«برامج المقالب» - صورة مجمعة
«برامج المقالب» - صورة مجمعة


طبق «مسمم» على مائدة الإفطار| «برامج المقالب» فبركة فجة وتكلفة باهظة وألفاظ بذيئة

أسامة حمدي- نشوة حميدة

الثلاثاء، 07 مايو 2019 - 03:31 م

- بلاغ للنائب العام لحجب برامج المقالب.. ومطالب بتطبيق جزاءات «الأعلى للإعلام»

- «عبدالعزيز»: «مهزلة» وتجسيد لحالة المجتمع والفن وذوق في الحضيض 

- «المرسي»: الجمهور تشبع من برامج المقالب وستختفى قريبا إن لم تُنّفذ بشكل أخلاقي

- «كامل»: برامج مفتعلة ومشاهدتها سادية وعلينا توعية الجمهور.. و«المنع لا يفيد»

- «الكاميرا الخفية» حققت شعبية كاسحة بأقل التكاليف وكانت تُقّدم بالشارع مع المواطنين

- برامج السنوات الأخيرة ضيوفها مشاهير المجتمع وتكلفتها مرتفعة ومخاطر وألفاظ جارحة

- وكيل أول الأوقاف: مشاهدتها مكروهة ومضيعة للوقت وتُعّد من لغو الحديث

- طبيب نفسى: تأثيرها سلبي على الأطفال لجرعة الخوف الزائدة وألفاظها الخارجة

 

باتت برامج المقالب طبقا دائما على المائدة الرمضانية كل عام، يُقبل عليها الجمهور بكثافة، وتحظى بمشاهدات عالية على القنوات الفضائية التي تُعرض عليها، وكذا على موقع التواصل الاجتماعي «يوتيوب»، وكل موسم تلقى هذه البرامج انتقادات واسعة من خبراء الإعلام ورجال الدين والأخصائيين النفسيين والقانونيين، فضلا عن رواد مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر»، لما تستخدمه من أسلوب الاستدراج وإثارة الرعب والفزع لدى الضيوف بما يهدد حياتهم، والمبالغة في الإنفاق المادي، واحتواءها على التجريح وألفاظ مبتذلة خارجة عن قيم الدين والمجتمع، كما يرى البعض أنها مفتعلة وسبق الاتفاق عليها بين مقدمي البرامج والضيوف.

 

«رامز في الشلال».. و«هاني في الألغام»

 

أكثر هذه البرامج رواجا؛ برنامج "رامز في الشلال" للفنان رامز جلال، و"هاني في الألغام" للفنان هاني رمزي، وكذلك برنامج "الزفة" وغيرها، فبمجرد إذاعة الحلقات الأولى وأصبحت حديث السوشيال ميديا، وتصدرت الهاشتاجات الأكثر تداولا في مصر، وغضب كثيرون من تجاوزات وسباب من قبل الضيوف. 


وبدلا من جرعة الضحك والترفيه التي كانت تتصف بها برامج المقالب في السابق «مقالب زمان» للنجم الكوميديان فؤاد المهندس، وإبراهيم نصر، في برنامج «الكاميرا الخفية» وشخصية «زكية زكريا» التي حققت شعبية كبيرة وسط الجمهور، حين كانت تُقدم في الشارع مع مواطنين ويتم سؤال الجمهور حول إمكانية إذاعة المشهد أم لا حسب رغبته، وبإمكانات بسيطة بعيدا عن التكاليف الضخمة، على عكس البرامج الحالية التي تقتصر ضيوفها على نجوم المجتمع وتستخدم إمكانات تكنولوجية وفنية كبيرة.


إلا أن برامج المقالب خلال الأعوام الأخيرة تغيرت كليا؛ ففي حلقة الفنانة فيفي عبده في برنامج "رامز في الشلال" التي تم عرضها الاثنين أول أيام الشهر الفضيل، شهدت استقطاب الضحية إلى إحدي الجزر الاندونيسية بداعي تصوير إعلان لمنتج غذائي، ومن ثم تنفيذ مقلب فيها بإيقاعها في نهر ثم تعرضها لمضايقات خلال السير في المياه، وعندما تخرج إلى الشاطىء تتفاجىء بـ"غوريلا" تفزعها، ثم يعلن رامز عن نفسه، ليتحول الموقف إلى وصلة ضحك وسخرية من الضيف. 

 

بلاغ للنائب العام لحجب برامج المقالب

 

التجاوزات التي تتضمنها برامج المقالب؛ دفعت المحامي أيمن محفوظ، لتقديم بلاغا للنائب العام، يطالب فيه بسرعة حجب برنامج رامز جلال "الشلال" وبرنامج هاني رمزي "هاني في الألغام".

 

وقال "محفوظ" في بلاغه المقيد برقم 6258 لسنة  2019، عرائض النائب العام، إنهما يمثلان انهياراً للقيم وإهانة للضيوف وتعريض حياتهم للخطر، بالإضافة إلى نشر سلوك يدعو إلى العنف والاستهانة بمشاعر الآخرين.


وذكر أن البرنامجين يخالفان المبادئ العامة للميثاق الشرف الإعلامي ومدونة السلوك المهني للأداء الإعلامي، وما أصدره المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بموجب القرار رقم (16) لسنة 2019، بشأن إصدار لائحة الجزاءات والتدابير التي يجوز توقيعها على الجهات الخاضعة لأحكام قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الصادر بالقانون رقم (180) لسنة 2018، والتي تعاقب مخالفة ذلك بالحجب وغرامة مالية تصل إلى خمسة ملايين جنيه".


وطالب باتخاذ اللازم قانوناً وحجب البرنامجين وتوقيع غرامة مالية تقدّر بملايين الجنيهات عليهما حتى يكون ذلك رادعاً لتقديم مادة إعلامية هادفة وعدم الإساءة للرسالة الإعلامية.

 

الجمهور يبني مجد «رامز» 

 

في هذا السياق، وصف الخبير الإعلامي ياسر عبدالعزيز، هذه البرامج بـ"الأعمال الهزلية" التي تلعب على أبشع نزعات الضيوف، مثل الخوف، كما تلعب على أسوأ سمات الجمهور وهي الازدواجية، قائلا: إذا كتبت اسم «رامز جلال» على جوجل لوجدت أكثر من مليونى نتيجة، وهى نتائج تزيد أضعافاً مضاعفة عن مثيلاتها إذا بحثت مثلاً عن عالمين مصريين جليلين هما أحمد زويل، ومجدى يعقوب.

 

وأضاف "عبدالعزيز" لـ"بوابة أخبار اليوم"، إن هذه البرامج تحظى بالقدر الأبرز من التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، فيحقق الرواج والعوائد المالية بسبب كم الإعلانات التى تُعرض خلال أي حلقة من حلقاته، حتى إن الأمر تحول إلى إجبار الجمهور على مشاهدة عشرات الإعلانات التي تتخللها فواصل قصيرة للغاية من وقائع البرنامج، الأمر الذي دفع القنوات إلى استنساخ المقالب نفسها التى ينفذها أملاً فى الحصول على حصة من كعكة الإعلانات. 

 

وتابع "عبدالعزيز": "رامز لا يُظهر أي قدر من الاحترام للفنانين الذين يشاركونه فى هذه المقالب، كما يحرص عادة على الإشارة إلى ما يتقاضونه من أموال نظير مشاركتهم في هذا العمل الهزلي،  لأنه يدرك أنه ناجح بمفهومه وبمفهوم السوق والمجتمع الذى يعمل فيه، ولا يشغل نفسه بالدفاع عن نفسه".

 

وأضاف الخبير الإعلامي في نهاية تصريحاته: "رامز أفضل تجسيد لحالة المجتمع والفن في مصر، صناعة مأزومة ضيقة الأفق، وفنانون مدّعون لا يحفلون سوى بالشهرة والمال، وذوق فى الحضيض، وإعلام أغلبه محتال، وجمهور معظمه متناقض يلعن رامز وينتقده، ولا يمل من الترويج له، والمساهمة فى بناء مجده".

 

مفبركة ومبتذلة وبها مخاطر

 

أما د. محمد المرسى، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، فيرى أن برامج المقالب جاذبة جدًا للمشاهد، خاصة إذا تم إعدادها وتنفيذها بشكل جيد وبشكل أخلاقي، إذ أنها تعتمد علي جانب نفسي مهم جدًا إذ يضع المشاهد نفسه مكان الضيف، ويتخيل تصرفه ويضحك علي التصرف في الوقت نفسه، مشيرًا إلى أن مثل هذه النوعية من البرامج تحظي بنسبة مشاهدة عالية، وتأتي بإعلانات مغرية وبالتالي مكاسب كبيرة.


وتابع: «تحولت هذه البرامج لدينا إلي بقرة حلوب يتم استنزاف طاقاتها كل عام بشكل يسئ إلى القيم والأخلاقيات من ضرب وألفاظ خارجة وجرح وإهانة سواء للضيف أو المذيع وهو ما يتأذي منه فعليا المشاهد لهذه البرامج».

 

وأوضح: «هناك إحساس عام لدى قطاع كبير من المشاهدين أن هذه البرامج بما فيها من مبالغات وخروج علي الأخلاقيات هي برامج مفبركة، ومتفق علي تمثيل المقلب ما بين الضيف والمذيع، وما يؤكد ذلك هو كم المبالغات الموجود فيها، بالإضافة إلي الخطورة الحقيقية علي حياة البعض من وضعهم في مواقف تمثل خطورة صحية يمكن أن تعرض بعضهم لأزمات قلبية حقيقية إذا ما كان المشهد غير متفق عليه».


وذكر: «اعتقد أن المشاهد قد تشبع من مثل هذه النوعية من البرامج، ولاسيما رفضه الأخلاقي لها، وبالتالي أتوقع أنه لن تحظي بنفس المشاهدة الكبيرة، واستمرار هذه النوعية بهذا الابتذال الموجود بها سيعجل بطريقها إلي الزوال».

 

مشاهدتها سادية

 

وصرحت د. نجوى كامل، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، بأن برامج المقالب مصطنعة وبها خطورة شديدة على الضيوف، وبرامج رامز جلال بالغت فى مسألة الترفيه والتسلية إلى العنف وإثارة الرعب.


وأضافت: «أرفض مشاهدة برامج المقالب لأنى لست لدي السادية لرؤية الناس خائفة ومرعوبة، وايه اللى يضحك فى كدا؟! وعندما تزيد جرعة التخويف والترهيب تتحول الى شئ غير مقبول».


أما عن فكرة حجب برامج المقالب، فتشير «كامل»: «لا يوجد أحد وصىّ على أحد، والمطلوب هو توعية الجمهور بما يضرهم وما ينفعهم ونترك لهم الخيار، وإذا منعنا هذه البرامج سيقوم الشباب بمشاهدتها على اليوتيوب، وإذا منعتها الدولة عن بعض الفضائيات المصرية لن نستطيع السيطرة على قنوات MBC وروتانا، ولكن ينبغى التربية الإعلامية وتوعية الجمهور، كما ينبغى أن يحتوى التليفزيون على جرعة دينية وترفيهية ودرامية».


وأوضحت: «البعض يقترح إضافة علامة +18 أثناء عرض البرنامج، وهذه الحلول لا تصلح أيضا لأنه لا يمكن إجبار القنوات على وضعها، والشباب دون الـ18 عام سيشاهدونها على الإنترنت، وفكرة الرقابة مرفوضة ويجب ألا نحجر على فكر الآخرين لأنه ليس من المنطق والذكاء».

 

تأثيرات نفسية سلبية

 

ويرى جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، أن هذه البرامج بمثابة "مهزلة ووصلة تفاهة"- متفق عليها، تقدم للجمهور  يوميا على المائدة الرمضانية، على الرغم من احتوائها على ألفاظ خارجة وسب للدين، وعدم نجاحها في إضحاك الجمهور، موضحا أن "برامج زمان" مثل "الكاميرا الخفية" الذي قدمه الفنان إبراهيم نصر، كان يحتوى على مضمون كوميدي وفكاهي يجذب الجمهور ويضحكهم، وهو ما يؤكد فشل البرامج المعروضة الآن، التي ابتعدت تماما عن بند "الترفيه والتسلية"- بحسب حديثه. 


وذكر: "ما يعرض تمثيلية فاشلة لممثلين فشله، كله تمثيل متفق عليه، وتخلو من الجرعة الثقافية أو حتى الكوميدية". 


وشدد على ضرورة إصدار تشريع قانوني يوقف هذه المهزلة- بحد وصفه-، التي تتسبب في تدمير الهوية المصرية والثورة الثقافية والسلوكية.

 

من جانبه، أوضح د. أحمد هلال، طبيب نفسى، أن برامج المقالب لها تأثيرات سلبية ونفسية ضارة على الجمهور وخاصة الأطفال كمشاهد العنف الزائدة والسخرية من الناس والألفاظ الخارجة وغير اللائقة فى حضور الأسرة، وهى برامج تافهة تنفق فيها الملايين هباء على السفر والطيران ودفع مبالغ مالية للضيوف، فهي بمثابة إسفاف على المشاهدين في شهر كريم من المفترض أن يتقرب الناس فيه إلى الله وينفقون على الفقراء.


وأضاف أن كثير من الضيوف يدرك حقيقته أنه مقلب مسبقا حتى يستطيع تمثيل الدور جيدا، هذه البرامج لا يمكن منعها بالقوة والقهر وإنما يجب توعية الجمهور بخطورتها.

 

مشاهدتها مكروهة شرعا


وقال الشيخ شوقى عبد اللطيف، وكيل أول وزارة الأوقاف: «في حقيقة الأمر الإسلام لا يعرف الهزل ويدعو إلى الجدية والاجتهاد في الأمور، ومن هنا فكل برنامج غير هادف لا يسمن ولا يغنى من جوع، ويجب علينا أن نتخلى عن البرامج التافهة، التي تدعو إلى العبث وإضاعة الوقت، لأن الإسلام ينظر للمستقبل وما ينفع الإنسان فى حياته اليومية، وهذه برامج تدعو إلى الفضول ولا توجد استفادة منها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، ومشاهدتها مكروهة وليست حراما».


وتابع: «القرآن الكريم قال: "والذين هم عن اللغو معرضون" وهذه برامج بلا غاية وهدف ومضيعة للوقت الذي يسأل الإنسان عنه أمام الله يوم القيامة، كما أن تكلفتها باهظة جدا وينبغى أن تنفق هذه الأموال فى أعمال الخير، كما أن حديث الرسول - صلي الله عليه وسلم -  بعدم جواز أن يروع المسلم أخاه حتى ولو على سبيل المزاح».


جزاءات «الأعلى للإعلام»


من جانبه، قال جمال شوقي، رئيس لجنة الشكاوى بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إن المجلس شكل لجنة خاصة تتولى إعداد التقارير المتعلقة بالرصد والمتابعة ورفع تقاريرها بشكل دوري بشأن البرامج والأعمال الدرامية التي ستعرض خلال شهر رمضان.

 

وأضاف شوقى، فى تصريحات صحفية، أنه سيتم اتخاذ قرارات حاسمة ضد المخالفين والمتجاوزين فى برامج المقالب المقرر عرضها فى شهر رمضان.

 

وحول القرارات التى سيتم اتخاذها المجلس بشأن تلك البرامج، قال شوقى سنطبق لائحة الجزاءات على جميع المخالفين فى البرامج وكل ما يعرض على الشاشات خلال شهر رمضان. 

 

وشدد رئيس لجنة الشكاوى على ضرورة التزام الأعمال الدرامية بالمعايير المقترحة من لجنة الدراما بالمجلس الأعلى للإعلام، واختفاء مشاهد العنف غير المبرر فى الأعمال الدرامية، بالإضافة إلى تنقية الأعمال الدرامية من بعض السلبيات التى شاهدتها فى الأعوام الماضيةفي رمضان الماضي.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة