حكايات حرمان الآباء من رؤية أبنائهم.. وروشتة علاج نفسي للأطفال - صورة تعبيرية
حكايات حرمان الآباء من رؤية أبنائهم.. وروشتة علاج نفسي للأطفال - صورة تعبيرية


المحرومون من دفء الحياة.. حكايات آباء وأبناء طحنتهم صخرة «أبغض الحلال»

أسامة حمدي

الخميس، 20 ديسمبر 2018 - 04:16 م

 

 

- «معروف»: ذهبت لرؤية ابني وأهل طليقتي تعدوا عليّ بالضرب وحطموا سيارتي.. والأهالي أنقذوني

- «مختار»: 5 سنوات لم أرى «يوسف».. وطليقتي حررت محضر خطفي لي ولأبي في قسم الشرطة

- «رأفت»: الجلسات العرفية والمحاكم فشلت في تمكيني من رؤيتي لأولادي.. و«أنا نسيتي ملامحهم»

- «أبو شهبة»: الأطفال أكبر المتضررين من الطلاق ويصابون بأمراض نفسية.. والتربية الدينية الأهم  

 

عداد هدم الأسر في مصر لا يتوقف، عقاربه تنسف حكايات ابتدأت بالحب، ودفء عائلي تحطم على صخور أبغض الحلال، كل 4 دقائق تنضم حالة جديدة إلى صفوف المطلقات، ليبلغ عدد ضحاياه 4 ملايين مطلقة خلال النصف قرن الماضي، لم يحسم الفراق المأساة بل يزيد فوق آلامها آلاما أخرى ليُخلف أجيال حرمها القدر من من أبسط حقوق الإنسانية ليصل أعدادهم إلى 9 ملايين طفل، هنا تصدرت مصر المرتبة الأولى عالميا كأكثر بلدان العالم في الطلاق.

     

 وبعد حدوث الطلاق يصبح الطفل في حضانة أمه حتى سن 15 عاما، وتلجأ بعض الأمهات لحرمان الآباء من رؤية أبنائهم، وتستمر المعاناة مع عدم وجود إلزام في قانون الأحوال الشخصية الحالي للأم بتنفيذ حكم القضاء برؤية الأب لأبنائه.. «بوابة أخبار اليوم» تلقي الضوء على بعض حكايات الآباء الذين حرمتهم طليقاتهم من رؤية أبنائهم، وما مروا به عقبات قانونية وكواليس حزينة.


حكايات حرمان الآباء 


بكلمات تنضح بالحزن والأسى، يتحدث أحمد معروف، ابن محافظة سوهاج، صاحب الـ35 عاما، عن مأساته بعدما تزوج من فتاة من قرية مجاورة له تدعى «ناهد. ج» وعاشا سويا لمدة عامين ونصف لم تخلو من المشكلات والخلافات الأسرية حتى استحالت المعيشة بينهما، الأمر الذي تسبب في ترك الزوجة لبيت الزوجية، واصطحاب الطفل معها.

 

وبعد جلسات صلح كثيرة بين العائلتين، لم تسفر عن جديد، ولم تعيد للعلاقة الزوجية دفئها وسكينتها واستقرارها، رفعت الزوجة دعوى خلع عليه، وأصبحت مطلقة والطفل في حضانتها.

 

يستكمل «أحمد» حديثه بصوته الحزين، ويتذكر عندما ذهب بسيارته الخاصة لبيت طليقته لرؤية ابنه الذي لم يره منذ نحو عاما كاملا، تعدت عليه طليقته وأهلها بالسباب والضرب وقاموا بتكسير سيارته ومنعه من رؤية ابنه، ولولا تجمع أهالي القرية حوله وأنقذوه من بين براثنهم ولاذ بالفرار بسيارته.

 

لجأ «أحمد» للمحكمة ورفع دعوى رؤية على طليقته، وقضت له المحكمة بحقه في رؤيته، إلا أن طليقته تتعنت في تنفيذ الحكم، ولم يستطع حتى الآن رؤية ابنه الذي يكبر بعيدا عنه ولا يعرف حتى ملامح أبيه، رغم أنه يدفع له نفقته كاملة شاملة أجر المسكن والحضانة ومصروفات التعليم تصل لـ1500 جنيه شهريا.

 

حالة «أحمد»، ليست الوحيدة، بل مثلها كثير من الحالات ممن حرموا من أبنائهم بسبب عدم وجود عقوبة في مادة الرؤية تلزم الأم بتنفيذ حكم المحكمة وتمكن الأب من حق من رؤية ابنه.

 

ويروي لنا سعيد مختار، ابن محافظة القاهرة، صاحب الـ41 عاما، معاناته بكلمات تفوح منها مشاعر الحرمان والشوق لابنه «يوسف»، الذي طلق والدته منذ نحو 5 سنوات مضت، ومن بعدها لم يرى ابنه الذي بات في الصف الخامس الابتدائي، ولم يستطع رؤيته منذ الطلاق سوى مرة واحدة.

 

يقول «سعيد»، إنه طلق زوجته وكانت قد أنجبت منه «يوسف» الذي اصطحبته معها حيث بيت أبيها، وفي ذات مرة قابلهم في أحد المولات التجارية في منطقة حلوان وعندما اقترب منهم للسلام على ابنه والاطمئنان عليه نهرته زوجته وحماته وتعالت الصرخات منهم للاستغاثة بالناس واتهموه بمحاولة خطف الطفل بالقوة، وأمسك به الناس وأرادوا تسليمه للشرطة بتهمة خطف ابنه!.

 

ويستكمل حديثه قائلا، وفي مرة أخرى حاول أبي رؤية حفيده وذهب لمدرسته، وحضن الطفل واشترى له بعض المأكولات والمشروبات فرأته طليقتي فنهرته وأخذت الطفل منه، وقاموا بتحرير محضر لأبي بتهمة محاولة خطف الطفل، وبدوره أبلغ قسم الشرطة المدرسة بعدم تسليم الطفل من المدرسة سوى لأمه أو جدته لأمه فقط «مستحقي الحضانة».

 

ويضيف أنه قام برفع دعوى رؤية في المحكمة، ولم يرى ابنه حتى الآن، مطالبا بضرورة تغيير تلك المادة في القانون وإلزام الأم بتنفيذ حكم المحكمة برؤية الأب لأبنائه.

 

«نفسي أشوف كريم وحنين وآخدهم في حضني.. أمي بتصعب عليا لما تقولي ابنك وحشني وعاوز أشوفه».. بهذه الكلمات بدأ رأفت السيد، صاحب الـ32 عاما، ابن محافظة أسيوط، حديثه لـ«بوابة أخبار اليوم» وبكلمات تشكو الحزن والآسى يكمل قائلا: «ابني وبنتي من بعد الطلاق ولم أراهم.. وأعتقد أن كريم وصل للصف الرابع الابتدائي وحنين في الصف الثاني الابتدائي».

 

ويضيف قائلا: «لم أترك وسيلة لرؤية الأبناء ولم أفعلها من جلسات عرفية ثم اللجوء للمحكمة ثم محاولة خطف الأبناء.. وهم حاليا في حضانة الأم وبسبب الخلافات على قائمة المنقولات والنفقة عاقبتني طليقتي وأهلها بحرماني من رؤية أبنائي».

 

أمراض نفسية للأطفال

أما الدكتورة فادية أبو شهبة، أستاذة القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، فذكرت أن هناك مشكلات اجتماعية كثيرة تنشأ بسبب رؤية الأبناء فيكون الطفل في حضانة أمه ويطلب والده رؤيته وعندما تقوم أمه بالتنفيذ لا يلتزم والده بالموعد، وتتحمل الأم سفر أو مواصلات بعيدة، أو يحدث العكس أن لا تلتزم الأم بالتنفيذ وتحرم الأم من رؤية أبنائه.


وطالبت بوضع عقاب مُشدد للزوج أو الزوجة الحاضنة للطفل الذين لا يلتزمون بموعد الرؤية للطفل، مؤكدة أن الأطفال هم يدفعون ضريبة الطلاق، مما يجعلهم عرضة للانحراف، وضياع مستقبلهم، وحرمانهم من الاستقرار النفسي وإصابتهم بالإحباط والاكتئاب.

 

وشددت على أهمية اتخاذ إجراء لمنع الزوج من السفر إذا قام بخطف الطفل من أمه الحاضنة له، وجعل الأب رقم 3 في حضانة الطفل بعد الأم وأم الأم (الجدة) في حالة زواج الأم ووفاة الجدة، إذ أنه لابد أن تؤول حضانته لأبيه.


وأوضحت أن الأطفال وحدهم من يدفعون ضريبة الطلاق والانفصال بين الأبوين من أعمارهم الصغيرة، والأكثر من ذلك عندما يخطط الزوجان للانتقام من بعضهما البعض مستغلين أطفالهم، بمنع الزيارة، وإصابتهم باليأس بسبب التشتت بين الأب والأم والقلق والغضب الزائد والتبول اللاإرادى والانحراف وإرتكاب الجرائم.

 

وأشارت «أبو شهبة»، إلى أنه أحيانا تستخدم الزوجة بعض الحيل كنوع من أنواع الضغط على الطرف الآخر منها عدم وجود الطفل فى البيت أو ذهابه الى نادى رياضى أو جعل ميعاد الرؤية فى نهاية الأسبوع فيجد الزوج نفسه حائرًا؛ لان المحاكم ومكاتب المحضريين القضائيين مغلقة يوم الإجازة وما عليه إلا الانتظار لبداية الأسبوع, وأغلبية الزوجات يلجأن لمثل هذه الأفعال والحجج التى لامبرر لها إنتقاما من الطليق ليس أكثر من ذلك.


ولفت إلى أن المتأذى الأول والأخير هو الطفل الذين لايكترثون بمشاعره التى ستتحول حتما الى بغض وكراهية وحقد على أبيه وأمه.


وأوضحت أن الأطفال يفتقدون الشعور بالدفء والحنان والأمان الذى كان فى كنف الأسرة ويتولد بداخلهم شعور بالحقد على أسر الآخرين، وهذا ما يسبب المشاكل والشجار بين أبناء الطلاق وأصدقائهم ممن يتمتعون بحياة أسرية هادئة، الأمر الذى يدفعهم نحو سلوكيات غير مرغوبة.


وأشارت إلى أن حالات كثيرة من الأطفال يشعرون أنهم السبب الرئيسي للطلاق لذلك يرفضون العيش مع أحد الوالدين ويفضلون العيش مع الجد أو الجدة الأمر الذى يحدث مشاعر سلبية وخطيرة للغاية.


ونصحت «أبو شهبة»، بضرورة التربية على الوازع الدينى، واهتمام الآباء واحتوائهم لأبنائهم كحصن للتعرض للطلاق أو وقوع الانفصال، وأهم شيء إذا إستحالت الحياة الزوجية لابد أن يكون قرار الانفصال مدروسًا بين الطرفين حتى لا يقع الضرر الأكبر على الأطفال.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة