السادات وبيجين خلال توقيع اتفاق السلام بحضور الرئيس الأمريكى كارتر
السادات وبيجين خلال توقيع اتفاق السلام بحضور الرئيس الأمريكى كارتر


«السادات».. زعيم سبق عصره ومبادرة السلام فاجأت الجميع

عبد الجليل محمد- لمياء متولي

الثلاثاء، 25 ديسمبر 2018 - 10:09 ص

مبادرة السلام فاجأت الجميع.. وسار العرب على دربه بعد سنوات من الهجوم


انفتاح الاقتصاد وترشيد الدعم دواء مر بدأ فى عهده وتأخر لسنوات

 

كثيرا ما يوصف الرئيس الراحل أنور السادات بأنه كان سابقا لعصره، فأفكاره التى كانت محل هجوم فى وقتها، تحولت إلى منهج وطريق سار عليه الآخرون بعد سنوات.

 

ولم تكن مبادرة السلام وحدها هى القرار المثير للجدل، والذى تسبب فى حملات الهجوم عليه، ليكتشف الجميع بعد سنوات ان ذلك الطريق كان الأنسب لإنهاء الصراع فى المنطقة، ولكن أيضا كانت العديد من القرارات الاقتصادية الصعبة والانفتاح محل جدل فى سنوات حكم السادات، لكن اتضح لاحقا أنها كانت الدواء المر المطلوب لعلاج اوجاع الاقتصاد المصري.


يقول اللواء محمد على بلال، أحد أبطال حرب أكتوبر، إن التاريخ يثبت بُعد نظر الرئيس محمد أنور السادات وفطنته عقب هزيمة 67 أن الولايات المتحدة الأمريكية هى العامل الرئيسى فى العالم والمتحكم الفعلى فى مجريات الأمور، وأنها تلاعبت بالكثير للإيقاع بمصر فى حرب 67، رغم التفاف العديد من دول الإتحاد السوفييتي.

 

مشيرًا إلى أن الرئيس الراحل واجه تحديا صعبا وهو بناء القوات المسلحة من جديد. ويوضح أن دهاء عقلية السادات يكمن فى إعادة بناء الجيش والتخطيط بهدوء للمراحل القادمة، وإبعاده للمؤيدين للاتحاد السوفييتى فيما عرف بثورة التصحيح ليبدأ مرحلة الخداع الإستراتيجى لكل المحيطين والمغرضين.

 

مضيفًا أن إدراك الرئيس السادات لحجم العراقيل ومدى قدرة الجيش على خوض الحرب هو دليل قاطع على فطنته الشديدة فى إدارة المواقف الصعبة، وأن ما أدركه السادات عام 1972 بأن أمريكا المحرك للعمليات على الأرض يعيشه العالم 2018 ما يؤكد سبقه لعصره.

 

ويتابع بطل حرب أكتوبر، أن الزعيم الراحل أدرك أن إتمام السلام فى المنطقة لن يتم إلا من موقع قوة وبالتالى يكون على مرحلتين الحرب ثم السياسة، وأنه نقل الدولة فى المجالين من إطار الجسد الهامد للقوة ذات السيطرة على مجريات الأمور، ليخوض المفاوضات بذكاء وثبات قوي، إذ إنه واجه انتقادات وحربا شرسة من قادة الدول العربية الذين لم يفطنوا إلى ما وراء المفاوضات.

 

ووصل الأمر إلى تجميد عضوية مصر من الجامعة العربية ونقل مقرها لتونس اعتراضا على سياسته وعلى مبدأ السلام الذى عاش من أجله، مختتمًا أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات كان رجل دولة من الطراز الأول واستطاع أن يخرج مصر من نفق مظلم إثر حرب 67.


«الحرب الباردة»


وتؤكد الدكتورة نهى بكر استاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية، ان الرئيس السابق انور السادات جاء فى مرحلة صعبة على مصر وعلى الشرق الاوسط من حيث الوضع الاقتصادى السيئ الذى كانت تمر به مصر عقب حرب 67 بالاضافة إلى حتمية اعادة هيكلة الجيش الذى فقد الكثير من قدرته آنذاك.

 

وتشير إلى ان السادات كان حكيما فى اتخاذ القرارات وصبورا، فالحقبة التى تولى فيها الرئاسة كانت تسمى بحقبة الحرب الباردة حيث ان هذه الفترة لم تؤثر على وضع مصر اقليميا ودوليا فقط بل كان لها تأثير على الشعب المصرى واحساسه بقدراته وتطلعه لوضع افضل، خاصة أنه بدأ فترة رئاسته بالعمل على اصلاح عدة محاور مثل المحور الاقتصادي، السياسى والأمني، وتعامل مع التحديات الأمنية بحكمة شديدة جدًا، وخاصة التحدى الرئيسى وهو استعاده سيناء كاملة من اسرائيل وهو ما تحقق بالفعل فى انتصار اكتوبر 73 .

 

وتتابع قائلة: بعد استعادة اجزاء كبيرة من سيناء فى هذه الحرب كان الشغل الشاغل للسادات هو كيفية استعادة سيناء كاملة ورغم ان الدول العربية جمعيها كانت تسعى لاستمرار مقولة ما أخذ بالحرب لا يسترد الا بالحرب ورفضت فكرة السلام الا ان حكمة السادات جعلته يتجه للجانب السلمى وهو ما حدث بالفعل رغم مقاطعة الدول العربية وعدم مساعدة مصر اقتصاديا بسبب قرار السلام.

 

وتضيف نهى بكر ان السادات ترك معسكر السوفييت واتجه للجانب الامريكى مع الحفاظ على استقلالية مصر من اجل السلام ولم ينس طيلة تواجده على طاولة المفاوضات الجانب الفلسطينى على المستوى الاقليمى والدولى وكيفية اعادة حقوق الشعب الفلسطينى الشقيق بجانب مفاوضات استعادة سيناء التى اكتمل رجوعها فى عهد مبارك .

 

وتضيف: استطاع عقب معاهدة كامب ديفيد إلى النظر إلى الوضع الاقتصادى للدولة على الرغم من أنه يأخذ ذلك الانفتاح المسار السليم وأن يأتى بنهضة قوية لمصر كما كان متوقعا، ولكن علينا أن ندرك أنه حاول بشتى الطرق أن يصل لتلك المرحلة من الانفتاح الاقتصادي.


«دهاء السادات»


يقول اللواء محمد مختار قنديل رئيس جهاز تعمير سيناء الاسبق والخبير الاستراتيجى إن الرئيس الراحل محمد أنور السادات كان «راجل معلم» سابق عصره بعشرات السنوات فكان يجلس فى قريته على المصطبة مع الفلاحين ليتعرف بنفسه على آرائهم ووجد بعد تفكير عميق أنه ليس من الذكاء عدم الاعتراف باسرائيل فى الوقت الذى تقف بجانبها دول عظمى كأمريكا وفرنسا وانجلترا وتدعمها بشدة فكان لابد من اعتراف العرب بها.

 

وأضاف قنديل ان السادات فى ذلك الوقت لم يهمه سوى اعادة بناء مصر فى كافة المجالات بعد الخروج من حربين متتاليتين هما نكسة 67 التى هزمنا فيها ولحق بجيشنا خسائر فادحة وظهر دهاء السادات الشديد فى مجال الاقتصاد والقرار الثانى عندما أقر ما يسمى بالانفتاح الاقتصادى رافعا شعار «صنع وصدر واستورد» وليبدأ الاقتصاد يتعافى.

 

ويؤكد اللواء قنديل أن أكبر دليل على ان الرئيس الراحل انور السادات كان سابقا عصره فى التفكير عن كافة الملوك والرؤساء العرب هى معاهدة السلام التى مكنتنا من اعادة تعمير مصر بعيدا عن الحروب والصراعات.

 

أما بالنسبة لقرار السلام وصعوبة اتخاذ قراره قال اللواء محمد مختار قنديل ان ذلك بسبب الشعارات الزائفة التى تشبع بها الشعب المصرى فى فترة حكم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كفكرة القومية العربية التى شغلتنا تماما عن تجهيز الجيش واعداد القوة اللازمة لمواجهة اسرائيل وفوجئنا بنكسة 5 يونيو 1967 التى رفض فيها الشعب المصرى بفكرة الهزيمة الساحقة.


«البحث عن الذات»


ويشير الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إلى أن الرئيس السادات اتخذ العديد من القرارات التكتيكية والإستراتيجية التى تخص مصر والمنطقة العربية والتى إن كانت مثار جدلا فى ذلك الوقت ولكن عرفنا مدى براعته وذكائه وهناك أمور نجنى ثمارها حاليا، فهو اهم زعيم ورئيس عربى على مستوى العالم واول من حفظ للفلسطينيين حقوقهم من خلال معاهدة كامب ديفيد العربية وليس المصرية.

 

كما انه عندما اتخذ قراره بالذهاب إلى اسرائيل كان يعى ما قاله حرفيا فهو رجل يعرف قيمة كل كلمة ينطق بها وهذا ما جعل حتى الاسرائيليين يقدرونه فهناك اكثر من 200 كتاب فى اسرائيل فقط صدرت عنه، وحتى كتابه «البحث عن الذات» تم ترجمته فى أمريكا تقديرا لهذا الرئيس ولمجهوداته.


ويضيف ان تكريم الرئيس السادات هو بمثابة تكريم للزعماء الذين يمثلون اهمية لامريكا كما انه فى الوقت نفسه رسالة لقادة المنطقة بالسير على خطاه.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة