صورة من الفيلم
صورة من الفيلم


سيطر على جوائز سيزار الـ44.. «حتى الحضانة» فيلم رائع يناهض العنف ضد المرأة

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 06 مارس 2019 - 03:52 ص

كتب: هويدا حمدي

 

كالعادة سيطرت جوائز الأوسكار والجدل الذى صاحبها سلبا أو إيجابا على المشهد السينمائى والمهتمين به، وتوارت أحداث وجوائز مهمة واكبت حفل الأوسكار الذى أقيم فى ٢٤ فبراير، كان بينها جوائز سيزار الفرنسية ال٤٤، والتى تمنحها أكاديمية الفنون وتقنيات السينما الفرنسية، أعلنت قبل الأوسكار بيومين، وفاز بأربع من جوائزها الفيلم الرائع «Jusqu'A La Garde» «حتى الحضانة» لكزافييه لو جران، توج بأفضل فيلم، وأفضل سيناريو وأفضل مونتاج وأفضل ممثلة للنجمة الفرنسية ليا دروكير والتى لعبت دورا رائعا ينافسها الطفل الموهوب جدا توماس جيوريا الذى كان يستحق أفضل ممثل بلا منازع.


تأتى أهمية الفيلم الذى أتمنى عرضه فى مصر، فى أى من المهرجانات أو التجمعات المهتمة بحقوق المرأة، بتصديه بشكل قوى وصادم لقضية العنف ضد المرأة والأطفال.. سيناريو رائع كتبه المخرج لو جران يعرض ببلاغة لا تحتاج حوارا أزمة أسرة تعانى من عنف وبطش الزوج الذى لا يستطيع السيطرة على إنفعالاته، حتى أنه تسبب فى إصابة بدنية لابنته الشابة، والأكثر مرارة ما سببه من بؤس وذعر وهلع للأسرة كلها، وعلى الأخص طفله الصغير جوليان الذى لم يتجاوز ١١ عاما.

تبدأ الأحداث فى غرفة ضيقة مغلقة تضم الزوجة الشاحبة بنظرة حزينة شاردة ومحاميتها، والزوج الضخم ومحاميته التى تشبهه حجما، والقاضية المرتبكة فى حيرة واضحة تحقق فى طلب الزوجة بحضانة الطفل جوليان بشكل كامل، فلا يسمح للأب بأخذه لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، وذلك بناء على طلب الطفل الذى لم يعد يحتمل سلوك أبيه العدوانى حتى ولو بالصراخ والعنف الذى يسبب له فزعا وألما أكثر من الضرب !، وما بين دفاع كل محامية عن حق موكلها فى حضانة الطفل،و حق الطفل نفسه فى تقرير مصيره، وتمسك الأب بحقه فى المشاركة فى رعاية ابنه الصغير، بادعاء أنه لا يميز مصلحته فى تلك السن فلا ينبغى الاستجابة لطلبه، ترفض القاضية طلب الأم، ليبقى الوضع على ماهو عليه.

بدا المخرج من المشاهد الأولى بارعا فى عرض قضيته، ففى حين أبرزت الكاميرا نظرات الخوف فى عين الزوجة المسكينة ليكسب تعاطفك معها، ركزت الكاميرا على عين الزوج البليدة، ونظراته الحادة القاسية، وكانت رأسه فى معظم اللقطات خارج الكادر مكتفيا بصوته الضخم وجسمه الأضخم، وظل هكذا فى معظم كادرات الفيلم خاصة وهو مع الطفل الصغير ليؤكد انه لا يعرف لغة العقل ويده تسبقه دائما، فكان يسير ويده تطبق على رقبة الصبى المرتعد خوفا وكأنه أسير حرب!

بعد الجلسة وانتصار الأب وفوزه بحضانة ابنه فى عطلة الأسبوع، تبدأ جولات من الفزع الإنسانى الذى عبر عنه الطفل الموهوب بشكل مدهش يحسب للمخرج المتمكن، غابت عن الطفل وملامحه البريئة مشاعر الطفولة والأمان ليحل محلها الرعب والهلع والدموع فى مواجهة قسوة أب يطارد أسرته وزوجته التى يشك فى ارتباطها بآخر، ويتهجم عليها فى منزل والديها ثم منزلها الجديد الذى تختبئ فيه بعدما غيرت عنوانها وتليفونها مرات لتحمى نفسها وابنتها وابنها من بطشه، وهو يتخبط كالمجنون يطاردها بصراخ وعنف يتحول فى نفس المشهد لدموع وتوسلات مريض بائس، تزيد من رعب وآلام الصبى الذى يتمزق حرفيا فى تلك الأجواء القاسية،و لا يجد ملجأ سوى حضن أمه المذعورة أصلا، وحين ييأس الزوج الهمجى من قبول زوجته للصلح يفقد عقله، يحاول اقتحام البيت وتحطيم الباب مستخدما سلاحه، ولا يهتم بفزع الصبى وصراخه الهيستيرى خوفا من الرصاص الذى اخترق الباب، تستنجد الأم بالشرطة التى تنصحها بالاختباء بمسبح الحمام، فتحتضن ابنها المنهار فى مشهد رائع، حتى تأتى الشرطة وتلقى القبض على الزوج المجنون،و الابن وأمه يرتعدان خوفا وهلعا.. يغلق الباب وثقوب رصاصات الأب التى اخترقته مازالت موجودة، وينتهى الفيلم. وهو أروع ما تعرض لقضية العنف الأُسَرى فى السينما.

 

أهدت النجمة ليا دروكير جائزة افضل ممثلة لكل امرأة تتعرض للعنف فى العالم وتعانى من هذا الواقع المأساوى.. والمؤسف أن نضال المرأة حتى فى الغرب لم يسفر حتى الآن عن قوانين حاسمة تحد من ظاهرة العنف التى يدفع ثمنها الأبناء قبل الأم، وليس هناك مايحمى الأطفال حقا من عنف آبائهم رغم وجود قوانين تقر ذلك. الجدير بالذكر أن عرض الفيلم وفوزه بسيزار أفضل فيلم فى الحفل المقام بباريس يأتى مواكبا ليوم المرأة العالمى الذى يحتفل به العالم بعد غد (٨ مارس ) وهو ذكرى أول مؤتمر للاتحاد النسائى العالمى الذى عقد بباريس عام ١٩٤٥ أى منذ ٧٤ عاما.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة