عمرو الخياط
عمرو الخياط


عمرو الخياط يكتب: ‎أصداء ٣٠ يونيو في واشنطن

عمرو الخياط

الجمعة، 12 أبريل 2019 - 09:58 م

 

‎عشية ٣٠ يونيو خرج المصريون ملايين هادرة، تلاحمت الأجساد والقلوب وملأت الهتافات الحناجر لا فضل لمسيحي على مسلم إلا بالثورة.
‎لم يكن خروجا على نظام سياسي بل ضد تنظيم عصابي ترك الدولة على جانب الطريق واستخدم كافة أدوات التنظيم ضد المصريين ظن أن فجر الإنسانية الذي بزغ في مصر يمكن طمسه بظلمات التنظيم، لكن مصر بلد اللا قبيلة بلد اللا طائفة فقط بلد المصريين.
‎الخروج اجتمع على فطرة الدولة التي فطر الله المصريين عليها.

‎ملتمسا عون الله أزاح الشعب المصري تنظيما عصابيا واصلا للإرهاب لتشرق شمس ثورة الدولة علي أرجاء المحروسة وتجاوزت أصداؤها مشارق الأرض ومغاربها.
‎أصداء وأنوار الثورة كشفت غطاء إقليميا ودوليا ومست مكامن الإنسانية لدى القلوب المتحجرة التي راحت تحاصر الثورة بالقطيعة اجتمعت على قواعد الضلال والتفت تساند تنظيم الإرهاب سرا وعلانية، المجتمعون جمعتهم الخطايا التي حملت عناوينها التالية:
‎- الفهم الخاطئ لحقيقة قوة ٣٠ يونيو 
‎- التقدير غير الصحيح لحجم الدولة المصرية 
‎- الخداع الذي مارسه التنظيم الإخواني علي مدار السنين
‎لكن المصريين أكدوا ثورتهم استجابة لنداء قائدهم يوم السادس والعشرين من شهر يوليو.

‎الثورة المصرية كانت قد اندلعت واستمر مدها الثوري في محيط إقليمها أواخر أيام الولاية الثانية للرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي وجد مشروعه لتمكين الإسلام السياسي ينهار بقوة الفعل الثوري المصري، ظن أن المصريين يستهدفون مشروعا أمريكيا لكن الحق يقول إن المصريين أرادوا إنقاذ وطنهم، أرادوا أن يقولوا للأمريكيين إن رهانكم السياسي على التنظيم الإخواني كان تقديرا خاطئا كما كان رهانكم على وعي المصريين بوطنهم.
‎أراد المصريون أن يقولوا إن تقرير مصير مصر حق حصري للمصريين وأن العلاقات الدبلوماسية لا يمكن أن تكون عقودا للإذعان بل تبنيها الإرادات المشتركة لأطراف التعاقد.
‎استمرت الضغوطات الأمريكية بينما يواجه المصريون حصارا ظالما ومقاطعات كانت تظن أنها قادرة على الانحراف بثورة المصريين الذين ظلوا يديرون ثورتهم بكامل مخزون وطنيتهم مرتكزين علي قاعدة إرادتهم الشعبية المدعومة من جيشهم الوطني الذي يحمي الإرادة ولا يستحدثها من العدم.
‎على مدار عام أو يزيد تتحمل مصر محاولات للتدخل في شئونها ولا تقابلها إلا بكبرياء وندية رشيدة.

كانت مصر منشغلة بحركة ترجمة فورية لمعاني ثورتها إلي كل لغات العالم لتقول الرسالة المصرية إن ثورة ٣٠ يونيو هي ثورة إنقاذ الإنسانية من الإرهاب البغيض، الذي إن كان قد تمكن من مصر لكان الإقليم قد انهار بالكامل.
‎من عمق الإرادة المصرية قدُم عبدالفتاح السيسي رئيسا للدولة المصرية محمولا على القاعدة العريضة للإرادة الشعبية.
‎بعدها اتجه في أول زيارة للولايات المتحدة الأمريكية ليقف ممثلا عن المصريين وداخل قاعة الأمم المتحدة هتف «تحيا مصر»‬.
‎وقوف الرجل بشموخ الدولة المصرية كان خطوة أولي لتوثيق اعتراف دولي بثورة ٣٠ يونيو بعد أن نجح السيسي في عملية إسقاط دبلوماسي خلف خطوط رعاة المقاطعة الدولية والإقليمية.

لم تنته ولاية أوباما إلا وقد تمكن السيسي من التواصل مع جميع الأطراف المحتملة، كان الرجل يسعي لفرض حالة دبلوماسية مؤسسية تحترم الآخر وتستطيع الاتفاق على مشروعات مشتركة تحكمها المصالح المتبادلة.
‎انتهت الانتخابات الأمريكية التي جاءت بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتلتقي الإرادات الشعبية في القاهرة وفي واشنطن معلنة صياغة عقد دبلوماسي جديد للعلاقات المصرية الأمريكية. 
‎عقد جديد تكتب بنوده إرادات الشعوب وتصاغ بنوده من واقع تفرضه المصالح المشتركة، عقد يصوغ التزامات مقابل حقوق، لكن مصر لم تقبل علي توقيع العقد إلا وهي مدركة لحقوقها ومالكة لإرادتها وقادرة علي الوفاء بالتزاماتها.
‎التوقيع المصري على العقد لا يمكن أن يخالف الإرادة الشعبية بل يوثقها ويحفظ حقوق ملكيتها في مصير وطنها.

خمس لقاءات جمعت الرئيس عبد الفتاح السيسي ودونالد ترامب ليضع الرئيسان صياغة جديدة للعقد الذي طال انتظاره.
‎العقد سبقته ديباجة تمهيدية وثقت الإرهاب باعتباره خطرا علي الإنسانية، واتفقت الأطراف علي أن حقوق الإنسان لا يمكن أن تكون ذريعة للتدخل في شئون الدول. 

العقد الجديد بين القاهرة وواشنطن هو صياغة حقيقية لحالة تكامل مع الآخر قادرة علي احترام التنوع الثقافي والخصوصية وصهرها في إطار عام لتحقيق الغايات الإنسانية.
‎الآن يعود السيسي من زيارته السادسة، زيارة مصيرية في توقيت دقيق تموج فيه المنطقة بحالة دراما إقليمية مضطربة، في سوريا واليمن وليبيا وفلسطين والسودان والجزائر، وسط محاولات من التنظيم الإرهابي للتسلل مرة أخري محمولا على ظهر الفوضى. 

‎محاولات التنظيم الإرهابي للعب في مناطق التسلل لا يحول دونها سوي دولة ٣٠ يونيو في القاهرة التي تقف على خطوط التماس الإقليمي دون أن تتجاوز حدودها الإقليمية.
‎العقد الجديد بين واشنطن والقاهرة يوثق إدراكا أمريكيا جديدا لقيمة الدولة المصرية وقدراتها في محيطها.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة