سالا ضحية الطيار «السباك»
سالا ضحية الطيار «السباك»


حكايات| أن يبتلع البحر أحلامك.. قصة سالا ضحية طيار «سباك»

عمر البانوبي

الجمعة، 25 يناير 2019 - 10:02 م

أن تهاجر بأحلامك من مدينة صغيرة في الأرجنتين إلى القارة العجوز وتبدأ رحلتك من فرنسا لتحقيق طموحات كبيرة في عالم كرة القدم، ثم فجأة تنتهي الرحلة سريعًا في عرض المحيط، وسط يأس كبير بين محبيك في العثور عليك،  لا حطام أو أثر لطائرة أقلت الأرجنتيني الشاب إيميليانو سالا.

هاجر الفتى الأرجنتيني الصغير سالا المولود في 1990 بأحلامه وأسرته إلى البرتغال لفترة قصيرة لبدء مشواره مع كرة القدم في مستويات غير احترافية، قبل أن يصل إلى فرنسا ويبدأ التألق بالانضمام إلى بوردو الفرنسي في العام 2012، ويظهر للمرة الأولى أمام عالم الساحرة المستديرة كلاعب محترف طموح.

 

اقرأ للمحرر: السحر الأسود والكرة.. دماء قرود وعظام ومصر تخسر بـ«ذكر ماعز»

 

رحلة قصيرة
 

نشأ الفتى سالا على حب ابن مدينته «سانتا في» الأرجنتينية جابريل عمر باتيستوتا، الذي تألق خلال التسعينات وبداية الألفية في قيادة هجوم الأرجنتين وأندية فيورنتينا وروما في إيطاليا، وسار على خطاه حالمًا بأن يكون الهداف الكبير لمنتخب راقصي التانجو في كأس العالم المُقبلة، ولم يكن يدري أن المحيط سيبتلع أحلامه بعد رحلة قصيرة مع الحياة.

 

مع انطلاقته في بوردو الفرنسي، لم يكن ناديه الكبير مقتنعًا بقدراته الهجومية بعد مشاركته في 11 مباراة فقط، مسجلاً هدفًا وحيدًا، لكنه تمسك بأحلامه لانتشال أسرته من الفقر، ووعد والده الذي يعمل سائق شاحنة بأن يصبح أحد نجوم الكرة في أوروبا خلال السنوات القليلة المُقبلة.

 

 

طموحات سالا دفعته للانتقال معارًا لأندية صغيرة في الدرجة الثانية بفرنسا، وكان النجم الأول في أورلي ونيور وكان، محرزًا أكثر من 40 هدفا، ليتلقفه نادي نانت المنافس في الدوري الفرنسي الممتاز ويصقل موهبته الهجومية ويصبح نجمه وهدافه الأول على مدار 4 سنوات كاملة بعد مشاركته في 117 مباراة مسجلاً 42 هدفًا.

 

اقرأ للمحرر:  قصة نادي غزل المحلة من «الفلاحين غلبوا البندر» إلى غياهب «المظاليم»

 

الطيران إلى كارديف

 

سافر سالا إلى ويلز يوم 19 يناير الماضي للمضي قدمًا في مسيرته بخطوة قياسية والانضمام لنادي كارديف سيتي المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز رسميًا، ليحصل نانت الفرنسي على 15 مليون يورو وهو رقم قياسي بالنسبة لصفقاته، وأصبح الفتى الأرجنتيني أحد الأسماء التي يعول عليها جمهور نادي المدينة الويلزية إنقاذ مسيرة فريقه هذا الموسم.

 

وفور توقيع العقود قرر العودة إلى فرنسا لوداع رفاق الكفاح في نادي نانت، بعد أن سجل 12 هدفًا في الدور الأول هذا الموسم وازداد توهجًا في الدوري الفرنسي، وبالفعل التقى لاعبي فريقه وودعهم استعدادًا للعودة إلى ويلز وبدء رحلته الجديدة مع كارديف سيتي.

 

للمحيط رأي صادم

 

حزم سالا حقائبه، وقرر السفر إلى ويلز على متن طائرة صغيرة وحيدًا برفقة طيار مغمور يدعى أبوتسون ولا يملك سوى رخصة خاصة، وليست رخصة تجارية، لتبدأ رحلة الموت.

 

قرر سالا فجأة إرسال بعض الرسائل الصوتية لإخوته وأصدقائه، وبعدها اختفت طائرته فجأة من على الرادار في منطقة منارة كاسكيتا في جزر القنال البريطانية.

 

 

 

رجحت صحيفة «صن» البريطانية، أن تكون طائرة سالا هبطت في منطقة وادٍ تحت الماء يبلغ عمقه 183 متراً تقريباً مليء بالذخائر والنفايات المشعة، وهو وادي «هارد ديب»، الواقع قُبالة جزيرة آلديرني في القنال الإنجليزي، واستخدم تاريخيًا كمدفن لنفايات الأسلحة الكيماوية في الحرب العالمية الأولى.

 

واصلت الشرطة بحثها خلال 4 أيام عن أي أثر لطائرة سالا دون جدوى، وأوقفت عمليات البحث بشكل رسمي، وهو ما دفع عائلة سالا لاستئجار قوارب للبحث عن أي أثر له.

 

طيار «سباك»

 

كشفت صحيفة «صن» في تحقيق استقصائي عن إيبوتسون، أنه مديون بمبلغ يقترب من 23 ألف يورو، ويعمل بمهن متعددة منها مهندس أنظمة تدفئة ومنسق موسيقى (DJ) بالمراقص، كما أنه روِّج لمشروعه في مجال السباكة وتوصيلات الغاز، وطلب من أصدقائه تقييمه في محرك البحث جوجل لتعزيز مشروعاته لسداد ديونه.

 

 

 

استقل إيبوتسون طائرة من طراز «بايبر ماليبو» وعلى متنها سالا ليحلق به عائدًا من فرنسا إلى ويلز، لكن رسائل الفتى الأرجنتيني أكدت مخاوفه بشأن الطائرة التي استأجرها وكيله مارك مكاي.

 

اقرأ للمحرر: الخليفة الشرعي للبرازيليين.. مدرب مصري قاد العين الإماراتي للبطولات

 

رسائل الوداع المميت

كشفت صحيفة أرجنتينية نص رسائل الوداع التي أكد والد سالا مصداقيتها في اللحظات الأخيرة قبل اختفاء الطائرة التي أقلته إلى ويلز، وحملت أبرزها كلمة «أنا خائف.. الطائرة ستسقط».

وجاءت رسائل سالا التي أرسلها إلى مجموعة من أصدقائه، لتحمل هذه الكلمات المرعبة: «مرحباً إخوتي الصغار، كيف حالكم أيها المجانين؟ أنا منهك للغاية، قمت بأشياء كثيرة في نانت، أشياء، أشياء، أشياء، الأمر لا يتوقف أبداً».

 

وأضاف: «أنا على متن طائرة يبدو أنها ستسقط وتتفتت إلى قطع، أنا ذاهب لكارديف، وسأبدأ غداً بالفعل، أمر جنوني، في المساء أبدأ التدريبات مباشرة مع فريقي الجديد».

 

وبعث اللاعب برسالة أخيرة، قال فيها: «كيف حالكم إخوتي هل تسير الأمور بشكل جيد؟ إذا لم تتلقوا أية أخبار مني خلال ساعة ونصف، لا أعرف، ولكن سيحتاجون أن يرسلوا أحدهم للبحث عني، أنا خائف».

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة