الكاتب الصحفي محمد البهنساوي - رئيس تحرير بوابة أخبار اليوم
الكاتب الصحفي محمد البهنساوي - رئيس تحرير بوابة أخبار اليوم


محمد البهنساوي يكتب من فيينا: النمسا.. ورحلة متعددة المهام

محمد البهنساوي

الأحد، 23 ديسمبر 2018 - 10:23 م

 

السيسى يطلق من فيينا ابتسامة وثقة مصر الجديدة الى أوروبا والعالم


الإرهاب.. الهجرة.. اللاجئون ملفات بطولية لمصر رغم أنف المتربصين


الرئيس مهد الطريق الأفريقى.. والكرة فى ملاعب الحكومة والمستثمرين والإعلام

 

 

«رحلة المحاور المتعددة والأهداف المتوازية والمتلاقية أيضا».. هكذا يمكننا أن نصف الغالبية العظمى من زيارات الرئيس عبدالفتاح السيسى الخارجية.. فلا يكتفى الرئيس بهدف واحد أو حدث أو مناسبة وحيدة يشملها برنامج الزيارة.. إنما يحاول استغلال كل دقيقة وكل فرصة ممكنة على هامش زياراته ليخلق لها زخما إضافيا وجهدا يثمر فى كل إتجاه متاح.

 

وزيارة الرئيس السيسى الأخيرة للنمسا من تلك النوعية من الزيارات التى يمكن أن نطلق عليها مصطلح «متعددة المهام».. فرغم أن الحدث الرئيسى للزيارة هو إقامة منتدى افريقيا أوروبا.

 

لكن الرئيس لم يترك تلك الفرصة تقتصر على المنتدى فقط.. انما حولها لفرص ذهبية ترسخ اقدام مصر الجديدة وتطلقها شرقا وغربا.. تعمق شراكتها وقوتها شمالا فى اتجاه أوروبا.. وتعزز قيادتها وريادتها للأشقاء الافارقة جنوبا.. لتتحول من مجرد مشاركة فى حدث مهم الى تحرك مكثف متعدد الأفرع يثمر ثمرا طيبا يانعا بأشكال ومذاقات مختلفة.. لكنها جميعا تصب عافية فى وطننا الناهض والساعى لاستعادة شبابه ورونقه.

 

وحتى لا نكون كمن يقر واقعا على طريقة وصف الماء بالماء.. نتناول بشرح مختصر ومبسط.. أسباب ما قلناه ونعرض بحيادية أبعاد كل اتجاه حققت فيه الزيارة ومن وجهة نظرى المتواضعة تقدما مهما وخطوة على الطريق الصحيح.

 

 

وإذا بدأنا بالاتجاه الدولى.. نجد انه لم تكن النمسا فقط هدف الزيارة.. لكن كان حسن استغلال النمسا انطلاقا من رئاستها الحالية للاتحاد الاوروبى لتخاطب أوروبا كلها بل والعالم بأثره.. خطابا قد يبدو مكررا احيانا لكننا نحتاج وبشدة لهذا التكرار بل ومضاعفته لترسيخ الصورة الحقيقة للنهضة التى تتم حاليا على أرض مصر.

 

فالحملة التى استهدفت مصر بعد ثورة ٣٠ يونيو لإسقاطها لم تتوقف حتى ولو بدت متباطئة.. ولم تخمد نيرانها حتى وان شعر البعض انها تخبو.. فالمتربصون بوطننا يستغلون كل حدث ومناسبة ليزيدوا جذوة حربهم على مصر.. بجانب تشويه كل جديد وجميل يتم على أرض الكنانة.. وهذا كما قلت يتطلب استمرار المواجهة المباشرة لتلك الحرب حتى لاتبارح مكانها ومستنقعها.. هذا جانب مهم لزيارة الرئيس لتصل ابتسامته ونظرة ثقته فى نفسه وبلده بقوة من فيينا لجميع العواصم الأوروبية تدحض معها كل بهتان وزور يقال عن مصر.


نأتى أيضا الى عدة نقاط وادوار بطولية تقوم بها مصر وتحتاج أيضا للمزيد والمزيد من التأكيد عليها حتى ولو كره الناعقون وأصوات البوم والكلاب التى لم ولن تكف عن النباح فى وجه مصر.. هذه الأدوار التى تلعبها مصر لم تحم أوروبا وحدها انما العالم كله من شرور لا قبل للكثير من الدول بها.. فى مقدمتها الحرب الضروس التى يخوضها ابناء مصر البواسل نيابة عن العالم ضد الإرهاب الأسود.. فماذا لو فشلت مصر لاقدر الله فى تلك الحرب.. أوروبا أول من سيكتوى بنار الإرهاب.. ثم العالم كله.


وهناك الجهود المصرية الكبيرة فى وقف الهجرة غير الشرعية الى أوروبا حماية لأرواح المهاجرين من مصير مجهول.. لكنها تصب أيضا فى مصلحة أوروبا والعالم.. يليها ما تقدمه مصر لأكثر من ٥ ملايين لاجىء على أراضيها تحتضنهم بشرف دون أن تتاجر بقضيتهم سعيا لتحقيق مصالح.. وكان لزاما أن تسمع أوروبا والعالم من جديد ما تقوم به مصر فى تلك الملفات المصيرية.

 


افريقيا والقيادة العائدة


نصل الى الساحة الإقليمية وتحديدا أفريقيا.. فهى أيضا كانت الهدف الرئيسى للزيارة ليس فقط من اجل المشاركة فى منتدى أوروبا افريقيا.. لكن أبعد من ذلك.. فالمتابع لزيارات الرئيس السيسى يجد انه يحرص على الحضور فى كل حدث يتعلق بأفريقيا.. وهذا المنتدى كان حضوره لزاما لعدة أسباب أهمها استلام مصر بعد أسابيع رئاسة الاتحادالافريقى.. ناهيك عن السبب المحورى وهو إيمان الرئيس بأن أفريقيا العمق الاستراتيجى الأهم لمصر.. والذى أهملناه لسنوات وبدأنا نجنى الحصاد المر لهذا البعد الغريب عن السياسة المصرية طوال تاريخها.


وكان حديث الرئيس واضحا فى سياسة مصر الفترة المقبلة تجاه افريقيا.. فقد رسم خريطة لآلام القارة وايضا أمالها.. واستعرض فى ثقة إمكانياتها التى تجعلها أرض المستقبل.. وكيف تخطط مصر لتدريب الأفارقة وتأهيلهم للمستقبل الذى تستحقه قارتهم.. كل هذا الكلام مربوط بالجارة الأهم والأقرب لأفريقيا وهى أوروبا.. التى تستحوذ على ٤٠٪ من حجم الاستثمارات المباشرة لأفريقيا.. وحجم تبادل تجارى يتجاوز ٢٣٠ مليار يورو.. فكان حديثه موجها للقارتين معا إيذانا ببدء مرحلة وعصر مصر للقارة السمراء.


بالطبع تنتظر افريقيا من مصر الكثير خلال رئاستها الاتحاد الأفريقى سواء لنقل التجربة والعزيمة المصرية فى إطلاق حلم التنمية أو وضع اقدام القارة على الطريق الصحيح للمستقبل.. وتجلى هذا الأمل فى إقبال القادة الأفارقة على الترحيب بالرئيس بقاعة المنتدى.

 


المصب النهائي


نصل الى أهم ما فى الموضوع ومحور كل هذا والمصب الذى تتجمع فيه كل الخيوط.. وهى الشأن الداخلى.. فمصر هى دائما المستهدف والمبتغى.. وكل ما ذكرناه عن ايجابيات تلك الزيارة يصب حتما وضروريا فى صالح مصر وشعبها.. فبجانب ماذكرناه من جهود تحسين الصورة وترسيخ الواقع الجميل بمصر.. وهو ما يفيدنا بالطبع على كافة المستويات.. هناك اتفاقيات ثنائية تم توقيعها خلال الزيارة مع الجانب النمساوى فى الاستثمار والتعليم  العالى والاتصالات والجامعات وغيرها.


ثم اذا كنا نتحدث عن بدء عصر جديد للعلاقات الأوروبية الافريقية المشتركة.. فلابد لنا أن نتنبه ونتيقظ لنقطة غايةفى الأهمية.. فإذا كانت أوروبا تنظر بنظرة مختلفة لأفريقيا.. نظرة شراكة لاتبعية خاصة فى الاقتصاد والتجارة المتبادلة.. فإن امام مصر فرصة ذهبية لاستغلال هذه العلاقات التجارية المشتركة وان تتحول موانئها الى بوابات عبور البضائع الأوروبية الى افريقيا والعكس صحيح بأن تصبح معبر المنتجات والمواد الخام الأفريقية الى أوروبا.

 


الكرة بملعب من؟


الان الرئيس وضع الاساس فى كل الاتجاهات.. ولابد أن يبنى الجميع على هذه الاساسات القوية.. الكرة الآن فى عدة ملاعب.. أولها وأهمها ملعب الحكومة.


لابد من تحرك لوزارة الخارجية والهيئة العامة للاستعلامات وكافة سفاراتنا بالخارج لاستغلال زيارة الرئيس للنمسا بل وما سبقها من زيارات لنواصل توضيح حقيقة ما يحدث بمصر.. ومد جذور التعاون البناء المثمر مع تلك الدول.. والسعى فى اتجاه النمسا التى  تبدى حرصا كبيرا مثل كثير من الدول على التعاون مع مصر.. ونحول هذه الرغبة لتعاون حقيقى فى عدة مجالات.


الحكومة مطالبة وعلى وجه السرعة ان لم تكن قد بدأت بعد بإعداد أجندة مصرية متكاملة وتصور شامل لرئاسة مصر للاتحاد الأفريقى.. يحقق أولا مصالح قارتنا السمراء ويرسخ القيادة المصرية التاريخية للقارة..  وارساء مبدأ الاستفادة المشتركة.. وثانيا يستغل هذا التصور الفرصة الذهبية الكبرى امام مصر لتكون بوابة افريقيا الاقتصادية.


والملعب الثانى خاص برجال الاعمال والمستثمرين والمطالبين بالا ينظروا تحت أقدامهم بحثا عن مكاسب سريعة برؤية ضيقة.. لكن بنظرة أشمل وأعم.. نظرة الى المستقبل.. مستقبلهم بالتأكيد ومعه مستقبل بلدهم وأن يوجهوا إهتماماتهم للقارة السمراء مستغلين عدة نقاط إيجابية بعضها تأكد بمنتدى فيينا.. منها أهتمام أوروبا بأفريقيا.. والتوجهات الاقتصادية لقارتنا التى كشفها قادة أوربا خلال فعاليات وجلسات المنتدى.. ثم رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى..


وأخيرا فإن ملعب الاعلام ليس ببعيد.. الهيئات الإعلامية مطالبة بخطة مشتركة بينهم ترسخ علاقتنا الإعلامية مع دولة تسعى لمصر وتهتم بها مثل النمسا وهو ما لمسناه جميعا خلال الزيارة.. وثانيا أن تكون افريقيا هدفا استراتيجيا لتوثيق العلاقات الإعلامية معها مساندة من الاعلام لتوجه الدولة وسياستها الجديدة مع افريقيا.


وهكذا نرى فى هذا العرض المختصر أن الزيارة متعددة المهام.. أصاب فيها الرئيس أهدافا عدة..بقى أن نسارع بالتحرك لنجنى الثمار خاصة السياسية والإقتصادية.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة