أرض الفيروز
أرض الفيروز


العبور الجديد إلى أرض الفيروز

هند قتحي

الجمعة، 26 أبريل 2019 - 09:43 م

40 شهراً مابين الحفر والتنفيذ والبناء فى أجواء طقس متقلبة، لا شكوى ولاغضب ولا راحة، الجميع يسابق الزمن، جنود مقاتلون من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وأقرانهم من المهندسين المحترفين المصريين والعمال، الذين تتحاكى بقصص نجاحاتهم الشركات العالمية فى مجال حفر الأنفاق وتنفيذها.

97% هى نسبة العمالة المصرية فى حفر وتنفيذ الأنفاق فى الاسماعيلية وبورسعيد، مقارنة بـ3% عمالة أجنبية من تخصصات نادرة، ليثبت المارد المصرى مهاراته فى تحقيق المعجزات بالرغم من أى أجواء صعبة من حوله.

وخلال أيام، يحتفل الشعب المصرى بافتتاح هذا المشروع العملاق فى شمال الإسماعيلية وجنوب بورسعيد، لتنتهى المعاناة فى العبور بين ضفتى القناة وهو ما يساعد على تسهيل حركة الانتقالات للأفراد والبضائع، مروراً بخدمة المشروعات الجديدة المقامة على ضفتى قناة السويس بالمنطقة الاقتصادية وتسهيلاً للمستثمرين خاصة الذين يقيمون مشروعاتهم فى المنطقة الصناعية بشرق بورسعيد والمنطقة المتاخمة لميناء شرق بورسعيد الجديدة جوهرة شرق المتوسط التى تربط أفريقيا بالقارات من حولها. 

مرحلة العبور إلى أرض الفيروز بأربعة أنفاق جديدة.. مشروع يراه العالم معجزة بكافة المقاييس العلمية والجغرافية والهندسية وقد تحقق فى ظل إرادة ورغبة حقيقية من المصريين فى تحدى المستحيل، تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وبتنفيذ من 4 شركات مقاولات وطنية كبرى هى «بتروجت وكونكورد نفذت أنفاق شمال الإسماعيلية، والمقاولون العرب وأوراسكوم لتنفيذ أنفاق جنوب بورسعيد.

قديماً، كان أهالى مدن القناة وسيناء تحديداً، يعانون العذاب اليومى لعبور المجرى الملاحى لقناة السويس، وكذلك الانتظار بالساعات والأيام لنقل البضائع من الشرق إلى الغرب والعكس، مع عدد المعديات القليل، ليصبح العبور الآمن واليسير إلى شرق القناة حقيقة يعيشها المصريون بعد افتتاح الأنفاق، مما ينتج عنه حياة أفضل للمصريين وخلق فرص العمل للشباب، وتشجيعاً لجذب مزيد من الاستثمارات حول ضفتى القناة.

عن أهمية هذه الأنفاق الأربعة خاصة بعد إنشاء المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، يكشف لنا الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس ورئيس المنطقة الاقتصادية للقناة كواليس هذه الأنفاق بالأرقام، قائلاً: مشروع أنفاق الإسماعيلية وبورسعيد يأتى ضمن خطة الدولة لتنفيذ المشروع القومى لتنمية شرق القناة وربطها بسيناء ومدينة الإسماعيلية والوادى والدلتا لسهولة الانتقال من وإلى سيناء، مشيراً إلى توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بالعمل على دعم مناخ التنمية والاستثمار فى سيناء والتى يكثر بها فرص الاستثمار فى مجالات الصناعة والزراعة التى تحتاج إلى النقل والخدمات اللوجيستية، التى تتمتع بها موانئ المنطقة الاقتصادية على ضفتى القناة من الشمال إلى الجنوب، لتختصر المسافات بين سيناء وقلب الوطن فى 15 دقيقة.

وأوضح مميش أن الأنفاق هى الأكبر والأضخم بالمنطقة، حيث يبلغ طول النفق الواحد فى شمال الإسماعيلية 5820 متراً، أما أنفاق جنوب بورسعيد تم تنفيذها بطول 3920 متراً، وهذه الأنفاق تسمح بمرور السيارات بكل اتجاه، مما يساعد على سهولة حركة الحاويات من وإلى ميناء شرق بورسعيد الجديدة الذى انتهى تنفيذ أرصفتها الجديدة بطول 5 كيلومترات واستلمتها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس من الهيئة الهندسية فى مارس الماضي، وبدأ تشغيل الأرصفة بها واستقبال السفن العالمية العملاقة بها فى ملحمة مصرية عظيمة، مشيراً إلى أن هذه الأنفاق تساهم فى تشجيع وجذب الاستثمارات بالمنطقة الصناعية الجديدة بشرق بورسعيد والمتاخمة لأنفاق بورسعيد.

ويشير الفريق مميش إلى أن إجمالى الحفر النفقى الذى تم فى أنفاق الإسماعيلية بلغ 4830 متراً والحفر المكشوف بلغ 990 متراً، وأقصى عمق من سطح المياه لقاعدة الأنفاق 54 متراً، وتبلغ المسافة بين أعلى نقطة للأنفاق وسطح المياه 41 متراً، حيث تقع أنفاق الإسماعيلية عند الكيلو 73 ترقيم قناة السويس، ويتم ربطها بمحور 30 يونيو عند المخرج والمدخل الغربي، أما المسافة من البوابة الرئيسية بميناء شرق بورسعيد الجديدة حتى أنفاق بورسعيد تبلغ 5 كم وحتى أنفاق الاسماعيلية 59 كم، ومن بوابة الميناء مروراً بأنفاق بورسعيد حتى محور 30 يونيو 12 كم، كما يربط مشروع الأنفاق الطريق الدائرى بالإسماعيلية وطريق بورسعيد وطريق رأس سدر والقنطرة شرق، لتتحقق المشروعات التنموية فى سيناء.

ويتضمن مشروع الأنفاق الأربعة نفقين للسيارات من بينهما واحد متجه إلى شرق القناة، بينما الآخر سيكون للعودة من سيناء إلى غرب القناة، أما عن معايير السلامة المهنية فقد تم تطبيق المعايير العالمية فى الأمن والسلامة المهنية الخاصة بتشغيل العمالة فى تنفيذ الأنفاق، وتطبيق الإجراءات الخاصة بالتشغيل من لحظة دخول العامل أو المهندس إلى موقع العمل حتى لحظة انصرافه، وذلك بخلاف الفحص الكامل للمعدات الثقيلة من الأوناش والحفارات الضخمة الموجودة بموقع العمل والاطمئنان المستمر على صيانتها وأعمال الفك والتركيب الخاصة بها، خاصة فى أنفاق جنوب بورسعيد حيث إن التربة غير متماسكة، فيتم اتباع الاحتياطات اللازمة لعدم حدوث أى حوادث للعمال والمعدات، وبالنسبة للعمال والمهندسين يتم تطبيق أعلى معايير الأمن والسلامة لأن أمان العامل والمهندس هو أولى الخطوات التى نعمل من أجلها‪.

ومع تشغيل الأنفاق أمام السيارات ومرورها بداخلها، فقد تم تطبيق كل المعايير الدولية فى التشغيل للتأكيد على عنصر الأمان بالمشروع، ومن ثم الحفاظ على أرواح وسلامة الأفراد كما تم الأخذ فى الاعتبار تنفيذ ممرات عرضية فى حالة حدوث أى مشكلات أو خطورة داخل الأنفاق ليتم إخلاء المكان فوراً بكل وسائل الأمان، كما تم وضع خطط للطوارئ للإخلاء فى حالات وقوع أى حوادث أو مخاطر‪.

ومع اقتراب الافتتاح الرسمي للأنفاق فى الإسماعيلية وبورسعيد، فإن هذا الإنجاز الضخم، يؤكد بأن المصريين قادرون على تحدى التحدى وتنفيذ الصعاب، ويوماً تلو الآخر، يبهر المصريون العالم بأنهم قادرون على صنع المعجزات بعد تنفيذ هذه المشروعات العملاقة، وخاصة بعد إنجاز حلم الأنفاق، سنصدر تلك الخبرات إلى الدول المختلفة للعمل فى مشروعات عالمية كبرى بأيدى وخبرات مصرية وشركات أيضاً مصرية‪.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة