صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


شبح الشائعات يطارد الإنجازات.. والخبراء يضعون روشتة المواجهة

أسامة حمدي

الأحد، 10 مارس 2019 - 03:52 م

- «علم الدين»: بعد فشل الإخوان لجأوا للشائعات لهدم الدولة والتشكيك في الإنجازات

- «العالم»: توفير المعلومات يواجه الشائعات.. و«الأعلى للإعلام» عليه وضع رؤية تلزم القنوات

- «عبد المجيد»: على الإعلام الوطني مواجهة شائعات «السوشيال ميديا» وبناء الوعي

- مرصد الإفتاء: مروجو الشائعات «مرجفين» والنصوص الشرعية تحرم تداولها والمشاركة بها 

- السجن 3 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه.. و7 سنوات في حالة انتحال صفة جهة حكومية

 

لا تخلو تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أي مناسبة من تحذير المصريين من خطر الشائعات، وأكثرها المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تحاول التشكيك في أي إنجازات تتحقق على أرض الواقع، بهدف هدم الدولة وبث حالة من عدم الرضا والإحباط بين الشعب، وشدد الرئيس في كلمته اليوم الأحد، في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمناسبة يوم الشهيد، على المصريين بعدم الانصياع وراء الشائعات التي طالت حملة "100 مليون صحة"، وتكلفة بناء المدن الجديدة، وغيرها من الإنجازات.


وتناقش «بوابة أخبار اليوم» في هذا السياق، خطر الشائعات على المجتمعات، وكيفية مواجهتها، وموقف الدين والقانون منها.

 

الإعلام.. وتشكيل الوعي


ترى د. ليلى عبد المجيد، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة سابقاً، أن الوعي عملية تراكمية ويتكون من منظومة التعليم والإعلام والثقاقة، موضحة أن تأثير التعليم والثقافة بعيد شيئًا ما، أما الإعلام فتأثيره يكون بشكل مباشر، لكونه ينقل لنا أحداث كل لحظة وكل يوم، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» والإعلام الإلكتروني.

 

وقالت عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة سابقاً لـ«بوابة أخبار اليوم»، إن الوعي الحقيقي يمر بعدة مراحل، أولها توفير المعلومات كافية وصحية ودقيقة عن الحدث أو القضية، وبعد ذلك تقديم فهم واضح من قبل وسائل الإعلام للحقائق والوقائع والأحداث، لكي تكون دقيقة وموثقة، بعد ذلك شرح التداعيات والتفاصيل، ثم تكوين الآراء بالمعلومات والتعرف على الآراء الأخرى، ومن ثم تكوين الاتجاه والرأي السديد.

 

الوعي الزائف

 

وبالنسبة للوعي الزائف، أكدت أستاذة الإعلام، أنه يتكون من المعلومات المغلوطة بوسائل التواصل الاجتماعي، وتكرارها بشكل مختلف حتى يعتقد الجمهور بها ويصدقها، لافتة إلى أنه يتم بناء عليه مواقف وسلوكيات غير حقيقة، مستطردة: "هذا النوع من الوعي يضر الجمهور والشباب ويدمر المجتمع، كما يهمش الشباب ويحول مسارهم عن أهدافهم، كما يخلق نجوم زائفة مثل بعض الفنانين والراقصات ولاعبي الكرة بعيدًا عن التركيز عن تضحيات شهداءنا وجهود أطبائنا وامتيازات الطلبة المتميزين"، متابعة: "وبالتالي يكون وعي غير حقيقي يبعد المواطن عن أهدافه الحقيقية".

 
وشددت ليلى عبد المجيد، على ضرورة الاهتمام بالإعلام الوطني الذي يبني الوعي الحقيقي ولا يزيفه، مضيفة: «أما شبكات التواصل الاجتماعي زائفة، لكنها إذا قدمت معلومة سليمة فهي بالتأكيد تلعب دورًا مهمًا في بناء الوعي ليست منفصلة عن التعليم والثقافة»، لافتة إلى أهمية الاهتمام بالمنظومة بالكامل وتحديثها لبناء الوعي المجتمعي الحقيقي الذي يعبر عن المجتمع المصري، ويوضح ماذا نريد الوصول إليه مستقبلًا؟

 

الربح والإثارة والبيزنس

 

أما جمال النجار، نائب رئيس قسم الصحافة والإعلام بكلية الدراسات الإسلامية، فذكر أن وسائل الإعلام الخاصة تعتمد على الربح والإثارة والبيزنس، فتجذب الجمهور بمعلومات تافهة تكون بعيدة كل البعد عن الأهداف التي تسمو إليها الدولة مستقبلًا، وتغرق الجمهور في قضايا تافهة وتشغلهم عن أهدافهم، فهو يهتم بالإعلان وليس الإعلام.

 

وشدد «النجار» في تصريحاته لـ«بوابة أخبار اليوم»، على ضرورة الاعتماد على برامج تعليمية وتثقيفية، وعدم الاهتمام بمشاهير الفن والكرة غير الهادف، مع إجراء لقاءات وحوارات مع العلماء والمفكرين، والشباب وخصوصا من القيادات، وخلق قدوة صالحة للأجيال الجديدة.

 

قنوات الدولة.. وبرامج هادفة

 

وأكد نائب رئيس قسم الصحافة والإعلام بكلية الدراسات الإسلامية، ضرورة الاهتمام ببرامج هادفة لخلق الوعي الحقيقي للشباب والمجتمع، مستطردًا: «ويمكن سد هذا النقص بالقنوات التي تدشنها الدولة وهي قنوات ماسبيرو، فهدفها تقديم معلومة صحيحة للجمهور بعيدا عن الربحية، وهذا هو ما نحتاجه حتى لا ينصرف الشباب إلى وسائل التواصل التي تجذب اهتماماته بقضايا تافهة ومعلومات مغلوطة تكون وعيًا زائفًا لديه، وتشجعه على التقوقع في عالمه الخاص بعيدًا عن الدولة».

 

المؤسسات الإعلامية والرؤية الكاملة

 

فيما يرى الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن المؤسسات الإعلامية المصرية في حاجة إلى الرؤية المتكاملة خلال الفترة الحالية، حتى يمكنها أن تقدم كل ما يحتاجه الجمهور من معلومات سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وبالتالي يمكنها أن تشكل الوعي المجتمعي.

 

وأضاف «العالم» لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن القنوات الفضائية والمواقع الإلكتورنية الآن تعتمد على نسب المشاهدة و«الترافيك» وتختار موضوعات ترتبط بالأحداث دون الاهتمام بتقديم مادة دسمة تشكل وعي المجتمع وخصوصا الشباب، فهي ليس لديها رؤية مسبقة عن ذلك، مشددًا على ضرورة التركيز على إعلام الجمهور بالقضايا والمشكلات المطروحة.

 

وذكر أن الشباب لجأوا إلى الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي تأتي في مقدمة وسائل الإعلام الحديثة للوصول إلى المعلومات والتي غالبًا ما تكون مغلوطة، لافتًا إلى ضرورة أن يهتم الإعلام بالحصول على المعلومات السياسية، وكذلك تعريف الجمهور بالقضايا السياسية ليسهم في تكوين اتجاهات إيجابية تجاه المواضيع السياسية.


وتابع: «من المهم عرض المعلومة الصحيحة للجمهور وخصوصا ما يرتبط بالأحداث السياسية، بعد استقدامها من مصادرها الرسمية، وكذلك شرح كل تفاصيل القضية للجمهور، وأيضًا كل ما يدور حول الحدث أو المعلومة، بالإضافة إلى عرض مرجعية تاريخية لأحداث شبيهة وما حدث في وقتها، وأخيرًا تقديم كل الحلول الخاصة بأي مشكلة».

 

وطالب «العالم» في نهاية تصريحاته، المجلس الأعلى للإعلام بتقديم رؤية لسياسات يلتزم بها جميع القنوات ووسائل الإعلام لتقديم معلومة دقيقة للمصريين يتم على أساسها هزيمة حرب الشائعات التي تستهدف الدولة.

 

كتائب الإخوان


وقال ياسر عبد العزيز، الخبير الإعلامي، إن الشائعات من أخطر عيوب «السوشيال ميديا» وشبكة الإنترنت عمومًا، فعمرها أطول من 10 سنوات، لكنها شهدت أوج ازدهارها مع ما سمي بـ«الربيع العربي»، الذي شهدته المنطقة العربية اعتبارًا من عام 2011، وهناك ما يسمي باللجان أو الوسائل الإلكترونية، وهي عبارة عن مجموعة من الأفراد وأعضاء في لجنة أو وسيلة إلكترونية، وتعمل على الترويج للشائعات.


وتابع ياسر عبدالعزيز: «لوسائل الإعلام دور مهم فيما يخص الكتائب الإلكترونية، فلابد من أن تدرك أن كل ما يظهر على السوشيال ميديا لا يعكس الحقيقة بذاتها، ولكنه يعكس وجهات نظر مصطنعة أو مختلقة، لذلك يجب التعامل بحرص وحذر، ويجب على وسائل الإعلام أن تتحرى من وجود هذه اللجان، وأن تكشف للرأي العام طرق عملها، وأن تقوم بتوعية الجمهور فيما يخص الكتائب الإلكترونية».

 

معرفة مصدر الأكاذيب

 

ومن جانبه يقول د. سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أنه من الضروري أن نعلم أولاً من أين تأتي تلك الأكاذيب ومصدرها، فنجد أن مواقع مصدرها قطر وتركيا بمساعدة مخابراتهما ويعتمد الإخوان في أكاذبيهم على نشر خبر حقيقي منشور مسبقًا من ثم يقومون بإعادة صياغته بإضافة الأكاذيب، فيقومون بتهويل الحوادث، فيبقى مزيج بين الحقائق والأكاذيب وهذا أخطر أنواع الأكاذيب لأن الإعلام سيتحدث عن نفس الأحداث، فبالتالي سيصدق المواطنون الأكاذيب، وأيضًا لأن الإعلام لا يرد بطريقة سريعة على تلك الأكاذيب وتصحيحها فتستمر الأكاذيب.

 

ويوضح «صادق»، أن لمواقع التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في نشر الأكاذيب والشائعات لأنها أصبحت مؤثرة جدًا على الشعب المصري، ويتم نشر الأخبار الكاذبة عن طريق مواقع غير معروفة بأسماء متعددة لا تدل على أن جماعة الإخوان هي من تنشرها وبالتالي لا يستطيع المواطن التفريق بين الحقيقة والكذب، ويضيف أن هناك طرقا أخرى يستخدمها الإخوان لترويج الأكاذيب وهي أن يقوموا بنشر أخبار من مصادر معروفة ولكن تكون قديمة وبتاريخ قديم ونشرها من جديد في الوقت الحاضر، فيصدق كل من يقرأ الخبر مع عدم ملاحظة أن التاريخ قديم فيحدث أزمة.

 

خراب ودمار

 

ويقول الدكتور محمود علم الدين أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن الدعاية التي يمارسها أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية أسلوب من الأساليب العقيمة التي يلجأون إليها بعد فشل كل الطرق التي استخدموها من أجل زعزعة الأمن والاستقرار في مصر، وبعد سقوط أسهمهم في المجتمع المصري وفشلهم في كسب ثقة الشارع المصري، مشيرًا إلى أن الفوضى والشائعات هي الأسلوب الذي تعتمد عليه جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وأعوانها، ضد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بل ضد القوات المسلحة الحامية للبلاد، وأن يجلبوا الخراب والدمار لكل شوارع مصر.


ويضيف «علم الدين»، أن هناك وسائل متعددة يلجأ إليها الإخوان فى الترويج لشائعاتهم بداية من نشر أخبار مغلوطة وصور مفبركة، وكلمات محددة يتفقون على نشرها في وقت واحد على شبكات التواصل الاجتماعي، حتى تأخذ صدى أوسع كأنها حقائق ومعلومات مؤكدة، على الرغم من أنهم لا ينشرون أي دليل على صدق ما يدعون، فهم على سبيل المثال يتحدثون عن خسارة في شركات الإنشاءات والبناء الخاصة بمشروعات الطرق والكباري، والخسارة التي يؤكدونها ليست سوى كلمات مرسلة يطلقونها لإثارة الفوضى والبلبلة كنوع من الحرب النفسية.

 

وهذا ينطبق أيضاً على شائعة قناة السويس الجديدة وأنها لن تضيف إلى الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى أن القوات المسلحة تحتكر المواد الغذائية، وشائعة ارتفاع أسعار الطاقة وغيرها من الشائعات المغرضة التي تهدف للنيل من الوطن.


تنظيمات فاشلة


وتقول الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن ألاعيب جماعة الإخوان الإرهابية لا تنتهي، وأنها تحاول الوصول إلى السلطة بكل الوسائل حتى لو كانت هذه الوسائل غير شرعية والتي تنافي تعاليم الدين الذي يدعون أنهم يعرفونه جيداً ويطبقون تعاليمه، وهي من أكثر التنظيمات الفاشلة، خاصةً أنها لم تحقق أي إنجاز طوال تاريخها منذ نشأتها في 1928.


تحريم المشاركة في الشائعات

 

وأكد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، أن كافة النصوص الشرعية من الكتاب والسنة حرَّمت المشاركة فيما يعرف بترويج الشائعات وترويج الأكاذيب والأقاويل غير المحققة والظنون الكاذبة، دون تثبت المرء من صحتها بالرجوع إلى المختصين والخبراء بالأمور قبل نشرها؛ لأنه مما يثير الفتن والقلاقل بين الناس.

 

وأوضح مرصد الإفتاء، أن مروجي الشائعات وعناصر الحرب النفسية يصدق عليهم وصف «المرجفين»، الذين يهدفون إلى زعزعة استقرار الأوطان بالأخبار المساهمة في نشر الاضطراب والفوضى في مخالفة صريحة لنهي الشرع الحكيم عن هذه الصفة «الإرجاف» كما جاء في قوله تعالي: «وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ» [المائدة: 41].

 

السجن 3 سنوات 

 

من جانبه، يقول الخبير القانوني والدستوري، المستشار خالد القوشي، إن عقوبة إنشاء صفحة وهمية تروج الفتنة وتنشر الأخبار الكاذبة موجودة في قانون الوسائل السمعية والبصرية وقانون الجرائم الإلكترونية، الذي ينص على معاقبة كل من انتحل أو أضاف أو اخترق موقعا ليس ملكه بالسجن من شهر إلى 3 سنوات وغرامة مالية قد تصل إلى 50 ألف جنيه وتعتبر جنحة، ولكن في حالة اعترافه بالجريمة قبل التحقيق معه يتم إعفائه من العقوبة.    


ولفت «القوشي»، في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، إلى أنه في حال ثبوت أن الصفحة التي قام المتهم باقتحامها أو أنشأ صفحة مشابهة لها تخص الداخلية أو جهة حكومية، يتم توجيه تهم إليه تتمثل في محاولة إذاعة الفتنة والبلبلة بجانب نشر أخبار كاذبة وانتحال صفة، مما يقع في دائرة الجنايات وتصل العقوبة فيها إلى 7 سنوات، مشيرًا إلى أن الداخلية لديها أجهزة متخصصة في كشف الصفحات الوهمية وتحديد مكانها.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة