خلال الندوة
خلال الندوة


مثقفون ونقاد يناقشون «أدب المهجر» بمعرض القاهرة للكتاب

نادية البنا

الأحد، 03 فبراير 2019 - 06:22 م

قالت د. حياة الخياري أستاذ النقد الأدبي بالجامعة التونسية، إن هناك حركة جديدة لأدب المهجر لم تقم حولها دراسات بحثية، ولم يتم التطرق إلى المستوى الإنتاجي الأدبي الكبير الذي تقوم به هذه الحركة الجديدة والتي ستحتاج إلى دراسات لتناولها.

وأضافت  خلال ندوة «أدباء المهجر رؤية نقدية» بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، أن موضوعات أدب المهجر تعتبر تجارب ذاتية وتمثل تجربة ذاتية للأديب وتمثل معاناته في المكان الجديد الذي يعيش فيه، ما بين خيبة أمل الأديب في المكان الجديد الذي يعيش فيه نظرا لرغبته في الرجوع لوطنه وعدم توافر الظروف للعودة على الرغم من النجاحات الكبيرة التي يحققونها في الغرب .

وأشارت إلى أن أدباء المهجر لديهم تأثر كبير بالمدرسة الوجودية الفرنسية فضلا عن تأثرهم بالمدرسة الرومانسية في الغرب، كما أن أدباء المهجر رغم أنهم في البداية كان معظمهم من المسيحيين إلا أنهم أول من درس القرآن باعتباره إنتاجا ثقافيا تتضح فيه مواطن مختلفة من جمال اللغة .

وأوضحت أن أدباء المهجر طوروا ووظفوا الصورة الشعرية بشكل كبير بما يخدم النص الأصلي ، كما أنهم ركزوا على مصطلحات الغربة والمنفي في أعمالهم، وهو ما يستدعيه أدباء المهجر في العصر الحديث ، كما أن أدباء المهجر أسسوا في مدرستهم الرومانسية نظرة مختلفة للمرأة باعتبارها موطنا من مواطن الجمال في العالم وهو ظهر في تأثر الشاعر التونسى أبو القاسم الشابي بهذه النظرة الجمالية للمرأة حيث كان يثمن نظرة الرومانسيين للمرأة وهو دلالة على تأثره بأدباء المهجر كما أنه انتقد قصائد الغزل الصريح التي تصل إلى حد الإباحية التي كانت موجودة في الأدب العربي .

وأشارت إلى أن هناك نمطا جديدا من أدب المهجر الحديث الذي تتضح فيه مصطلحات جديدة مثل المنفي والاستعمار والابتزاز السياسي للدول وخاصة في الوطن العربي وهذا بالتأكيد تأثرا بأحوال المنطقة العربية وهو ما ظهر جليا خلال الإنتاج الأدبي والثقافي لأدباء المهجر في العشرينية الأخيرة .

من جانبه أكد الأديب أبو المعاطى أبو شارب، أن أدب المهاجرين المصريين يتميز بأنه يضفو عليه شعور دائم بالغربة، وهو ما ظهر في التركيز في أعمالهما الروائية على الحياة الجديدة والغربة، بالإضافة إلى رغبتهم الدائمة في نقل خبرات حياتية جديدة لأبناء أوطانهم.

وأضاف أن الهوية الجديدة للمواطنة العالمية ووسائل العولمة والتكنولوجيا الحديثة كلها أمور قد أثرت بشكل أو بآخر على الشعور بالغربة لأدباء المهجر، حيث ساهمت التكنولوجيا الحديثة في تقريب المسافات بعض الشيء بين هؤلاء الأدباء وأوطانهم الأصلية.

وأشار إلى أن أدب المهجر يذهب دائما بأفكاره نحو المدينة الفاضلة التي لا توجد إلا في الخيال، من خلال رغبتهم في إيجاد حضارة جديدة في بلادهم مبنية على السلام والأصولية ، فضلا عن محاولتهم نقل أحدث المفاهيم الثقافية إلى بلادهم ، وعلى رأسها التهجين الثقافي، حيث أن الكتاب المهاجرين جاءوا يحملون فكرا مبنيا على التعايش والفكر والجمال الدافع للتطور، كما أنهم لا يوجد لديهم نزعات أو أفكار انتقامية ولكن يوجد لديهم رغبات في نقل خبرات حياتية جديدة ومظاهر الحداثة لبلادهم.

وفي كلمته بالندوة أكد الدكتور صلاح السروي أستاذ الأدب والنقد بكلية الآداب جامعة حلوان، أن أدب المهجر يمثل ظاهرة ثقافية هامة في تاريخ الأدب العربي، حيث أنه كان رافدا مهما لحركة الرومانسية العربية التي بدأت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، حيث تأثر أدباء المهجر بحركة الشعر والأدب في الغرب، وهو ما أدى إلى زيادة الزخم في أدب الرومانسية العربى.

وأضاف أن الأسباب التي أدت إلى هجرة أغلب أدباء المهجر هو الحروب الطائفية في بلاد الشام بين الدروز والمسيحيين وبين المسلمين والمسيحيين، وهى الحرب التي انحاز فيها الحكم العثمانى في ذلك الوقت للدروز، ومنطقة لبنان على وجه الخصوص باعتبارها أكبر تجمع طائفي في العالم العربى أدى هذا إلى زيادة التناحر الطائفي بها، وهذا ما أدى إلى هجرة أدباء المهجر للهروب من التناحرات الطائفية.

وأشار إلى أن حكم منطقة الشام من قبل الحكم العثمانى التركى وما ارتبط به من انتشار الاستبداد والطغيان وانتشار التخلف وانتشار الإقطاع، وأيضا في ظل اتصال بلاد الشام والغرب وخاصة فرنسا التي كانت شديدة الاتصال بمسيحى الشام، أدت كل هذه العوامل إلى هجرة عدد كبير من أدباء الشام من بلادهم، بل تحولت بلاد الشام لأكبر مصدر للمهاجرين في الوطن العربى في ذلك الوقت.

ولفت إلى أن أدباء المهجر نجحوا في القيام بتكوين روابط بينهم في دول المهجر التي عاشوا فيها لزيادة الإتصال فيما بينهم فأنشأوا روابط في أمريكا الشمالية، ورابطة أخرى في أمريكا الجنوبية باعتبارها أكثر الدول التي هاجر إليها المثقفين الشوام، إلا أن هناك مقصدا آخر للهجرة لمثقفي الشام لم يذكره الباحثون باعتباره امتدادا طبيعيا لبلاد الشام وهو مصر حيث كانت مصر مقصدا مهما لهجرة العديد من الكتاب والمثقفين الشوام الذين لم يهاجروا.

وأوضح أن أبرز ما ميز شعر أدباء المهجر أنه شعرا رومانسيا فقد كان الشعر الرومانسى في الوطن به تراجع بشكل كبير، وقد كان الشعر الرومانسى يمثل ثورة في الأدب الكلاسيكى المنتشر في الوطن العربى والتي تعتبر مدرسة القواعد، حتى إن مدرسة الشعر الرومانسى مثلت ثورة ضد المدرسة الكلاسيكية في الأدب، حيث إن المدرسة الرومانسية كانت ابنة الطبقة الوسطى في المجتمع بعكس المدرسة الكلاسيكية التي تعتبر ابنة الطبقة البرجوازية في المجتمع.

وأشار إلى أن هناك ارتباطا مباشرا بين حركة الأدب الرومانسى في المهجر وحركة الرومانسية في مصر، حيث كان أدباء المهجر بمثابة رافد مهم لإثراء حركة الأدب والشعر في العالم العربى عامة وخاصة في القاهرة ودمشق والتي انتعشت حركة الأدب الرومانسى فيها تأثرا بحركة الرومانسية المهجرية، ونحن الآن ننتظر حركة مهجرية جديدة في ظل تواجد عدد كبير من أدباء العرب يعيشون في دول المهجر.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة