. محمد العريان الخبير الاقتصادي
. محمد العريان الخبير الاقتصادي


العريان: الحياة أصبحت أكثر صعوبة على البنوك المركزية

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 06 يناير 2019 - 08:52 م

 

نشر موقع ايكونومي، مقالًا للدكتور محمد العريان، الخبير الاقتصادي العالمي، بعنوان الحياة تصبح أكثر صعوبة على البنوك المركزية، تناول فيه تحليل أوضاع البنوك المركزية على مستوى العالم.

 

وأكد محمد العريان، خلال مقاله، أنه ﻷسباب خارجة عن سيطرته، يُلام «الاحتياطى الفيدرالى» بشدة على عدم الاستقرار في الأسوق المالية ومخاطر تقويض الاقتصاد الأمريكي، وهذا يعد تناقضًا واضحًا منذ أشهر قليلة ماضية، عندما كان ينتقده كثيرون على دوره كقامع ناشط وفعال للتقلبات السوقية المالية.

 

وكذلك قد تكون المسألة مسألة وقت، قبل أن يجد البنك المركزي الأوروبي نفسه في وضع مشابه وربما أصعب، وفى الواقع فقد دخل البنكان في مرحلة جديدة أقل يقينية ستدوم على الأرجح لبعض الوقت.. وستتطلب تقدما حذرًا، وتواصلًا سياسياً، وبعض التغييرات التشغيلية.

 

ومع خروجها من الأزمة المالية العالمية فى 2008، سلكت البنوك المركزية طريقا عزز أسعار الأصول كوسيلة لدعم الاقتصاد، وقمعت التقلبات من خلال خفض أسعار الفائدة، وشراء كميات هائلة من السندات.. وعندما كانت تحدث نوبة تقلبات في الأسواق، كانت تتحرك سريعا لطمأنة الأسواق بأن دعمها واسع ومتواصل، ولكن كان لهذه المرحلة غير المسبوقة للبنوك المركزية حدود طبيعية.

 

وكما فصلتُ في كتابي الصادر في 2016، فإن مزايا شراء الوقت للاقتصاد لكي يتعافى لها تكاليف وعواقب غير مقصودة، ونتيجة لذلك، عندما ظهرت الظروف المواتية لتطبيع السياسة، استجاب «الفيدرالي» من خلال وقف برنامج مشتريات الأصول، ورفع أسعار الفائدة 9 مرات، وقلص ميزانيته ببطء. 

 

وتلاه «المركزي الأوروبي» بخطوات متأخرة كثيرًا، وبعدما قلص برنامج شراء الأصول خلال الشهور القليلة الماضية، سيوقفه بنهاية العام الحالي، وقد يبدأ رفع أسعار الفائدة في الصيف المقبل، ولكن ما بدأ كعملية سلسة نسبيًا ومنظمة، أصبح أكثر إشكالًا، خصوصًا بالنسبة لـ«الفيدرالى» الذي يتهم بزعزعة استقرار الأسواق المالية ويهدد سلامة اقتصاد الدولة، وتختبر أسواق الأسهم تأرجحات عنيفة خلال اليوم الواحد. 

 

وتسبب تراجع الأسعار في أن يكون شهر ديسمبر هو أسوأ ديسمبر على الإطلاق للأسهم، وعلاوة على ذلك، ظهر مؤشر معنويات الأسر دون التوقعات وكذلك هبطت ثقة المستهلك، ومع ذلك، فإن معظم التقلبات فى الأسابيع الماضية تعود إلى عوامل خارجة عن سيطرة «الفيدرالي»، وتتضمن التوسع العالمي الأبطأ نظرًا لمعاناة أوروبا والصين في تطبيق سياسات داعمة للنمو، والمخاوف الاقتصادية الأخرى مثل الإغلاق الجزئي للحكومة الفيدرالية الأمريكية والسياسة التجارية، حيث تنتظر الأسواق لترى ما التنازلات التي ستقدمها الصين للولايات المتحدة لإنهاء الحرب التجارية بين البلدين.

 

ومن العوامل الأخرى أيضا انفصال أسعار الأصول لسنوات عن الأسس الاقتصادية بسبب السيولة الوفيرة والمتوقعة، وانتشار استراتيجيات الاستثمار السلبية وصناديق المؤشرات التى تعد بسيولة كبيرة فى جوانب من السوق أقل سيولة.

 

ومع ذلك، فإن تقليص الميزانية يواجه الكثير من الشكوك بسبب النمو البطيء لمنطقة اليورو، والضعف فى النظام المصرفى للمنطقة، والمديونية المفرطة فى بعض الأماكن والجمود السياسية الذى يعوق الإصلاحات الهيكيلة والمالية المطلوبة. واستنادا على هذه الخلفية، ازدادت مخاطر تقويض التقلبات للاقتصاد العالمى، وفقدان بعض المستثمرين للثقة فى طريقة العمل المنظمة للأسواق المالية.

 

ومن الطبيعى أن يعوق ذلك رؤية فوائد التحول المنتظر منذ وقت طويل لنظام مالى أقل تشوها، وإلا كان استمرار التدابير غير المسبوقة سيجلب أضرارا اقتصادية أكبر مع الوقت. 

 

ولايوجد طريق سهل للخروج من الفترة الانتقالية.. وبالفعل ستسلط الأضواء أكثر على «الفيدرالى» العام المقبل، وسيظهر ذلك فى المؤتمرات الصحفية التي سوف تعقد بعد كل اجتماع للجنة السوق المفتوح الفيدرالية، حيث سيُطلب من رئيس «الفيدرالى» جيروم باول، أن يشرح القرارات والخيارات والتوقعات السياسية الصعبة وغير اليقينية. وأيا كانت الزاوية التي تنظر بها للأمر، ستتعرض البنوك المركزية لمزيد من الانتقاد من الساسة والمشاركين فى السوق والمحللين، وبعد أن قلت ذلك، توجد بعض الأشياء القليلة التي بإمكانهم القيام بها. 

 

ففي حالة «الفيدرالي» على سبيل المثال يمكن اتخاذ خطوات تتعلق بتعديل أساليب التواصل التي أطلقها باول مثل التأكيد بشكل مستمر وموثوق على أن صناع السياسة منتبهين لمخاطر الآثار المرتدة من الاقتصاد العالمي المتباطئ والتقلبات السوقية، والإشارة إلى احتمالية مراجعة التقليص التلقائي للميزانية، وكذلك التخلص التدريجي من المخطط النقطي الذي يصدر بشكل دوري من الفيدرالي ويوضح توقعات المسئولين بشأن الرفع المستقبلي للفائدة واستبداله بأنواع تواصل أخرى توضح النتائج المحتملة لكل قرار سياسي، وهو ما يشبه تقريبا ما يفعله البنك المركزي البريطاني في تقرير التضخم الربعي الذي يصدره.

 

وهذه الخطوات لن تبعد «الفيدرالى» عن النيران، ولكنها ستلعب دورا في خفض مخاطر الأخطاء السياسية والأحداث السوقية.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة