صورة من التحقيق الصحفي عن طلاب الجامعات
صورة من التحقيق الصحفي عن طلاب الجامعات


بحثًا عن الرزق وسعيًا لاستكمال التعليم.. للجامعات فوائد أخرى

محمد قنديل

الثلاثاء، 22 يناير 2019 - 01:44 ص

شباب من ذهب.. لم يلطموا الخدود ويشقوا الجيوب حسرة على أوضاعهم وأحوالهم المادية الفقيرة.. قرروا المواجهة، فاستمروا فى دراستهم بالجامعة وفى نفس الوقت انخرطوا فى مهن مختلفة من أجل توفير لقمة العيش والمصروفات التى تغطى دراساتهم.

شباب يُرفع لهم القبعة احتراما قهروا الظروف الصعبة وسخروها لصالحهم فأصبحوا وساما نتفاخر بهم جميعًا، فى جولة قامت بها «الأخبار» داخل جامعة القاهرة وخارجها فى منطقة «بين السرايات» رصدت فيها العديد من طلاب الجامعة الذين يحققون تقديرات متميزة كل عام ويعملون فى المطاعم داخل وخارج الجامعة للإنفاق على دراستهم، دون أن ينتابهم خجل أو خوف من رؤية أحد الأصدقاء لهم.

فى أحد مطاعم البيتزا داخل الجامعة، وقف أحمد عبد المطلب، الطالب بالفرقة الرابعة كلية التجارة والعامل بالمطعم، ترتسم على وجهه ابتسامة ناصعة طوال النهار، تحلت بضوء الشمس الذى يلمع على وجهه، يقابل بها زبائنه من الطلاب، الذين يبدو أنه يعرفهم جميعاً بأسمائهم، يبادلهم الضحكات والكلمات قبل أن يحضّر لهم طلبهم، وأحيانا أخرى يستعرض أمامهم عضلاته الثقافية عندما يتحدث فى بعض الأمور السياسية أو التاريخية فيدرك الطلاب أنهم أمام قيمة كبيرة وليس مجرد عامل.. الجميع يعلمون أنه شاب مكافح يدرس ويتعلم لذلك يكنون له كل الاحترام أثناء الحديث معه.

فيقول أحمد للأخبار: «أعمل منذ أن كان عمرى 10 سنوات، كنت فى طريقى لترك الدراسة والخروج إلى العمل لمساعدة أبى فى مصاريف البيت لأن دخله بسيط ويكاد يكفى نفقات إخوتى، إلا أننى صممت على عدم ترك الدراسة ووعدت أبى أننى سوف أساعده فى نفقات البيت من خلال العمل فى الإجازات وأثناء الدراسة بعد انتهاء يومى الدراسى، وبحمد الله لم أقصر فى عملى ودراستى، حتى دخلت الجامعة كانت سعادة أمى وأبى لا توصف ولكن واجهتنى العقبة الأساسية وهى الإنفاق على الدراسة، فتعرفت على صاحب مطعم بيتزا ونسقت معه على أن أعمل طوال الأسبوع وأحضر محاضراتى ثم أعود لمواصلة العمل.

بلال.. طالب ثانوى يعمل «تيك أواى»

فى مطعم آخر «تيك أواى» بجامعة القاهرة، وقف شاب صغير يبدو أنه لم يكمل عامه السادس عشر.. ينغمس بيديه الإثنتين فى عمله غير مهتم بالعيون التى تلتهمه من كل مكان وتتساءل حول عمله رغم صغر سنه.. يخطف بعض النظرات التلقائية بين الحين والآخر للطلاب الواقفين ممنياً نفسه أن يصبح مثلهم فى أحد الأيام.. بلال عماد، 17 عامًا، يدرس فى مرحلة الثانوية العامة بالعياط.. فيقول بلال إن العمل فى هذه السن ليس بالأمر الغريب عليه حيث إن كل أخواته يعملون منذ صغرهم ولكن الفرق بينه وبينهم أنهم لم يكملوا تعليمهم بينما أصر هو على استكمال تعليمه لدخول كلية الطب التى يحلم بها، وأضاف: «أعمل ثلاثة أيام بالأسبوع وأذهب إلى المدرسة فى الثلاثة الباقين وأعوض أيام غيابى بالمذاكرة ليلاً والمتابعة مع أصدقائى الذين يحضرون الدروس وأغيب فى أوقات الامتحانات وصاحب المطعم لا يمنعنى لأنه يعلم هذا الأمر منذ البداية، والأموال التى أحصل عليها من العمل أتقاسمها مع أمى لأنها تتولى شئون البيت».

محمد.. بائع «عصير قصب» بدرجة محاسب

وبداخل محل عصائر، وقف محمد أشرف الطالب بكلية تجارة جامعة حلوان، وسط زبائنه وكأنهم واحد منهم غير خجول بعمله، لا يرتدى زى العمل وارتدى ملابسه الشبابية حتى لا يشعر بالفارق بينه وبين أصدقائه الطلبة.. فيقول محمد إنه يعمل بهذه المهنة منذ ثلاث سنوات دون أن يشعر بضيق أو تعب حيث إنه يستمتع بعمله وبأصدقائه من الزبائن الذين يعتبرهم كأفراد أسرته لا يقدر على الاستغناء عنهم، وأضاف محمد: «أعمل حتى أدبر نفقاتى الشخصية ودراستى وفى الوقت ذاته أدخل فى جمعيات حتى أكون مبلغا من المال يساعدنى فى الزواج بعد التخرج، حتى لا أعود لنقطة الصفر مرة أخرى.. ولكنى لا أنوى الاستمرار فى هذا العمل بعد الدراسة سأبحث عن عمل بشهادتى وإن لم أجد سأعمل فى أى شيء لأننى أكره الجلوس فى البيت دون عمل».

مرسى.. «جارسون» 3 أيام.. وطالب باقى الأسبوع

جاء من قرية صغيرة تقع على أطراف محافظة الجيزة ليلتحق بمعهد الخدمة الاجتماعية بالقاهرة.. تحدى الظروف المادية الصعبة التى يعانى منها لتحقيق حلمه بمواصلة تعليمه، اصطدم مرسى عبد المنعم صاحب العشرين ربيعا بالواقع المرير لمصاريف دراسته وإقامته بمكان بعيدا عن أسرته، لم يجعل اليأس يتمكن منه واتجه للعمل مع الدراسة لتوفير المصاريف اللازمة. 

فى أحد المطاعم داخل جامعة القاهرة يقف مرسى ويبدو عليه النشاط والحيوية فى العمل، يعد أنواع العصائر المختلفة للزبائن، فيقول إن عمله بالمطعم يبدأ من السابعة صباحا وحتى السادسة مساءً، فيما عدا 3 أيام بالأسبوع لحضور المحاضرات الخاصة به فى المعهد، ويضيق مرسى أن هناك تفاهما وتعاونا كبيرا مع صاحب العمل الذى يسمح له بحضور المحاضرات تقديرا لظروفه، كما أن مجموعة الشباب التى تعمل بالمكان تجمعهم الصداقة والمودة مما يسهل الأمور كثيرا، ويؤكد أنه استطاع أن يوفق بين العمل والدراسة بسهولة.

لقراءة باقي التحقيق في عدد الأخبار الثلاثاء 22 يناير
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة