السفير خالد عمارة خلال حواره مع «الأخبار»
السفير خالد عمارة خلال حواره مع «الأخبار»


حوار| مساعد وزير الخارجية: مصر تقود أفريقيا فى 2019

إبراهيم مصطفى- حسام عبدالعليم

الإثنين، 04 فبراير 2019 - 12:44 ص

 

السفير خالد عمارة:

 

لدينا رؤية لتحقيق التنمية والاهتمام بقضايا المرأة والشباب وخلق فرص عمل


رئاسة مصر للاتحاد فرصة لدفع العلاقات مع دول القارة وتحقيق الاندماج


نعمل على دخول منطقة التجارة الحرة حيز النفاذ خلال عام الرئاسة المصرية

 

تتجه أنظار العالم الأسبوع القادم إلى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، حيث تتسلم مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسة الاتحاد الأفريقى من الرئيس الرواندى بول كاجامى، وهى اللحظة التى تأتى بعد جهود كبيرة من قبل الرئاسة والدبلوماسية المصرية وكافة الجهات المعنية لعودة مصر لمكانتها التاريخية ووضعها الطبيعى فى علاقتها مع دول القارة السمراء، لاسيما فى ظل العلاقات التاريخية والمصالح الحيوية التى تربطها بالدول الأفريقية.


مشكلات وقضايا وملفات عديدة تواجهها القارة السمراء، فى مقدمتها الأمن والتنمية تقع على عاتق الرئاسة المصرية هذا العام، من أجل تحقيق مستقبل أفضل لأفريقيا، «الأخبار» أجرت حوارًا مع السفير خالد عمارة مساعد وزير الخارجية للمنظمات والتجمعات الأفريقية، لنتعرف على أهم ملامح وتوجهات مصر تجاه القارة السمراء خلال فترة رئاستها للاتحاد الأفريقى .. وإلى نص الحوار..

 

• منذ إنهاء تجميد عضوية مصر فى الاتحاد الأفريقى فى 17 يونيو 2014، إلى الفترة التى تم اختيارها لتولى رئاسة الاتحاد، ماذا تغير فى وضع ومكانة مصر داخل الاتحاد والقارة؟


عودة مصر للقارة الأفريقية مسألة حتمية، كما أنها مسألة تربطها الجغرافيا والتاريخ والحضارة والثقافة، وأواصر الترابط القوية بين الشعب المصرى وشعوب القارة كلها، وقد مرت مصر بظروف استثنائية، وهذا يحدث داخل المنظومات الدولية والأفريقية، وقد عادت مصر للاتحاد من أوسع الأبواب، لأنها أيضا عودة مرتبطة بسياسة وتوجه من الدولة المصرية والقيادة السياسية تجاه أفريقيا.

 

وبالتالى ما حدث من تغيير هو أن هذه العودة تتواكب مع تعميق التعاون مع الدول الأفريقية، واهتمام كبير فى أجهزة الدولة فى هذا الشأن، كذلك برامج كثيرة تقدمها مصر لدعم القدرات فى القارة والتواصل مع الأشقاء فى القارة للتعرف على احتياجاتهم، وتقديم كل ما تستطيع مصر أن تقدمه، فمصر تفتح أبوابها لكل الأشقاء الأفارقة، باعتبار أنها مصلحة واحدة، كما أن هناك مصلحة حقيقية فى تحقيق التنمية والاستقرار والتقدم والتحديث داخل القارة. وبالتالى هناك تقدير كبير لهذا الدور المصرى، وأيضًا ترقب كبير للدور القيادى لمصر للمنظومة الأفريقية، وهذا انعكس بالطبع فى اختيار مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقى.


اختيار مصر


• كيف تم اختيار مصر لتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي؟


اختيار مصر لرئاسة الاتحاد مرتبط بعملية تناوب بين الأقاليم داخل القارة، حيث كان يقع الدور لتولى رئاسة الدورة القادمة للاتحاد على إقليم شمال أفريقيا، وكان هناك إجماع واضح من الدول الأفريقية على اختيار مصر لتولى رئاسة الاتحاد فى هذه المرحلة الدقيقة التى يمر بها العالم من تطورات، وتمر أيضا بها القارة الأفريقية من تطورات إيجابية مهمة جداً، منها على سبيل المثال عمليات الإصلاح التى تتم داخل الاتحاد الأفريقى.

 

كذلك هناك مشروعات كبرى للاندماج وغير ذلك، فأفريقيا تسعى إلى أن يكون لها قيادة رشيدة وحكيمة لديها القدرة على توجيه الدفع الخاص بالقارة فى الاتجاه السليم، كما تقدم مصر كنموذج ويحتذى به للدول الأفريقية فى إحداث التنمية الشاملة على أرض مصر، وفتح أبوابها لتجربتها لتكون متاحة لأشقائنا الأفارقة.


• ما هى الأولويات التى سوف تعمل عليها مصر خلال عام رئاستها للاتحاد الأفريقى؟


أحب أن أوضح أن سنة الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى، ما هى إلا سنة تقدم فرصة لمصر للدفع بالعلاقات مع الدول الأفريقية، فالسياسة المصرية سياسة ثابتة، والدولة المصرية التى أصبحت فى موقع بأن تهتم بهذه الدائرة الهامة فى السياسة الخارجية المصرية ودائرة الأمن القومى المصرى، وهى دائرة كانت دائمة ثابتة فى دوائر التحرك المصرى.

 

ولكن الجديد ان هناك فعلاً دفع من القيادة السياسية والرئيس عبد الفتاح السيسى فى هذا الاتجاه وبسياسات واضحة جداً تجاه القارة، ونلمس هذا فى الزخم الكبير فيما يتعلق بتعدد الزيارات، والتواصل مع القارة والتعاون الموجود والذى يتنامى مع الدول الأفريقية فى جميع المجالات، وبالتالى علينا أن نضع فى اعتبارنا أن نأخد سنة الرئاسة المصرية للاتحاد باعتبارها خطوة تدفع بالسياسة وليست نهاية المطاف، فمصر لديها الكثير لتقدمة قبل فترة الرئاسة وخلالها ومابعدها، وهى مستمرة فى تقديم كل ما تستطيع لإحداث الفارق المطلوب على الساحة الأفريقية.


• وماذا عن الاهتمامات التى تخص مصر خلال المرحلة القادمة عليها؟


بالتأكيد مصر لديها وضوح رؤية بالنسبة لمتطلبات التنمية والسلم والأمن، كذلك متطلبات الاندماج الاقتصادى والتجارى داخل القارة الأفريقية، كل هذه أولويات وضعها القادة الأفارقة بالفعل، ومصر ستقود دفة الاتحاد الأفريقى فى تنفيذ كل هذه الرغبات والمتطلبات التى تسعى اليها أفريقيا.

 

وهى تمثل جزءً اساسياً من السياسات التى يتبناها القادة الأفارقة، ومن أهم الموضوعات والقضايا التى تعتزم مصر المساهمة فيها خلال المرحلة القادمة، مسألة تعميق الإندماج الاقليمى والاقتصادى على مستوى القارة، من خلال اتخاذ زمام الريادة فى موضوع منطقة التجارة الحرة الافريقية، هو مشروع كبير يهم كل دول القارة. كما ان هذا المشروع أصبح الآن محل تقدير الجميع سواء على المستوى الأفريقى أو خارج القارة، حيث وقعت أكثر من 50 دولة أفريقية على الاتفاقية، وهناك حوالى 14 دولة صدقت عليها.


حيز التنفيذ


• ومتى تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ؟


الاتفاقية سوف تدخل حيز التنفيذ عندما يصل عدد المصدقين عليها 22 دولة، وبالتالى لسنا بعيدين عن الوصول إلى العدد المطلوب لدخول حيز النفاذ. ونأمل أن يتم هذا خلال فترة رئاسة مصر للاتحاد، وندفع بهذا بالفعل، كما ندفع أيضاً فى اتجاه انهاء المرحلة الثانية من المفاوضات الخاصة باستكمال انشاء منطقة التجارة الحرة، وهذه المنطقة تعنى استثمارات، بنية تحتية، وهذه موضوعات تحظى باهتمام الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى والرئيس السيسى شخصياً، ويتحدث عنها باستمرار ويدفع بها فى كل مقابلاته المهمة مع الأطراف المهتمة بأفريقيا.


ومثل هذه المشروعات تحتاج إلى بنية تحتية، ومصر تقدم نموذجاً واضحاً فيما يخص العمل الوطنى الذى نشهده على أرضنا من مشروعات واستثمارات ضخمة، وأيضا فى مساعدة الدول الافريقية اذا ما رغبت فى المساعدة من هذا المجال، فهناك بالفعل مشروعات للربط مع السودان الشقيق، فضلاً عن مشروعات متعلقة بالربط الكهربائى وطريق القاهرة كيب تاون، كذلك مشروع الربط النهرى بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط وربط السكك الحديدية.


• كيف يتم تمويل مثل هذه المشروعات الضخمة؟


هذه المشروعات، وهى مشروعات عابرة للحدود، مطروحة على أطراف دولية كثيرة للمساهمة فيها، وهذا وضع طبيعى بالنسبة للمشروعات الكبرى فى العالم كله، والباب مفتوح لكل المساهمات، وأفريقيا لديها علاقات وطيدة جداً بالعديد من مؤسسات التمويل الإقليمية والدولية، منها بنك التنمية الأفريقى، وهو يساهم بإنجازات كبيرة فى هذا الشأن.

 

كذلك البنك الدولى، والبنك الأسيوى للاستثمار والبنية التحتية، فهناك مؤسسات مالية دولية تسعى للمساهمة، كذلك القطاع الحكومى، فهناك مشروعات كبيرة فى أفريقيا يتبناها ويقودها رؤساء دول أفريقية، وهذا يعود بنا إلى نقطة ضرورة وجود اهتمام من القيادة السياسية بالدول الأفريقية وهو ما نلمسه، كما نرى فى الرئيس السيسى والذى يتبنى مشروع الربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط.


السلم والأمن


• ما الموضوعات الأخرى التى تهتم بها مصر داخل القارة خلال فترة رئاستها للاتحاد الأفريقى؟


من الموضوعات أيضًا التى تهتم بها مصر ولها دور كبير تجاهها، هو موضوع السلم والأمن، وهو من ضمن الموضوعات المهمة جداً بالنسبة لمستقبل القارة، فبدون سلم وأمن يصعب التحديث عن التنمية والاستقرار، هناك بالتأكيد تحديات ومصر تساهم فى التعامل مع التحدى المتعلق بانتشار الجماعات الإرهابية والفكر المتطرف فى القارة.

 

ولها مساهمات واضحة وهى ومحل تقدير كبير من أشقائنا فى أفريقيا، سواء فى منطقة الساحل أو القرن الأفريقى، أو فى مناطق القارة المضطربة بصفة عامة، فهناك رغبة فى الاستمرار بهذا الدور وتقديم مزيد من الدعم للدول الأفريقية لتحقيق الاستقرار، والاستفادة من التجربة المصرية فى مكافحة الإرهاب، وضبط الحدود والتعامل مع الجماعات والأفكار المتطرفة التى تؤدى إلى إهدار الجهود داخل الدولة وتؤثر على تماسكها.


وتقدم مصر بالفعل الكثير لهذه الدول من خلال، وزارة الدفاع المصرية، والوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التابعة لوزارة الخارجية، ووزارة الداخلية، ومركز القاهرة لحفظ السلام فى أفريقيا التابع للخارجية، فضلا عن آلاف المنح التى تقدمها مصر للدول الأفريقية فى مختلف المجالات، خاصة فى مجال الأمن ومكافحة الإرهاب.

 

كما أن هناك أيضاً استضافة مصر للمركز الإقليمى لإعادة الإعمار ما بعد النزاعات والتابع للاتحاد الأفريقى، ونأمل أن يفعل خلال فترة الرئاسة المصرية للاتحاد، حيث سيكون له دور كبير ليس فقط فى مجال إعادة الإعمار المتعلقة بالبنية التحتية، إنما يتعلق بفكرة البناء المؤسسى والفكرى بالدول الأفريقية.. وأرى أن لمصر جهودًا كبيرة وتلقى شكراً وتقديراً كبيرين من أشقائنا الأفارقة، وكلها جهود محسوسة وملموسة لديهم.


أيضا من القضايا الهامة والمتعلقة بقضايا الدبلوماسية الوقائية، بمعنى مساعدة الدول التى كانت تشهد نزاعات ونجحت فى حلها، بألا تتجدد مرة أخرى. بجانب هذا، هناك أيضا موضوعات وأهداف أساسية هامة سوف تلقى نشاطاً مصريا، ويتم تسليط الضوء عليها، منها قضايا المرأة والشباب، والتنمية الاجتماعية وقضايا التوظيف وخلق فرص عمل، كونها قضايا أساسية لتحقيق التنمية فى أفريقيا وبناء مجتمعاتها، وهى تقع أيضا ضمن أجندة التنمية الافريقية 2063، فهناك بالفعل مبادرات مصر حريصة على الدفع بها، مثل المبادرة التى أطلقها الرئيس السيسى خلال منتدى أفريقيا 2018، بتدريب حوالى 10 آلاف شاب أفريقى خلال 3 سنوات، ودعم الشركات الأفريقية الوليدة واحتضانها.


كما أن هناك موضوعات تهتم بها مصر بل وتساهم فيها، ومنها قضايا الإصلاح داخل الاتحاد الأفريقى المتعلقة بالإصلاح الإدارى والمالى والمؤسسى داخل الاتحاد، بحيث يتم توجيه هذا فى الاتجاه السليم لخدمة الأعضاء، لتحقيق الهدف الأسمى له وهو التضامن والاندماج الأفريقى.


• كيف ستوظف السياسة المصرية «القوى الناعمة» تجاه القارة خلال فترة رئاسة الاتحاد؟


مصر لديها الكثير الذى يمكن أن تقدمه فى المجال الثقافى والحضارى، وهناك فعاليات كثيرة ستكون محل اهتمام كبير من جانبها سواء داخل مصر أو على مستوى القارة الأفريقية، وبصفة عامة نريد أن نبرز الجذور الأفريقية للشخصية المصرية، فهى جذور ضاربة فى عمق التاريخ منذ العصور الأولى للحضارة المصرية والفرعونية.

 

وحضارة وادى النيل هو أكبر دليل على هذه الجذور الثقافية والإجتماعية والإنسانية التى تربط مصر بأفريقيا، ونريد أن يكون عام الرئاسة هو أيضا عام زيادة الوعى لهذه الجذور الأفريقية لمصر، فمصر بوابة القارة الأفريقية، ولنا تأثير ونتأثر أيضاً بأفريقيا عبر التاريخ، وهذا جزء أساسى فى تكوين الشخصية والثقافة وكذلك الحضارة المصرية، ومن هنا يأتى دور الإعلام وأن يكون محل اهتمام كبير بها ومن كل المهتمين بالشأن الأفريقى والشأن العام بصفة عامة.


إمكانيات استثمارية


• وما الارتباطات الدولية الخاصة بالرئيس السيسى خلال رئاسته للاتحاد الأفريقى؟


هناك جانب يتعلق بالشراكات التى تربط أفريقيا بالعالم الخارجى، هناك قمم كثيرة سيدعى لها الرئيس باعتباره رئيساً للاتحاد الأفريقى مثل قمة مجموعة العشرين ومجموعة السبع الصناعية ومجموعة البريكس ومجموعة التيكاد فى اليابان وهى كلها مناسبات لإبراز ما لدى أفريقيا من فرص شراكة وإمكانيات استثمارية وتنموية، والدور المتقدم لمصر فى محيطها الأفريقى والعربي والدولى سيخدم المصالح الأفريقية وهو ما سيكون محل اهتمام متزايد لمصر فى المرحلة المقبلة.


• قطر أعلنت مؤخرا عن تشكيل صندوق لإجلاء المهاجرين الأفارقة من ليبيا.. كيف ترى مصر ذلك وهل ترى أنه مجرد «شو إعلامى»؟


هناك صندوق أفريقى لقضايا المهاجرين غير الشرعيين وتعاون مع منظمة الهجرة الدولية.. أما الصندوق المشار إليه فى السؤال فهو دعم ذو طابع ثنائى يمكن لأى دولة تقديمه، وعمليات إجلاء المهاجرين تتم عبر منظمات دولية تتلقى دعمًا من دول وحكومات، ونحن لنا مواقف واضحة برفض مصر لأى معاملة سيئة لأي مهاجر، ونرى أنه لابد من التعامل مع جذور المشكلة لأنه لا وجود للتنمية والاستقرار بالقدر الكافى، ولا يمكن للأطراف المتسببة فى المشكلة أن تساهم فى حلها، والتاريخ يؤكد أن من يسعى لزعزعة الاستقرار وإحداث الفوضى ستنال منه هذه الفوضى.


تنسيق كامل


• كيف نستغل فترة رئاسة الاتحاد الأفريقى لزيادة حجم التجارة المصرية المتبادلة مع أفريقيا؟


حجم التجارة مع أفريقيا فى حدود 6 مليارات دولار والاستثمارات المصرية بأفريقيا فى حدود 10 مليارات دولار، وهى لا تكفى ولكن هناك معوقات نحاول التغلب عليها وبنية أساسية قد لا تساعد ونزاعات تعطل الاستثمار، ولكن الاهتمام من القيادة السياسية بالتوجه لأفريقيا يمنح فرصة لتعزيز التعاون والاستثمار المصرى بأفريقيا، والاهتمام الأفريقى بالتعاون مع الشركات المصرية لاحظناه فى المشروعات الأخيرة لشركة المقاولون العرب فى تنزانيا، وهناك شركات كبرى فى مجالات الأدوية والمقاولات والمناجم ونشاط مجتمعى لبناء مدارس ومستشفيات، وبالتالى التواجد المصرى فى أفريقيا قائم ويمكنه الاستفادة من دفعة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة