صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


طلاق تأخر ربع قرن!

محمد عبدالوهاب

السبت، 29 ديسمبر 2018 - 06:49 ص

المرأة تكره زوجها مع أول إهانة وجرح يسببه لها فهي لا تنسى أبداً ما لحق بها من ضرر مهما كانت محبتها لشريك حياتها لان هناك لدى الكثير من النساء شيئا يلازم الحب وهو الكرامة وعلى الرجل إذا أراد أن يحتفظ بحب زوجته أن يفكر آلاف المرات قبل جرح كرامتها وقتل كبريائها وكره الزوجة يزداد شيئا فشيئا مع إهمال مشاعرها فالرجل هو مرآة زوجته للناس تنعكس فيها حياتها معه سعادتها أو شقاؤها، ومعاملته الطيبة تزيدها جمالا وأنوثة، وإهمالها يفقدها إطلالتها ورونقها، وإذا أحبت المرأة أعطت زوجها الدنيا وإذا كرهته أحرقت به الدنيا وتتحول من حديقة غناء إلى صحراء مليئة بالأشواك.

منال امرأة كرهت زوجها وتمنت الموت كخيار متقدم حتى على رؤيته.. مات قلبها وهى مازالت حية بسبب إهداره لكرامتها وأنوثتها.. طلبت الحياة بعد موت ابنها الوحيد، وكانت الحياة بالنسبة لها هي طلب الخلع بعد زواج امتد ربع قرن وبلا تردد ذهبت للقضاء تطلب الحياة.

في أحد أركان محكمة شمال القاهرة للأحوال الشخصية اخفت عينيها وراء نظارة سوداء كأنها تهرب من الناس حضرت مبكرا رغم أن قرارها بالانفصال عن خالد تأخر ربع قرن من الزمان، حديث هامس أدارته مع نفسها وكانت المتحدث والمستمع المؤيد والمعارض في نفس الوقت، حدثت نفسها قائلة نعم أنا فاشلة عشت 25سنة من الفشل وهذه هي النتيجة فشلت في أن أحب زوجي ولو ليوم واحد لم أخنه نعم، كنت زوجة وفية، لكنى أبدا لست زوجة محبة وعاشقة، اخترته بعقلي دون قلبي فكانت النتيجة هي الفشل، نعم أنا فاشلة ولا أستحق هذا الزوج السيئ أيضا، كان كل تفكيري أتجوز وخلاص وألبس الفستان الأبيض.

التفتت حولها فوجدت نفسها مازالت وحيدة فعادت إلى اعترافاتها رأيت كل أقاربي أصغر منى يتزوجن وكان حلمي أن أتزوج من سائق تاكسي أحببته لكنه لم يكن يمتلك شقة ولم يحدثني يوما عن بيت الزوجية لكنه كان شديد العطف على، لكنى رأيت أن الحب وحده لا يكفى.

قالت لنفسها تزوجت يامنال اشربي تزوجت وفوجئت بأنني صرت خادمة إضافة إلى أهل زوجي الذين يكرهونني دون سبب إلا أنني من بيئة مختلفة مثل أفلام شادية وفاتن حمامة الحزينة  قاموا بخلق أشياء ليتشاجر معي زوجي وهو لم يكن يصدقهم وكان يطالبني بالصبر لكنه سرعان ما رضخ لهم  وكان يقوم بسبي وكثيرا ما ضربني أمامهم وعندما أشكو لأهلي يطالبونني بالصبر ويتهمونني بالتمرد.

تحملت كثيرا يا منال، قالتها لنفسها بمرارة، تساقطت معها دموعها تحملت أكثر عندما علمت أنى حامل من اجل طفلي المنتظر ربما يغير حال زوجي لكنه نعم تغير كثيراً لكن للأسوأ بعد ٦ أشهر فقط من الزواج أصبح شخصا مثيرا للاشمئزاز وقالها لي أنت خدامة لكنى دكتور وأنا كنت مجنون أنى تزوجت مثلك، وبدأ ضربه لي يتزايد ابتسمت ابتسامة حزينة وهى تستعيد شريط ذكرياتها مع زوجها طوال 25سنة وقبل أن تكمل اعترافاتها لنفسها توقف شريط الذكريات مع صوت حاجب المحكمة وهو ينادى على قضيتها، نظرات حائرة حزينة حولها وجدت القضاة أعلى منصة المحكمة وهى في حيرة كيف ومتى دخلوا جميعا وهى لا تشعر بهم.

بخطوات متثاقلة ونظرات حائرة تقدمت لتروى مأساتها أمام المحكمة، وتكمل ذكرياتها الحزينة أمام هيئة المحكمة وقالت سيدي القاضي: نعم زوجي رجل محترم وأنا امرأة فاشلة لا أستحق ولا أريد الحياة معه هو طبيب وأنا كنت ممرضة تزوجني وأنا في حالة ذهول من طلبه لي، لكنى أدركت في البداية أنى مجرد نزوة وتحققت كنت خادمة لا أكثر وعندما سافرت معه لإحدى الدول العربية ازدادت معاملته لي بقسوة، نعم هو لم يخنى وأنا لم أخنه لكنه أهدر كرامتي ضرباً وإهانة وحرماناً حتى ابننا الوحيد الذي تحملت من اجله كان يقول له في حضوري كنت أتمنى لك أماً غيرها أما طبيبة أو مهندسة، لا ترتكب جريمتي يا ابني، تزوج من امرأة تستحقك كانت كلمته تحرقني أكثر من حتى خيانته لي.

سيدي القاضي مات ابني في حادث وأصبحت حياتي لا قيمة لها وزوجي لا رابط بيننا إلا قسيمة زواج ورقة، أريد أن تفكونى منها أرجوكم أريد الخلع وهو قراري.

ورفضت منال ما عرضته لجنة التسويات ولم يحضر الزوج جلسات المحكمة فقضت محكمة شمال القاهرة للأحوال الشخصية بتطليق منال خلعا، صدر الحكم برئاسة المستشار أيمن فريد وعضوية المستشارين محمود عاطف ومصطفى خالد وأمانة سر إبراهيم هلال.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة