الزي الموحد للمعلمين - صورة مجمعة
الزي الموحد للمعلمين - صورة مجمعة


الزي الموحد للمعلمين في مرمى النيران.. وخبراء: الأولوية لمشاكل التعليم

أسامة حمدي

الثلاثاء، 19 فبراير 2019 - 04:21 م

 - «عبد العزيز»: في الستينيات كان للمعلم هيبة دون زي.. وأسئلة هامة لوزير التعليم

- المعلمين: توحيد الرواتب على أساس 2019.. ويدشنون هاشتاج «لا للزي الموحد»

- «مغيث»: هروب من المشكلات الحقيقية.. وتشبيه المعلمين بالأطباء والمحامين «خطأ»

- «التعليم»: لا تعميم للمبادرة.. وترحيب بالفكرة.. وكتاب دوري تعده الوزارة لتنظيم الزي

- «تعليم البرلمان» تدعو لحوار مجتمعي.. وتكشف عن مميزات وعيوب الزي الموحد  
 

 
أثار تطبيق الزي الموحد للمعلمين في محافظة الوادي الجديد؛ جدلا واسعا في المدارس وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وتناقله البعض بالاستياء والسخرية، ورغم أن وزير التعليم نفى تعميم المبادرة على مستوى الجمهورية، مبديا ترحيبه بالفكرة، واصفا إياها بالاجتهاد نحو الأفضل وتطوير للأفكار، ومنتقدا السخرية التي «توقف قطار التقدم» على حد وصفه، إلا أن نائبه أكد أنه يتم حاليا إعداد كتاب دوري بالوزارة ينظم هذا الموضوع لتغيير صورة المجتمع، وسيتم الإعلان عنه قريبا.


فيما طالب المعلمون بتوحيد الرواتب والمكافآت بدلا من الزي، وصرف بدل زي لهم أو تتحمل تكلفته الوزارة حال التطبيق، بينما دعت لجنة التعليم في البرلمان لطرح المبادرة لحوار مجتمعي.


في سياق هذا كله، تناقش «بوابة أخبار اليوم» مع الخبراء مبادرة الزي الموحد للمعلمين، وجدوى تلك الخطوة، ومدى إمكانية تطبيقها على مستوى الجمهورية أسوة بالمهن الآخرى كالأطباء والمحامين والشرطة، ومطالب المعلمين، وسُبل استعادة هيبة ووقار المعلم، وإصلاح العملية التعليمية، كما نعرض لموقف المعلمين ووزارة التعليم والبرلمان ومحافظ الوادي الجديد حول الأزمة.


«بَدل زي» للمعلمين


في البداية يقول الدكتور محمد عبد العزيز، الأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس والخبير التربوي، إن جميع الأطراف الذين تناولوا مسألة الزي الموحد للمعلمين قاموا بتضخيم الأمر، وهذا الأمر لا ينبغي أن يُطرح للنقاش، ولا أضرب أمثلة بدول أجنبية بل في مصر في حقبة الخمسينات والستينات وبداية السبعينات كان المظهر العام للمعلم مقبول جدا قبل أن تهتز هيبة المعلم، فلم يكن هناك زي موحد للمعلمين، ففكرة اهتمام المعلم بمظهره أمام التلاميذ جزء مهم جدا في العملية التعليمية لكن ليس لدرجة أن الوزارة تفرض عليه زي معين فهو ليس تلميذا، فالمسألة شكلية ليس لها أي علاقة بالعملية التعليمية.


وتابع: «أتمنى من وزارة التعليم ولجنة التعليم بالبرلمان الاهتمام بالمشكلات الحقيقية للتعليم فحتى الآن لم نحرز أي تقدم فيها رغم التهليل الذي حدث بشأن منظومة جديدة للتعليم، وعلى العكس نحن في تراجع، والأمر دخل في تحدي مع المعلمين المطالبين حاليا بتوحيد الرواتب والمكافآت على أساسي 2019 وليس 2014».


وأضاف د. «عبد العزيز»، أن الوزير منذ مجيئه يخسر الطرف الأهم في العملية التعليمية، وكان له تصريحات مثيرة للجدل واتهامات للمعلمين منذ فترة، ومرة آخرى يصطدم بهم بفرض مظهر معين، وإذا كان لابد فيجب إعطاء المعلمين «بدل زي» لشراء هذه الملابس.


وأوضح الخبير التربوي، أن «بالطو» المعلمين شكله «مهين» وأثار السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وعند اتخاذ قرارات لابد الأخذ في الاعتبار مردود هذه القرارات على المجتمع، مؤكدا أنه لايزال المعنيون بالتعليم يناقشون مشكلاته بشكل غير علمي، لأن تطبيق مبادرة الزي الموحد على معلمي الوادي الجديد بسبب أن المعلمين كانوا يدخلون الفصول بـ«الجلباب».


وأشار إلى أنه من الخطأ تطبيق الزي الموحد للمعلمين أسوة بالأطباء والقضاء والمحامين، موضحا أنه يتمنى إعطاء المعلمين مقابل مادي للزي ووضع كود معين للمظهر «كالتزام المعلم بمظهر يليق يحافظ على هيبته..» وليس زي موحد يدفعون نصف تكلفته، ولو كان اشترط مثلا ارتداء «بذلة» كالأستاذ الجامعي سيكون مقبولا.


ولفت د. «عبد العزيز»، إلى أن وزير التعليم ينظر للمعلمين على أنهم أغنياء بسبب الدروس الخصوصية، رغم أنه هناك معلمين في تخصصات كثيرة لا يعطون دروس خصوصية وإلزامهم بلمبس معين يدفعون نصف تكلفته أمر خاطئ وإلا يجب إعطائهم مقابل للزي، موضحا أن المهن الآخرى لا تتحمل تكلفة الزي الموحد لها فالروب تمنحه نقابة المحامين، ولا يمكن مقارنة مظهر الزي الموحد للمهن الآخرى بـ«بالطو» المعلمين.


هل يُفرض على المدارس الخاصة؟


وتساءل الخبير التربوي؛ هل يستطيع وزير التعليم فرض هذا الأمر على المدارس الخاصة؟.. أنا أشك فحتى الآن لم يفرض زي موحد على طلاب المدارس الخاصة، وإذا كان هناك خطوة لتوحيد الزي يجب أن تشمل المدارس الخاصة وعلى جميع أنحاء مصر.


وشدد على مناقشة مشكلات التعليم الحقيقية التي تعاني منها مصر وإيجاد حلول لها، مطالبا وزير التعليم بإعلان مردود البرامج التدريبية للمعلمين، وما علاقتها بالمنظومة التعليمية؟ وما عناصر المنظومة التعليمية؟


ابتعاد عن مشكلات التعليم      


أما الدكتور كمال مغيث، الباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية والخبير التربوي، فيرى أن المبادرة عبث وتهريج وبدلا من التفكير في زي موحد يجب التفكير في مشكلات العملية التعليمية وإعطاء المعلمين «بدل زي» لشراء ملابس تليق بهم، وهروب عن المشكلات الحقيقية.


وذكر د. «مغيث»، أن مقارنة المعلمين بمهن آخرى كالشرطة والأطباء والمعلمين لا يَصلُح لأن تلك المهن لها طبيعة خاصة فالشرطة تنزل للشوارع وأعمالها تتطلب ملابس معينة لفض الاشتباكات وإبعاد الناس عن الرصيف، أما المحامين فيرتدون الروب أمام القاضي في جلسات المرافعة فقط لتميزهم عن باقي الناس، وكل ذلك لا يستدعي تطبيقه مع المعلم ودائما المعلمين دون زي موحد، وهذا يصلح مع الطلاب نتيجة ظروف معينة.


وأوضح الباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، أنه ضد فكرة توحيد الزي للمعلمين، وهروب من الإخفاقات الحقيقية لتطوير التعليم كالهروب لمنظومة التابلت والمنظومة الحديثة، مؤكدا على الاستحقاقات الحقيقية في التعليم هي: زيادة مرتبات المعلمين وبناء مدارس جديدة وتطوير الامتحانات والمناهج.     


 نفي التعميم وترحيب بالفكرة


من جانبه، أوضح الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، عبر صفحته الرسمية، قائلا: «عن زوبعة الزي المدرسى، قام محافظ الوادي الجديد بتصميم وتنفيذ مبادرة جميلة في محافظته تتعلق بزى مدرسي للمعلمين والإداريين لتوحيد المظهر، وإضافة هيبة للمعلم تتناسب مع جلال وظيفته وإذا بمواقع التواصل تموج بالأسئلة والشائعات والسخرية غير المبررة، كلما اجتهدنا لنقدم شيئا أفضل».


وأكد أن الوزارة تنظر إليها باهتمام ونتابعها، ولكنها ليست مبادرة قومية على مستوي الدولة في الوقت الحالي، ولم تصرح الوزارة بأي شيء يتعلق بالزى المدرسي ولم أقل شيئا عن تحمل المعلم أي مبالغ مادية (50٪؜ من التكلفة) كما يشاع علي مواقع التواصل.


وأوضح: «كما نعلم جميعا فإن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، ولذلك أتمنى أن نتعاون جميعا في تشجيع كل محاولات الإصلاح صغرت أو كبرت، وأن نتعاون على تطوير الأفكار بحوار إيجابي مع الابتعاد عن تحطيم من يجتهد لنوقف قطار التقدم، أما السخرية من كل شىء والجدل غير الهادف لن يساعدوا الوطن ولن يساعدوا من يجتهد للإصلاح».


أما الدكتور محمد عمر، نائب وزير التربية والتعليم، فذكر: «فيما يخص الوزارة فحاليا يتم إعداد كتاب دوري ينظم هذا الموضوع ضمن الإجراءات التنظيمية التي نعمل عليها لتغيير صورة المجتمع، ووضع المعلم في المكانة الرفيعة التي يستحقها، وقريبا سيتم الإعلان عن تلك الخطة وآليات تنفيذها».


50% من التكلفة


في ذات السياق، أوضح محمد الزملوط، محافظ الوادي الجديد، أن الزي الموحد للمعلمين لا يزال في طور التجربة واستطلاع الآراء، وهو ليس أمرا إجباريا أو قرارا يجب تطبيقه فورا، بل تجربة تهدف إلى إضفاء شكل جمالي ومتميز للمعلمين، ولا يهدف للربح مطلقا، موضحا أن الزى الموحد للمدرسين تتحمل المحافظة 50% من قيمته والمعلم يتحمل باقى التكلفة.


وأشار الدكتور إبراهيم التداوي، وكيل وزارة التربية والتعليم بالوادي الجديد، إلى أن الزى عبارة عن «بالطو» يرتديه المعلم داخل الفصل والمدرسة، وليس المقصود بالزى المدرسي أن يأتي المعلم مرتديه من المنزل، كما تم تخصيص جاكت «رصاصي» للمعلم، و«بنى» للمعلمة، أما اللون الأسود فتم تخصيصه للإداري، كما تم تخصيص اللون الأزرق للخدمات المعاونة.


أما تكلفة البالطو تصل إلى قرابة 120 جنيه، ويتم تصنيعه في مدارس التعليم الفني من خلال مشروع رأس المال، وبالتالي يساهم في خروج طلاب على مستوى عالي من المهارة يحتاجهم سوق العمل، ويتم الحصول على مقاسات المعلمين وتطبيقه خلال الترم الحالي.


توحيد أجور المعلمين


وعلق المعلمون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي: «هو ده اللي شاغلكم.. قال زي موحد قال للمدرسين، مفيش مرتب موحد مفيش زيادات، حسوا بينا شوية الله يرضى عنكم كرهتونا في المهنة اللي بنحبها».


ورفض المعلمون تحملهم مصاريف الزي الموحد، مستشهدين بأن باقي فئات المجتمع لا تتحمل ثمن الزي الخاص بهم، مطالبين بضرورة رفع مستوى المعلم وزيادة راتبه على أساسي 2019 بدلا من أساس 2014.


وسخر عدد منهم بلقطة من مشهد بفيلم «باب الحديد»: «ألبس يا قناوي الجاكيت الرصاصي بتاعك، وهنجوزك هنومة».


فيما دشن عدد من المدرسين «هاشتاج لا للزي الموحد»، رافضين تعميم التجربة على جميع المدارس.


حوار مجتمعي


بدوره، دعا النائب سامي هاشم، رئيس لجنة التعليم بمجلس النواب، لإجراء حوار مجتمعي مع المدرسين قبل تطبيق قرار الزي الموحد، مؤكدا أن الوزارة لا تزال تدرس الفكرة ولم تتحذ قرارها النهائي، مضيفا: «إذا تقبل المدرسين الزي الموحد فأهلا به، وإذا رفضوه فيجب عدم تنفيذه».


وأشار إلى أن مميزات الزي الموحد أن كل المدرسين لن يكون بينهم تمييز، أما العيوب ستتمثل في التنميط، لذلك يجب دراسة التجربة واستطلاع رأي من تطبق عليهم.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة