الفنان الراحل أحمد زكي خلال أحد مشاهد فيلم أيام السادات
الفنان الراحل أحمد زكي خلال أحد مشاهد فيلم أيام السادات


حكايات| أحمد زكي.. عملاق حاول الانتحار مرتين ودفع 100 جنيه لـ«ضربة قفا»

أحمد أنور

الثلاثاء، 26 مارس 2019 - 06:16 م

 

«عيني علينا يا أهل الفن، العمر كله عرق و دموع، وشبع أو جوع، وغنى، وحرمان، نسمع كلام زى الكرابيك، ويقولوا عنا اللي ما يتقال، وشقانا بيسموه تهريج، وحرق دمنا لعب عيال».


«الفاتحة يا هو على روح الفن، يما الفنان أبو صوت رنان، شاف غلب زمان يما داق واترن، عينى علينا يا أهل الفن يا عيني علينا».. وكأن مونولوج إسماعيل ياسين في القرن الماضي كُتب بالتفصيل لواحد من جماعة الفنانين، ورسم بكلماته أوجاع عباقرة هذا الوسط، كأحد أعظم موهوبي الأرض.. أهلا بكم في إمبراطورية الراحل أحمد زكي.


أن تمنح الناس السعادة أمام الكاميرا من قلبك التعيس.. قصة واقعية كتب فصولها أحمد زكي، عشق مهنته من الألف للياء حتى بلغت معه حد القداسة، ولم تترك لأحد من بعده القدرة على العيش في حياة مماثلة، ببساطة حكاية نمر أسود واحد فقط.


14 عامًا مرت منذ أن غيب الموت فيها فنان لم يكذب يومًا لكنه كان يتجمل، انطلق في مشواره الفني بسرعة النمر، وعاش على أداء لا يقل عن أي إمبراطور، بين الكبار ظل «باشا»، ومع ذلك تعمق فتعملق، ومنذ رحيله عام 2005 تقف عقارب الساعة مع الدقيقة الأولى ليوم 27 مارس من كل عام «كحداد سنوي» على رحيله.

 

«هدهد، وحسن اللول، ويحيى أبو دبوره، وزين، ومصطفى، وهشام، وأحمد سبع الليل، وعبد السميع، وأبو الدهب، ومنتصر».. أسماء كثيرة قدمها أحمد زكي، لكنها اختلفت باختلاف شخوصه التي أحبها وتقمصها وسكنها خلال 60 فيلمًا رصيده في السينما المصرية.

 

 

«ما حد خالي من الهم حتى قلوع المراكب، مسكين من قال يا عم».. توفي والد أحمد زكي، وتزوجت والدته وهو صغير، وتولى أعمامه تربيته، وما أن انتقل إلى القاهرة كان لا يرغب في العودة إلى مسقط رأسه «الزقازيق» لرؤية والدته كثيرًا، كما روى الإعلامي محمود سعد، فكان محرومًا من حنين الأب والأم معًا. 
 

 

يروي الإعلامي محمود سعد عن أحمد زكي، قائلا: «أحب هالة فؤاد، وكان سعيد بزواجه ولم يطلقها إلا لأنه صعب المعايشة، واعترف هو بذلك حين وصف نفسه بأنه شوية شخبطة على الحيط، كما أعرب في وقت سابق أنه ندم على طلاقه منها».

«نص الكلام ده بتاعي، والنص مش ليه، أنا جبته بدراعي».. هكذا اقتنص أحمد زكي الفرصة الأولى حين سمع كلمة «أنت عايز تمثل وريني حته»، من الفنان القدير الراحل عبد المنعم مدبولي، ليمنحه الفرصة أمام الجمهور دون اتفاق بينهما أثناء عرض مسرحية هالو شلبي، حين قال له أنت عايز تمثل طب وريني، واضطر أحمد زكي للارتجال، لإخراج كل ما بداخله من موهبة.

 

«لو مش هتحلم معايا مضطر أحلم بنفسي».. حاول أحمد زكي الانتحار في بداية مشواره الفني، بعد أن ذهب إلى المخرج الكبير يوسف شاهين ليأخذ أحد الأدوار إلا أنه شعر بأنه غريب عن الوسط الفني.

 




 

توالت الضربات التي كادت أن تقضي على أحمد زكي بعد سحب منه دور البطولة في فيلم «الكرنك» لبشرته السمراء؛ حيث قال المخرج: «إزاي ده يحب سعاد حسني»، ما دفع الامبراطور لمحاولة الانتحار، كما يحكي الكاتب عادل حمودة، إلا أن إيمان الشاعر صلاح جاهين به أنقذه من الانتحار بتقديمه في فيلم شفيقة ومتولي.


 

 

 

«قلبى حب.. أنا بطحنه بأيدي، الحب علشانه أموت.. وأعيش.. وأتغلب»، اعترف أحمد زكي في لقاء تلفزيوني، أنه لم يكن سعيدًا بانفصاله عن الفنانة هالة فؤاد، ورغم حبه لها، إلا أنه أقر باستحالة العيش بينهما.

 

هذا الأمر دفعه إلى محاولة الانتحار خلال تصوير فيلم سواق الهانم فور علمه بوفاة طليقته، حيث كانت حبه الوحيد على حسب ما قال الماكيير محمد شعوب.

 

«جدع فرحان بشبابه، يقول في عنيه دموع، ياللي جلبتي شقاه وعذابه، حلّي لنا هذا الموضوع».. رفض الفنان أحمد زكي فيلم «استاكوزا» ثمان مرات، بسبب المشهد الذي يتم ضربه فيه أسفل الحزام.

 

 

وأكثر من مرة يطالب «زكي» بحذف هذا المشهد من الفيلم، وفي كل مرة يقول: «أنا مضربش في منطقة حساسة»، إلا أنه بعد فترة كبيرة تراجع ووافق على تجسيد بطولة الفيلم الذي نجح نجاحًا باهرًا، وتربع على عرش الإيرادات وقتها، كما ذكرت المخرجة إيناس الدغيدي.

 

 

«والسر كاتمه فى صدري من جوه» .. كشف الماكيير محمد عشوب أن سر تمسك أحمد زكي به في معظم أفلامه ليس لمهارته كما كان يظن، وإنما اكتشف أنه بسبب ما سببه عشوب له من جرح وشرخ حين قال لأحمد زكي خلال فيلم «أبنا الصمت» أنه أسمر لا يحتاج مكياج.

 

واعترف زكي بعد سنوات بأن هذه الكلمات جرحته وكان ذلك سبب تمسكه به، وقال له: «أنا عايز أعلمك أن لما يكون في ممثل جديد متجرحوش ومتطردوش».

 

«وأنت لو جالك فقير، كنت تشوي قلبك الطيب تحطوله في رغيف».. خلال فيلم الليلة الموعودة، وعد أحمد زكي أحد الممثلين «الكومبارس» أنه سيعطيه 100 جنيه في حال نجح ذلك الممثل في صفع أحمد زكي بشده على «قفا».

 

إلى هنا لم تنته القصة، إذ فوجئ المخرج بشدة الصفعة ليحاول طرد الكومبارس من الاستوديو، إلا أن أحمد زكي تدخل وأثنى عليه، ومنحه المبلغ الذي وعده به.

 

 

«آه لو فاتوني العمر اتمشى.. لأمشي في جبالك.. خُضرتك.. دربك وأعشى طيرك قبل ما أتعشى»..  كان الفنان إبراهيم نصر ينتظر صديقه العزيز أحمد زكي في أحد المطاعم المجاورة لنادي الزمالك، وجاء النجم الأسمر مستقلا تاكسي، وتعالى صراخه «يا إبراهيم الجايزة اهيه».

 

 

كانت الجائزة المقصودة تقديرية عن فيلم «أنا لا أكذب ولكني أتجمل» ونزل من التاكسي بعد صرخات؛ لكن بدون الجائزة نسيها في السيارة، وكان تعليق الفنان إبراهيم نصر أن أحمد زكي كان بمجرد حصوله على الجائزة تنتهي قيمتها ويفكر في القادم دائمًا. 


«طلب للكلاب كيلو كباب وسلطات وعيش»..  يحكي إبراهيم نصر عن نبل أحمد زكي أنهم أثناء تناولهم الطعام، إذ فوجئا بما لا يقل عن 20 كلبًا، وحاول صاحب المطعم إبعادهم، إلا أن النجم الأسمر رفض ذلك وطلبهم لهم كيلو «كباب» مع السلطات والعيش. 

 

 

«كل اللي عايشين م البشر من حقهم يقفوا ويكملوا، يمشوا ويتكعبلوا، ويتوهوا أو يوصلوا».. ظل فيلم أيام السادات يطارد أحمد زكي كثيرًا، حتى قرر أن يرهن شقته لإنتاجه، وكان يواجهه صعوبة كبيرة في اختيار السيناريو.

 


 

لجأ النمر الأسود إلى كل من أحمد بهجت، وعلي بدرخان، وعلي سالم، وإبراهيم عيسى، لكتابة السيناريو إلى أن استقر على اختيار أفضل جزء من كل كاتب ليخرج الفيلم إلى النور، كما قال الكاتب بلال فضل.

 

 

إلا أن هذه ليست الأزمة التي شهدها الفيلم فقط، إذ توقف التصوير بسبب اعتراض أحمد زكي على مشهد «رقص الرئيس السادات بالعصا» الذي كان يريده المخرج محمد خان»، واصطدم ذلك برفض «زكي».

 

 

أمام ذلك اندفع محمد خان لتنبيه «النمر الأسود» بأنه هو صاحب القرار الأول والأخير في الاستوديو، ليفاجئ الجميع بقيام أحمد زكي بتوجيه لكمة شديدة لـ«خان» كادت أن تسقطه على الأرض ويغادر زكي الاستوديو غاضبًا قبل أن يعاود التصوير بعد توقف استمر لمدة شهر ونصف. 

 

«أنا عارف إني هموت موته ما متها حد.. والناس هيقولوا لا قبله ولا بعده».. حكى الكاتب بلال فضل كيف كان أحمد زكي يتوجس خيفة من الموت على أسرة المستشفيات أو أن ينتهي به الحال للعودة لأول لوكاندة التي نزل فيها في القاهرة «سويس كوتاج» قادمًا الشرقية منهيًا التعليم الصناعي ليلحق بآخر دفعة في معهد الفنون المسرحية تقبل بذلك المؤهل.

 

كما أنه رهن شقته، وقرر ألا يدخر شيئًا وقرر العيش في فندق «هيلتون رمسيس»، وتحديدًا في غرفة 315، قبل أن يختم رحلته مع الدنيا في الغرفة «2229» بمتشفى دار الفؤاد.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة