الكاتب الصحفي عمرو الخياط، رئيس تحرير أخبار اليوم
الكاتب الصحفي عمرو الخياط، رئيس تحرير أخبار اليوم


نقطة فوق حرف ساخن

عمرو الخياط يكتب: «متلازمة» العدالة الإعلامية

عمرو الخياط

السبت، 15 ديسمبر 2018 - 03:06 م

على شاشة القناة الوليدة التي أطلت علينا بألوانها البهية، وفِي صبيحة أحد الأيام زادت شاشة القناة بهاء علي بهائها عندما ظهرت عليها الجميلة رحمة خالد كأول مذيعة تمثل نموذجاً لمتلازمة التحدي والقدرة على العطاء.

لم تظهر رحمة هذه المرة ضيفة متميزة كعادتها بل مذيعة تنبض بالحيوية إلي جوار زميلها صاحب الخلق الرفيع رامي رضوان الذي بدت علي ملامح وجهه سعادة  غامرة محاطة بحالة من صدق المشاعر أضفت علي المشهد الإعلامي المتفرد حالة وجد إنساني بلا حدود.

علي شاشة القناة ظهرت الرحمة والعدالة نموذجاً مصرياً عملياً يضيف للإنسانية العالمية قيمة جديدة بخاتم التفرد المصري.

ظهور رحمة علي الشاشة ربما يكون أول خطوة حقيقية لتمكين عملي لذوي الاحتياجات الخاصة، لتثبت التجربة المصرية أن هذه الاحتياجات ليست إلا قدرات خاصة وأن تحويلها إلي مصادر للعطاء هي مسئولية المجتمع فإما أن يمتلك جرأة تحويل أصحابها إلي إضافة جوهرية لموارده البشرية أو أن يكون اختياره هو تحويل تلك النماذج الإنسانية لأعباء ينتهي بها الأمر إلي طَي التجاهل ثم النسيان أو التذكر الموسمي استدعاء لحالة من الشفقة المصطنعة التي سرعان تنتهي.

طول الوقت لا يكف البعض عن استخدام عنوان العدالة الاجتماعية وسحبه لمساحة سياسية تستخدم من أجل الضغط علي الدولة وكشف قصور في أدائها، وهو أداء يكشف عن قصور في فهم مدلولات هذا المصطلح المرتكز أساساً علي حالة عطاء مشتركة يساهم فيها الجميع لتكتمل هذه المنظومة وتحقق أهدافها من خلال منهج للرعاية المستدامة تشارك فيه الدولة ومنظمات المجتمع المدني والأفراد.

ما جدوي أن تقدم الدولة الرعاية الكاملة لذوي القدرات الخاصة بينما الشارع مازال عاجزاً عن تقديم مشاعر التقدير والاحترام لهم مكتفيا بمشاعر الشفقة المؤقتة كلما التقي أحدهم بالمصادفة، أو استخدمهم الإعلام كضيوف في فقرة للسبق الإعلامي أو من أجل إراحة مؤقتة للضمير الذي يصر علي تجاهلهم.

ظهور رحمة طرفا فاعلاً في المشهد الإعلامي المصري حدث لو تعلمون عظيم، وبرهان علي تحول حقيقي في الإدراك العام لحقوق الإنسان المصري دون تمييز بل إضافة لبند جديد في مواثيق حقوق الإنسان بعنوان تمكين ذوي القدرات الخاصة وليس الاكتفاء بالشفقة عليهم.

اطلالة رحمة علي الشاشة ليست من قبيل الاستعراض أو الاستعطاف، بل اطلالة مهنية لمذيعة تدرك رسالتها الإعلامية كما تدرك جمهورها المستهدف الذي وجد صوتا ليس ليعبر عنه فقط بل ليمنحه الأمل في أن الإصرار والقدرة علي التجاوز النفسي هي أمور ممكنة جدا، ولتفرض علي المجتمع حالة توقف واحترام بل وصدمة.

مجرد ظهور رحمة علي الشاشة وقبل أن تنطق بكلماتها يحقق رسائله المتدفقة التي ربما تقول:

- في مصر حالة إدراك جديدة للمسئولية تجاه شريحة مجتمعية تعرضت للتهميش غير المبرر علي مدار سنوات.

- هناك إرادة حقيقية لتمكين هذه الفئة وخلق جيل جديد منها قادر علي الاندماج مع مجتمعه.

- أصحاب القدرات الخاصة هم متفردون بها وقادرون علي تحقيق ذواتهم وفرض تميزهم في المشهد العام.

- المجتمع قادر علي إضافة موارد بشرية ناجحة لرصيده إذا امتلك جرأة إتاحة الفرصة العملية لهذه النماذج.

- أصحاب القدرات الخاصة هم إضافة لتنوع المجتمع وإثراء لحالة التخصص المهني.

في انتظار اطلالة رحمة يتجمع الآلاف من أقرانها ينتظرون المتحدثة الإنسانية بإسمهم، جمهورها العريض يعرفها كما تعرفهم يستمد من ظهورها أملا وكبرياء وبهجة، يتجاوز حالة التعاطف إلي واقع التعاطي العملي مع مجتمعه الذي أصبح قادرًا علي تحقيق منظومة عدل جديدة، جمهور رحمة من أصحاب القدرات الخاصة هم من أضافوا للدولة قدرات جديدة ربما لم تكتشفها الدولة من قبل أو لم تملك إرادة التنقيب عنها.

ظهور رحمة هو إضافة للقناة بعدما ستساهم في تنويع وزيادة حجمً جمهورها، وتعبير عن جرأة صاحب الفكرة الذي نظر لها بعين الاحترام وأصر علي الممارسة العملية للعدالة الاجتماعية، فإذا به يضيف إلي علوم الإعلام تخصصا جديدا تتحقق من خلاله عدالة المشهد الإعلامي القادر علي التواصل مع كل الشرائح وإتاحة الفرصة لها لتعبر عن ذاتها.

الشاشةالجديدة تقول ان دولة ٣٠ يونيو تجاوزت متلازمة الشفقة والتجاهل إلي متلازمة الاحترام والعطاء، إلي متلازمة العدل وتكافؤ الفرص.

الشاشة تقول إن رحمة وأقرانها استطاعوا تجاوز متلازمتهم القدرية إلي متلازمتهم الجديدة بإرادتهم الصلبة ، استطاعوا العبور إلي متلازمة التفرد والتحدي.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة