سينما 2018.. «شرم برم»
سينما 2018.. «شرم برم»


سينما 2018.. «شرم برم»

منال بركات

الأحد، 30 ديسمبر 2018 - 06:15 م

شاءت الأقدار ألا ينتهي عام 2018، دون أن يجبر "خاطر" محبي الفن السابع، وأفلام فنية تحمل فكرًا ومضمونًا يضاف إلى تاريخ السينما المصرية التي أخذت تتراجع عاما بعد عام، وسيطرة منتجين غير سينمائيين على الساحة، وتراجع دور الدولة في هذا المضمار.

وسجلت الأرقام عدد الأفلام التي تم عرضها خلال العام المنصرم بـ37 عملاً فنيًا، تنوع تصنيفها بين دراما اجتماعية وسياسية، وإن كان الغالبية العظمى للكوميديا السطحية غير الهادفة، والتي سيلفظها التاريخ والذاكرة.


   
واستهل عام 2018 الذي نودعه خلال ساعات أولى الأعمال السينمائية بالفيلم الكوميدي "طلق صناعي"، من إخراج خالد دياب، والذي تم عرضه في 3 يناير، وتدور أحداثه حول زوجين يسعيان للحصول على تأشيرة السفر إلى أمريكا، ويلجأ الزوج إلى حيلة حتى تتمكن زوجته الحامل من وضع مولدوها على أرض أمريكية، ويحصل ابنه على الجنسية.


ورغم أن قضية الهجرة ووسائل التفكير للحصول علي الجنسية الأمريكية ليست بجديدة على الدراما السينمائية، غير أن الطرح الذي لجأ إليه فريق الفيلم جاء بشكل مقبول ولكن خارج إطار واقعي، وإن كان ماجد الكدواني قد نجح في تجسيد الشخصية المصرية المنكوبة وكان الورقة الرابحة بالفيلم إلى جانب المبدع سيد رجب الذي يصبغ دم ولحم لكل شخصية يتلبسها في أعماله.

وتحمل المشاهد 9 أعمال يصعب أن نطلق عليها أفلاما سينمائية، حتى تم إنقاذ محبي الفن السابع بفيلم شديد الرقة ويعالج أزمة المرأة داخل المجتمع المصري، وجاء موعد عرضه في نهاية فبراير، وبالتحديد في مهرجان أسوان للمرأة، وهو فيلم فني يحمل عنوان "زهرة الصبار"، والذي يعد العمل الأول للمخرجة هالة القوصي، والجديد في الفيلم أنه لا يحمل اسم نجم شباك أو وجوه سينمائية معروفه، ولكنه وجد استحسانا لدى الجمهور، وحصل على جائزة بالمهرجان.

ويدور الفيلم حول عايدة، ممثلة صاعدة ومنحدرة من خلفية قروية، تجد نفسها بين ليلة وضحاها، مطرودة من منزلها وتجول في شوارع القاهرة بصحبة جارتها البرجوازية المنطوية "سميحة"، وليس لدى المرأتين أيّ مال أو مكان تلجآن إليه، وبمساعدة شاب اسمه (ياسين)، تبدأ المرأتان رحلة البحث عن مأوى، ويتحرك الثلاثة برحلة لاستكشاف الذات، فيما تنمو بينهم صداقة استثنائية، مثل زهرة رقيقة تتفتّح من بطن صبارة شائكة.

ويتم عرض 14 فيلمًا آخرين دون أن يترك أيًا منهم أثرًا، اللهم إلا فيلم حرب كرموز للمخرج بيتر ميمي، لخروجه عن النمط السائد للأفلام، بفيلم يجنح إلى حقبه تاريخية وفكرته مستوحاة من حادث رجال شرطة الإسماعيلية البواسل والإنجليز، والتي على أثرها يتم الاحتفال بعيد الشرطة كل عام، وإن كان "حرب كرموز" يصنف ضمن أفلام "الأكشن".


ويحمل فيلم "تراب الماس"، رقم 26 في قائمة الأفلام لعام 2018، والمأخوذ عن رواية تحمل نفس الاسم للكاتب أحمد مراد، ومن إخراج مروان حامد.  وهو من الأعمال الجيدة وجميع عناصره متوافقة، وهي التجربة الثالثة التي تجمع بين الثنائي مروان حامد مخرجًا وأحمد مراد كاتبا بعد فيلمي "الفيل الأزرق" 2014، و"الأصليين"2017.

ويمكننا القول أن كل منهما وجد ضالته مع الآخر، وأن هناك كيمياء خفية تربطهما، ليقدما معا المعادلة الصعبة في السينما المصرية التي تعاني منذ فترة ليست بالقليلة، والفيلم يعالج قضية هامة تصلح لكل العقود وهي غياب العدالة وتجزر الفساد وعجز القانون، وهي فكرة تناسب كل العصور.



الفيلم الذي أحدث "ربكة" في الأوساط الفنية، خاصة بعدما تم ترشحه للأوسكار هو فيلم "يوم الدين"، والذي يحمل رقم "34" في قائمة الأفلام المصرية، وعُرض في "مهرجان الجونة" (20 : 28 سبتمبر الماضي)، وحظي بتأييد واسع من السينمائيين لجرأة فكرته وبساطتها في الوقت نفسه، كما أنه من نوع "الدكيودراما" ولا يعتمد على نجوم شباك بل أشخاص من واقع الحياة.

ويتناول الفيلم رحلة رجل يدعى بشاي في منتصف عمره، ترعرع داخل مُستعمرة للمصابين بالجُذام، وبعد وفاة زوجته المصابة هي اﻷخرى بالجذام، يغادر هذه المستعمرة وينطلق برفقة صديقه النوبي أوباما، وحماره، خلال رحلة عبر أنحاء مصر في محاولة لمعاودة الاتصال بعائلته من جديد، بهدف الوصول إلى قريته في محافظة قنا. الفيلم هو العمل الأول  للمخرج أبو بكر شوقي، وبطاقة تعارفه مع الجمهور.

وآخر عملين تم عرضهما في 2018 كانا فيلمي "ورد مسموم"، و"ليل خارجي"، واللذان تم عرضهما ضمن فعاليات الدورة الأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي، فالأول هو أيضا من نوعية الدراما الوثائقية، وبطاقة التعارف للعمل الأول الطويل للمخرج أحمد فوزي صالح، الذي أكد بهذا الفيلم أحقيته ومكانته ضمن الصفوف الأولى لمخرجي الجيل الجديد، بعد أن قدم أوراق اعتماده وسيطرته على أدواته الفنية، أما المخرج أحمد عبد الله مخرج العمل الثاني كما اعتدنا على كل أفلامه، فهو من المخرجين الذين لا يقدمون تنازلات في أعمالهم.

وفي النهاية، ندرك أن سينما 2018 حملت عددًا ضئيلاً من الصناعة الجادة والواعية، على يد جيل جديد من السينمائيين قدموا ورق اعتمادهم الأول داخل أروقة المهرجانات المصرية، نهج البعض منهم أسلوب الدراما الوثائقية كنوع للواقعية الجديدة التي تجتاح السينما، وأتصور أنها رد فعل طبيعي على الأفلام ذات طابع "الهلس"، المسيطرة على الساحة منذ فيلم إسماعيلية رايح جاي 1997، كما أن الظاهرة الهامة اعتماد هؤلاء المخرجين على وجوه ليست نجوم شباك ونجاح أعمالهم، وهي إنذار يستحق الالتفاف نحوه بعد أن أشعل النجوم أجورهم التي تلتهم ميزانية الأفلام.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة