أضخم بعثة فرعونية لـ«بونت».. الذهب مقابل الزراف والنسانيس وأشجار البخور
أضخم بعثة فرعونية لـ«بونت».. الذهب مقابل الزراف والنسانيس وأشجار البخور


حكايات| أضخم بعثة فرعونية لـ«بونت».. الذهب مقابل الزراف والنسانيس وأشجار البخور

شيرين الكردي

الإثنين، 18 مارس 2019 - 04:56 م

لم تكن رحلة حتشبسوت إلى بلاد بونت في أفريقيا مجرد زيارة عادية لواحدة من أقوى الحكام الفراعنة فحسب؛ بل مثلت أول بعثة فنية وعلمية لجمع النباتات في تاريخ الإنسانية.

 

وبدت بشائر تلك الرحلة من كمية النباتات وطريقة نقلها؛ حيث تم حمل شتلات في أواني كبيرة، إضافة إلى مصاحبة فنانين لهذه البعثة؛ حيث سجلوا كل ما شاهدوه هناك حتى ملامح زوجة أمير البلاد والبيئة الموجودة

 

رحلة السفن الشراعية

 

في العام التاسع من حكم الملكة «حتشبسوت» خامس ملوك الأسرة 18 أرسلت بعثة تجارية إلى بلاد «بونت» - يعتقد أنها تقع على سواحل شمال غرب الصومال - مكونة من عدة سفن شراعية عبرت البحر الأحمر حتى وصلت تلك البلاد.


 

وصورت أخبار تلك البعثة على جدران معبد الملكة حتشبسوت بـ«الدير البحري» بالنقش الغائر تسجل تفاصيل الرحلة التي أرسلتها الملكة حتشبسوت إلى بلاد بونت التي كانت تقع على الشاطئ الغربي الجنوبي من البحر الأحمر وجنوب مصر، بحسب ما ذكره الباحث الأثري مجدي شاكر.

 

اقرأ للمحررة أيضًا| سر ثقب أبو الهول «المريب».. بحيرة وسراديب ومدينة أسفل التمثال

 

 

ويصور النقش باريحو حاكم بونت وهو يمسك بعصا، وأمامه المصريون بقيادة «بانحسي»، يقدمون الجواهر ومعها خنجر ذهبي رائع متقن الصنع، فيما تقف خلف باريحو زوجته التي تدعى «آتي»؛ وقد صورت بجسد بدين مشوه.

 

ومن المرجح أن الفنان المصري قد صورها على هذا النحو لأنها كانت مصابة بمرض يعرف باسم «داء الفيل»؛ المميز بتضخم في جزء من البدن، ومن المحتمل كذلك أن يكون الفنان قد بالغ قليلا لكي يقدم نوعا من الكاريكاتير أو تقليدا فكاهيا لها.

 

وقد سجل الفنان جميع تفاصيل الحياة الأفريقية؛ لدرجة أنه صور الطوقين الذين يرتديهما حاكم بونت وزوجته والخطوط المحزوزة على وجهيهما.

 

 

تجارة الخناجر

 

وكانت البضائع المصرية التي استخدمت في التبادل هي الخناجر؛ بهدف حث الحاكم على مقايضتها بالذهب والعاج وجلود النمر والحيوانات الحية مثل الزراف والنسانيس وأشجار البخور بجانب التوابل والتوتيا التي استعملت في صناعة كحل العين.

 

اقرأ للمحررة أيضًا| «إسكندرية المفقودة».. مدينة أثرية ضخمة تحت البحر

 

 

وبالفعل نجحت البعثة التجارية المصرية في إحضار الأشجار من تلك البلاد التي كانت الهدف الحقيقي للبعثة التجارية، بغرض زراعتها على جانبي واجهة معبد الدير البحري وعددها 31 شجرة لا تزال بقاياه أمام معبدها وزرع بعضها في معبد الكرنك.

 

الحيوانات مقابل الذهب

 

وكانت بضاعة بونت مقابل الذهب المصري لأنه صور وزن حيوانات بونت مقابل الذهب، فيما أحضرت البعثة 23 نوعاً من النباتات العطرية وأقامت لذلك مشتلين.

 

 

وظل البخور عنصراً هاماً جداً في العبادات المصرية القديمة؛ لتأكيده على علاقة الصلاة القائمة بين المتعبدين والأرباب، كما أنه كان يحرق لملاحقة الأرواح الشريرة وطردها، ولعل أجود أنواع البخور الذي كان يطلق عليه المصريون اسم «عنتي - عنتيو وادج».

 

أين توجد بونت؟

 

منطقة بونت هي المنطقة التي تمتد من سواكن السودانية إلى أقصى نقطة عرفها المصريون، سواء في جنوب الجزيرة العربية أو ساحل الصومال.

 

اقرأ للمحررة أيضًا| لغز قصر قارون.. آثار تحت الماء و«مخسوف» من قوم موسى

 

 

وعندما اكتشف العالم الأثري «ماريت» رسوم رحلة بلاد بونت المصورة على جدران معبد الدير البحري للملكة حتشبسوت وذلك في عام 1877، أكد أن بلاد بونت تقع في إفريقيا وحدد موقعها بشمال الصومال، واستند في رأيه على عدة معلومات.

 

كانت المعلومة الأولى أن تمثيل الزرافة في رسوم بونت، معتمدا في ذلك على أن الزراف حيوان أفريقي ولم يكن في أي وقت من الأوقات من الحيوانات الآسيوية، ثم أن شكل مساكن أهالي بونت المقامة على أعمدة تشبه المساكن الأفريقية.

 

والسبب الثالث أن صفات زوجة زعيم بونت الجسدية هي صفات أفريقية، والتحلي بحلقات من المعدن والتي توجد على ساق زعيم بلاد بونت، تشبه حلقات المعدن التي تستخدم اليوم للتحلي عند القبائل الأفريقية مثل قبائل البونجو بالقارة السمراء، وأخيرا نمو أشجار البخور على ساحل الصومال.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة