«الكادر الأخير».. فنانون دفعهم الاكتئاب لـ«رقصة الموت الصامت» 
«الكادر الأخير».. فنانون دفعهم الاكتئاب لـ«رقصة الموت الصامت» 


حكايات| «الكادر الأخير».. فنانون دفعهم الاكتئاب لـ«رقصة الموت الصامت» 

ناريمان فوزي

الثلاثاء، 19 فبراير 2019 - 12:19 م

 

نراهم يضحكون ينشرون السعادة، يتركون جزءًا من أرواحهم داخل كل من يمرون بهم، يعبرون إلينا بموهبة كبيرة، فنعتقد أن حياتهم مليئة بالألوان، إلا أنها على أرض الواقع باللون رمادي.


هم بارعون في ارتداء الأقنعة التي تخفي ما يعانوه من آلام تشل حركتهم وتجعلهم يرون الحياة بألوان باهته، يرقدون على أسرتهم دون رغبة في الحركة، بجانبهم عبوات العقاقير المهدئة التي أصبحت سبيلهم الوحيد لمواجهة العالم، ثم عند لحظة ما يقررون تناولها دفعة واحدة يتوقف هذا الفيلم البائس عند هذا المشهد.. الكادر الذي ختم حياة العديد من المشاهير.


«اعتلال عقلي يعاني فيه الشخص من الحزن والمشاعر السلبية لفترات طويلة، وفقدان الحماس وعدم الاكتراث، وتصادفه مشاعر القلق والحزن والتشاؤم والذنب وضيق في الصدر مع انعدام وجود هدف للحياة، مما يجعل الفرد يفتقد الواقع والهدف في الحياة»..هكذا أعطى الموقع المعلوماتي الشهير ويكيبيديا تعريفا للاكتئاب.


يستحق لقب مرض العصر بجدارة، فهو لم يعد مرضا باطنيا أو أسبابه مجهولة، لا علاقة له بالحالة الإيمانية للفرد يصيب العقل ويبدل الملامح يلزمه علاجا وطبيب وعقاقير ودعم واهتمام. 


في هذا التقرير «المؤلم» بعض النماذج من مشاهير العالم والعرب على الصعيدين الفني والأدبي، الذين فارقوا الحياة بعد وصولهم إلى محطتهم الأخيرة مع الاكتئاب.


روبن ويليامز
 

لطالما أمتع جمهوره بأدواره الكوميدية ووجهه الذي لم تكن تغيب عنه الضحكة سواء أمام الكاميرا أو خلفها، لكن ما لم يعرفه الكثيرون عنه أنه قضى حياة لم تخل من الأزمات شبه الدائمة.


لم يتمتع نجم هوليوود اللامع والحاصل على الأوسكار عام 1988، بحياة أسرية مستقرة فقد فشلت زيجتان له أسفرتا عن أبنائه الثلاثة، وتسببت زيجته الثانية في دفعه مبلغ وصل إلى 30 مليون دولار مقابل الطلاق.


شوهد ويليامز قبل وفاته بيومين بصحبة زوجته سوزان شنايدر وقد بدت عليه علامات الهزال وعدم التركيز، فقد تمكن منه الاكتئاب إضافة إلى إدمانه للكحوليات، ليضع حدا لآلامه في أغسطس عام 2014 حيث أقدم على شنق نفسه بعد فشله في قطع شرايينه كرغبة قوية للموت، ليرحل عن عالمنا عن عمر الـ63.


مارلين مونرو


 


«قنبلة الأنوثة الأمريكية»، نجمة لمعت في سماء هوليود لكنها انطفأت سريعا محققة شهرة لا يزال صداها حتى الآن.


في 5 أغسطس 1962، عثر على جثة مونرو ملقاة على سريرها وفي يدها سماعة الهاتف، وبالكشف عليها تبين تناولها لجرعة زائدة من المنوم وسجلت وفاتها على أنها انتحار، حينها كانت في الـ36 من عمرها.


تضاربت الأقوال حول حقيقة وفاتها، فالبعض نفى فرضية انتحارها وكان أولهم طبيبها النفسي الذي أكد أنها كانت لديها خططا مستقبلية كبيرة تخص عملها وأن ما جرى لها كان عملية اغتيال، بينما اقتنع آخرون بانتحارها مؤكدين أنها مرت بحياة شخصية مضطربة أدت إلى إصابتها بالاكتئاب والخوف من الغد.


ارنست هيمنجواي
 


«ألد أعداء الإنسان.. نفسه»، صدق الأديب والحكيم الأمريكي ارنست هيمنجواي في مقولته هذه وكأنه كان يتنبأ بنهايته.


ولد الأديب هيمنجواي وقد كان مولعا بالكتابة وارثا عن أبيه حب الصيد، حيث اشترى له بندقية صيد ظلت رفيقته الوحيدة طوال حياته حتى قتل نفسه بها وهو في عمر الـ72.


حصل هيمنجواي على العديد من الجوائز أهمها جائزة نوبل في الأدب عام 1954، وسبقتها جائزة بوليتزر الأمريكية عام 1953، في أواخر أيامه انتقل للعيش في كوبا وكان يعاني من بعض الأمراض النفسية قبل أن ينهي حياته عام 1961، وقد أشار البعض إلى أن والده وشقيقتيه قاموا بالانتحار أيضًا؛ بسبب مرض زيادة الحديد في الدم الذي يؤدي إلى الاكتئاب الذي لا تفلح معه محاولات العلاج.
 

فيرجينيا وولف
 
«إنني على يقين من أنني أرجع لجنونى من جديد، أشعر أننا لا يمكن أن نمر في فترة أخرى من هذه الفترات الرهيبة، وأنا لن أشفى هذه المرة. أبدأ بسماع أصوات، لا يمكنني التركيز. وأنا سأفعل ما يبدو أن يكون أفضل شيء ليفعل. أعطيتني أكبر قدر ممكن من السعادة، وقد كنت أنت في كل شيء كل ما يمكن أن يكون أي شخص.. لا أعتقد أن شخصين من الممكن أن يكونا أكثر سعادة حتى جاء هذا المرض الرهيب، لا أستطيع أن أقاوم المزيد. وأنا أعلم أنني أفسد حياتك، وأنك دون وجودي يمكنك أن تعمل. وسوف تعرف. ترى أنني لا أستطيع حتى كتابة هذه بشكل صحيح. لا أستطيع القراءة. ما أريد قوله هو إنني مدينة لك كل السعادة في حياتي. وقد كنت معي صبورا تماما وجيدا وبشكل لا يصدق. أود أن أقول ذلك.. والجميع يعرفه. إذا كان من الممكن أن ينقذني أحد فسيكون أنت. كل شيء ذهب منى إلا اليقين بالخير الذي فيك. لا أستطيع أن أزيد إفساد حياتك بعد الآن. لا أعتقد أن شخصين من الممكن أن يكون أكثر سعادة مما كنا نحن فيه».


 كانت تلك نص رسالة الشاعرة الكبيرة الإنجليزية فيرجينيا وولف في عام 1941، والتي تركتها لزوجها بعد خروجها من المنزل وقيامها بجمع الحجارة ووضعها في جيوب معطفها والغوص في مياه نهر أوس، لتترك الحياة وتذهب إلى العالم الآخر.


رحلت وولف وهي في أوج شهرتها، وعلى الرغم من نجاحها ومساندة زوجها لها إلا أنها لم تكن بعيدة عن الألم النفسي الشرس الذي دمر حياتها حيث أرجع البعض نهايتها المأساوية إلى مرورها باكتئاب حاد لم يعرف أسبابه، لربما كانت طفولتها الغير مستقرة هي السبب.


لعبت نجمة هوليوود نيكول كيدمان شخصية فرجينيا وولف في فيلم «الساعات»، المأخوذ عن قصة حياتها، والذي حقق نجاحًا كبيرًا، إضافة إلى منحه كيدمان جائزة الأوسكار كأفضل ممثلة.


داليدا


 


«سامحوني..الحياة لم تعد تطاق»، بتلك الجملة ودعت الشقراء الفرنسية ذات الأصل المصري - الإيطالي داليدا جمهورها، الذي لطالما عشق طلتها وصوتها.


ففي عام 1987، استيقظ العالم على خبر انتحار داليدا من خلال تناول جرعة زائدة من الأقراص المنومة تاركة الحياة بعد مرورها بأزمة نفسية طاحنة ترجع لشعورها بالوحدة وفشل علاقاتها العاطفية.


أروى صالح
 


«موتي سلاحي الأخير ضد المبتسرين وناقصي التكوين».. كانت أروى صالح من الأديبات المصريات والمناضلات المتميزات منذ دراستها بالجامعة وحتى بلوغها شهرة في عالم الأدب.


كانت تكتب للعديد من الصحف، لكها عانت قبل وفاتها من تقلبات نفسية كثيرة وعنيفة كان لها تأثيرا سلبيا عليها –كما أكد المقربون منها- مما دفعها إلى إلقاء نفسها من الطابق العاشر لتسقط جثة هامدة في 1997.


داني بسترس

 


 
في عام 2017، أمتعت الفنانة اللبنانية إليسا جمهورها بكليب «عكس اللي شايفينها»، والذي لوحظ تجسيده لقصة حياة فنانة انتهت بحادث بمؤلم.

كما نوهت مخرجة العمل بأن الأغنية مستوحاه من قصة حقيقية، فبالفعل عرضت الأغنية نهاية حياة «الراقصة الارستقراطية»، داني بسترس سليلة إحدى أشهر وأغنى العائلات بلبنان، والتي دفعها حبها للرقص الشرقي إلى تحدي التقاليد وتحقيق شهرة صاروخية في السبعينيات والثمانينيات.


عرفت بإقبالها على الحياة وحبها للآخرين، لكن كان لحياتها جانبا مظلما لا يعرفه الناس، فالراقصة الحسناء ظلت لأربع سنوات قبل انتحارها تعاني من الاكتئاب حزنا على وفاة ابنها غرقا، واستكمالا لذلك ارتبطت عاطفيا برجل قيل أنه كان يسيء معاملتها ويضربها مما جعل الحياة تضيق بها. 
وفي مساء الـ25 من ديسمبر عام 1997، وبينما امتلأت شوارع بيروت بصور داني لإحياء حفلات رأس السنة، أطلقت على نفسها رصاصة الرحمة مستخدمة مسدس حربي، و ظلت في غيبوبة ليوم واحد حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.


درية شفيق


 

«عدت إلى منزلي في الطريق المؤدي إلي مدخل العمارة، رأيت حشد من الناس تحيط ملاية بيضاء. سألت ماذا حدث. وقالوا: "لقد ألقت السيدة نفسها من شرفة الطابق السادس". نظرت تحت الملاية البيضاء وجدت جثة جارتي درية شفيق، هذه المرأة، التي دوي صوتها في جنبات العالم و لأت تصريحاتها الدنيا».


هكذا نقل الصحفي الكبير مصطفى بك أمين، في عام 1975 خبر انتحار درية شفيق رائدة العمل النسوي وصاحبة الفضل في قيام النساء بالمشاركة البرلمانية وإعطائهم حق التصويت.


كان لشفيق العديد من المواقف الشهيرة المشرفة أشهرها اقتحام البرلمان للمطالبة بمشاركة النساء، وإضرابها عن الطعام في الخمسينيات من أجل حقوق المرأة ونبذها وفقدانها للعديد من الأشياء كأموالها وزوجها وأخيرا حياتها، كما كانت من أوائل الفتيات المسافرات لفرنسا استكمالا لتعليمهن.


انتحار درية شفيق أرجعه البعض إلى دخولها في حالة اكتئاب لتحديد إقامتها وشعورها بالوحدة.


خليل حاوي

 


كان الشاعر اللبناني خليل حاوي من أبرز الشعراء والأدباء انتماء للقومية، عاش محبا لوطنه حتى النفس الأخير، حاملا لقلمه مدافعا به عن حقوقه ولم يتحمل سقوط بلاده في اجتياح القوات الإسرائيلية لها عام 1982.


كان هذا هو السبب الذي ذاع بين الأوساط لثقافية آنذاك، لكن آخرين أكدوا إصابة حاوي بأزمات نفسية عديدة وأن انتحاره سبقه محاولتين فاشلتين رغبة منه في مفارقة الحياة، حتى نجح في ذلك مطلقا على رأسه رصاصة اسكتت قلمه إلى الأبد.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة