«حارة اليهود» لن يكون الأخير.. حرائق «الأسواق» نار وخراب ديار!
«حارة اليهود» لن يكون الأخير.. حرائق «الأسواق» نار وخراب ديار!


«حارة اليهود» لن يكون الأخير.. حرائق «الأسواق» نار وخراب ديار!

محمد قنديل- شريف الزهيري

الخميس، 09 مايو 2019 - 06:46 ص

- المحلات تفتقد وسائل الأمان.. وسرقة التيار الكهربائى «عينى عينك»


- المواطنون: التجار حولوا العقارات إلى محال ومخازن والأحياء تتفرج!

 

تظل الأسواق العشوائية بمثابة حزام ناسف يطوق المناطق الحيوية لما تسبب فيه من فوضى عارمة وكوارث، فحريق حارة اليهود بالأمس القريب لن يكون الأخير، ففى كل مرة تتم السيطرة على الحرائق فى تلك الأسواق، لكنها تظل تحت تهديد النيران، التى يمكن أن تشتعل فى أى وقت، بسبب غياب إجراءات التأمين، وانعدام وسائل إخماد الحرائق، ناهيك عن احتوائها على مواد قابلة للاشتعال كأنابيب البوتاجاز، والمظلات التى يفترشونها، بالإضافة إلى أكوام القمامة والأكياس البلاستيكية، والمنتجات المصنوعة من البلاستيك فهى ببساطة بؤر جاهزة للانفجار والكوارث.

 

ويترتب على ظاهرة الباعة الجائلين والأسواق العشوائية أيضاً زيادة معدلات جرائم العنف والمشاجرات التى تتم بين هؤلاء الباعة وغيرهم من الباعة أو أصحاب المحال التجارية أو المواطنين، بالإضافة لتعطيل حركة المرور..(الأخبار) ترصد مشاهد الفوضى داخل عدد من الاسواق الشعبية بالقاهرة الكبرى.

 

المشهد الفوضوى سيناريو تعتاده جميع الأحياء بالقاهرة، حيث تقف أجهزة محافظة القاهرة حائرة ما بين الباعة الذين يحتلون شوارع الموسكى وحارة اليهود بالطول والعرض وبين اصحاب المولات التجارية الذين نصبوا انفسهم حكاما لجمهورية العتبة وبدأوا يصنعون ما يحلو لهم من تحويل العقارات ومداخلها إلى محلات ومخازن ومولات تجارية قابلة للاشتعال فى اى لحظة.. لتظهر  سطوة المال وتختفى اجهزة الاحياء وتكتفى بالتقارير اليومية «المضروبة» التى تعرض على اجهزة المحافظة.

 

وقد حذرت «الاخبار» فى عدة تحقيقات سابقة من فساد الاحياء والفوضى المتمثلة فى غياب الرقابة فى كل الاحياء.. كل هذه المخالفات وغيرها تحت مرأى وسمع الاحياء والسؤال: أين محافظ القاهرة من كل هذه المخالفات الجسيمة ؟ وهل اكتفى محافظ القاهرة بالجلوس فى مكتبة المكيف!.. على ما يبدو ان مسلسل الفوضى لن ينتهى بعد!.


إنذار مبكر


من داخل حارة اليهود لا تزال الآثار المدمرة تلقى بظلالها على المشهد.. لم نبتعد كثيرا لنجد أن الباعة الجائلين يفترشون الأرصفة والشوارع الضيقة، منطقة الموسكى تعج بالأسواق الشعبية، حارات وأزقة ضيقة بالكاد تكفى لمرور عدد قليل من المارة مما يسبب تكدسا وزحاما شديدا، الأصوات المرتفعة الناتجة من الباعة تضفى حالة من الضوضاء الذى لا يحتمل، ناهيك عن انتشار المواد سريعة الاشتعال مثل العطور والمواد البلاستيكية، والألعاب النارية التى يتم بيعها خلسة.


ويقول عبد الحميد محمود، صاحب محل، أن المكان يعانى من وجود الباعة غير المنظم وأن وجودهم هذا كان من ضمن أسباب الحرائق التى تضرب المنطقة كما أن عربات الإطفاء عانت فى الوصول للحريق الأخير بسبب تكدس الباعة الجائلين لأن البعض منهم يستخدم الكتل الأسمنتية فى تثبيت عرباتهم، لافتا إلى أنه إذا رفض أحد وجودهم تعرض للمعاملة السيئة والتطاول.


لم يختلف الأمر فى منطقة العتبة حيث الفوضى العارمة، والزحام الشديد، وتعطل حركة المرور ومصالح المواطنين، بالإضافة إلى المشادات المتواصلة بين الباعة وبعضهم.. هنا تتمثل كلمة العشوائية لتتحول هذه المنطقة إلى مركز لفوضى الباعة الجائلين والبضائع القابلة للاشتعال.


«قرب واتفرج» يرددها بنشاط لجذب الزبائن، على محمد، صاحب فرشة لبيع الملابس، الذى يقول أن الحرائق لا يتسبب بها الباعة وإنما هى نتيجة لظروف عديدة خارجة عن الإرادة، فقد تكون خطأ غير مقصود وتحدث داخل المحال الكبيرة أيضاً أو المنشآت الضخمة، وليس شرطاً أن يتسبب بها الباعة فى الأسواق.. ويتابع أنه لا يمانع فى الانتقال إلى سوق جديد منظم تقيمه الدولة ولكن يكون فى مكان قريب من الأماكن الحيوية حتى يسهل على «الزبون» الوصول إلينا. ولكن ما يحدث هو اختيار أماكن بعيدة غير مأهولة مما ينعكس بالسلب على أرزاق الجميع.

 


النزهة على الحافة


شقق الدور الأرضى تحولت إلى محلات والجراجات اصبحت مخازن للاقمشة والمواد القابلة للاشتعال كل ذلك يحدث فى غفلة من اجهزة الحى، حتى وسائل الامان اختفت فى مشهد ينذر بكارثة محققة فى النزهة الجديدة.. مخازن تحت الارض ولا يوجد بها اى وسيلة من وسائل الحماية المدنية، وهذا ما أكده محمد على، مدرس، قائلا ان شارع محمد إبراهيم تحول إلى مخازن للاقمشة وحتى شقق الدور الارضى تم تحويلها إلى محلات واضاف ان هذا الوضع ينذر بكارثة وسط اختفاء وسائل الحماية المدنية.


وفى شارع المدينة المنورة انتشرت محلات الاقمشة وبيع المنتجات البترولية فى الشوارع الضيقة بشكل يظهر اقبح صور العشوائية والفوضى، سكان المنطقة اكدوا ان كل المحال التى تم افتتاحها مخالفة وتفتقد كل وسائل الامان، كما أكد عدد كبير من المواطنين الذين يعيشون بالقرب من تلك الأسواق، أنهم يعيشون مأساة نتيجة صعوبة وصول سيارات الإطفاء والإسعاف لها فى حال حدوث حرائق، وطالبوا الجهات المسئولة بالتحرك لمواجهة الفوضى الناتجة عن تلك الأسواق، وإنشاء أسواق بديلة للباعة الجائلين بعيدا عن المناطق السكنية.


كارثة محققة


انتقلنا إلى سوق الفجالة بحى الازبكية فقد تحول إلى «مولد وصاحبه غايب» ، البضائع احتلت الارصفة، والممرات حالت دون وجود وسائل حماية مدنية وفى غيبة من اجهزة الحى.. وما يصيبك بالدهشة وجود سوق دون ترخيص احتله الباعة الجائلون ورغم صدور تقرير من الحماية المدنية يحذر من وجود هذا السوق ويطالب بازالته لانه يمثل خطرا على حياة المواطنين الا ان اجهزة الحى اصدرت خطابا إلى المحافظة يفيد بانه تم اخلاء هذا السوق بالكامل من الباعة وهذا الكلام «حبر على الورق» فالسوق قائم والكارثة محققة.

 

ويقول أشرف السعيد، بائع، ان اجهزة الحماية المدنية طالبت باخلاء السوق وهذا لم يحدث فالسوق قائم ولا حياة لمن تنادى اما عن سوق التوفيقية فهو قنبلة موقوتة قابلة للاشتعال فى اى لحظة لما يحتويه من مواد سريعة الاشتعال.. وعبر المواطنون عن استيائهم من انتشار فوضى الأسواق العشوائية، فيؤكد محمد سعيد، محاسب، أن اصحاب المولات حولوا العقارات إلى محال تجارية ومخازن تحوى بضائع قابلة للاشتعال تمثل خطورة على حياة السكان، دون رد فعل قوى من الاحياء التى تكتفى بالفرجة، بالإضافة لسرقة التيار الكهربى من الاعمدة «عينى عينك» مستغلين ضعف الرقابة والحملات.


لجان للمراجعة


حادث حريق حارة اليهود الأخير ينذر بوقوع الكثير من الكوارث خاصة مع دخول فصل الصيف، ويقول اللواء إبراهيم عبد الهادى نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية إن النيران التهمت عقارا كاملا مكونا من 3 طوابق وأرضى فى حى الموسكي، وجميعها تضم محلات ومخازن تحوى مواد لتجارة البلاستيك والمفروشات والأقمشة والعطور كلها قابلة للاشتعال.. ويؤكد أنه تم تشكل لجان من الحى والحماية المدنية لمراجعة مدى التزام المحلات بشروط الحماية المدنية ومن يخالف يغلق محله فورا.


مخالفة للقانون


من جانبه يؤكد د. حمدى عرفه أستاذ الإدارة المحلية، أنه من الخطورة الكبرى إهمال تراخيص المحلات فى مناطق وسط البلد وخاصة منطقة الموسكى والعتبة وحارة اليهود الذى حول الأغلبية العظمى من الشقق السكنية إلى محال ومخازن دون مراعاة إجراءات الأمن والسلامة العامة.. ويتابع أن حريق حارة اليهود الأخير خير دليل على خطورة الأسواق الشعبية، التى يمكن أن تتحول إلى قنابل تودى بحياة الأبرياء، فضلا على انتشار الباعة الجائلين لتلك المناطق والتى تعد مخالفة للقانون حيث ان 96% منهم لا يحملون تراخيص ويحتلون الارصفة والطرقات بدون وجه حق، ويشير إلى أن الحل يكمن فى تطبيق قانون الباعة الجائلين من جانب وسرعة اصدار قانون تراخيص المحلات الجديد من قبل مجلس النواب.

 

ويضيف عرفه أن إجمالى عدد الأسواق العشوائية يتخطى ٣٤٢٥ سوقاً عشوائياً تم إهمالها عبر العقود الماضية تحتضن ٥ ملايين بائع جائل ولا بد ان يقوم مجلس إدارة صندوق العشوائيات بالتعاون مع المحافظين بوضع عدد من البرامج والمشروعات لتنفيذ خطة تطوير الأسواق العشوائية بشكل أوسع وأسرع، منها تطوير الموقع وجمع المخلفات وتحسين المنتجات وإنشاء نقابة للباعة بالأسواق.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة