الكاتب محمد البهنساوي
الكاتب محمد البهنساوي


محمد البهنساوي يكتب: وداعاً مافيا التعويضات ‬الإنجليزية

محمد البهنساوي

الإثنين، 28 يناير 2019 - 11:16 م

تعديلات بالقانون البريطانى تحمى فنادقنا من ملايين الدولارات .. والإنقاذ بيد «الغرفة»
 

«‬محكمة إنجليزية تعاقب زوجين بريطانيين حاولا تشويه سمعة فندقٍ مصرى» ‬هكذا طالعتنا صحيفة ديلى ميل البريطانية الشهيرة.. قد يبدو الخبر للقارئ العادى مثيرا بعض الشىء.. لكنه لرجال السياحة يمثل نقطة تحول ونهاية لما يمكن ان نسميه «مافيا التعويضات الإنجليزية» خاصة اذا علمنا تطورات هذا الملف المهم.

دعونا بداية نتعرف على تفاصيل الخبر.. فقد عاقبت المحكمة الزوجين بدفع غرامة 7500 جنيه إسترلينى لشركة تيوى اكبر منظم للرحلات فى العالم، فقد ادعيا كذبًا تعرضهما لتسمم غذائى بأحد فنادق شرم الشيخ.. وأكدت ديلى ميل أن الزوجين اكدا شرائهما دواء من إحدى الصيدليات أثناء الإجازة لعلاجهما من التسمم بسبب تدنى النظافة والأطعمة بالفندق، وطالبا بتعويض .‬

إلا أنه تبين لإدارة الفندق المصرى أن الزوجين سجلا فى موقع «Tripadvisor» ‬الخاص بتوصيات السفر، إعجابهما ورضاهما الكامل عن رحلتهما إلى شرم الشيخ، و كتبا أنهما عاشا تجربة رائعة.

الى هنا انتهى الخبر.. ولمن لا يعلم.. فان السياحة الإنجليزية تمثل هاجسا يخيف الفنادق حول العالم عامة وفى مصر خاصة.. وهو ما يعلمه الجميع بقطاع السياحة والمحتكين به.. والسبب فى ذلك ان القانون الإنجليزى يمثل حالة خاصة عالميا فى تعويض السائحين ماديا عما يصيبهم خلال رحلتهم خاصة صحيا.. فهو لا يتطلب ادلة أو إثبات لحالة تسمم أو إعياء لصرف التعويض.. ويكفى تقديم روشتة بشراء أدوية مغص من صيدلية مغمورة ليثبت القضاء حالة التسمم ويصدر حكما بالغرامة الكبيرة على الشركة الأجنبية والفندق المحلى لصالح السائحين المدعين.. بل ان هذا الحق مكفول للسائح حتى بعد مرور شهور وسنوات على رحلته وفى بعض الحالات تم إقامة دعوى التعويض بعد مرور ٣ سنوات على الرحلة وإذا نجح أى فندق - وهذا نادرا - فى إثبات كذب الادعاء لا يتم اتخاذ أى اجراء تجاه المدعين. ‬

وأمام هذا الوضع القانونى الغريب.. تخصص بعض المحامين الإنجليز لتشكيل مافيا تعويضات على غرار المحامين مافيا تعويضات ضحايا الحوادث منذ فترة بمصر .. وبدأ هؤلاء المحامون إما بالاتفاق مع السائحين قبل سفرهم بالترتيب لتعويضات ما بعد الرحلة.. أو حتى انتظارهم بالمطارات بعد العودة لإقامة دعاوى التعويض.. السائح لا يتكلف شيئا ولن يخسر شيئا.. وبعد الحكم شبه المضمون يتقاسمان مبلغ التعويض.. وقد تكبدت الفنادق والمنتجعات المصرية ملايين الدولارات بتلك المكائد.. ناهيك عن تشويه السمعة. 

لكن ماذا حدث ولماذا حكم الغرامة الذى يعد الأول من نوعه ضد سائحين إنجليز.. حاولنا معرفة الإجابة.. والتى كشفها لنا حسام الشاعر رئيس غرفة السياحة وهو أيضا وكيلا لاحد اكبر منظمى الرحلات الإنجليز «توماس كوك».. يقول الشاعر ان ماحدث سببه الرئيسى إسبانيا.. فبعد انحسار السياحة بمصر وتونس وبعض الأسواق المنافسة.. ازداد التدفق على اسبانيا.. وارتفعت إشغالات فنادقها لعدة سنوات.. وأصبح لديها القدرة فى رفض الزائن أو وضع اشتراطات.. وبدأت عدة فنادق فى إسبانيا ترفض السائحين الإنجليز أو تضاعف الأسعار لهم تحسبا لقضايا التعويضات.. هنا توجه بعض كبار الشركات الإنجليزية وعلى توماس كوك وطومسون إلى البرلمان الإنجليزى وأكدوا ان قلة من السائحين الإنجليز تضر بالغالبية العظمى وتسىء لسمعة بلدهم.. وبعد مباحثات مستفيضة فى اجراء تعديل بسيط فى قانون التعويضات.. فبدلا من السائح لا يخسر شيئا فى حالة كذب الادعاء.. تضمن التعديل تكبيده غرامة مالية إذا ثبت كذبه.. وبالفعل جاء الحكم السابق كاول حكم بعد التعديل الجديد.. ويضيف حسام الشاعر انه بعد التعديل القانونى تراجعت وبشكل ملحوظ دعاوى التعويضات الإنجليزية ضد المنتجعات المصرية.. ومن المتوقع بعد الحكم ان يزداد هذا التراجع. ‬

هاهى قصة بدء نهاية مافيا التعويضات الإنجليزية التى كانت تخيف الفنادق.. وإذا فكرنا كيف نستغل هذا الحكم.. تتبادر الى الذهن فورا ضرورة نشر خبر ديلى ميل من قبل وزارة السياحة وهيئة الاستعلامات على نطاق واسع.. بالطبع خارج مصر وليس داخلها.. فهذا سعادة براءة للمنتجع المصرى من كذب الادعاء الإنجليزى وتشويه السمعة.. الا أن حسام الشاعر له رأى اخر فى كيفية استغلال ليس الحكم إنما التعديل القانونى الإنجليزي.. فهو يرى ان خطر التعويض الكبير لازال قائما.. خاصة إذا لم يثبت المنتجع صحة موقفه.. وهنا فان الشاعر يلقى بالكرة فى ملعب غرفة الغنادق.. حيث يرى ضرورة القيام بتحركين عاجلين.. أولهما استقدام خبراء قانون إنجليز على مستوى عال وتدريب الفنادق المصرية على كيفية إثبات حقها.. والحصول على تعويضات فى حالة كذب ادعاء السائحين.. وثانياً دراسة متطلبات القانون الإنجليزى الصارمة فى الفنادق التى يقيم بها السائحون الإنجليز.. من حيث عمق حمامات السباحة والمساحات الخضراء والاشترطات الصحية والحفاظ على سلامة السائح.. ويضيف حسام الشاعر انه بما ان هذه الاشتراطات الاصعب عالميا.. فلو طبقناها وراعيناها فستلقى ترحيب من كافة الأسواق السياحية وستقضى على شكاوى السائحين من كافة الدول وتعد عامل جذب سياحى إضافى.

هكذا ننتظر انحسار شبح مافيا التعويضات الإنجليزية.. وهكذا يمكننا الاستفادة من الحكم الإنجليزى والتعديل القانونى.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة