حكمات من مصر وألمانيا واليونان
حكمات من مصر وألمانيا واليونان


حكايات| «حكمات» بالمستطيل الأخضر أكثر عدلا من الرجال.. تركن المطبخ وحملن «الراية والصفارة»

عمر البانوبي

الجمعة، 04 يناير 2019 - 09:15 م

المرأة  - بحكم القيود التي تكبلها منذ زمن - وهي أكثر من يكسر «التابوه»، ليس في السياسة أو الفن أو الثقافة فقط، بل أيضا مع الساحر المستديرة معشوقة الجماهير حول العالم، ولا نتحدث هنا عن المرأة فقد أجادت داخل المستطيل الأخضر كلاعبة قبل عقود، إنما المرأة الحكم في الميدان وحاملات الراية.

 

وعلى الرغم من أن نجمات كرة القدم النسائية تألقن ولفتن الأنظار في سنوات سابقة وعلى رأسهن الإيطالية كارولينا موراتشي، اللاعبة الأشهر في التاريخ، والتي تولت تدريب أحد فرق الرجال قبل 20 عاما في دوري الدرجة الثانية الإيطالي، إلا أن التحكيم لم يشهد ثورة نسائية مثل تلك التي تعيشها كرة القدم العالمية في وقتنا هذا.

 

شتاينهاوس الألمانية على القمة

 

لم تكتف المرأة الحديدية الألمانية بيبينا شتاينهاوس، باقتحامها عالم الرجال عن طريق عملها في جهاز الشرطة، ولكنها تجاوزت كونها في منصب «كبير مفتشين» بالشرطة الألمانية، لتصبح أحد أبرز الحكام في الدوري الألماني خلال السنوات الأخيرة، وبعد مسيرة طويلة مع التحكيم الذي كان يمتهنه والدها.

 

بدأت شتاينهاوس رحلتها مع التحكيم في مباريات كرة القدم النسائية بالدوري الألماني، لكن إدارة مباريات النساء لم تكن الهدف الذي تسعى لتحقيقه، ولم يرض الأمر طموحها في اقتحام عالم الساحرة المستديرة، فحاولت بشتى الطرق أن تدير مباريات الرجال.

 

وفي العام 1999، اقترب حلم شتاينهاوس من أن يصبح حقيقة، بعدما أدارت مباراة للناشئين تحت 20 عامًا، وأثبتت كفاءتها، لتبحث عن طريقة لاقتحام ملاعب البوندسليجا، وهو الأمر الذي اضطرها للاستمرار 20 سنة في التحكيم ليتحقق بعد محاولات حثيثة كان أبرزها التواجد كحكم رابع في مباريات البوندسليجا عام 2007 دون دور مؤثر.

 

ورغم حصولها على الشارة الدولية في 2005، وبعد 10 سنوات من ظهورها كحكم رابع، تحقق حلم شتاينهاوس لتصبح أول امرأة تدير مباراة رسمية في بطولة كبرى عندما قادت مباراة هيرتا برلين وفيردربريمن التي انتهت بالتعادل الإيجابي 1-1، ضمن منافسات الدوري الألماني الممتاز موسم 2017/18.

 

 

 

لم تخل مسيرة شتاينهاوس من مضايقات عنصرية بسبب اختيارها لكرة القدم، وهاجمها أحد اللاعبين في دوري الدرجة الثانية الألماني، حين قال لها «النساء ينتمين إلى المطبخ وليس لكرة القدم»، ولكن الاتحاد الألماني لم يتهاون مع هذا اللاعب الذي عوقب بالإيقاف 5 مباريات وبتحكيم مباريات الفتيات الصغيرات في دوري الناشئات الألماني.

 

طالت الشائعات شتاينهاوس بشأن علاقة غرامية تربطها بالحكم الإنجليزي الشهير هاوارد ويب، وسرعان ما تحولت إلى حقيقة بعدما انفصل الأخير عن زوجته، وظهر برفقة الحكم الألمانية.

 

كريسولا تتحدى في بلاد الإغريق

 

تداولت وسائل الإعلام المصرية اسم اليونانية كريسولا كوروبيليا، حكم الراية التي كانت ضمن طاقم تحكيم مباراة مصر وبلجيكا الودية في معسكر الفراعنة بإيطاليا قبل خوض نهائيات كأس العالم «روسيا 2018»، ولكن هذا الاسم ورائه قصة كبيرة لفتاة يونانية عشقت كرة القدم منذ طفولتها ورفضت أن تبتعد عنها على الرغم من عدم انتشار كرة القدم النسائية في بداية التسعينات باليونان.

 

بدأت كريسولا رحلتها مع كرة القدم كما في مصر خلال طفولتها في نهاية الثمانينات بممارسة اللعبة كهاوية مع الأولاد بسبب عدم انتشار اللعبة بين الفتيات في ذلك التوقيت، وقررت أن تتفوق على الرجال، فواصلت عشقها لكرة القدم ودرست بكلية التربية الرياضية، وتخصصت في الإعداد البدني ومارست التحكيم على مستويات مختلفة.

 

نالت كريسولا الشارة الدولية ضمن فريق تحكيم دولي يوناني يتكون من أناستاسيوس سيديروبولوس حكم ساحة، وبيلوكرونيس كوستاراس مساعد أول، وكريسولا مساعد ثان، وأناستاسيوس بابابترو حكم رابع، وهو الطاقم الذي أصبح من بين الأفضل على مستوى العالم.

 

تفوق الفتاة اليونانية لم يتوقف عند كونها أفضل من الرجال ووصلت إلى المشاركة في إدارة مباريات الدوري اليوناني الممتاز، لكنها أيضًا تحدت التمييز ضد النساء في كرة القدم، وتواصل مسيرتها بتركيز كبير لتصبح الأفضل في الدوري اليوناني على الرغم من الهجوم عليها في بعض الأحيان كما حدث مع شتاينهاوس لأنها تجرأت وتركت المطبخ.

 

كريسولا متزوجة من طبيب جراح شهير في اليونان، وهي أول حكم تصل إلى مرحلة تحكيم مباريات الدوري اليوناني الممتاز في تاريخه قبل 10 سنوات من الآن، ومازالت تواصل مشوارها.

 

قالت كريسولا في تصريحات سابقة لـ«بوابة أخبار اليوم» عقب تحكيمها لمباراة مصر وبلجيكا الودية :«كل امرأة يمكنها أن تكون حكمًا مميزًا داخل الملعب، بالعمل الجاد والتفاني والانضباط».

 

واختتمت: «أعشق الحضارة المصرية كثيرًا، وزيارة مصر أحد أهم أحلامي منذ كان عمري 10 سنوات، وأتمنى أن أدير مباراة كرة قدم في مصر مستقبلاً، وسأكون سعيدة بزيارتها سواء في مهمة تحكيمية أو سياحة».

 

شيماء منصور في الحوامدية

 

في مصر فتاة تجرأت أيضا وتركت المطبخ لتحقيق حلمها المختلف على البساط الأخضر لملاعب كرة القدم، وهي شيماء منصور التي اقتحمت مجال التحكيم في خطوة استثنائية داخل القارة السمراء بعد وصولها إلى تمثيل منتخب مصر لكرة القدم النسائية.

 

ويبدو أن عشق كرة القدم له سطوة خاصة وكبيرة على النساء المميزات، كما كان الحال مع شتاينهاوس وكريسولا في ألمانيا واليونان، فلعبت شيماء منصور كرة القدم مع الأولاد خلال طفولتها أثناء الدراسة، حتى وصلت إلى احتراف الساحرة المستديرة بعد ذلك وتخطت كل هذا لتبدأ رحلتها التحكيمية الاستثنائية بالحصول على الشارة الدولية كأصغر حكم في تاريخ مصر.

 

تحكي شيماء منصور قصتها مع التحكيم لـ«بوابة أخبار اليوم» في مباراة لا تنساها بين الحوامدية والداخلية ضمن منافسات الممتاز ب والتي أدخلتها التاريخ كأول تجربة للتحكيم النسائي في صعيد مصر، وهو ما كان خيالا قبل مغامرتها التي امتدت بعد ذلك بدعم من الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا».

 

وتقول شيماء: «عندما وصلت إلى الملعب رفضوا دخولي بحجة أن العنصر النسائي لم يسبق له إدارة أي مباراة للرجال، وفور نزولي لأرض الملعب فوجئت بالجمهور يردد أغنية (البت بيضا) ولكن سرعان ما فرضت سيطرتي على اللقاء منذ بدايته وعلى الرغم من أن أحد المسؤولين طالبني بإدعاء الإصابة للخروج من مأزق الضغط الجماهيري، لكن إدارتي للقاء جاءت مميزة ومر بسلام».

 

شيماء منصور سيدة أعمال، بخلاف نشاطها الرياضي، وترشحت لعضوية مجلس إدارة اتحاد الكرة في الانتخابات التكميلية بنهاية العام الماضي، ولم يحالفها التوفيق، ورفعت دعوى قضائية أمام مركز التسوية والتحكيم الرياضي للطعن على نتيجة الانتخابات تنتظر الحكم فيها.

 

وعلى الرغم من التجارب الكثيرة والمتباينة للفتيات في اقتحام عالم كرة القدم، إلا أن اللعبة الشعبية الأولى عالميًا يطغى عليها العنصور الذكوري الذي عرفته الساحرة المستديرة منذ نشأتها وحتى يومنا هذا، في ظل محاولات حثيثة من الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» بمنح مساحة أكبر للنساء في إدارة اللعبة.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة