صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


«الدستورية» تصدر حكمها بشأن هدم المباني والمنشآت غير الآيلة للسقوط

مصطفى عبدالله ميري

السبت، 02 مارس 2019 - 03:23 م

قضت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي في الدعوى رقم 39 لسنة 39 قضائية " دستورية " المحالة من محكمة القضاء الإداري، بعدم دستورية عجز الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 144 لسنة 2006 بشأن تنظيم هدم المباني والمنشآت غير الآيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعماري، فيما لم يتضمنه من تحديد قواعد وضوابط تقدير التعويض المقرر به وصرفه لمستحقيه"

 

وأقامت المحكمة حكمها استنادًا إلى أن المادة "50" من الدستور قد أكدت على أهمية التراث الحضاري والثقافي المادي والمعنوي، بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى، المصرية القديمة والإسلامية والقبطية، وكذا الرصيد الثقافي المعاصر المعماري والأدبي والفني بمختلف تنوعاته، باعتبارها جميعًا ثروة قومية وإنسانية، ومن أجل ذلك جعل الحفاظ عليها وصيانتها التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة، واعتبر الاعتداء عليها جريمة يعاقب عليها القانون، باعتبارها أحد روافد الهوية الثقافية والحضارية المصرية، والتي ألزم الدستور في المادة "47" منه الدولة بالحفاظ عليها . 

 

وأوضحت المحكمة أنة طبقًا لنص الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 144 لسنة 2006 في شأن تنظيم وهدم المباني والمنشآت الآيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعماري، التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة لا تستطيع منه فكاكًا، وذلك باعتبارها جــــزءًا لا يتجزأ من الرصيد الثقافي المعماري المعاصر الذي عنته المادة 50 من الدستور، كما يعد إسهام المجتمع والمواطنين في المحافظة عليها التزامًا قوميًا، تفرضه المواطنة التي اعتمدها الدستور في المادة "1" منه أساسًا لبناء المجتمع، والتي تكفل للمواطنين مجموعة من الحقوق والحريات تجاه الجماعة الوطنية والدولة.

 

كما تُحمله بمجموعة من الالتزامات يفرضها عليه واجب الانتماء والولاء الكاملين للوطن، يحترم هويته ويؤمن بها، وينتمي إليها، ويدافع عنها، ويحافظ عليها، بكل ما في عناصر هذه الهوية من ثوابت، والتي من بينها مكونات الهوية الثقافية المصرية بروافدها المتنوعة، ومن بينها الرصيد الثقافي المعماري والأدبي والفني بمختلف تنوعاته، والذي يُعد ثروة قومية تعتز بها الأمم وتُناضل من أجلها، ويرتكن إليها المجتمع في نمائه وتقدمه.

 ومن أجل ذلك جعل الدستور بمقتضى نص المادة "87" منه، مشاركة المواطنين في الحياة العامة واجبًا وطنيًّا، لا يقتصر الالتزام به على الجانب السياسي منها، بل يمتد إلى جوانبها الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وليضحى اضطلاع الملكية الخاصة، التي صانها الدستور بمقتضى نص المادة "35" منه، بدورها في هذا الشأن، داخلًا في إطار أدائها لوظيفتها الاجتماعية في خدمة المجتمع، وهي وظيفة لا يتحدد نطاقها من فـــراغ، ولا تفرض نفسها تحكمًا، بل تمليها طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التي ينبغي رصدها عليه.

وبمراعاة أن القيود التي يفرضها الدستور على حق الملكية للحد من إطلاقها، لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل يمليها خير الفرد والجماعة، الأمر الذي يكون معه النص المحال بتحميله حق الملكية بالنسبة للمباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز، ببعض القيود التي تمثل انتقاصًا من هذا الحق، بهدف الحفاظ عليها، داخلاً فى نطاق سلطة المشرع التقديرية في مجال تنظيم حق الملكية، ووفاءً من الدولة بالتزامها الدستوري المقرر بالمادتين "47، 50" من الدستور.

 

وحيث إن تدخل المشرع بتنظيم أوضاع أموال معينة مع إبقائها بيد أصحابها بطريقة تؤدى عملًا إلى تقويض بعض مقوماتها، ويؤثر على قيمتها الاقتصادية إلى حـد كبير، ولو كان ذلك تذرعًا بالوظيفــــــة الاجتماعيـــــة للملكية أو بوجوب المحافظة على التراث القومي، إنما يعد - كما سلف البيان - انتقاصًا من حق الملكية تتحدد مشروعيته من زاوية دستورية بأن يكون مقترنًا بالتعويض العادل عن القيود التي يتضمنها ذلك التنظيم، خاصة إذا ما وضع في الاعتبار أن حظر الهدم أو الإضافة للمباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز، وبالنظر للآثار المترتبة عليه بحرمان المالك من بعض سلطاته الفعلية على ملكه، ومن الفوائد التي يمكن أن تعود عليه منه، يعدل - في الآثار التي يرتبها - نزع ملكيته من أصحابه، وعلى ذلك فإن صحة تقرير التعويض المستحق قانونًا للمالكين، عن المباني والمنشآت المشار إليها، والذي تضمنه النص المحال من الناحية الدستورية .

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة