الكاتب الصحفي خالد ميري
الكاتب الصحفي خالد ميري


خالد ميري يكتب من واشنطن: قمة ناجحة ومستقبل واعد

خالد ميري

الأربعاء، 10 أبريل 2019 - 07:33 م

 

قطعًا هي واحدة من أهم زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي الخارجية، ولقاء القمة الناجح الذي جمعه مع الرئيس الأمريكي ترامب بالبيت الأبيض يؤكد على انطلاقة قوية واعدة لعلاقات البلدين.
فور انتهاء مباحثات القمة التي استغرقت ساعة ونصف الساعة وتخللها حفل غداء رسمي على شرف زعيم مصر، تصدرت تصريحات الرئيس الأمريكي مانشيتات الصحف وقنوات التليفزيون الكبرى، وكان العنوان الرئيسي لنيويورك تايمز وسي بي إس وسي إن إن وآي بي إس وبلومبيرج ورويترز والإندبندنت وفورين بوليسى وموقع جلوبال نيوز وغيرها من وسائل الإعلام  «ترامب: السيسي رجل عظيم».
السؤال الذي حظي بالمتابعة الأهم من الجميع وجهه صحفي أمريكي إلى ترامب حول رأيه في التعديلات الدستورية التي تتم في مصر، وكان رد ترامب واضحا لا لَبْس فيه «لا أعلم شيئًا عن هذه التعديلات وما يمكنني قوله إن الرئيس السيسي يقوم بعمل عظيم وهو شخص عظيم».
رد ترامب أخرس ألسنة كثيرة وأبواق جماعة الإخوان الإرهابية ومن والاهم من مرضى القلوب والجيوب الكارهين لوطنهم والمتربصين به، نعم مصر أكبر من أن تستشير أحدا أو تحصل على موافقته قبل أن تقدم على موضوع لا يخص إلا الشعب المصري وهو وحده صاحب الحق في قبوله أو رفضه، التعديلات التي اقترحها نواب البرلمان وفقًا لصلاحياتهم الدستورية وتمت مناقشتها في جلسات استماع شارك فيها كل أطياف الشعب.. لا هدف لها إلا ترسيخ الاستقرار والإصلاح السياسي بما يحقق مصالح هذا الشعب، وفى النهاية سيتم عرضها على الشعب فى استفتاء عام بعد أن استوفت كل الإجراءات الدستورية السليمة ليقول فيها كلمته بإرادته الحرة، وكلمة شعب مصر وحدها هي من ستحدد نتيجة الاستفتاء ومستقبل مصر في قادم الأيام.
نعم مصر الكبيرة التي استعادت خلال سنوات حكم الزعيم السيسي الخمس مكانتها الإقليمية والدولية، لا يحكم قراراتها وتحركاتها إلا إرادة هذا الشعب، والعلاقات مع أمريكا الدولة الأقوى في عالمنا الحالي تقوم على أساس راسخ هو الاحترام المتبادل، فمصر لا تقبل أن يتدخل أحد في شئونها ولا أحد يمكنه أن يفعل ذلك.
من وجه السؤال كان يريد الإيحاء بأن زيارة زعيم مصر لأمريكا لها علاقة بالتعديلات الدستورية، والإيحاء بأن مصر تنتظر رأى أمريكا أو موافقتها، وأراد أن يضع لغمًا على طريق علاقات الشراكة القوية بين الدولتين، لكن الرد القاطع والواضح والحاسم ألجم الجماعة الإرهابية ومن والاها، فترامب لم يقل فقط إنه لا يعلم شيئا عن تعديلات الدستور التي تجرى بمصر، لكنه أضاف بشكل قاطع أن ما يعلمه أن الرئيس السيسي يقوم بعمل عظيم في مصر وأنه شخصية عظيمة، وفور انتهاء جلسة المباحثات سارع بالتغريد على تويتر وفقا لطريقته المعتادة في مخاطبة الشعب الأمريكي وكل العالم.. فكتب أعلى صورة جمعته بالرئيس السيسي «لقد كان لي عظيم الشرف أن التقى اليوم بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في البيت الأبيض».
كلمات ترامب الواضحة توافقت تماما مع البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية بعد القمة، والذي أكد أن زعيم مصر أكد لترامب أن علاقات مصر وأمريكا هي علاقات إستراتيجية تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون المثمر الذي يحقق مصالح الشعبين.
الحقيقة أن ثورة ٣٠ يونيو العظيمة التي شارك فيها أكثر من ٣٠ مليون مصري وضعت أساسًا راسخًا، بأن شعب مصر وحده هو صاحب الكلمة الوحيدة فيما يتعلق بمستقبل الوطن وأن مصر الكبيرة تحترم الجميع والجميع يتعامل معها باحترام ولم يعد ممكنًا أن يتدخل أي أحد في الشأن الداخلي لمصر، وهى الحقائق التي أكدتها القمة المصرية الأمريكية أول أمس من قلب البيت الأبيض.
نجحت القمة المصرية الأمريكية لأنه سبق الإعداد المتميز لها قبل أيام، وتم الاتفاق بين الطرفين على جدول الأعمال وكافة القضايا محل المناقشات، وهو جهد كبير تم بالتنسيق الكامل بين جميع أجهزة الدولة.. والكل يبذل الجهد وهو لا يضع نصب عينيه إلا تحقيق الأهداف المرجوة من الزيارة المهمة، كما نجحت لأن هناك اتفاقًا كاملًا على العلاقة المتميزة والثقة المتبادلة التي تجمع زعيمي مصر وأمريكا منذ أول لقاء جمعهما في نيويورك في سبتمبر ٢٠١٦ وقبل وصول ترامب للحكم بشهرين. والحقيقة أن التفاهم الكبير بين الزعيمين يساعد على سرعة الوصول لنقاط الاتفاق والبناء عليها وتجاوز نقاط الخلاف وحلها، ولذلك تتفق غالبية المراقبين أن العلاقات المصرية الأمريكية الآن تمر بفترة هي الأقوى منذ عودة علاقات البلدين رسميًا عام ١٩٧٤ بعد تحقيق مصر لنصر أكتوبر المجيد.. وقد أكدت القمة على تفعيل التعاون وتعزيز التنسيق والتشاور الإستراتيجي والسعي لزيادة أنشطة الشركات الأمريكية الاستثمارية بمصر وزيادة التبادل التجاري بين البلدين.
جلسة المباحثات أكدت على التقدير الأمريكي الكبير للدور المصري في مواجهة الإرهاب والقضاء عليه نيابة عن العالم أجمع، وأكدت على أن مصر شريك محوري لأمريكا في الحرب على الإرهاب، كما أكدت على التقدير الأمريكي الكبير للدور المصري المحوري في الشرق الأوسط وأنها الدعامة الرئيسية لصون السلم والأمن لكل شعوب المنطقة.. وأيضا التقدير الأمريكي الكبير لجهود الرئيس السيسي في مجال التسامح الديني وحرية العبادة، وهو ما يتفق مع ما قاله وزير الخارجية الأمريكي بومبيو عندما زار مسجد وكنيسة العاصمة الإدارية الجديدة قبل أسابيع.
وكان الموقف المصري واضحًا لا لَبْس فيه خلال المباحثات، بالتأكيد على أهمية الوصول لحل عادل ودائم لقضية الشرق الأوسط الرئيسية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، نعم هذا موقف ثابت وواضح ولا لَبْس فيه، والقمة لم تتطرق لما أطلق عليه صفقة القرن الأمريكية التي لا يعلم أحد عنها شيئًا، وهى الصفقة التي تبارت وسائل إعلام إخوان الإرهاب ودويلة قطر في التأكيد على أنها ستكون محور لقاء القمة، لكن ثبت من جديد أنهم كاذبون ولا يتأخرون عن المتاجرة بكل قيمة لتحقيق مصالحهم الخبيثة، كما أكدت القمة أيضا على موقف مصر الراسخ من كل قضايا المنطقة من سوريا إلى اليمن وليبيا، بالتأكيد على أنه لا حل لهذه القضايا إلا الحل السياسي الذي يحافظ على الدول الوطنية ومؤسساتها، نعم هذا ما تقوله مصر في السر والعلن.. هي مواقف ثابتة لا تتغير ولا تتلون كما يفعل دعاة الفتنة وأهلها من قطر إلى تركيا.
كما تناولت المحادثات قضية تمثل أولوية حياة لشعب مصر، وتتناول حقوقه الثابتة والراسخة في مياه النيل ومفاوضات سد النهضة، حيث تم التأكيد على أهمية الوصول إلى اتفاق يحفظ الحقوق المائية لشعب مصر ويراعى القانون الدولى ومصالح مصر والسودان وإثيوبيا.
نجحت القمة وأكدت البيانات الرسمية الصادرة عن البلدين على هذا النجاح الكبير والذي يتوج علاقات راسخة بين الزعيمين والبلدين، لتبدأ بعد القمة انطلاقة جديدة أكثر قوة للتعاون السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري والثقافي.
وكانت كلمات الرئيس ترامب عن زيارة السيدة الأمريكية الأولى إلى مصر والأهرامات بمثابة دعاية لا تقدر بثمن للسياحة المصرية، التي تستعيد عافيتها وتنطلق إلى الأمام بقوة كمصدر رئيسي للدخل القومي، ترامب أكد أن زوجته التقطت صورا كثيرة أمام الأهرامات إحدى عجائب الدنيا السبع وأن سعادتها بزيارة مصر لا توصف.
ومن زوجة ترامب إلى ابنته ومستشارته ايفانكا والتي استقبلها الرئيس السيسي في مقر إقامته قصر بلير هاوس بعد القمة، والتي أشادت بالإرادة السياسية الحقيقية لزعيم مصر لتمكين المرأة وترسيخ ثقافة المساواة وعدم التمييز، مؤكدة أنها ستزور مصر قريبًا لترى بنفسها هذا النجاح الكبير للمرأة المصرية.
ولأن الحديث كان يدور عن المرأة التي يقدر الرئيس السيسي دورها الوطني الكبير، لهذا لم يكن غريبا أن يستجيب زعيم مصر لرغبة السيدة سهام نصار أحد أفراد الجالية المصرية بأمريكا ورئيس جمعية جيل الغد.. والتي سافرت ٦ ساعات من نيويورك إلى واشنطن للمشاركة فئ الترحيب بزعيم مصر رغم إصابتها بالسرطان، لم تصدق السيدة الوطنية نفسها وزعيم مصر يستجيب لرغبتها ويقابلها ويحتفي بها، وقالت كلمات صادقة من قلبها للرئيس ( الشعب المصري يحبك فلا تنظر خلفك، وشكرًا على حملة فيروس سي).. والحقيقة أن أبناء الجالية المصرية الذين تجمعوا من كل الولايات وحرصوا خلال أيام الزيارة الثلاثة على الترحيب بزعيم مصر وهم يرفعون صوره وعلم مصر، أكدوا للجميع أنهم وطنيون حتى النخاع وأنهم وإن غابوا عن مصر بأجسادهم لكنها ستظل جزءًا أصيلًا من أرواحهم وعقولهم وقلوبهم.
انتهت زيارة الأيام الثلاثة الناجحة، ليغادر الرئيس واشنطن إلى كوت ديفوار ليستكمل جولة أفريقية ناجحة بدأت من غينيا ويختتمها في السنغال، انتهت لكن المؤكد أن نتائجها الإيجابية ستعود بفوائد متعددة على البلدين والشعبين، فزعيم مصر يواصل العمل ليل نهار لتحقيق هدف واحد، هو أمن مصر والحياة الكريمة لشعبها العظيم.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة