محمد درويش
محمد درويش


نقطة في بحر 

محمد درويش يكتب: الضرائب .. لعبة القط والفأر

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 07 أبريل 2019 - 12:43 ص

40 مليار جنيه حصيلة ضرائب الموظفين سواء كانوا فى الحكومة أو أية جهة وهيئة تقع تحت مظلتها، فى المقابل كانت حصيلة ضرائب المهن الحرة 3.6 مليار  من الجنيهات.


هذه الارقام كما أكد لى زميلى النابه احمد زكريا مندوب الاخبار فى وزارة المالمية ما هي  الا حلقة فى سلسلة التناقض الكبير بين مايتم تحصيله من ضرائب على أصحاب الدخل الثابت من موظفين أو أقرانهم من العاملين بجهات أخرى وبين مايتم تحصيله من اصحاب المهن الحرة والذين يمثلون أكثر من خمسة او ستة أضعاف العاملين فى الجهات الحكومية أو المماثلة.


بحسبة بسيطة نستطيع التأكيد على أن مبلغ الــ 3.6 مليار جنيه ممكن أن يصل الى أكثر من ثلاثين ضعفا سنويا اذا تغيرت ثقافتنا كشعب تجاه مستحقات الدولة ويتيقن  الناس من اصحاب المهن الحرة أن ما يدفعونه جبرا سيعود عليهم بمردود  يتمثل فى تجويد الخدمات التى تقدمها الدولة فى اى مجال من مجالاتنا الحياتية.


أذكر حملة قام بها وزير المالية السابق بطرس غالى عندما طالب كل مواطن بالحصول على فاتورة مقابل السلعة أو الخدمة المقدمة له حتى لو كانت فى صالون حلاقة او المكوجى، فى الوقت الذى اشبع المصريون هذه الحملة سخرية واستهزاء لم اصادف الا محلا وحيدا له سلسلة فى جميع انحاء الجمهورية يقدم   الفاتورة مطبوعا عليها مأمورية الضرئب التابع لها موقع المحل.


حكى لى صديق كيف لجأ مضطرا الى طبيب للمساعدة فى كشف منزلى وفوجئ بالطبيب الذى عبر الشارع من المركز الطبى الذى يعمل به الى منزل صديقى المواجه للمركز يطلب خمسة اضعاف قيمة الكشف داخل المركز فى عملية فحص لم تستغرق دقائق معدودة، وعندما طالب بفاتورة للحصول على جزء ولو يسير من نقابته التى يشارك فى مشروع علاجها جاءه الرد سنعطيك فاتورة بنصف القيمة فقط.


بعض من أطباء مصر هم الأعلى دخلا بين كل أطباء العالم وكثير من التجار ولن نقول الصناع والمنتجين يحققون مكاسب خيالية واذا طالعت دفاترهم المالية ستجد ابن الحلال من المحاسبين الذى قام بتستيفها لتخرج الارقام فى النهاية بمكسب محدود أن كان لديه ذرة من الخجل ولم يجعلها خاسرة.


قد يتصدق الكثير من المصريين ويدفعون زكاة اموالهم بأكثر مما هو مطلوب ولكن عند المطالبة بالضرائب يتحسس جيبه ويتفنن فى الخروج بدفاتره بأرقام مزورة تؤكد خسارته عن عام كامل من التجارة او النشاط المهنى الذى يمارسه.


هذا لو افترضنا أن كل صاحب نشاط مهنى كبيرا كان أم صغيرا يمسك بالدفاتر ويسجل كل وارد وصادر فيها.


سيظل الصراع بين صاحب النشاط ومصلحة الضرائب الى الأبد، مثل لعبة القط والفأر، رغم ان التهرب الضريبى جريمة قد يفوق  عقابها عقوبة القتل العمد فى كثير من دول العالم المتقدم.


مالم نتغير فكرا وسلوكا تجاه المطالبات الضريبية، ومالم نقتنع بأن سدادها سيكون فى مصلحة من يقوم بالسداد قبل مصلحة من يتحصلها، مالم نقتنع ان ضريبة المهن الحرة كفيلة اذا تم دفعها عن المكسب الفعلى بالاستغناء عن ضرائب مثل الضريبة المضافة، مالم نتغير بأن نغير ما بأنفسنا فإن الله لن يغير مابنا وستظل لعبة القط والفأر بين الممول ومصلحة الضرائب الى أن يقضى الله امرا كان مفعولا.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة