الكاتب الصحفي عمرو الخياط
الكاتب الصحفي عمرو الخياط


عمرو الخياط يكتب| دولــة مصــــر القـــويــــة

عمرو الخياط

الجمعة، 28 ديسمبر 2018 - 10:19 م

أربعون عاماً إلا قليلا مضت علي اغتيال الرئيس أنور السادات، الجثمان رحل إلي بارئه لكن أفكار الرجل لم ترحل، الرئيس الذي طالته أيادي الغدر كان قد حقن الدماء واستعاد الأرض ووقع اتفاقيات ملزمة بضمانات دولية، ووضع قواعد ثابتة لمستقبل السلام المستدام.

السادات فتح بابا للسلام وللنضال القانوني من أجل الحصول علي الحقوق المغتصبة، لكن وكلاء النضال أغلقوا بابه ليفتحوا أبوابا للتخوين والطعن والاتهام، ومازالوا يمارسون هواية الركض السياسي في المكان دون أن يحققوا قيد أنملة مما كان السادات قد فتح طريقا له، ثم ما لبثوا أن أدركوا أن الرجل كان بطلا للحرب والسلام.

ما أشبه الليلة بالبارحة، نفس الجموع خرجت أوائل عام ٢٠١١ تطالب بإسقاط مبارك الذي أفسد الحياة السياسية والاقتصادية، واستمروا في حالتهم الثورية وصولا إلي حد إسقاط الدولة، والآن تجد حالة من الإشفاق علي الرجل ليس لها مبرر منطقي ظاهر سوي أن عملية الخروج عليه كانت عشوائية وبلا عقل.

الآن ومع كل إطلالة للرئيس السيسي خلال افتتاح أحد المشاريع التنموية تجد البعض يفسر وضوحه وصراحته وصرامته باعتبارها نوعا من القسوة، ليتحول هذا التفسير إلي حالة من الحركة الالكترونية الكثيفة علي شبكات التواصل الاجتماعي لا تخلو من التحليل والتعقيب والانتقاد والتنظير، فضلا عن مشاركات الإشادة أو التأييد أو حتى النقد العلمي.

في أكثر من موضع تبين أن الرجل مراقب عن كثب لتلك الحركة الالكترونية ما يعني أنه متفاعل مع محيطه، لكن هذا التفاعل لا يدفعه أبدا إلي أن يستدرج لمساحات عاطفية وجماهيرية فيستجيب لمطالبات مباشرة أو غير مباشرة لضرورة بناء الشعبية الرئاسية من خلال خطاب جماهيري قد يوصف أحيانا أنه مريح للجماهير أو جاذب له، الرجل منذ اللحظة الأولي يلتزم نهجا ثابتا لبناء الدولة وليس لبناء الشعبية، السيسي لا يقدم فقرات رئاسية منفصلة السياق بل يلتزم أداءً ممنهجا نحو الإنجاز ونحو عودة الدولة، وهو في هذا السبيل يدرك تماما حالة الضغوط التي يعانيها المواطن لكن ضميره الوطني لا يسمح له بالعودة إلي مساحات من الخداع وهو يعلم بذلك، الضمير الوطني هنا يحدد حركته التي ترتكز أساسا علي نضج الضمير والوعي العام أو حتي عملية الإنضاج التي يجب أن تتم.

بمفهوم وقيمة عودة واستعادة الدولة تتم الحركة الرئاسية، وفي هذا السبيل يتحمل السيسي قدرا ليس باليسير من التجريح في الشعبية وهو مدرك لذلك إدراكا مسئولا، لكن قيمة بناء الدولة تعلو في وعيه وضميره علي قيمة بناء الشعبية، الرجل يدرك تماما أن الانزلاق السياسي نحو الانشغال بالشعبية له رونق وشهوة سياسية طاغية لا يمكن التخلص منها إذا ما تم التورط فيها.

السيسي لديه منهج واضح لعودة الدولة وإعادة مفهومها بذهن المواطن وداخل المؤسسات وفِي الطريق العام.. الرجل لا يحيد عن خطوات الاستعادة للدولة من خلال مساراتها التالية:
- محاربة الإرهاب بالقوة الغاشمة.
- مكافحة الفساد بقسوة.
- تطبيق القانون بصرامة.
- صيانة المال العام بحسم.
- الإنجاز المكثف والدعوة المستمرة للعمل.
- الإصلاح الاقتصادي حتى منتهاه.
- التواصل الخارجي المتوازن.
- محاسبة المسئولين.
- وصول رعاية ودعم الدولة لمستحقيها.
- عدم الاستجابة لمحاولات الابتزاز داخليا أو خارجيا.

في طريق عودة الدولة المصرية القوية التي تعرضت لتجريح وتجريف ممنهج منذ عام ٢٠١١ نال من المؤسسات والأشخاص والقيم والقامات، ليس هناك وسيلة يستخدمها السيسي غير التطبيق المعلن للقانون، الثغرات هنا ستؤدي إلي مزيد من التجريحات، وبالتوازي مع تطبيق القانون يلتزم الرجل بسلوك رئاسي منضبط شكلا وموضوعًا ينسحب علي المحيطين به وعلي أسرته.

وفِي خطواته نحو عودة الدولة يلتزم الرئيس ثباتا انفعاليا مؤسسيا فلا تجده أبدا يستدرج إلي مساحات الانفعال أو ردود الأفعال غير المحسوبة.

التزام السيسي بعودة الدولة كهدف استراتيجي لا يمكن أن يكون محاطا بأي أهواء أو استجابات شخصية وإلا كان الرجل قد انشغل ببناء الشعبية أو تورط في سجال مع بعض الحالات التي تنال من شخصه.

السيسي يتصرف من منطلق إدراكه للقيمة الحقيقية لهذه الدولة التي يجب أن تكون واقعا علي الأرض.

السيسي مُصِرّ علي أن تكون فترة حكمه جزءا شريفا من تاريخ مصر، لا أن تكون مصر جزءا من سيرته الذاتية.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة