د.إبراهيم العسيري المفتش السابق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية
د.إبراهيم العسيري المفتش السابق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية


حوار| العسيري: محطة الضبعة مؤمنة ضد الكوارث الطبيعية.. ونسير بخطوات مدروسة

حنان الصاوي

الثلاثاء، 05 مارس 2019 - 01:38 ص

تدخل مصر عصر الطاقة النووية، وتبدأ الدولة في الاستعداد جيدًا لبناء محطة "الضبعة" النووية بحلول 2020، بالإضافة إلى إنشاء أول وحدة للطاقة النووية في "الضبعة"، تبدأ العمل عام 2026 بإطلاق أول مفاعل نووي.

وتستخدم المحطة النووية، مفاعلات نووية من الجيل الثالث طبقاً لأحدث ما وصل إليه العلم والتكنولوجيا، ويحتوي هذا الجيل على تصميم آمن ومقاوم لخطأ المشغل أي "العامل البشرى"، ويزيد عمر المحطة على 60 عامًا، ولها قدرة غير مسبوقة على مقاومة الحوادث الضخمة.

وعلى إثر ذلك، أجرت "بوابة أخبار اليوم"، حوارا مع د.إبراهيم العسيري المفتش السابق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية ونائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقاً والحاصل على جائزة نوبل.

وحصل العسيري، على جائزة نوبل مناصفة مع ٣ مفتشين آخرين منذ عام ٢٠٠٥، حيث إنه يعمل بالبرنامج النووي المصري على مدار ٥٢ عامًا، بدأها عام ١٩٦٧ في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

في البداية.. هل هيئة المحطات النووية قادرة على أن تقود المشروع النووي بأمان بمصر؟


طبعا الهيئة قادرة على قيادة المشروع النووي بأمان لأننا قمنا بتدريب مهندسين وفنيين على أعلى مستوى وتم إرسال بعثات سافرت إلى روسيا وأخرى سيتم تدريبها في دول مثل أمريكا وألمانيا وفرنسا وكوريا، بالإضافة إلى أن فترة إنشاء المحطة التي ستستغرق مدة تتراوح بين 5 و6 سنوات سيتم خلالها تدريب الكوادر اللازمة للإنشاء والتشغيل.  

هل المحطة مؤمنة ضد حدوث أي كوارث؟

المحطة النووية بالضبعة مصممة على أعلى تكنولوجيا الأمان النووي من الجيل الثالث ضد الكوارث الطبيعية والصواريخ، كما أن بها غلاف حيوي سمكه متر ونصف ومبطن بالخرسانة لا يمكن اختراقه أو انهياره سواء نتيجة أي حوادث طبيعية أو أي شكل من أشكال المخاطر الأخرى.

 ما هي دورة الوقود النووي بالمشروع؟

الوقود النووي من ضمن الاحتياجات الأساسية للعمل بالمحطة حيث إن اليورانيوم هو أوفر الخامات في الأرض على مستوى العالم، ولكن ما يحكم الأمر هو تكلفة استخراجه والتكنولوجيات القادمة في المفاعلات مستقبلاً لن تعتمد على اليورانيوم فقط كوقود بل ستعتمد على المواد الناتجة من احتراق اليورانيوم لتكون وقوداً ثانياً في تشغيل المفاعل، وهيئة المواد النووية في مصر تقول إن لديها احتياطياً كبيراً، وفى حالة تكامل الدول العربية فيمكنها تحقيق الاكتفاء الذاتى من اليورانيوم. والنقطة المهمة فى هذا الموضوع أن أسعار اليورانيوم ستظل متمتعة بميزة كبيرة عن البترول والغاز حتى لو زادت 100% فلن تزيد تكلفة الكهرباء إلا بنسب بسيطة جداً لن تؤثر على المستهلكين.

ما هي طريقة تخزين الوقود النووي الذي يتم استخدامه بالمحطة؟


الوقود النووي عبارة عن حزم 17*17 و 18*18 و هو داخل وعاء معدني سمكه 25 سم يصعب اختراقه أو تفجيره، مشيراً إلى أنه من خلال عمله لمدة 18 عاما كمفتش بالوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يتبين وجود أي أضرار صحية على العاملين بهذه النوعية من المحطات والوقود النووي عبارة اسطوانات صغيرة ارتفاعها 2 سم وقطرها 1 سم ، والجسم الخارجي مصمم بشكل مجوف مثل "الطبق" لاحتواء نتائج الانشطار وهى جميعها داخل غلاف معدني، موضحاً أن هذا التصميم لزيادة عنصر الأمان داخل المحطة النووية لمنع التسرب الإشعاعي.

هل العاملين بالمحطة معرضين للإصابة بالإشعاع النووي؟

محطة الضبعة مصممة على عدم تسريب الإشعاع النووي إطلاقاً ونسبة الإشعاع النووي الذي تصيب المواطن إذا أقام 24 ساعة يومياً بجوار المحطة لمدة سنة بدون أن يتحرك تعادل تناوله 70 ثمرة من الموز الذي يحتوى على بوتاسيم مشع يخرج من جسم الإنسان عن طريق البول.

ما هي مصادر تمويل المشروع؟

يوجد أكثر من اقتراح لتمويل المشروع وطبعا روسيا في المقدمة، وهي الحصول على قرض روسي بقيمة 25 مليار دولار يجرى سداده على 35 سنة.

ما هي أفضل تكنولوجيا نووية لمصر بعد دراسة نظام مفاعلات «الكاندو» الكندية التي تعمل بالماء الثقيل؟

الكاندو أفضل لأنه لا يحتاج يورانيوم أو تكنولوجيا عالية في التخصيب لكن عيب وحدات الماء الثقيل أن لها مورداً واحداً وهو كندا، ولابد أن يؤخذ هذا في الاعتبار والمفاعلات الماء العادي فتحتاج إلى عملية معقدة لتخصيب اليورانيوم، لكن لها أكثر من مورد، وهذه الأمور ينبغي أن تدرس من جميع النواحي الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية للخروج بإستراتيجية كاملة للمشروع.

هل يمكن أن تعطينا صورة عن واقع المحطات النووية على مستوى العالم حالياً واستخدامها في توليد الكهرباء؟

آخر الدراسات الصادرة عن قاعدة بيانات المحطات النووية بالوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد أنه يوجد في العالم حوالي 436 محطة نووية تعمل بالفعل، وهناك حوالي 56 مفاعلا في 15 دولة تحت الإنشاء، ومن المخطط إنشاء 143 مفاعلا جديداً بحلول عام 2030 قدراتها 157 ألفاً و932 ميجاوات في 26 دولة، والعالم كله مهتم بالمحطات النووية لأنها لا تلوث البيئة ولا تصدر عنها انبعاثات الكربون التي أصبحت خطيرة جداً، ولأنها تنتج كهرباء رخيصة وسعر الكيلووات/ساعة منها أقل من سعر الكيلووات في الطاقات المنتجة من محطات تقليدية.

هل يسير المشروع النووي ببطء في مصر؟

مصر تسير في المشروع حالياً بخطوات علمية مدروسة وطبقاً للمعايير الدولية وتم طرح المواصفات وموافقة جهاز الأمان النووي على الترخيص بالإنشاء في موقع الضبعة، وهو بمثابة إذن قبول الموقع، لأن ذلك يوضع في الحسبان عند إعداد المواصفات، وتم إصدار الترخيص والمشروع اخذ الجدية في تنفيذ محطة الضبعة النووية فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.

البعض يقول إن بناء المفاعل النووي ينهي على السياحة بالمنطقة؟

العكس تماما الطاقة النووية تمثل عامل جذب سياحي حالياً وهناك مفهوم جديد حالياً هو "السياحة النووية"، ودولة روسيا أعلنت أن الساحة النووية لديها أفضل من السياحة العادية وأيضا التشيك أعلنت أن السياحة النووية فيها فاقت السياحة العادية لأن السائح يكون متلهفاً لرؤية المفاعلات من الداخل، ومعرفة طريقة عملها.

وفرنسا التي يذهب إليها 80 مليون سائح سنوياً بها 58 محطة نووية تنتج 80% من الكهرباء المستهلكة، وعندما تنظر إلى خريطة توزيع المحطات النووية فيها فستجدها منتشرة فى مناطق الكثافة السكانية، ومعظم هذه المحطات مقامة على مصادر مياه عذبة.

بعض الخبراء يقولون إنه يمكن نقل المشروع النووي إلى أي منطقة أخرى غير الضبعة؟

لا يمكن نقل الضبعة من مكانها لأن منطقة الضبعة مميزة لإنشاء مفاعل نووي بها ومنطقة جذب قوية للسياحة خاصة السياحة الروسية، وجاء موقع الضبعة نتيجة لدراسات أجريت منذ أوائل الثمانينيات وأنفقنا عليها مبالغ كبيرة جداً.

وكان الموقع من بين 23 موقعاً خضعت للدراسة على مستوى الجمهورية في مناطق الساحل الشمالي وشمال سيناء وخليج السويس ومحافظات البحر الأحمر والدلتا وبحيرة ناصر، وثبت أن موقع الضبعة هو الأفضل، وأصبح الآن مصنفاً بأنه من أحسن مواقع المحطات النووية على مستوى العالم، وهذا تصنيف الوكالة الدولية للطاقة الذرية وليس مصر، لأن جميع مقومات إنشاء مشروع ناجح متوافرة فيه، وبه بنية أساسية من شبكات الطرق والصرف الصحي والمياه وأجهزة قياس الأشعة والنشاط الزلزالي، وحتى مدخل تبريد المياه للمحطة تم تحديده، وعندما أعدنا الدراسة مرة أخرى منذ عدة شهور على الموقع، جاءت النتائج مطابقة للدراسة الأولى، ومؤيدة لإنشاء المحطة الأولى فيه.

وإذا تم اختيار موقع آخر لإنشاء المحطة النووية ماذا يحدث؟

إذا قررنا تغيير موقع الضبعة، واخترنا أي موقع آخر للمحطة الأولى، فدراسة أي موقع جديد تحتاج إلى 3 سنوات، إضافة إلى سنتين لإجراءات الترخيص وبذلك سنتأخر 5 سنوات، وعلى مستوى التكلفة الاقتصادية فإجراء الدراسات على أي موقع بمستوى الضبعة يتكلف 1.7 مليار دولار ويمكن أن تزيد خلال الفترة المقبلة إلى 2 مليار دولار أي أننا سنخسر نحو 8 مليارات دولار لإجراء دراسات بديلة للمحطات الأربع المستهدف إنشاؤها في موقع الضبعة، إلى جانب التكاليف الباهظة لتوفير المرافق والخدمات وشق الطرق إلى المواقع الجديدة، وخلال هذه السنوات الخمس سنستمر في إهدار البترول والغاز لتوليد الكهرباء، وسندفع 5 مليارات دولار للوقود خلال هذه المدة.

كثير من رجال الأعمال أعربوا عن تخوفهم من احتمال وقوع حادث بالمحطة مستقبلاً يؤثر على المنطقة بأكملها؟

هل معنى وقوع حادث يتعلق بأي تكنولوجيا أن أوقف العمل بها "حوادث الطائرات" لم تدفع العالم لوقف استخدامها، وحوادث المناجم ينتج عنها ضحايا بالعشرات، ومازال العمل بها مستمر، وثبت علمياً أن متوسط الجرعة الإشعاعية الناتجة من تشغيل المحطات النووية يقل حوالي 10 آلاف مرة عن متوسط الجرعة التي يتعرض لها الفرد في البيئة العادية، واحتمال الحوادث يكاد يكون منعدماً لان إذا حدث أب خلل للمفاعل أثناء العمل يتم إيقاف المحطة بالكامل أوتوماتيكيا دون التدخل البشري.

وتستوعب أرض الضبعة 8 محطات نووية، تتم عليها 8 مراحل، المرحلة الأولى تستهدف إنشاء محطة تضم 4 مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء بقدرة 1200 ميجا وات بإجمالي قدرات 4800 ميجا وات بتكلفة 5 مليارات دولار للمفاعل بإجمالي 20 مليار دولار توليد الكهرباء من الوقود النووي تعد أكثر حفاظا على البيئة من أي وقود آخر وليس له أي أثار بيئية ضارة على المجتمع، مؤكداً أنه الأوفر والأكثر أماناً.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة