محمد البهنساوي
محمد البهنساوي


حروف ثائرة

محمد البهنساوي يكتب: السكة الحديد.. والتطوير الحقيقي

محمد البهنساوي

السبت، 02 مارس 2019 - 08:48 م

 

تحجرت الدموع في المُقَل.. وبلغت القلوب الحناجر.. وزاغ البصر.. وشلت الألسنة.. هكذا وبفعل إهمال متأصل جسيم أزهقت 22 روحا.. نعم ذهبت لبارئها ناعمة بالشهادة.. لكنها تركت للمصريين حزنا دفينا.. ونفوسا جزعة.. وقلوبا محطمة

وهكذا حالنا مع السكة الحديد وقطاراتها.. لقد تحولت إلى سكة سريعة للآخرة.. سكة الحزن والألم.. تحولت بفعل إهمال عشعش لعقود بكل أرجائها إلى مصدر ألم ومبعث حزن وموطن جراح ودماء.. إهمال يقاوم كل سبل التطوير.. ويهدر مليارات التحديث.. ويلقى في غياهب المعاش و"الركنة" مسئولين ووزراء بعضهم أكفاء.

لن نتحدث هنا عن أسباب أو تداعيات أو نتائج الحادث فقد قتلت بحثا.. ولن نلتفت إلى نعيق بوم يستغل أحزان المصريين.. ويرقص فوق جثث ضحاياهم.. ويتربص بهم سعيا لنشر الإحباط واليأس.. فهم أتفه من أن يوقفوا مسيرتنا أو يعبثوا بمستقبلنا بمخططاتهم المفضوحة والممولة لصالح فئة منبوذة أو أنظمة متربصة بمصر وشعبها.. لكننا نتحدث عن مرفق من أهم مرافق الدولة وأقدمها.. الثاني من نوعه على العالم.. لكنه تراجع وترنح بفعل إهمال عقود ليتذيل القائمة المحلية والدولية.. مرفق التهم لسنوات مليارات حاولت وقف نزيف خسائره وحوادثه.

مخطئ من يعتقد أن مشاكل السكة الحديد المتراكمة لعقود سوف تنتهي بين عشية وضحاها أو تختفي بمجرد الضغط على زر التطوير.. فهناك فعلا خطة بدأت وجهد انطلق لتطوير هذا المرفق الذي يتعامل معه يوميا أكثر من 3 ملايين مصري.. خطة خصص لها "عكس ما يروج المتربصون" 56 مليارا من عام 2014 حتى 2020 وتم بالفعل تطوير وتجديد 98 من المحطات والقطارات ونسبة مقاربة من المزلقانات والإشارات والبدء في تصنيع وتجميع الجرارات والعربات.. فضلا عن مشروعات عملاقة أخرى تضمنتها خطة تطوير المرفق حتى عام 2030 تقترب قيمتها من الـ 150 مليار جنيه ليصبح لدينا مرفق نفخر ونتفاخر به ويصبح في مصاف سكك الحديد العالمية.

أتحدث اليوم في ظل خطط التطوير عن نقاط أتمنى أن تكون في ذهن القائمين عليها فبجانب الميكنة الحديثة لعناصر الخدمة هناك العنصر البشري.. فكل خطط التطوير لن تنجح إلا إذا كان العنصر البشري على قدر تلك الخطط وطموحاتها.. فهل يعقل مثلا أن نكتشف أن السائق المتسبب بكارثة محطة مصر سبق وقفه عن العمل لتعاطيه المخدرات.. من سمح بعودته؟!.. ثم نعلم من جيرانه انه شخص متهور طائش مريب سيئ السمعة والمعشر.. أيضا من سمح أن يكون مسئولا عن أرواح الآلاف.. تلك هى البداية.. اختبارات دقيقة نفسية وصحية وبدنية.. تحريات أمنية مشددة.. ومتابعة مستمرة لضمان عدم انحرافهم نفسيا أو صحيا.. ثم ما المانع أن نختار السائقين من حملة المؤهلات العليا مع مرتبات مجزية وتدريب لا يتوقف.. وإعادة النظر في جميع العاملين داخل القطار نفسه وتأهيلهم لقطاراتنا الحديثة المنتظرة؟

ثانية النقاط المهمة أن رحلة القطار بكثير من الدول متعة بحد ذاتها من خدمات فندقية وترفيهية بالقطارات.. ومتعة مشاهدة المناظر طول الرحلة.. اعتقد أن هذا الأمر ليس صعبا مع تطوير القطارات أو تجميل المحطات وخط السير الذي تحول في بعض مناطقه لمقالب قمامة تؤذى النظر.. والمحطات نفسها تحولت في بعض الدول لما يشبه المتاحف.. وفي مصر بلد التاريخ والحضارة هذا أمر منطقي ودعائي مطلوب.. بجانب خدمات يمكن توفيرها بالمحطات من مخازن للحقائب وتنظيم عمل "الشيالين" واستراحات ومطاعم متميزة والقضاء على العشوائية والباعة والمضايقات.. تطوير السكة الحديد يجب ألا يكون بمنأى عن القطاع الخاص وإتاحة الفرصة له وتوفير خدمة سياحية بتكلفة لمن يريد كما هو في الدول الكبرى.

أما ما يخص المواطنين فهنا نقطتان مهمتان للغاية.. أولاهما أن نحسن التعامل مع مرفق السكة الحديد والحفاظ عليه.. وثانيتهما ألا نسير وراء المرجفين المغرضين المتربصين ونثق أن يد التطوير التي امتدت لكل شيء بمصر ستطول السكة الحديد ونعلم أن تطوير هذا المرفق سيستغرق بعض الوقت قد تشهد خلاله حوادث نتمنى من الله أن تكون قليلة لكن في النهاية وحتما سيتطور رغم أنف المتربصين. 
 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة