المهرجانات المصرية "العدد في الليمون" أم قواعد وقانون
المهرجانات المصرية "العدد في الليمون" أم قواعد وقانون


المهرجانات المصرية «العدد في الليمون» أم قواعد وقانون؟

منال بركات

الأحد، 24 فبراير 2019 - 10:14 م

 

قبل ثلاثة أعوام وبالتحديد في ديسمبر 2016، كتبت في هذا المكان عن اتجاه الدولة إلى تعديل في سياسة إقامة المهرجانات السينمائية التي توافق عليها لجنة المهرجانات، لاسيما أن كل احتفالية "تبشر" بالموافقة، تحصل على رعاية الدولة في صورة دعم لوجسيتي أو دعم مادي.

وأشرت في نفس التحقيق على لسان اللواء حسن خلاف رئيس قطاع مكتب وزير الثقافة في ذلك الوقت، إلى أن دور لجنة المهرجانات لا ينحصر على منح الموافقة على المهرجان فقط، بل تضع له السياسة العامة والخريطة الجغرافية أيضا، ويتبلور دور وزارة الثقافة في التمويل الحكومي بقيمة 25 % من كل مهرجان على أن تحقق المهرجانات اكتفاءً ذاتيًا من دخلها على مر الأيام.

وتمر الأيام وتطبق الدولة في "2019" جانب من سياستها الذي سبق وأعلنت عنه، وإذ بصوت بعض رؤساء المهرجانات يرتفع معلنين حالة التقشف هذا العام بسبب تخفيض الدعم، كأنهم لم يسمعوا بالأمر قبل 3 أعوام. 

وبالنظر إلى خريطة المهرجانات السينمائية المصرية التي تقام تحت مظلة وزارة الثقافة، يأتي مهرجان القاهرة السينمائي ذات التصنيف الدولي على رأس القائمة، بوصفه فئة أولى وتبلغ ميزانيته حتى عام 2017، 9 ملايين جنيه، وهو رقم ضئيل جدا خاصة بعد تحرير سعر الصرف، ثم ارتفعت ميزانيته العام الماضي كما جاء على لسان مدير المهرجان يوسف شريف رزق الله إلى 40 مليونا، بعد أن أصبح التنافس بين مهرجان القاهرة ذات التاريخ العريق "40 دورة" و مهرجان الجونة "دورتان"، أمرا محرجا وانتبهت الدولة إلى الأمر، ووفرت له كل الإمكانات لنجاحه بشكل لائق.

وهناك مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر الأبيض المتوسط الذي نجح السيناريست ممدوح الليثي، أن يقتنص له ميزانية مليون ونصف مليون جنيه سنويًا، من خزينة الدولة قبل رحيله، ثم مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة، والمسئول عن ميزانيته المركز القومي للسينما.

وبعد يناير 2011 انهالت المهرجانات، فظهر الأقصر للسينما الإفريقية، والأقصر للسينما الأوروبية والعربية الذي تبدل اسمه عدة مرات وانتقل إلى مدينة السلام "شرم الشيخ" تحت مسمى "شرم الشيخ للسينما الآسيوية" بعد أن كان "شرم الشيخ للسينما العربية والأوروبية"، وآخر المهرجانات والتي يبلغ هذا العام دورته الثالثة هو مهرجان أسوان للمرأة.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا لم يستعد رؤساء المهرجانات لتلك اللحظة التي تنوي فيها الدولة أن ترفع يدها عن دعم المهرجانات رويدا رويدا؟، ولماذا لم يحقق البعض منهم الاكتفاء الذاتي المنشود رغم أن عمر البعض منهم 8 سنوات؟ أي أن أصبح لديهم الحجة والبرهان علي الاستمرار دون مسانده الدولة وإرساء جذورهم كمهرجان قوى، لديه جمهور ومريدين ينتظرونهم كل عام.

الحق يقال إن مهرجان مثل شرم الشيخ للسينما الأسيوية الذي أسسه المخرج الراحل محمد كامل القليوبي ونخبة من محبي السينما عبر مؤسسة "نون" نجحوا عام "2014"  في توفير تمويل قيمته 660 ألف يورو من الإتحاد الأوروبي، موجة لدول البحر الأبيض المتوسط لدعم الثقافة الفنية للشباب، ورغم وصول التمويل إلى "نون"، لم تتمكن المؤسسة من التعاطي مع المبلغ عامان، إلى أن تم إعادته مرة ثانية إلى الإتحاد الأوروبي في 2016. 

وهناك القائمون على مهرجان أسوان للمرأة، اللذين لم يتأثروا كثيرا بخفض الدعم إلى 40% كما جاء على لسان مدير المهرجان حسن أبو العلا، عندما ذهب إلى أنهم أقل ضررا لأنهم لا يعتمدون على الدعم الحكومي بشكل كامل، ونسبة ما يحصلوا عليه 50% فقط، ونجحوا في توفير رعاة للدورة الثالثة بعيدًا عن الدعم الحكومي. 


نعم نحن مع إقامة المهرجانات كل يوم، ولكن أية مهرجانات التي نسعى إليها؟، هل هي مهرجانات هيكلية؟، لها شكل المهرجان ولكن بلا مضمون وجمهور، يعلم كل من شاهد مهرجانات دولية وعربية، أن المهرجانات في الخارج لها جمهور عريض، ينتظر في الصباح الباكر أمام دور العرض لاختيار الأفلام التي سيتابعونها، وكل من أرتاد مهرجان "كان" أو "برلين" أو "قرطاج" شاهد الحشود المهولة أمام دور العرض لمتابعة أحدث الأفلام، ودولة تونس الشقيقة والتي تعد مثلنا في كثير من الأمور والظروف، بل نحن نتفوق عليها من حيث العدد، من الممكن أن نغطي تكاليف مهرجاناتنا إذا فكرنا خارج الصندوق وانتظار الدعم.  

مازلت عند رأيي الذي رفضه الدكتور خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة للسينما، أن على الدولة دعم مهرجان القاهرة السينمائي فقط بوصفه مهرجانا دوليا، وأن كل المهرجانات التي تتبع المجتمع المدني عليها أن تقوم بدورها في توفير وإقناع الرعاة بمجهوداتهم.

 

وعلى الدولة أن تضع القوانين التي تيسر وتحقق لهم الأمر، وتبني دور العرض "بوصفها استثمارا نوعيا" في البلاد ويدر أرباحا جيدة، ومن ناحية أخرى تنشر الثقافة السينمائية في البلدان المحرومة من دور العرض وحائط صد أمام الفكر المتطرف والإرهابي، ومن ناحية أخرى يجد أصحاب المهرجانات منافذ متعددة لعرض الأفلام التي يأتوا بها لعرضها في شتى البلدان وتوفر لهم مورد مالي ضخم.  

وأعلم أن معظم أصحاب المهرجانات ستغضب من هذا الرأي الذي قد يغرمهم مجهودا أكثر وأموال، ولكنها الحقيقة التي سيصدمون بها يوما ويدركونها. 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة