صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


معرض الكتاب يحتفي بـ«تلخيص الإبريز في تخليص باريز»

نادية البنا

الخميس، 31 يناير 2019 - 08:47 م

احتفى معرض القاهرة الدولي للكتاب، بالقاعة الرئيسية، اليوم الخميس، بكتاب "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" لرفاعة الطهطاوي، وناقشه د. أحمد درويش، ود. زكريا الرفاعي، وأدار المناقشة كمال مغيث.

الكتاب ألفه رفاعة رافع الطهطاوي، عندما رشحه الشيخ حسن العَطَّار إلى محمد علي بأن يجعله مشرفاً على رحلة التلاميذ إلى باريس في فرنسا ليكون المشرف عليهم ويرعاهم ويسجل أفعالهم، ونصحه مدير الرحلة الفرنسي بأن يتعلم اللغة الفرنسية وأن يترجم مدوناته في كتاب وقد ألف عدة كتب وقضى 5 سنوات في التدوين والترجمة في كتاب "تخليص الإبريز في تلخيص باريز"، حيث بقي "الطهطاوي" في باريس من 1324 إلى 1347.

ويعد الكتاب أوفى مصدر مباشر لدراسة البعثة التعليمية المصرية التي أرسلت إلى باريس، وصورة فرنسا في ذلك الوقت، إذ يحوي معلومات تاريخية وجغرافية وسياسية واجتماعية، فقد كان رفاعة الطهطاوي يشيد بما يعجبه وينتقد ما لا يعجبه ويعقد المقارنات بين أحوال فرنسا وأحوال مصر التي ينبغي إصلاحها.

في كلمته، قال د. زكريا الرفاعي، أستاذ الأدب الحديث بجامعة المنصورة، إن تجربة رفاعة رافع الطهطاوي بحاجة إلى الاستلهام، وكتابه "تلخيص الإبريز في تلخيص باريز" يمثل مرجعًا لمشروعه الأدبي، إذ كان "الطهطاوي" معنيًا في المقام الأول بالإصلاح هو ومعاصريه، مشيرًا إلى أن التعليم في مصر منذ عهد رفاعة الطهطاوي وحتى اللحظة المعاصرة يعد إشكالية كبرى في قلب إشكالاتنا الحضارية والثقافية في مصر.

وأكد "الرفاعي"، أن الطهطاوي يعد أحد أعلام مصر الثقافية، وأحد أعمدتها التعليمية على مدى العصور، فهو أول من دعا للتوفيق بين الحضارتين الغربية والشرقية على مستوى التعليم، وحرص على نقل ما هو إيجابي من الغرب مبتعدًا عن ما هو سلبي في رأيه، وقد أكمل مسيرته علي مبارك.

وأوضح أن كتاب "تخليص الإبريز في تلخيص باريز"، يُعد هو المرجع الرئيسي لتجربة "الطهطاوي"، إذ ينطوي على نظرة متسامحة مع الآخر الحضاري، ويعكس هذا التوجه بعمق لدى "الطهطاوي"، كما أنه يلقي نظرة متعمقة في التراث الإسلامي تجمع بين المعاصرة والأصالة بشكل جدلي.

وقال: "الطهطاوي كان واعيا بالظرف التاريخي والاجتماعي الذي يعيشه، لذا فقد قام بالعديد من التعديلات تفاديا لسخط المجتمع وانتقاده للكتاب في ذلك الوقت، حيث ثقافة الطهطاوي في باريس شكلت بعدًا خطيرًا للغاية".

ورأى أن جدل إشكالية التعليم في مصر الآن، ستحسم إذا أدركنا أن التعليم خادمًا للدولة، أم أنه وسيلة لتخريج موظفين في مجالات العمل العام على اختلافها، مشيرًا إلى أن هناك فترات شهد فيها التعليم قفزات مختلفة، غير أننا لا نستطيع أن نقرر أنها كانت قفزات كيفية وليست كمية، نظرًا لغياب الرؤية الفلسفية لدينا لهذه القضية بالغة الأهمية.

فيما قال د. أحمد درويش، إن البعثة الأولى التي سافر فيها "الطهطاوي" إلى باريس لم تكن البعثة الأولى في تاريخ البعثات المصرية على عكس ما هو شائع، إذ كان لمحمد علي رؤية تعليمية وتنويرية وتنافست البلدان الأوروبية لنيل شرف تلك البعثة وتنازعت فرنسا وإيطاليا.

وأضاف: "البعثة الأولى كانت إلى إيطاليا وكانت عبارة عن طالب واحد لكن البعثة كانت جس نبض لأن المحافظين ورجال الدين والدولة العثمانية أنابوا محمد علي ببعث طالب إلى بلد قريبة من الفاتيكان لذا فضل محمد علي أن تكون البعثة الثانية إلى بلد أقل حساسية وهي فرنسا، ثم بدأ الحديث عمن له الحق في السفر وفي أي التخصصات التي تصنع النهضة، وتم بعث جميع الأفراد في التخصصات العملية التي تفيد الجيش وطائفة المتمصرين لم يكن فيها أحد من أبناء الفلاحين ولا المصريين ولا أصحاب الدراسات الإنسانية".

وأوضح: "لكن الشيخ حسن العطار وكان شيخ الأزهر وكان متفتحًا وموضع ثقة محمد علي فأشار عليه أن يرافق البعثة واحد من شباب الشيوخ ويكون ضمن المنظمين، فكان الطهطاوي ضابطا في الجيش ومن أصحاب الربط والأشراف والعلم الديني وكان مهمته المراقبة الدقيقة ليست في الصلوات والسلوك لكن كتابة التقارير المنتظمة عن مدي الالتزام المبعوثين بالدراسة".

وأضاف: "لكن رفاعة الطهطاوي تلقى من حسن العطار توجيها آخر قال نحن لم نقرأ عن مدينة باريس فهلا كتبت شيئا نسمية الإيوان النفيس في مدينة باريس، لكن الطهطاوي كان أكثر ذكاءً من أستاذه وعندما انتهى منه اختار عنوانا غاية في الخطورة يلخص نظرته".

وتابع: "ومن أجل الإبريز جعل باريز بالزين وليس الغرض من العنوان السجع الإبريز هو ليس الذهب كما هو شائع كتلة الحجر المعدنية الموجودة في باطن الأرض وفيها نسبة متكررة من المعادن الخسيسة والنفيسة تستحق الحفر، كانت نظريته تتلخص في أن الحضارة الأوروبية كالإبريز فيها كمية كبيرة من المعادن الخسيسة وكمية من النفيسة، ولا يمكن أن نقبلها كلها للنفيس أو نرفضها للخسيس".

واستطرد: "علينا أن نخلصها كلها من الإبريز حتى ننتقي النفيس ونترك الخسيس، وتلك نظرية نحن في حاجة إليها اليوم، لكن علينا أن نخلصها كلها من الإبريز حتى ننتقي النفيس ونترك الخسيس، وتلك نظرية نحن في حاجة إليها اليوم".

ورأى أن "الطهطاوي" بدأ بكراسة كبيرة حملها معه، وعندما وصل إلى مارسيليا انبهر ولم يخفي انبهاره، وكان أبرز ما انبهر به هو المقهى، ورصد بدقة المظاهر الإيجابية الموجودة فيه.

ولفت إلى أن الفرق بين رفاعة الطهطاوي وطه حسين كمفكرين لهما رؤى خاصة بهما في التعليم، وهو أن "الطهطاوي" كان أكثر وسطية وتوازنا في رؤيته مقارنة بـ طه حسين، إذ أن عميد الأدب العربي يرى أن مستقبل مصر ينبغي أن يرتكز على انفصالها عن محيطها الإقليمي، ومن هنا صنفه البعض كداعية للتغريب، مشيرا إلى أنه كان أكثر اندفاعًا في حب الحضارة الغربية، أما "الطهطاوي" فكان في موقع يمكن أن نصفه بالإصلاحي في مقابل الثورية.

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة