محمد البهنساوي
محمد البهنساوي


حروف ثائرة

محمد البهنساوي يكتب: فساد المحليات بين الإرث «الأسود».. وطاقة «النور»

محمد البهنساوي

السبت، 05 يناير 2019 - 09:36 م

 

"فساد المحليات" جملة بل حقيقة اعتدنا على ترديدها والتعايش معها لعقود وليس سنين.. وارتبط بها الكثير من الكوارث التي توارثناها لعدة أجيال.. بدءًا من سقوط عقارات إلى مخالفات بناء وتشويه عمارتنا بهدم فيلات رائعة وبناء بلا ضوابط أو رابط.. لكن الكارثة الأكبر التي خلفها فساد المحليات والتي مكثنا سنوات نجني ثمارها المرة.. هى العشوائيات.. السرطان الذي ظل ينخر في جسد مصر.. لينهكها ويشل قدرتها على تحقيق أي تقدم.. يتفرع هذا المرض اللعين ليفرز أمراضا لا تقل عنه لعنة من فساد أخلاق.. وغياب قيم.. وانتشار جرائم متعددة.. وصعوبة في وصول أبسط الخدمات الإنسانية من الدولة لسكان تلك المناطق.. ليتجمع كل هذا في بوتقة سوداء تصب في اتجاه واحد حالك الظلمة.. وهو غياب الانتماء لمصر وما يفرزه من أمراض سياسية واجتماعية وإرهابية.

 

وحتى وقت قريب.. كنت أظن "ومثلى كثيرون" أن هذا المرض العضال لا شفاء منه.. أو حتى في أكثر حالات التفاؤل لا خلاص من تبعاته وحصاده المر الذي خلناه توطن وتوطدت أقدامه بأرض مصر الطيبة.. ورغم كل ما يتم من مشروعات قومية عملاقة تنشر بذورها في كل محافظات مصر.. لكن البعض كان يعتقد أن غول الفساد عشش بالمحليات وحولها إلى أوكار يصعب حتى مجرد الاقتراب منها.. لكن حديث عابر دار بيني وبين صديقي الكاتب الصحفي وليد عبد العزيز مدير التحرير التنفيذي بجريدة الأخبار والمحرر الاقتصادي المخضرم حول نتائج المؤتمر الاقتصادي الرائع والمهم الذي تنظمه دارنا الحبيبة سنويا.. أضاء حديثنا مصباحا وليس شمعة لتخترق الكهف المظلم الذي اعتقدته مخبأ سريا للمحليات وفسادها.. فقد قال لي إن المفاجأة الكبرى لدورة المؤتمر هذا العام شكوى منتجي الحديد والأسمنت وصرختهم بأنه ورغم المشروعات العملاقة التي تنشر الخير بربوع مصر من مشروعات إسكان مختلفة إلى مدن جديدة عملاقة ومشروعات قومية لا تتوقف عجلاتها.. فإن لديهم فائض وراكد في إنتاجهم زاد على 30% لأول مرة في تاريخهم.. ولولا مشروعات الدولة لأفلس معظمهم !! وبسؤالهم عن السبب أرجعوا هذه الحالة إلى التراجع الكبير وغير المسبوق في البناء بالعشوائيات وعلى الأرض الزراعية.. وإذا ربطنا هذا الكلام بالضربات الموجعة التي لا تتوقف وتوجهها هيئة الرقابة الإدارية لرموز الفساد بالمحليات.. إذن يجب أن يكون لنا وقفة أمل وسعادة وفخر بأننا نسير في الطريق الصحيح.

 

وحتى لا يبدأ المتحذلقون الرد علي.. وقطعاً لطريق لا قاطع له على المتربصين بمصر ورفضهم كل إيجابي ينبت في أرضها.. أبادر وأقول إنه ليس معنى كلامي هذا أن فساد المحليات انتهى أو حتى انحسر.. فمخطئ تماما من يعتقد في هذا.. فميراث ثقيل أسود لعقود كما قلت من فساد المحليات.. تحتاج لسنوات وسنوات حتى نقطع دابرها من جهة.. ونعالج سلبياتها من جهة أخرى.. وعن نفسي لم يكن وجعي في هذا الأمر لتراكمات هذا الفساد.. إنما ليأسي الشديد من القدرة على مواجهة تغوله وتوحشه.. فعندما نهتدي فقط للطريق القويم المستقيم للمواجهة.. فهذا أدعى بذهاب بثي وحزني.. فما بالنا وقد قطعنا وفي هدوء شديد خطوات واسعة في هذا الطريق.

 

ما أردت أن أقوله هنا ليس دعاية للحكومة "عمال على بطال" فليس من طبعي ولن يكون.. لكن أن نرى نقطة ضوء تبث فينا الأمل.. وثانيا وهذا الأهم أن نعلم أن الدولة جادة في محاربة فساد المحليات.. وهذا مشوار طويل.. لكنه يقصر كثيرا بتعاون الجميع.. والأجهزة الرقابية وفي مقدمتها الرقابة الإدارية تنشر أرقام تليفوناتها في كل موقع وقناة وجريدة.. فعلينا المشاركة بأضعف الإيمان والإبلاغ عن أي محاولة ليس فقط للرشوة وارتكاب مخالفات وإصدار قرارات مخالفة.. لكن قبلها الإبلاغ عن تعطيل مصالح المواطنين والامتناع عن تنفيذ القرارات السليمة فهذا باب خلفي ينتقم به الفاسدون محاولين تعطيل عملية إزالة إمبراطوريتهم العميقة وإفشال الحرب المقدسة ضدهم.. وإذا كانت نيران تلك الحرب يكتوي بنيرانها حاضرنا.. وينهدم بهشيمها ولظاها أساس مستقبل أبنائنا وأحفادنا.. فهل نكتفي بمصمصة الشفاه على مقاعد المتفرجين ؟!!
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة