جلا جلا وموسم خلع الهدوم
جلا جلا وموسم خلع الهدوم


جلا جلا وموسم خلع "الهدوم"

منال بركات

الأحد، 23 ديسمبر 2018 - 06:20 م

 

عندما كتب الشاعر الراحل بيرم التونسي «1893 - 1961 » قائلاً :"يا أهل المغني دماغنا وجعنا دقيقه سكوت لله، داحنا شبعنا كلام ما له معنى يا ليل ويا عين ويا آه". من المؤكد أن إدراكه لم يتوصل أو يستشف ما بلغه أهل المغنى مع الألفية الجديدة من أفعال تثير الدهشة والحيرة.

ليس بوصف تلك الأفعال تأتي من براعة وإتقان "أهل المغنى فيما يقدموه من فنون،  إنما من الأساليب التي ابتكارها " أهل المغنى للاستمرار على الساحة الفنية. وهو استمرار زائف وخادع، لا يلجأ له إلا من كان أشبه "بالطبل" أجوف وصوته عال.

ويوم بعد يوم نشهد مفاجأة من العيار الثقيل يتلقفها المتابع مع كل حفل لبعض النجوم، ووسائل السوشيال ميديا التي أصبحت وسيلة للترويج للنجم وليس فنه.  فعوضا عن التنافس في الفن بالكلمة والمعنى، أصبحت المباراة في العري وخلع "الهدوم" للفت الانتباه وجذب المتابعين، وكلما انكمش حجم الملابس زاد عدد المتابعين،  صحيح أن انتقاء الثياب حرية شخصية، ولكن متى أصبح المرء شخصية عامة ولها محبين ومتابعين لزم عليه أن يحترم مشاعر الآخرين، وقبلها احترام فنه. 

فيما مضى كانت الكلمة والجملة الموسيقية وتأثيرهما على المستمع هي المعيار الثابت في بقاء الفنان على الساحة ونجاحه، وكان التنافس بين المطرب وآخر يتبلور في البحث عن المعاني والأفكار الجديدة التي يقدمها لجمهوره، و"التيمات" التي ألفناها ونحيا عليها للآن ، فتارة عن الهجر وآخرى عن اللقاء وثالثة عن الموعد ورابعة عن الوصل وخامسة عن السهد وسادسة عن العزول  وسابعة عن الشك إلى آخر المعاني الإنسانية. 
وقوة المطرب وأعنى هنا «المُطْرِبُ  المغنِّي الحسن الصَّوْت والأَداء» كما جاء في المعاجم اللغوية، تأتي من إلمامه باللغة التي يشدو بها، ومعاني الكلمات التي يرددها ويشعر بطراوة مفرداتها العميقة، وليس بوصفه "ببغاء" يقول ما لا يعي أو يفهم،أو طبلا أجوف يحدث جلبه تنتهي بزواله،  فها هي كوكب الشرق أم كلثوم (1898: 1975) التي رحلت قبل أكثر من أربعين عاما مازالت الأكثر استماعا والأكثر مبياعا لأعمالها دون أن تسخر جيشا من مروجي مواقع التواصل الاجتماعي لفنها، الذي يدافع عن بقائها بين الناس. أو تكشف عن جسدها للقاصي والداني، وقيثارة لبنان فيروز لم تخرج على معجبيها إلا في أبهى صورها من الرقي والجمال، والجميلة ماجدة الرومي لم تشذ أيضا عن المألوف أو تجرح عيون متابعيها بما يسوءهم، والأمثلة كثيرة. 

وما يحدث علي ساحة "أهل المغنى" يؤكد على أن فعلا دمغنا وجعنا، وعليهم أن يلجأوا إلى الوسيلة الوحيدة للاستمرار وهى التجويد في المعنى والبحث عن اللحن الجميل، ولن يبقى إلا الأصيل، أما الزَّبَدَ وهو مَا لاَ خَيْرَ فِيهِ وَلاَ فَائِدَةَ منه إلى فناء.

أم كلثوم

 

 

 

 

 

 

 

فيروز

ماجدة الرومي

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة