة بها، حاملاً في هذا شواهدَ خطئها الجسيم.


وطالب بأن تكون الملتقيات الفكرية والثقافية جامعة لكلمة المسلمين، بعيدة عن التصنيف والإقصاء تحت أي شعار غير شعار واسم ووصف الإسلام الجامع، مع ترسيخ الإيمان بالسنة الكونية في الاختلاف والتنوع والتعددية، وأن يقتصر دور المؤسسات الدينية الرسمية في كل بلد على شأنها الديني الخاص دون التدخل في شؤون غيرها، إذ لكلٍّ أحوالُه وأعرافُه التي تتغير بها الفتوى والحكم، وأن تكون اللقاءات فيما بينها لتعزيز اللحمة الإسلامية في شأنها العلمي والفكري والوجداني وطلب الإثراء والتبادل المجرد فيما بينها .


وأكد أهمية دعوة الجامعات والهيئات العلمية والفكرية إلى تعزيز دورها التربوي والتثقيفي في تأصيل مفاهيم الوحدة والتضامن والتعاون والمحبة والوئام، من خلال ترسيخ الحفاوة بتعدد المدارس الإسلامية في سياق عطائها العلمي والفكري المشروع، واعتباره من مظاهر سعة الشريعة الإسلامية وعالميتها ورحمتها بالعباد.


كما شدد على أهمية دور المرجعية الروحية للمملكة العربية السعودية للمسلمين كافة بجميع دلالاتها، باعتبارها منارة الإسلام والمسلمين ومهوى أفئدتهم وملتقى جمعهم، مجدداً التأكيد على أن المحاولات المغرضة التي تستهدف بتحاملها المكشوف الإساءة لها هي بالنسبة لهم خط أحمر، بما تمثله من إساءة لأكثر من مليار وثمانمائة مليون مسلم يَجِدُون في المملكة المحضنَ الكبير لهم من موقع تشرُّفها المستحق بخدمة مقدساتهم والسهر على راحتهم في أداء نسكهم وزيارتهم.


وأكدت توصيات المؤتمر على أن الدولة الوطنية (بقيمها المشتركة مع شقيقاتها من الدول في نطاق هويتها الإسلامية) تُعَدُّ امتداداً لمفهوم الأمة باعتبارها إحدى مكوناتها التي تتلاقى وتتكامل مع أخواتها في إطارها الدولي الديني ببرامجه العلمية والفكرية تحت مظلة رابطة العالم الإسلامي، وإطارها الدولي السياسي تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي، وإطارها الدولي الاقتصادي تحت مظلة البنك الإسلامي للتنمية، وغيرها من المؤسسات الإسلامية الجامعة، وبخاصة التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي يضم الدول الإسلامية المتحالفة مع عدد من الدول الصديقة الداعمة، مع التأكيد كذلك على العِقْد الجامع للدول الإسلامية (في كياناتها الوطنية ذات السيادة المستقلة)، وهو قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم بمكة المكرمة في المملكة العربية السعودية التي تضطلع بخدمة الحرمين الشريفين ورعاية قاصديهما والسهر على راحتهم.


وثمن المشاركون، تواصل رابطة العالم الإسلامي من قدسية مقرها في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية ومن منطلق مهامها العلمية والفكرية والاجتماعية والحقوقية مع أتباع الأديان والثقافات لتعزيز القيم المشتركة وتفعيل دورها في سبيل تحقيق الوئام والسلام وبخاصة ترسيخ مفاهيم التعايش والاندماج الإيجابي في الدولة الوطنية الشاملة بطيفها الديني والعرقي.


وطالبوا رابطة العالم الإسلامي باستمرار رعاية ودعم الشعوب الإسلامية، مثمنين جهود الرابطة في استضافتهم لزيارة الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وإقامة المؤتمر السنوي في الحج والذي كان له أثر  روحي كبير في نفوس الشعوب المسلمة.


ودعا المؤتمرون رابطة العالم الإسلامي لإنشاء منتدى عالمي للوحدة الإسلامية .

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة