ليسوتو .. مملكةٌ «ديمقراطية» وسط الجبال
ليسوتو .. مملكةٌ «ديمقراطية» وسط الجبال


حكايات| ليسوتو.. مملكة «ديمقراطية» وسط الجبال حاربت رأس الرجاء الصالح

أحمد نزيه

الثلاثاء، 05 مارس 2019 - 09:25 م

في قصص الأولين، منّ الله على قوم ثمود، جعلهم يتخذون من السهول قصورًا، وينحتون الجبال بيوتًا، فكانت نعمةً عظيمةً لم يقدروها، ثم نعبر من ماضي الأزمان السحيقة ونعرج إلى حاضر الأيام الراهنة، لنكتشف في زماننا هذا أن هناك بلدًا على هذه الأرض، تُحاكي قوم ثمود، ففي الجبال يحيون ويبنون بلدًا مستقلًا بمنأى عن بلدٍ آخر يمثلون قطعة أرض كبيرة داخلها، تلك حكاية أمة مملكة ليسوتو.


وفي العالم حاليًا، لا تُوجد سوى بلدين يقعان كليةً داخل بلدٍ آخر أكبر مساحةً، هما سان مارينو في إيطاليا، وليسوتو في جنوب أفريقيا، وهي البيت القصيد بالنسبة لنا في هذا الموضوع.


ملكية دستورية

قبل عام 1966، لم يكن هناك بلدٌ في العالم يسمى "ليسوتو"، وقد سُميت بهذا الاسم لأن معناها في اللغة اللوسوتية "جبل المملكة"، فهي واحدة من ثلاث ممالك متبقية في قارة أفريقيا، واحدةً في شمال القارة اسمها المغرب، وأخرى على مقربةٍ منها اسمها إي سواتيني (سوزيلاند سابقًا).


لكن هذه المملكة منذ نشأتها تفردت في أفريقيا بأنها ملكية دستورية، وتتفوق الديمقراطية فيها على عدٍ من بلدان قارة أفريقيا، بما في ذلك الجمهوريات.


وملك ليسوتو حاليًا، هو ليتسي الثالث، وهو يشغل منصبًا شرفيًا إلى حدٍ كبيرٍ (يملك ولا يحكم)، في حين تتركز السلطات في قبضة البرلمان، الذي ينتخب رئيس الحكومة، وهو حاليًا باكاليثا موسيسيلي.


قصة الأمس
 


وبالعودة للوراء قريبًا، ستدرك أن ما وصلت إليه ليسوتو الآن لم يكن بالأمر الهين، بل استلزم نضالًا في البلد الأفريقي، الذي استقل عن المملكة المتحدة في أكتوبر عام 1966، بعد أكثر من قرنٍ من الزمان من الصراع مع البريطانيين ومن عاونهم.


شعب الباسوتو حاولت بريطانيا قهره في منتصف القرن التاسع عشر، لكن مساعي المملكة المتحدة لم تكلل بالنجاح على مدار 12 عامًا من الصراع بين عامي 1856 و1868، وتعاون مع بريطانيا في حربها ضد الباسوتو المستوطنون "البوير".


وظل الصراع بين الجانبين قائمًا إلى أن طلب موشوشو، حاكم الباسوتو، من بريطانيا الحماية، وأصبحت هناك محمية بريطانية تُسمى "باسوتو لاند"، إلى أن توفى موشوشو عام 1870، لتضع بريطانيا مقاطعة باسوتو لاند تحت حماية مستعمرة رأس الرجاء الصالح (جزء في دولة جنوب أفريقيا حاليًا)، التي كانت تخضع هي الأخرى للحكم البريطاني.
 

نزع السلاح


مستعمرة رأس الرجاء الصالح حاولت نزع الأسلحة من شعب الباسوتو لكنها لم تفلح، وتمكن بعدها الباسوتو من إعادة إنشاء باسوتو لاند مرةً أخرى عام 1884، بوصفها محمية بريطانية، لكنهم حرموا على البيض أن يحصلوا على أرضٍ في باسوتو لاند، لتصبح تلك المستعمرة عصيةً على بريطانيا، ومختلفةً تمامًا عمن من حولها من مستعمراتٍ تخضع للحكم البريطاني.


وفي عام 1910، تأسس مجلس باسوتولاند، وهو يتكون من زعماء وأعضاء منتخبين، في أول خطوةٍ ديمقراطية في البلد، التس أصبح اسمها ليسوتو فيما بعد، وقد كان مجلسًا تشريعيًا وطنيًا، وتأسست مجالس الأحياء في 1943، وأصبحت تدير الحكومة المحلية للبلاد، وظل الوضع هكذا إلى أن صارت باسوتولاند مستقلة عن التاج البريطاني، ونالت حريتها وبنت دولةً بين سفوح الجبال وعلى أعلى قممها، اسمها "ليسوتو".

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة