حملات المقاطعة ترفع شعار لا للاستغلال
حملات المقاطعة ترفع شعار لا للاستغلال


بعد مطالبة الرئيس بتطبيقها.. قاطعوا..تصحوا !

عبد الجليل محمد- لمياء متولي- ياسمين سامي

الأحد، 07 أبريل 2019 - 12:38 ص

- حملات المقاطعة ترفع شعار «لا للاستغلال»
- «بلاها نيش» لمنع زيادة الغارمين .. و«بلاها شبكة» لتيسير الزواج.. و «خليها تعفن» لمواجهة ارتفاع اللحوم


 «الحاجة اللى تغلى ما تشتروهاش».. هذه الكلمات وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسى أثناء احتفالية تكريم المرأة المصرية والأمهات المثاليات إلى كل مواطن وكأنه يقول له (أنا معك فى كل خطوة ضد الاستغلال وضد الجشع). الأمر الذى كان بمثابة اطلاق اشارة البدء للتصدى لكل تاجر مستغل أو أى محتكر لأى سلعة.. فكرة حملات المقاطعة على وسائل التواصل الاجتماعى اصبحت الآن هى السلاح الذى يحمى المواطن من الجشع والاستغلال ولتصبح هذه المبادرات تكاتفا مجتمعيا بدلا من المجهودات الفردية، فالأمر لم يعد يقتصر على عدد محدود منها ولكنها فى تزايد مستمرمن المؤسسين والأعضاء أيضا.

«خليها تعفن.. خليها تصدى.. خليها تسوس» وغيرها من الحملات التى تقف فى وجه كل تاجر جشع يستغل المستهلك وبدلا من الضغط عليه اصبحت هذه الحملات والتكاتف بين اعضائها هى وسيلة الضغط الفعالة على التاجر خاصة ان العديد منها كان له تأثير واضح.. «الاخبار « قامت برصد بعض من حملات المقاطعة وآراء بعض أعضائها والخبراء.
على الرغم من تقديس معظم المصريات للموروثات والعادات والتقاليد خاصة فيما يخص جهاز العروس وقطعة الأثاث التى لم نعتد الاستغناء عنها وهى «النيش»، الا ان من تقود حملة «بلاها نيش.. وحاجات متلزمنيش» هى رانيا يحيي، فتاة مصرية شابة، قررت الاستغناء عن «النيش» والدعوة للاستغناء عنه عن طريق الحملة الخاصة بها خاصة مع ارتفاع الأسعار واحتواء هذا الدولاب الكبير على أشياء وادوات لا تستخدمها الأسرة ولا تعتمد عليها وتظل كـقطعة ديكور فقط باهظة الثمن ليس أكثر.
ترى رانيا يحيي، مؤسسة الحملة، أن الهدف الأساسى التخلص من الموروثات الخاطئة والتى تجبر الفتاة احيانا على شراء أشياء باهظة الثمن لن تستخدمها طوال حياتها لمجرد «الناس متعايرش العروسة»، بالإضافة إلى شراء سلع استهلاكية وأحيانا استفزازية من اجل الوجاهة دون النظر لأهميتها مما يكلف العريس والعروس معًا وأحيانًا تفسد الزيجات بسبب تلك الموروثات وتزداد الأمور تعقيدًا على الطرفين وأهاليهم.
وتضيف رانيا أن هناك من يتفق مع الحملة ويرى أنها بالفعل ضرورية ولابد من التخلص من الموروثات الخاطئة، وهناك من يرى أن التنازل يضيع حق الفتاة أو يجعلها تظهر بشكل غير لائق أمام أهل العريس وهناك ايضًا من يرى أهمية «النيش» كقطعة هامة فى المنزل.
وأوضحت أن هناك الكثير من الغارمين والغارمات فى السجون بسبب تلك الموروثات وذلك بالطبع قبل مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذى أصدر قرارًا بالعفو عن معظمهم لكن تلك المعتقدات هى السبب الأساسى فى سجن الآباء والأمهات ولابد من التخلص من مثل تلك الأفكار الخاطئة.
بلاها شبكة
مع ارتفاع أسعار الذهب بشكل جنونى ومغالاة الأهل فى المهور بالإضافة إلى الشبكة، ويتراوح وزن الشبكة فى بعض القرى ما بين 50 و250 جراما حسب الحالة المادية للعروس، وليس العريس، باعتبار انها «تستاهل»، مما جعل البعض يتخذ مبادرة «بلاها شبكة» للتيسير على الشباب والتقليل من معدل العنوسة بالاضافة إلى تسهيل عملية الزواج والتنازل عن الموروثات والثقافات الخاطئة.
وهذا ما يؤكده صلاح الشريف، مؤسس مبادرة «بلاها شبكة» حيث يقول إن ارتفاع قيمة الشبكة وسعر جرام الذهب ادى إلى عزوف الشباب عن الزواج وأصبحت الأعمار الحالية 30 عامًا فأكثر، لذلك فإن هدف «بلاها شبكة» تخفيف العبء عن الشباب المقبلين على الزواج خاصة بعد الارتفاع الرهيب فى أسعار الذهب، حتى لا يستدين الشاب فى مقتبل العمر ويقضى معظم حياته تحت وطأة الأقساط».
وطالب الشريف الآباء بعدم المغالاة فى الطلبات من العريس حتى لا يحملوا الشباب فوق طاقاتهم فى أشياء لن تفيد أو تضر، فالشبكة مجرد هدية من العريس يقدرها بحسب مقدوره ويمكن الاستغناء عنها ايضًا فى مقابل شراء الأساسيات واللوازم الهامة للمنزل ولتأسيس حياة بين شريكين مبنية على المودة والرحمة.
«زيرو جمارك»
«خليها تصدى».. تلك الحملة التى هزت عرش تجار السيارات وأصحاب التوكيلات العالمية التى تستورد السيارات الكبرى لبيعها فى السوق المصرى.. «خليها تصدى» هى الطريقة الوحيدة التى لجأ اليها أعداد كبيرة من الشباب الشغوفين بقيادة السيارات وربما دعمهم أعداد كبيرة ممن تعدى أعمارهم الـ 50 عاما بعد أن تحولت عملية شراء سيارة من مختلف الموديلات أو حتى المستعمل منها أشبه بصعود جبل يتعدى طوله آلاف الأمتار إلى ان تحولت إلى درجة من درجات المستحيل واستغل اصحابها حالة الفوران الاقتصادى التى يمر بها السوق المصرى مصاحبا لتحرير سعر الصرف.. مليون ونصف مليون عضو هو عدد المشاركين فى صفحة «خليها تصدى.. زيرو جمارك» على مواقع التواصل الاجتماعى وما تزال أعدادها فى تزايد مستمر لما يلاقيه من يرغب فى شراء سيارة من غلاء « فاحش « لا يتناسب تماما مع سعر السيارة الحقيقي حتى إن الصفحة قد لاقت ترحابا كبيرا من الجاليات المصرية فى مختلف الدول على مستوى العالم وكان آخرها ايطاليا عندما رفع بها ابناء الجالية المصرية لافتات تندد بالارتفاع الجنونى للسيارات بلا مبرر واضح على الرغم من الغاء الجمارك عليها.. فى الوقت الذى ارجع فيه اعضاء الصفحة أن تلك الاسعار الجنونية تعود إلى جشع وطمع التجار واصحاب التوكيلات دون ان يضعوا فى الاعتبار المواطن المصرى الذى بالكاد يدبر سعر سيارة صغيرة له ولأسرته.. استطلعت «الأخبار» آراء عدد من أعضاء حملة « خليها تصدى « حيث يقول مدحت محمود إنه باع سيارته القديمة وقرر أنه لن يشترى اى سيارة أخرى قبل شهر اغسطس القادم حتى يضطر التجار وأصحاب التوكيلات إلى خفض أسعار السيارات رغما عنهم لأن « الموديلات « الجديدة ستغزو الاسواق وهم لن يبيعوا حتى سيارة واحدة من « الموديلات « السابقة لها ويعود الأمر فى أسعار السيارات إلى طبيعتها بعيدا عن جشع وطمع التجار ـ كما وصفهم ـ.. فى الوقت الذى أكد فيه محمود رمضان ـ مهندس ـ وأحد أعضاء الحملة أن أسعار السيارات فى الفترات الاخيرة شهدت تزايدا بشكل مبالغ فيه وأن ذلك بسبب طمع التجار مستغلين فى ذلك تحرير سعر الصرف ومرحلة التحول الاقتصادى الذى تمر به مصر.. مضيفا أن حملة « خليها تصدى « حجمت من طمع اصحاب المعارض وأنها فى طريقها للحد من ارتفاع الاسعار وستعود السيارات إلى طبيعتها وسيحقق التجار هامش ربح طبيعيا بدون الجشع الذى عهدناه عليهم فى كل المنتجات وليست السيارة فقط فهم دائما ما يستغلون أوجاع المواطنين ومعاناتهم ويقومون برفع الأسعار دون مبرر.. واختتم حديثه بأن تلك الحملات تواجه فى المقام الأول فساد التجار بكل أشكاله.
«اللحمة هتعفن»
بعد النجاح الذى حققته حملة «خليها تصدى.. زيرو جمارك».. بدأ رواد مواقع التواصل الاجتماعى فى تدشين حملة مكبرة لمحاربة الغلو المفاجئ لأسعار اللحوم والتى وصل سعرها فى بعض المدن إلى 170 و180 جنيها للكيلو الواحد مما دفع البعض إلى مواجهة تلك الموجة.. فى الوقت الذى لاقت فيه الحملة قبولا كبيرا من جانب رواد التواصل الاجتماعى والتى وصل اعضاؤها إلى ما يقرب من 500 الف عضو كسروا حاجز السكوت وقاطعوا اللحوم.. الأمر الذى دفع مئات التجار إلى تخفيض اسعارهم ووصل سعر الكيلو لديهم إلى 110 جنيهات واعتبره أعضاء الصفحة نوعا من النجاح إلى ان تنتشر أكثر.. ويقول محمود عطية أحد اعضاء حملة «خليها تعفن» إن بنود تلك الحملة تهدف إلى محاربة الارتفاع الجنونى لأسعار اللحوم وغير المبرر فى الوقت التى تتجه فيه الحكومة لتخفيض الأسعار.
خليها تسوس
واستمرارا لنجاح هذه الحملات استكمل المواطنون مسيرتهم فى التصدى لجشع التجار والوقوف ضد استغلالهم لتتعدد الحملات واحدة تلو الأخرى يقف المستهلك ضد أى سلعة أو منتج يشعر بالمبالغة فى سعره أو الزيادة العشوائية بدون اى مبرر لتأتى حملة «خليها تسوس».. وتكون بمثابة درع واقية للمواطنين والعاملين أيضا فى مجال الأخشاب والتى تهدف إلى الوقوف ضد محتكري الأخشاب بمحافظة دمياط واعادة الحياة إلى ورش الاثاث فى دمياط بعدما اصبحت الاخشاب فى أيدى كبار التجار فقط والمستوردين لتتضاعف على أيديهم أسعار الأخشاب ويصل المتر منه إلى 9 آلاف جنيه بعدما كان لا يتعدى سعره 1500 جنيه للمتر الواحد.. ومن هنا جاءت فكرة الحملة لمحاربة الفساد والاستغلال.. فيقول سعيد عبد الرحمن أحد المشتركين فى الحملة نعانى منذ فترة طويلة من نفوذ وجشع كبار مستوردى الأخشاب فى محافظة دمياط وهذا أدى الى وقف حالنا لكثير من الوقت وتسبب فى تسريحنا لعدد كبير من العمالة الموجودة فى الورش بسبب اغلاق الكثير لورشه.


ويضيف غريب خليل عندما سمعت عن الحملة شعرت وقتها انها طوق النجاة لاصحاب الورش وبدلا من استسلامنا لبطش التجار، ستكون الحملة تكاتفا لنا ولموقفنا تجاههم حتى يتراجعوا عن المغالاة فى اسعار الأخشاب وسنعمل على ضرورة زيادة اعداد اعضاء الحملة حتى لا يجد التجار أمامهم الا إما التراجع عن المبالغة فى أسعر الاخشاب أو «خليها تسوس» الاخشاب فى مخازنهم.


وحول تأثير هذه الحملات فى المجتمع ودعمها لدور المواطن فى ضرورة الوقوف والتصدى للاستغلال والجشع «الاخبار» ناقشت خبراء علم الاجتماع والاقتصاد حول المردود الايجابى لمثل هذه الحملات وكيف تحقق النجاح المرجو منها.


فتقول الدكتورة سامية خضر استاذ علم الاجتماع إن الحملات والمبادرات التى يعمل على تأسيسها الآن العديد من المواطنين هى فكرة ايجابية للغاية ومتعارف عليها فى مختلف بلدان العالم، وان اختلفت نسب التأثير لكل منها فهناك حملات قوية بالفعل وحققت نتائج كبيرة وتراجع التجار امامها والبعض الآخر يسلك نفس الاتجاه فى باقى الحملات مع اختلاف المنتج من سيارات لحوم، دواجن وغيرها.


وتشير إلى ان كلمات الرئيس «ان الحاجة الغالية ما تشتروهاش».. كانت بمثابة عملية شحن مجتمعى لكل فرد فينا، فاذا كانت نية كل فرد التوقف عن شراء اى منتج يرتفع ثمنه، فقد جاءت كلمات الرئيس لتجعل المواطن يشعر بالامان والطمأنينة وان سيادة الرئيس فى صف المواطن وكأنه اعطى الاشارة للوقوف ضد اى جشع او طمع.


وتضيف انه اذا استمرت هذه الحملات فى تأدية دورها بدلا من ان يقوم كل فرد على حدة بمجهود فردى ليس له أى تأثير لدى التاجر، سيشعر التجار بخطورة غضب المستهلك ويصبح هو المتضرر الفعلى فى النهاية وليس المواطن.


عرض وطلب
ويؤكد الدكتور طه أبو الحسن استاذ علم الاجتماع ان الفكر السائد حاليا فى الوقوف ضد اى جشع من خلال وسائل التواصل الاجتماعى متمثلا فى صور لمبادرات وحملات مختلفة هو امر غاية فى الايجابية، خاصة وأن مثل هذه الصور فى الخارج هى مبادئ عامة منتشرة فى العديد من المجتمعات ولها مردود فعال، فعلى الرغم من كونها فكرة قديمة بعض الشىء ولكنها تؤتى ثمارها فى كل وقت.


ويشير إلى أن الحملات متصلة بحسابات العرض والطلب فى السوق فاذا تم العزوف عن شراء اى سلعة تم استغلالها وتم رفع سعرها فإنه يترتب على ذلك اما تراجع التجار عن زيادة الاسعار او الاستمرار فى الضغط لتحقيق النتيجة المطلوبة من قبل المستهلك، مضيفا ان هذا الامر سلوك طبيعى فى العديد من الدول مثل بريطانيا وفرنسا.


أكد جمال فرويز، أستاذ علم النفس السياسي، أن الارادة الشعبية أثبتت نجاحها خاصة بعد حملة «خليها تصدي» التى لاقت نجاحًا باهرًا خاصة أنها كانت بعيدة كل البعد عن أى مصالح تجارية أو شخصية، وبالفعل نجحت فى تخفيض أسعار السيارات بشكل كبير.


وأضاف فرويز أن الحملات الشعبية هامة للغاية فى مواجهة جشع التجار ولكنها تحتاج إلى الإرادة والتصميم والصبر حتى لا يستغل التجار ارتفاع الرواتب ويقومون برفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، لذلك السلع غير الهامة لابد من مقاطعتها، والتصدى للغلاء وتلبية نداء الرئيس عبد الفتاح السيسي.


خطوة ايجابية
أكد د. صلاح الدسوقي، خبير اقتصادي، أن تأثير مقاطعة السلع مرتفعة الثمن ايجابى بالتأكيد، لأن فى مصر يوجد سعر للسلعة لدى التاجر وسعر آخر لدى المستهلك، وأوضحت الدراسات أن بين التاجر والمستهلك سلسلة طويلة من الوسطاء تجعلهم يغالون فى الثمن لتحقيق أرباح شخصية خاصة بهم، لذلك يوجد فرق كبير فى السعر بين سعرها الأصلى وسعرها للمستهلك.


وأضاف الدسوقى أن مقاطعة مثل تلك السلع سيجبر التجار على خفض سعرها من اجل البيع والخوف من فسادها قبل تحقيق ربح، وان رفع الاسعار يجعل الاسرة عاجزة عن سد احتياجاتها الاساسية لذلك فإن تأثير تلك المبادرات ايجابي.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة