صورة ارشيفية
صورة ارشيفية


بطلان محاكمة الموظفين السابق مجازاتهم بمعرفة لجان التأديب بالنيابة الادارية 

جودت عيد

الأحد، 31 مارس 2019 - 11:37 ص

أكدت المحكمة التأديبية بطلان الجزاءات الصادرة عن لجان تأديب النيابة الإدارية، والكتاب الدوري الصادر عن رئيس هيئة النيابة الإدارية بشأن إحالة القضايا الصادر بشانها أحكام أو قرارات أو فتاوي بالغاء قرارات النيابة الادارية بالجزاء التاديبي لعدم الاختصاص الى المحكمة التاديبية المختصة.

وأكدت المحكمة أن تحقيق الصالح العام لا يتأتي بإحالة العامل الي محاكمة تأديبية عن مخالفة قدرت جهة التحقيق (النيابة الادارية) أنها تستحق إحدي الجزاءات المقررة للجهة الادارية ، خاصة  وأنها قامت بالفعل – وعلي غير سند من القانون – من خلال لجان التأديب التابعة لها بتوقيع هذا الجزاء، وبالتالي لايسوغ قانونا للنيابة الادارية أن تستند الي بطلان قرار الجزاء بمقتضي الحكم القضائي لإحالة المتهمين الي المحكمة التاديبية.

واضافت  المحكمة أن رئيس هيئة النيابة الادارية أصدر الكتاب الدوري رقم 3 لسنة 2018 في أول أغسطس 2018، ونص في مادته الاولي علي إحالة كافة القضايا الصادر بشانها أحكام تاديبية بالغاء قرارات النيابة الادارية الصادرة بالجزاء التاديبي، باحالتها الي المحكمة التاديبية المختصة، ونص في مادته الثانية "علي فرع الدعوي التاديبية تحريك ومباشرة الدعاوى التاديبية بشان هذه القضايا على ان يشار الي سبب الاحالة، وهو الالغاء الشكلي للقرار التاديبي وعدم الفصل في الموضوع

وتضمن الحكم الصادر في الدعوى التأديبية رقم 29 لسنة 6 قضائية المقامة ضد 3 مسئولين بمديرية الشباب والرياضة بأسوان عدم قبول الدعوى التأديبية بعد ثبوت بطلان قرار الإحالة  للمحاكمة لصدوره مفتقداً لشرائط صحته، إستنادًا أن  سبب الاحالة الي المحاكمة التاديبية الالغاء الشكلي لقرار الجزاء، وأرفقت به حكم المحكمة التاديبية بأسوان في الطعن 27 لسنة 5 المقام من المتهم الثاني طعناً علي قرار مجازاته الصادر من لجان تاديب النيابة الادارية والمقضي فيه ببطلان القرار المطعون فيه الصادر بمجازاته.

أكدت المحكمة أن النيابة الادارية سبق وأن إنتهت إلى تقدير المخالفة المنسوبة للمتهمين بأنها ليست علي قدر من الجسامة وأن الجزاء الملائم لهذه المخالفة لا ينفك عن تلك الجزاءات المقررة قانوناً للجهة الادارية التي يتبعها المتهم، ثم قامت – علي غير سند من القانون – بتوقيع إحدي الجزاءات المقررة قانونا للجهة الادارية، وهو ما يفصح بجلاء بأن النيابة الادارية إرتأت أن تلك المخالفة لا تستأهل إحالة المتهمين الي المحاكمة التأديبية وأن المجازاة إداريا هو أمرُ كافٍ ورادعٌ  للمتهمين، الأمر الذي يتنافى مع أصول وقواعد العدالة إتخاذها لإجراء لاحق بإحالة المتهمين إلى المحاكمة التأديبية بعدما أفصحت صراحة وقررت رسمياً بتحقيقاتها أن هذه المخالفة لا تستأهل بأي حال من الأحوال الإحالة للمحاكمة التأديبية وتدخل في إطار الجزاءات المقررة قانونا للجهة الإدارية.

ووقر في وجدان المحكمة أن قرار النيابة الادارية بإحالة المتهمين الي المحكمة التأديبية عن ذات المخالفات التي إنتهت في ختام تحقيقاتها الي مجازاتهم إدارياً قد خالف ضوابط الحق المخول لها قانونا، فجاء هذا القرار فيما تضمنه من توجيه بإحالة جميع القضايا الصادر بحقها احكام قضائية ببطلان قرارت الجزاء مصطدماً بوجه المصلحة العامة التي يتغياها قرار الإحالة الى المحكمة التأديبية مناهضاً لصحيح حكم القانون، وما نص عليه صراحة في المادتين 12 و 14 من قانون النيابة الادارية، إذ حدد المشرع فيهما صراحة شروط إحالة العامل الي المحكمة التأديبية وهو إرتكابه لمخالفة تستوجب توقيع جزاء أشد مما تملكه الجهة الادارية، وبالتالي فان إحالة جميع القضايا علي إختلاف المخالفات المرتكبة في كل منها دون تحديد للضوابط التي تحكم هذه الاحالة ومدي ملائمة المخالفة للإحالة من عدمه خرج بها عما تغياه المشرع من تمكين الجهة الادارية بتوقيع بعض الجزاءات التي تتناسب مع المخالفات المرتكبة من العاملين بقصد سرعة البت في هذه المخالفات وما يترتب عليه من استقرار وضع العامل الوظيفي والجهة الادارية وعدم تعليق الامر لفترة من الزمن باحالته الي المحاكمة عن مخالفة قدرت من قبل جهة التحقيق بانها ليست بالجسيمة

ونوهت المحكمة بأن ذلك يساهم في وضع المتهم في موضع المسئولية مسلطا عليه سيف الاتهام لسنوات لاسباب خارجة عن إرادته، علي خلاف الاصل العام بأن المتهم برئ حتي تثبت إدانته، فتارة يجازي بقرارات من لجان تاديب يقضي ببطلانها وما يترتب علي هذا القرار الباطل من أثار مالية ووظيفية، ثم يسحب هذا القرار تنفيذا للحكم القضائي فيجد نفسه في موضع الاتهام من جديد محالاّ للمحاكمة التاديبية لمعاقبته مرة اخري عن ذات المخالفة دونما سند من القانون، وما يلحق ذلك من تأثير سلبي على المركز القانوني للموظف، وهو ما يؤدي الي عدم تحقيق الأمان الوظيفي بعدم إستقرار الوضع القانوني للموظف العام والتشتت بين المجازاة والاحالة وهو الامر الذي تراه المحكمة – عظيما –  لان الاستقرار الوظيفي أمراّ يعد بلا ريب احد روافد الحق في العمل ذاته المصون دستوريا والذي ينعكس باثره الايجابي في أداء الموظف مهام وظيفته

وأنتهت المحكمة إلى أن قرار النيابة الادارية بإحالة المتهمين للمحاكمة التاديبية بعد إنتهائها الي عدم جسامة المخالفة المرتكبة منه أضحي يشكل إستفاذاً لولايتها القانونية في الإحالة ولا يجوز لها بعد ذلك الرجوع فيه أو العدول عنه وفقا لما استقر عليه مجلس الدولة قضاءً وافتاءً بحكم المحكمة الادارية العليا رقم 1798 لسنة 34 ق.ع، وفتوى الجمعية العمومية ملف 86/3/981 

وجاء بأسباب الحكم أن النيابة الادارية في القضية محل الدعوي الماثلة إنتهت الي مجازاة المتهمين إدارياً، الأمر الذي رأت معه المحكمة أن النيابة الادارية إستنفذت سلطتها بتقريرها بمجازاة المتهمين إدارياً، الامر الذي يكون معه طلبها بإحالتهم للمحاكمة التأديبية جاء مفتقداً لشرائط صحته فأصبح هشيمّا تذروه الرياح وبات القضاء ببطلانه في يقين المحكمة حتما مقضيا، فأصدرت المحكمة حكمها المتقدم بعدم قبول الدعوي التأديبية لبطلان قرار الاحالة

صدر الحكم برئاسة المستشار محمد أبو العيون، نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين، محمد حسني وأحمد السعدي وحضور المستشار سامي سعد، ممثل النيابة الإدارية وسكرتارية محمد رجب

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة