جانب من الحوار
جانب من الحوار


حوار| رئيس «صحة النواب»: المنظومة الصحية في النقاهة.. وقريباً التعافي

محمد الفقي

الأحد، 06 يناير 2019 - 01:26 ص

 

الحكومة قوية الآن.. واختفت ظاهرة الأيادي المرتعشة
مؤشرات الاستقرار الأمني ترتفع.. ومؤشرات الفساد تنحسر

من النادر أن تجد شخصية ملمة بكل قضايا وأحوال قطاع شائك متداخل في اختصاصاته ومعقد في تفاصيله كالقطاع الصحي بهذا الشكل.. يعلم كل صغيرة قبل الكبيرة.. عندما تتحدث إليه تجد ردوده حاضرة وكأنه خاض التجربة بنفسه.. فيتعمق في التفاصيل ليضع روشتة علاج لها.. تلمس في شخصيته قدرًا كبيرًا من التواضع حتي تجده بعيدًا عن الشو.. يعمل في صمت حتي تمكن من إنجاز تشريعات ظلت عالقة في أدراج الحكومة والبرلمان عقودًا طويلة.. ولذلك فلا أتردد لحظة كلما تحين لي الفرصة أن أجري حوارًا معه.. د.محمد العماري أستاذ الجراحة العامة ورئيس لجنة الصحة بمجلس النواب.. تطرقنا في الحوار الشامل إلي قضايا المنظومة الصحية والسياسية ورؤيته حول العام الجديد.

في البداية كل عام وأنت بخير.. فكيف تري العام الجديد؟

وأنت بخير وجريدة الأخبار الغراء بخير وتظل في الريادة بمصداقيتها واحترامها للقارئ.. وقبل ما أبدأ في حواري أود أن أقول إن عام ٢٠١٨ كان بالنسبة لي عام الخروج من عنق الزجاجة مع بدء الفترة الثانية للرئيس السيسي وتنفيذ العملية الشاملة سيناء ٢٠١٨ وإقرار قانون التأمين الصحي الشامل.

وماذا عن عام ٢٠١٩؟

أتمني المضي قدمًا في حالة الإصلاح الشامل التي تشهدها البلاد في كل المجالات.. فلو رصدنا بهدوء ما يحدث فسنجد أننا أمام مؤسسات مستقرة منذ ٥ سنوات وهذا كنا نتمناه منذ ٢٠١١ وحلمنا به بعد ٢٠١٢.. والآن ندركه علي أرض الواقع.

الإصلاح الشامل

ماذا تقصد بالإصلاح الشامل؟

في كل شيء الآن الحكومة تعمل ولكن ليست بأيادٍ مرتعشة.. والأمن أعلي من معدلاته العالمية وأفضل من عقود سابقة.. والاقتصاد يشهد نوبة صحيان سنجني ثمارها قريبًا.. ومواجهة الفساد في أشد موجاتها حتي أصبح منحسرًا وفي أقل معدلاته منذ عقود.. وكذلك قطاع التعليم والصحة.

بصفتك رئيسًا للجنة الصحة بالبرلمان والممثل الأول عن الشعب في قطاع الصحة هل ترضي عن الإجراءات التي تتم في قطاع الصحة.. الآن؟

القطاع الصحي يشهد عملية تطوير حقيقية.. ومن خلال معايشتي طيلة حياتي لهذا القطاع ألمس ذلك.. ونحن في اللجنة نعمل ليل نهار لمواكبة هذه الصحوة بتشريعات موازية تساهم في تطوير هذه المنظومة.. والآن أستطيع أن أقول إننا كنا نعاني في الماضي وتخطينا بالفعل مرحلة الإفاقة. وحاليًا نحن في مرحلة النقاهة ومع بدء منظومة التأمين الصحي الشامل سنصل لمرحلة التعافي.

ما هي أهم المتطلبات التي تستوجب تأسيس منظومة صحية متطورة؟

المنظومة الصحية في مصر لابد وأن يكون لها بنية تحتية مؤسسة علي قواعد ثابتة فضلًا عن ضرورة تشديد الرقابة عليها ومتابعة أحوالها واحتياجاتها باستمرار حتي لا توجد فرصة للتراخي أو التسيب.. فالرقابة والمتابعة للتنفيذ أهم شيء تحتاجه أي منظومة صحية متكاملة.

البحوث الإكلينيكية 

بعد إعادة الرئيس عبد الفتاح السيسي قانون البحوث الإكلينيكية إلي البرلمان مرة أخري.. ما تعليقك وما هو دور اللجنة؟

مشروع قانون البحوث الإكلينيكية المعروف بقانون »التجارب السريرية»‬ أحيل إلي لجنة خاصة برئاسة السيد الشريف وكيل مجلس النواب والتي بدأت بالفعل اجتماعاتها لتعديل القانون في ضوء ملاحظات الرئيس.. وسيتم بدء جلسات استماع مع كل الأطراف المعنية لطرح النقاط محل الاعتراض علي مائدة أعمال اللجنة.. وكذلك سيتم الاستماع إلي وزيرة الصحة ووزير التعليم العالي.

ما هي رؤيتك للملاحظات التي طرحتها الرئاسة؟

ملاحظات الرئيس عبد الفتاح السيسي تواجه بعض النقاط والمواد المعرقلة لهدف القانون ولا تتعارض مع فلسفة إعداده ولا تمس الهدف المرجو بينما تواجه الإجراءات الطويلة.

لماذا لم يحل الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب القانون مرة أخري إلي لجنة الصحة بل أعاده إلي لجنة خاصة؟

طبقًا للائحة مجلس النواب د.  علي عبد العال أحال القانون إلي لجنة خاصة لأن اللائحة تنص علي أنه حال اعترض رئيس الجمهورية علي قانون فتتم إحالة المواد محل الاعتراض إلي لجنة خاصة.

هل يوفر القانون ضمانات للمريض؟

يحمي المريض قبل الباحث ويضمن حقه وعدم العبث بحرمة جسده قبل الموت أو بعد الموت.

وهل يقدم القانون مزايا للباحثين؟

يساهم في زيادة الأبحاث العلمية والتوصل إلي مزيد من الاكتشافات الطبية والتي ستساهم في علاج البشر بشكل أكثر تقدم وسريع.

وما هي أبرز النقاط التي تراها في حاجة إلي تعديل؟

كل النقاط محل الاعتراض من الرئيس وهي ١٥ نقطة وستتم مناقشتها والاستماع إلي الخبراء والمختصين وسيتم التوافق حول التعديلات ومن ثم إعداد تقرير عنها تمهيدا لطرحها علي المجلس.

عجز الأطباء في مصر.. مشكلة نعاني منها فكيف تراها؟

المشكلة بالفعل تؤرق القطاع الصحي وهناك نقص كبير في الأطباء والتمريض وصلت إلي أرقام مخيفة تخطت حاجز الـ30% وحاجز الـ40% في قطاع التمريض.

د.علي عبد العال صرح في جلسة سابقة للبرلمان أن هناك أكثر من 60 ألف طبيب معارين إلي دولة خليجية واحدة.. فهل عودة الأطباء المعارين قد تحل الأزمة؟

هي إشكالية بكل المقاييس فهم يفيدون البلد من خلال تحويلاتهم من الخارج والتي تمثل جزءًا كبيرًا من الناتج القومي ورقمًا كبيرًا في الموازنة لا يمكن إنكاره أو تجاهله.. وإذا أردت أن تعيدهم مرة أخري فلابد من توفير الحافز المعنوي والمادي.

تناول السوشيال ميديا حديث الرئيس عن السمنة بشكل لا يتناسب مع أهمية القضية.. فكيف تصنف هذه القضية؟

بالطبع هي أزمة وليست قضية عادية ونحن في البرلمان لا نقيم الأعمال بالسوشيال ميديا فـ ٢٥٪ من الشعب وزنهم مثالي بينما ٧٥٪ يعانون من زيادة في الوزن عن المعدل الطبيعي.. ومخاطر السمنة معروفة للجميع وتسبب العديد من الأمراض.

التربية الرياضية 

الرئيس طرح فكرة أن تكون »‬التربية الرياضية» مادة أساسية.. فهل ستساهم في حل جزئي للأزمة؟

مبادرة طيبة متعددة المزايا نفسية وبدنية وصحية كما أنها تساهم في اكتشاف المواهب وتصب في خدمة الرياضة ككل.

قضية تنظيم الأسرة.. قضية قديمة فما هو دور اللجنة فيها؟

دور اللجنة يتمثل في مناقشة قانون تنظيم المجلس القومي للسكان وسنستمع فيه لممثلي الحكومة للتعرف علي خطة مواجهة الزيادة السكانية.

وماذا يقدم القانون لضبط المنظومة؟

إعادة هيكلة للمجلس..علي أن يكون مجلسًا مستقلًا يتبع رئيس الجمهورية، بالإضافة إلي أنه يقدم حوافز خاصة بتنظيم الأسرة سيحددها المجلس وليس القانون.

ألا تعتقد أن كل وسائل التوعية لم تقدم حلا جذريا للأزمة بدليل أن معدلات الزيادة السكانية مازالت مرتفعة؟

أوافقك الرأي.. وهي إشكالية ولابد من إجراءات مختلفة.. ويجب أن يشترك فيه التعليم لتعديل المناهج الدراسية باعتبار أن هذه القضية أمن قومي وكذلك يجب أن يكون للمؤسسة الدينية دور مهم وهي كلمة السر في علاج هذه الأزمة وكذلك الإعلام لن يكون بمعزل عن إيجاد حل لهذه الإشكالية.

التأمين الصحي 

بالتزامن مع بدء تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل والذي تعتبره أهم إنجاز قمت به في حياتك النيابية هل هناك تشريعات تدعم تطبيقه؟

بالفعل هذا القانون هو أهم إنجاز قمت به وأفخر به لأنني أشعر أنني ساهمت من خلال رئاستي للجنة التي أعدت القانون بحل جذري لأزمة طالما عاني منها المصريون.. ولذلك أواصل العمل ليل نهار مع أعضاء اللجنة لتحصين القانون تشريعيا بقوانين مرتبطة ارتباطًا أصيلًا به وهي تساهم في نجاح المنظومة ككل.

وما هي هذه القوانين؟

اللجنة ستعمل علي إتمام مشروع قانون المسئولية الطبية والهيئة المصرية للدواء، مع تغليظ العقوبة علي الأدوية المغشوشة، بجانب الانتهاء من تشريع مزاولة مهنة الصيادلة.

قلت سابقًا لن أسمح بفشل تطبيق قانون التأمين الصحي الشامل؟

لديّ قناعة كبيرة أن هذا القانون هو طوق النجاة للمنظومة الصحية وإنجاح تطبيقه مهمة وطنية ولذلك لن نكتفي بتشريعات مساندة بل قمنا بزيارات لمتابعة بداية تطبيق قانون التأمين الصحي الشامل من خلال زيارة ميدانية لمحافظة بورسعيد، لمتابعة آليات التنفيذ علي أرض الواقع قبل بدء المنظومة فعليا في شهر يونيو المقبل.

قوائم الانتظار 

مبادرة إنهاء قوائم الانتظار التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي كيف تراها وأنت قريب من معاناة الأهالي وتعرف كم كانوا يعانون من الانتظار لفترات طويلة حتي يأتي دورهم في العلاج؟

ندعم وننضم لمبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنهاء قوائم انتظار مرضي الجراحات والتدخلات الطبية الحرجة خلال 6 أشهر... وهذه تكشف عن مدي قدرة الرئيس علي قراءة المشهد الاجتماعي في مصر.. وإدراكه لتلك المشكلة القوية التي تواجه المرضي الذين تستدعي حالاتهم الصحية تدخلاً جراحياً، فوضعهم علي قوائم الانتظار للجراحات المنفذة علي نفقة الدولة جعل البعض منهم ينتظر لفترات طويلة للغاية بالشكل الذي أدي إلي ظهور أزمة قوية تهدد حياة هؤلاء المرضي، ويخلق أعباءً علي عاتق أسرهم.

وما هو شكل الدعم الذي من الممكن أن تقدمه في هذه المبادرة؟

سوف ساهم في إنهاء قوائم الانتظار في الأقصر.. وذلك من خلال مشاركة شخصية مني في إجراء الجراحات الخاصة بالأوعية الدموية مجال تخصصي الطبي، وذلك من خلال التنسيق مع إدارة مستشفي الأقصر الدولي وهذا دوري كطبيب فأطباء مصر يواجهون تحدياً قوياً يحتم عليهم بذل أقصي طاقتهم من أجل إنهاء قوائم الانتظار.

دساتير الدول 
هل تري أننا في حاجة إلي تعديل الدستور؟

لابد من الاتفاق علي أن دساتير الدول ليست كتباً سماوية.. فهي صناعة بشرية قد يشوبها النقصان.. ونكتشف بعد فترة من التطبيق أنها غير ملائمة وكل دساتير العالم وضعت مواد تبين كيفية إدخال تعديلات عليها.. فالتعديل أمر دستوري وإذا تطرقنا إلي الدستور الفرنسي الذي وضع عام 1958 وتم تعديله 32 مرة حتي الآن.. 

واحدة منها كانت بالمخالفة لإجراءات التعديل في الدستور.. ووفقاً للمادة 226 فإنه لرئيس الجمهورية أو لخمس أعضاء مجلس النواب.. طلب تعديل مادة.. أو أكثر من مواد الدستور.

من حديثك أراك تميل إلي إجراء تعديل دستوري فأي مواد دستورية تراها تستوجب التعديل؟

هناك مواد كثيرة في الدستور تحتاج إلي تعديلات واضحة.. أبرزها إلغاء المادة الخاصة بالعدالة الانتقالية.. لأن الظروف الحالية لا تحتاج إلي إعداد قانون يتعلق بهذا الأمر.. خصوصاً بعد أن أفرز المجتمع الصالح من الطالح.. ولدينا حاجة ماسة حالياً إلي إلغاء المواد المتعلقة بتحديد نسب دعم قطاعي الصحة والتعليم في الموازنة.

هذا علي الرغم من رئاستك للجنة الصحة ومن المفترض أن تكون الأحرص علي موازنة الصحة؟

الأمر معقد والنسبة التي نص عليها الدستور لموازنة الصحة وهناك فرق كبير بين موازنة وزارة الصحة والإنفاق الصحي وهي بصفة عامة بحاجة إلي إعادة صياغتها، لأنها معقدة عند التنفيذ. وتمثل أزمة تواجهنا مع كل دور انعقاد عند وضع الموازنة العامة، لأن نسبة الصحة لا تتوافق مع النسبة الدستورية.. بجانب استمرار تبعية الصرف الصحي والهيئة القومية لمياه الشرب لميزانية الوزارة.. رغم عدم استفادة الصحة منها.. والنسبة الواردة بالدستور والمقدرة بـ 3% من الناتج القومي الإجمالي غير منطقية.. لأن الناتج لا يمكن حسابه، لأنه يدخل ضمن الناتج القومي الاقتصاد غير الرسمي، وفي حال تعديل الدستور يجب إعادة المادة من جديد، حتي يمكن خلال الموازنة العامة الجديدة الحصول علي نسبة يمكن تطبيقها لقطاع الصحة لأهميته القصوي.


 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة