شوقي علام مفتي الجمهورية
شوقي علام مفتي الجمهورية


مفتي الجمهورية: جماعات التطرف والإرهاب زورت التاريخ

إسراء كارم

الأحد، 24 فبراير 2019 - 11:52 ص

أكد الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية- أن ما تحمله أمتنا الإسلامية بين جنباتها من القيم الأخلاقية والروحية ليمثل المعنى الأصيل لمفهوم الحضارة الإنسانية، التي تضع ترقية العقل والروح والفكر في مكانة أسمى وأعلى من أية منجزات مادية قد أنتجتها الحضارات المعاصرة.

جاء ذلك في كلمة رئيسية ألقاها في افتتاح أعمال "المؤتمر الوزاري الإقليمي الأول لتعزيز الحرية الدينية ودور التعليم والتسامح الديني في مكافحة الفكر المتطرف"، المنعقد في "أبو ظبي" خلال يومي 24-25 فبراير الجاري.

وقال: إن عنوان هذا المؤتمر "المؤتمر الوزاري الإقليمي الأول لتعزيز الحرية الدينية ودور التعليم والتسامح الديني في مكافحة التطرف"، قد حمل عدة مصطلحات لها من الأهمية والخطورة والدلالة ما يدعونا إلى الوقوف عندها والتأمل فيها، وما يحدونا إلى تناوله بالبحث والدرس والمناقشة الواعية الجادة؛ رجاء أن يكون ناتج هذه التأملات والجهود نفعا لأمتنا الإسلامية، ونبراسا فكريا، وإشعاعا حضاريا ينير للأمة دربها وهي تحاول أن تستعيد وعيها الحضاري، ومكانتها السامية، وريادتها المناسبة لتاريخها وتراثها.

وأضاف أن من أهم المصطلحات التي وردت في عنوان هذا المؤتمر الكريم، مصطلح الحرية الدينية، وهو من المبادئ القرانية الهامة التي أرساها الإسلام وحث عليها القران الكريم، حيث قال الله تعالى: {وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} [الكهف: 29]، وقال تعالى: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي} [البقرة: 256]، فالله تعالى الذي خلق البشر وهو العليم بهم جعل لهم العقول والأرواح والضمائر على هيئة لا يتصور معها الاتفاق الكامل بحال من الأحوال، خاصة في مجال العقائد، فكانت إرادة الله تعالى التي لم تتخلف هي وجود التنوع والتباين والتمايز في الأفكار والمعتقدات {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} [هود: 118، 119].

وأوضح مفتي الجمهورية أنه على الرغم من وضوح هذا المعنى وثباته في جميع مراحل حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم المباركة، فقد جاءت جماعات الضلال والفتنة بمفهوم عجيب غريب عن دين الإسلام وعن أخلاق رسول الرحمة صلى الله عليه واله وسلم، ذلك المفهوم يتلخص في دعوى أنه بانقسام الخلق إزاء دعوته صلى الله عليه وسلم إلى مسلمين وكفار انعقدت العداوة بين الفريقين، فجعلوا دعوة الإسلام دعوة صدام حضاري وكراهية أممية وعداوة دينية لكل من رفض الدخول في الإسلام.

وطرح فضيلة المفتي خلال كلمته سؤالا قال فيه: "السؤال الذي نود طرحه الان: هل انعقدت العداوة فعلا بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين عامة لمجرد عدم قبولهم دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل كان الإسلام طرفا في تلك العداوة؟"

وجاء جواب: "لا. والدليل القاطع شاهد الواقع، فالناظر في سيرته صلى الله عليه وسلم يعلم يقينا أن العداوة والكراهية كانتا أبعد شيء عن قلب وخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قومه وأهله إلى دين الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة حرصا عليهم ورغبة في هدايتهم ورأفة بهم، ولم ينابذ أحدا بالعداء ولا بالكراهية، قال تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} [النحل: 125] وقال تعالى: {فلعلك باخع نفسك على اثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا} [الكهف: 6]".

وأشار مفتي الجمهورية إلى أنه رغم ما لاقى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، من صد عن الإسلام وعداوة وتنكيل وحصار وتهجير ومصادرة أموال ورمي بالباطل، أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بمقابلة ذلك كله بالصفح وبذل السلام لا بالعداوة والبغضاء. قال تعالى: {فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون} [الزخرف: 89]، وقال تعالى: {فاصفح الصفح الجميل} [الحجر: 85].

وأضاف أنه ترتب على ما أسلفنا من إقرار مبدأ الحرية الدينية بشكل كامل كمبدأ قراني إسلامي نبوي أن يكون هذا المبدأ قاعدة ثابتة راسخة في مناهجنا التعليمية والتربوية والتثقيفية، حتى تنشأ الأجيال عليها، وتتشربها العقول والأفئدة.

وأشار إلى أن جماعات التطرف والإرهاب قد زورت التاريخ، وقلبت الحقائق بصورة معاكسة مغايرة تماما لما في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضمنت مناهجها العلمية والتربوية مفاهيم العدوان والصدام وعقيدة وجوب قتل من لم يؤمن بالإسلام عند أتباعهم وأنصارهم ممن لم يستنر عقله بالمنهج النبوي الصحيح.

وتابع: من هنا تأتي أهمية التعليم بكل ما يحمله ويعنيه مصطلح التعليم من شمول وسعة في محاربة التطرف والإرهاب، ونعني بالشمول التعليمي هنا كل مصدر يتلقى الإنسان منه علما أو قيما أو أخلاقا، ابتداء من الأسرة والوالدين مرورا بالمدرسة ثم المسجد ثم النادي ثم مواقع التواصل الاجتماعي، إلى اخر ما يصلح أن يكون مصدرا للتلقي والمعرفة وتكوين العقول الواعية الناضجة".

واختتم مفتي الجمهورية كلمته الرئيسية في المؤتمر بقوله: "إن إدراكنا الواعي لضرورة أن تتقدم أمتنا الإسلامية لاستكمال مشاركتها الحضارية والإنسانية لن يتأتى أبدا في ظل شيوع أفكار ومبادئ وقيم الصدام والصراع والقطيعة بيننا وبين العالم".

وهنأ دولة الإمارات الشقيقة قيادة وحكومة وشعبا، على تلك الإنجازات الحضارية المشهودة في مجالات عديدة، يأتي في مقدمتها تلك المنجزات الهامة في مجال ترسيخ القيم والأخلاق التي تمثل قلب وروح الحضارة الإسلامية والعربية العريقة، وفي مقدمتها قيم التسامح والتعايش والرحمة.

ووجه الشكر على الجهود الكبيرة التي بذلت وتبذل في نشر رسالة ديننا الحنيف على صورتها الحقيقية التي بعث بها نبينا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، الذي اختصر الله تعالى رسالته بأسلوب الحصر والقصر في الرحمة بقوله تعالى في كتابه العزيز: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} [الأنبياء: 107].

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة