استخدم الناقوس للدعوة إلى الصلاة
استخدم الناقوس للدعوة إلى الصلاة


حكايات| «الجرس قبل الأذان».. حين أمر النبي بضرب الناقوس للصلاة

عبدالله علي عسكر

الأحد، 30 ديسمبر 2018 - 08:37 م

«نرفع راية، نوقد نارا، ننفخ في البوق، نضرب الناقوس، ننادي بين الناس».. نبي الإسلام «صلى الله عليه وسلم» أصابه هما، الجميع يبحث عن حل، أصبح حديث الناس بين أنفسهم وفي الطرقات والبيوت والسحر، قبل الصلاة وعقبها، أمر لم يجل في خاطرهم قبل الهجرة بدينهم من عذابات قريش في مكة إلى المدينة.. كيف ندعو المسلمين للصلاة؟ 
 

رائحة الخوف في مكة

 

أن تكون غريبًا في وطنك، الأهل غير الأهل، ذوو الأرحام صاروا أشد قسوة من الأعداء، آهات المعذبين وأنينهم تسمعها الآذان في كل مكان، رائحة الخوف تزكم الأنوف، أن تفصح بقول «لا إله إلا الله» فقد كتبت نهاية الأمان لنفسك ومالك في وطنك، هنا يُفتح باب من الرعب والرجفة ربما لا يغلقه سوى الكفر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وربه.. كان هذا جزءًا من أجواء سيرة الإسلام الأولى في مكة.

 

مؤامرة «دار الندوة» 

 

في أول بيت بُني في مكة «دار قصي بن كلاب» أو «دار الندوة» قاعة مؤتمرات ومؤامرات قريش، كان لا يدخلها إلا قرشي فوق الأربعين من عمره، اجتمع مائة من كبرائهم وحكمائهم في جلسة كانت كفيلة أن تتصبب من وجوههم حبات العرق، على رأسهم كان إبليس في صورة رجل نجدي سمحوا له بالدخول، بعد أن احتال عليهم أنه من أهل تهامة الذين يميلون للنبي، فكان عنوان الندوة «كيف القضاء على محمد ودينه؟».

 

إبليس يعظ

 

«اقتلوه، احبسوه في الحديد، انفوه من البلاد».. آراء كثيرة ردها «إبليس» عليهم حتى جاء قول أبي جهل: «خمسة رجال من خمس قبائل يضربونه بسيف واحد فيتفرق دمه بين القبائل فلا يستطيع بنو هاشم الأخذ بثأره»، هنا تعلم منهم الشيطان فبارك هواهم، لم تنفض الجلسة حتى جاءت النبي أوامر سماوية «لا تبت اليوم في فراشك»، استبدل مكانه «على بن أبي طالب»، اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام، لكن أخذ الله من أبصارهم الرؤيا فخرج الرسول ونثر على رءوسهم ترابا، وهو يتلو «فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ».
 
الهجرة.. إذن الخروج

«والله إنك لأحب أرض الله إلي، وإنك لأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت».. كانت تلك آخر كلمات النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن جاءه الإذن من السماء بالهجرة إلى المدينة، أن يترك وطنه الذي سقطت فيه رأسه الشريف، فمر من «الحزورة» إحدى أسواق مكة، المقابلة للبيت الحرام، وقال تلك العبارة التي أصبحت عنوانًا يستضيء به كل من قدم وطنه على الروح والجسد، جاء الرسول إلى أبي بكر الصديق يقول «قد أُذن لي في الخروج»، فقال الصديق: «الصحبة بأبي أنت وأمي يا رسول الله».
 

مأوى الإسلام الأول

علم أهل المدينة بخروج النبي وصحبه، فقد سبقه إليها من المسلمين رجال فروا بدينهم قبل الإذن للنبي بأعوام، يخرجون على أبوابها يتحينون وصوله وظهوره حتى يثتثقل عليهم حر الظهيرة فيعودون، ظهر من بعيد فنادوا أن طلع البدر عليهم، فهي التي قال فيها الرسول: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد»، هنا قد بدت للدعوة الإسلامية أركان تُبنى بعد وضع أساسها في مكة، المسلمون جهروا بدينهم فقد وجدوا أرض الحرية، فأول ما فكروا فيه بناء مسجد فكان «قباء» أول مسجد بُني في الإسلام.

 

 البوق والناقوس 


كيف نجمع الناس للصلاة؟.. حول هذا السؤال أصاب النبي صلى الله عليه وسلم الهم، فاهتم المسلمون لما أصاب الرسول، فكان الناس إذا أزف وقت الصلاة تجمعوا، الكل يفكر، جميعهم يبحث عن شيء يرضي الحبيب، الرجل في بيته وطريقه وسوقه ومع زوجته، أفراد وجماعات قبل الصلاة في المسجد أو في جنح الليل، ذات يوم اجتمع المصطفى بالرجال، تتابعت الأفكار «انصب راية عند حضور الصلاة، ننفخ في الشبور لإحداث صوت مثل اليهود، نضرب الناقوس (الجرس) مثل النصارى، لكن لم يسترح النبي لكل أحاديث أصحابه.

 
أمر كرهه النبي


لم يستقروا على شيء، الهداية لم تصل إلى فكرة حتى الرضا، يأمرهم الرسول بالشيء حتى إذا ما هموا به كرهه فوضعوه، الحيرة تملكتهم الوحي لم يأت بعد، غابت عنهم أبواب السماء ساعات، خلالها أمرهم النبي أن يحضروا بوقًا مثل اليهود ينفخوا فيه لدعوة الناس بوقت العبادة، لكنه كرهه، يبدو أن الأمر استقر على «ناقوس النصارى»، أمرهم أن ينحتوه، فكان حينها قطعة كبيرة من الخشب تضرب عليها أخرى أصغر منها فتحدث صوتا يعلم منه الناس دخول وقت الصلاة.


الصلاة جامعة.. النداء الأول


اجتهد عمر بن الخطاب، فقال: «أولا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة»، فاستحسن النبي صلى الله عليه وسلم ما رأى، وأمر بلال بن رباح أن ينادي في الناس «الصلاة جامعة»، خمس مرات في اليوم والليلة مع دخول كل وقت صلاة، حتى تلك لم يسترح قلب الرسول إليها، كان يبحث عن شيء آخر ربما ينتظر وحيا من السماء، أو رؤيا نبوية فـ«رؤى الأنبياء حق»، ظل كذلك حتى أتته البشرى في سنة بين اليقظة والنوم لـ«بن زيد» أحد رجال الأنصار، وقبلها طافت الرؤيا نفسها على «بن الخطاب».

 
بشرى الأذان


عاد عبدالله بن زيد مهموما لهم النبي، فأخذته سنة من النوم فرأى ما جعله يجر رداءه إلى الرسول بعد يقظته، ليقول: «طاف بي هذه الليلة طائف، مر بي رجل عليه ثوبان أخضران، يحمل ناقوسا في يده، فقلت: يا عبد الله، أتبيع هذا الناقوس؟ فقال: وما تصنع به؟ قلت: ندعو به إلى الصلاة، فقال: ألا أدلك على خير من ذلك؟ قلت: وما هو؟ قال: تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله».


 
رؤيا شهد لها الرسول


جاء الأذان، وجد النبي صلى الله عليه وسلم ضالته، هذا نعم اختيار لصلاة أمة الإسلام، فقد سكن همه ورضي بما ليس نارا ولا بوقا ولا ناقوسا ولا راية ولا نداء فقير المعنى، إنه كلام التوحيد والشهادة والدعوة إلى الفلاح، هنا قالها متبسما فرحا: «إنها لرؤيا حق إن شاء الله»، فلم لا، فقد وافقت رؤيا «بن زيد» الوحي، الذي أمره أن يقوم مع بلال ليعلمها إياه، فقال: «ألقها عليه فليؤذن بها فإنه أندى صوتا منك».

 
بلال يصدح بالنداء


انطلق صوت «بن رباح» بـ«الله أكبر» فخرج عمر بن الخطاب وهو في بيته إلى رسول الله يجر رداءه، يقول: «والذي بعثك بالحق، لقد رأيت مثل الذي رأى»  فقال حبيب الرحمن: «فلله الحمد»، ثم علم «بن رباح» الإقامة، فقال: «تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله»، وزاد بلال في نداء صلاة الفجر: «الصلاة خير من النوم» مرتين فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم.


 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة